بازگشت

كلمة الناشر


لولاک لما خلقت الأفلاک..

حديث قدسي نوراني رائع.. تاهت به العقول وداخت، وإحتارت به الأفهام، وعشقته القلوب السليمة.. فأثارت وأضاءت وتلألأ نورها لأهل السماء، کتلألؤ النجوم لأهل الأرض.

قال الإمام الصادق:«يأبي الله أن يجري الأشياء إلا بالأسباب» [1] .

وهذه قاعدة سن الله الکون عليها وهي قانون الأسباب والمسببات، أو العلل والمعلولات حسب ما ذکره الحکماء، والکل يجمع علي أن العلّة الأولي أو مسبب الأسباب هو الله ـ تعالي ـ وهو سبحانه يقول:

لولاک لما خلقت الأفلاک..

مخاطباً رسوله الکريم وحبيبه العظيم محمد بن عبد الله أي انه تعالي جعله العلة الغائية للوجود، أي لولا محمد وآله ووجوب معرفتهم ومحبتهم وطاعتهم ما کان الله ـ سبحانه ـ خلق هذا الخلق..

وفي حديث آخر يقول عزوجل: «عبدي خلقت الأشياء لأجلک وخلقتک لأجلي، وهبتک الدنيا بالاحسان والاخرة بالإيمان» [2] فالمخاطب الأول به ـ والمقصود الأساسي منه ـ هو رسول الإنسانية محمد وأهل بيته الطاهرون.

وهذا الحديث والکثير من الأحاديث النورانية ـ القدسية والنبوية والإمامية ـ المروية في هذا المجال ربما نجد انه من الصعب علي البعض فهمها أو تحملها وقد قال الإمام أمير المؤمنين علي «امرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملک مقرب أو نبي مرسل أو عبد قد امتحن الله قلبه للإيمان» [3] .

فهذا الأمر يحتاج إلي قلوب عامرة بالإيمان والتقوي والورع وجوارح تسعي للعبادة والطاعة ليل نهار دون شکوي من الملل والضجر أو ما شابه ذلک..

وهذا الکراس الذي يتزين باسم «فاطمة الزهراء» هو من المحاضرات القيمة لسماحة المرجع الديني الأعلي الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي ـ حفظه الله ـ الذي ألقاها قبل عشرين سنة أي في 17جمادي الأولي 1400 للهجرة المبارکة.

فأخذت صدي واسعاً في ذلک الحين لقوتها وجمالها ومعنوياتها الرائعة وراح الإخوة والأحباب يتبادلونها بأشرطة الکاسيت..

وفيما بعد أخرجت علي الورق فراجعها سماحة الإمام وأضاف عليها بعض النقاط المهمة وعلّق بعض التعليقات الضرورية..

وما اجمله من کراس اليوم وما أحوجه في هذه الأوقات التي کثر فيها الحديث عن سيدة نساء العالمين وازدادت المحاورات والمناقشات حول شخصيتها النورانية، وموقعها القيادي في الأمة.

ومن الملفت للنظر أن معرفة سيدة نساء العالمين واجبة علي المسلمين، فقد قالت: «إعلموا أني فاطمة» [4] أي أن العلم بي واجب علي کل إنسان مؤمن..

وهي المعصومة الوحيدة من أبناء جنسها ابداً، وحبها والولاء لها کحب وولاء أمير المؤمنين وأبنائه المعصومين.

ونحن في مؤسسة الکلمة للتحقيق والنشر قمنا بطباعة ونشر هذا الکراس راجين من مقامها الکريم أن تکون من شفعائنا في يوم الدين ـ اله الحق آمين ـ والحمد لله رب العالمين..

مؤسسة الکلمة للتحقيق والنشر

لبنان ـ بيروت ص. ب 6080 شوران

‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎

پاورقي

[1] بصائر الدرجات: ص6، وراجع غوالي اللئالي: ج3 ص286.

[2] کلمة الله: ص169.

[3] الخصال: ص624.

[4] للتفصيل راجع (من فقه الزهراء): ج3 خطبتها في المسجد.