بازگشت

السؤال 01


هل أن الله (سبحانه وتعالي) بخيل ـ والعياذ بالله ـ بحيث لو لم يکن الرسول لما خلق الکون والأفلاک والشمس والقمر والنجوم؟!!

وإذا لم يکن کذلک فما معني «لولاک لما خلقت الأفلاک»؟

وللجواب علي هذا السؤال نسأل:

أولا: هل لله عزوجل هدف وغاية في خلق هذا الکون بصورة عامة، والإنسان بصورة خاصة أم لا؟

الجواب: نعم.

وثانياً: ما هي هذه الغاية؟

الجواب: إيصال الإنسان للکمال المعنوي الرفيع کما يقول سبحانه وتعالي:وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون [1] .

وثالثاً: هل الکمال حقيقة مشهودة للجميع «أي محسوسة بالحواس الظاهرة» أم خفية؟

الجواب: انها حقيقة غير ظاهرة للجميع.

ورابعاً: هل هذه الحقائق يمکن الوصول إليها أم لا؟

الجواب: هذه الحقائق لا يمکن للإنسان ـ عادة ـ الوصول إليها إلا بواسطة الدليل والمرشد.

خامساً: وما هو الدليل ومن هو المرشد؟

الجواب: الدليل هو القرآن الکريم، والمرشد هو النبي الأعظم وفاطمة الزهراء والأئمة الأطهار (عليهم الصلاة السلام).

فإذا کان کذلک، فالمحقق للغرض من الخلقة هو وجود الرسول وفاطمة الزهراء والأئمة الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين). فلولاهم لکانت خلقة العالم ناقصة، والله عزوجل لا يخلق خلقاً ناقصاً ومن هنا قال تعالي: (لولاک لما خلقت الأفلاک..).

أما إذا کان الله سبحانه يخلق الإنسان دون أن يخلق معه الدليل فانه لا يتحقق الغرض من خلقه وسيعني ذلک نقص الخالق وعجزه ـ والعياذ بالله ـ ويصبح خلق الإنسان عبثاً، والله سبحانه منزه عن العبث [2] .

وعلي هذا الأساس يکون خلق النبي الأکرم هو سبب خلق هذا الکون، وانه أول ما خلق الله هو النبي وأهل البيت ومن ثم خلق الله سبحانه وتعالي هذا الکون بأجمعه من نورهم. فهم العلة الغائية للتکوين کما يعبر عنه الحکماء.

وفي حديث الکساء: «اني ما خلقت سماءاً مبنية ولا أرضاً مدحية ولا قمراً منيراً وشمساً مضيئة ولا فلکاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلکاً يسري إلا في محبة هؤلاء الخمسة» [3] .

وقال الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف): (نحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائعنا) [4] .

وجاء في کتاب البحار للعلامة المجلسي (قدس سره) نقلاً عن کتاب الهداية للشيخ الصدوق (رحمه الله) انه قال:

«يجب أن نعتقد أن النبوة حق، کما اعتقدنا أن التوحيد حق، وان الأنبياء الذين بعثهم الله مائة وأربعة وعشرون ألف نبي،جاءوا بالحق من عند الحق، وان قولهم قول الله، وأمرهم أمر الله، وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله، وانهم لم ينطقوا إلا عن الله عزوجل وعن وحيه، وان سادة الأنبياء خمسة عليهم دارت الرحي، وهم أصحاب الشرائع وهم أولو العزم: نوح وإبراهيم وموسي وعيسي ومحمد (صلوات الله عليه وعليهم)، وان محمداً سيدهم وأفضلهم، وانه جاء بالحق وصدق المرسلين،وان الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئک هم المفلحون، ويجب أن نعتقد أن الله تبارک وتعالي لم يخلق خلقاً أفضل من محمد ومن بعده الأئمة (صلوات الله عليهم)، وانهم أحب الخلق إلي الله عزوجل وأکرمهم عليه، وأولهم إقراراً به، لما أخذ الله ميثاق النبيين في عالم الذر وأشهدهم علي أنفسهم ألست بربکم؟ قالوا: بلي.

وان الله بعث نبيه إلي الأنبياء في عالم الذر، وان الله أعطي ما أعطي کل نبي علي قدر معرفته نبينا وسبقه إلي الاقرار به.

ونعتقد أن الله تباک وتعالي خلق جميع ما خلق له ولأهل بيته (صلوات الله عليهم)، وانه لولاهم ما خلق الله السماء والأرض ولاالجنة ولا النار ولا آدم ولا حواء ولا الملائکة ولا شيئاً مما خلق(صلوات الله عليهم أجمعين)» [5] .

انتهي.

وهذا الکلام المنقول عن الصدوق (قدس سره) هو خلاصة أحاديث وروايات کثيرة جاءت عن أهل البيت ترشدنا إلي انهم اساس خلق الکون، وقد جعلهم الله الوسائط في خلق العالم والعلة الغائية له، کما انهم سبب لطف الله تعالي وافاضته علي العالم، وبهم استمرار قيام العالم... وقد صرح بذلک في مختلف الأدلة.. فلولاهم لساخت الأرض [6] .

ولهم ـ بما فيهم السيدة فاطمة الزهراء ـ الولاية التکوينية إضافة إلي التشريعية.. ومعناها أن زمام العالم بأيديهم حسب جعل الله سبحانه، کما أن زمام الاماتة بيد عزرائيل فلهم التصرف فيها ايجاداً واعداماً، لکن من الواضح أن قلوبهم أوعية مشيئة الله تعالي.. فکما منح الله سبحانه القدرة للإنسان علي الأفعال الاختيارية منحهم القدرة علي التصرف في الکون [7] .


پاورقي

[1] سورة الذاريات: 56.

[2] للتفصيل راجع (القول السديد في شرح التجريد) المقصد الرابع في النبوة، للإمام المؤلف (دام ظله).

[3] الدعاء والزيارة: حديث الکساء، وانظر أيضاً المجلد الأول من کتاب (من فقه الزهراء).

[4] الغيبة للطوسي: ص285 ح7، والاحتجاج: ص467.

[5] بحار الأنوار: ج16 ص372 باب فضائل النبي وخصائصه.

[6] راجع الکافي: ج1 ص179 ح10.

[7] للتفصيل راجع: (من فقه الزهراء) المجلد الأول.