بازگشت

حب النبي للزهراء


سبق ان بيّنا ان النبي محمداً «صلي الله عليه وآله وسلم» کان يود فاطمة الزهراء «عليها السلام» ويحن اليها. ولا بد لنا ونحن في معرض الکلام عن الزهراء وابيها ان نستعرض بعض الشواهد ليقف القارئ علي مدي هذا الحب الطاهر. جاء في (اعيان الشيعة): روي الحاکم في المستدرک بسنده عن ابي ثعلبة الخشني قال: کان رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» اذا رجع من غزاة او سفر اتي الي المسجد فصلي فيه رکعتين ثم ثنّي بفاطمة، ثم يأتي ازواجه. (وبسنده) عن ابن عمر أنّ النبي «صلي الله عليه وآله وسلم» کان اذا سافر کان آخر الناس عهداً به فاطمة واذا قدم من سفر کان اول الناس به عهداً فاطمة [1] . واستطرد صاحب الاعيان قائلاً: وقد اعتاد الرسول «صلي الله عليه وآله وسلم» ان يمرَّ عند خروجه علي بيت فاطمة وهي من احب اهله اليه، فمر ذات يوم عليها ورجع من الباب دون ان يدخل واستمر هاجراً فاطمة ثلاثة ايام، فاستقدمت عمار بن ياسر وهو من


اکرم صحابته لديه، قالت له ان يستنبئ من ابيها عن سبب هذا الهجران. ولما سأله عمار قال له الرسول الکريم ـ وانظر لما قال ـ: رأيت في معصم فاطمة اسورة من الفضة واهل الصُفة يتضورون جوعاً، فجاء عمار واخبرها الخبر فقالت له: خذ الاسورة وبعها واشتر بثمنها خبزاً لأهل الصفة، ولما فعل ما امرته به عاد فأخبر اباها بما کان فرجع لعادته معها. وورد في الاستيعاب بالإسناد الي ابي ثعلبة الخشني قال: کان رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» اذا قدم من غزو او سفر بدأ بالمسجد فصلي فيه رکعتين ثم يأتي فاطمة ثم يأتي ازواجه. وعن عائشة ام المؤمنين (رض) انها قالت: ما رأيت أحداً کان اشبه کلاماً وحديثاً برسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» من فاطمة، وکانت اذا دخلت عليه قام اليها فقبلها ورحب بها کما کانت تصنع هي به «صلي الله عليه وآله وسلم». وعن عائشة (رض) ايضاً قالت: ما رأيت احداً کان اصدق لهجة من فاطمة الا ان يکون الذي ولدها. وعن جميع بن عمير قال: دخلت علي عائشة (رض) فسألت أي الناس کان أحبّ الي رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم»؟ قالت: فاطمة. قلت: فمن الرجال؟ قالت: زوجها اذ کان ما علمته صواماً قواماً. وعن ابن بريدة عن ابيه قال: احب الناس الي رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» فاطمة ومن الرجال علي بن ابي طالب (رضي الله عنهما) الي غير ذلک [2] ولا شک ان النبي «صلي الله عليه وآله وسلم» کان يحب فاطمة حباً جما حتي عدله البعض في ذلک. والحب


الشديد الذي قد يتجاوز المتعارف يصدر احياناً من الاب لجهله وقصر نظره [3] .

لقد کان بين الرسول الکريم «صلي الله عليه وآله وسلم» وبين ابنته فاطمة «عليها السلام» تعاطف شديد، وبلغ من حبها لأبيها ايضاً ومن حزنها عليه، انها مازالت معصبة الرأس، ناحلة الجسد، مهيضة الرکن، باکية العين، محرقة القلب، وانها لم تُرَ بعد وفاته کاشرة ولا ضاحکة. قيل: وبکت حتي نادي بها اهل المدينة فقالوا لها: آذيتنا بکثرة بکائک، فجعلت تأتي قبور الشهداء في کل اسبوع مرتين فتقول: ها هنا کان الرسول، وها هنا کان المشرکون. (لقد کان يسأل النبي في قضية فيجيب: لنأخذ اولا رأي فاطمة. هکذا کان لفاطمة رأي في تربية صحيحة کانت لشخصيتها فيها تلک التنمية) [4] .

وعن الصادق «عليه السلام»: انها کانت تصلي هناک وتدعو، وانها ظلت علي ذلک حتي ماتت، وقد تکون الزهراء مثلاً اعلي في الصبر علي المکاره واحتمال الحرمان حتي الجوع والعطش. مرضت يوماً فدخل عليها الرسول «صلي الله عليه وآله وسلم» يعودها، فسألها کيف تجدينک يا بنية؟ قالت: اني موجعة، وانه ليزيدني اني مالي طعام آکله. قال علي «عليه السلام»: ان فاطمة استقت بالقربة حتي اثرت في صدرها وطحنت بالرحي حتي مجلت يداها وکنست البيت حتي اغبرت ثيابها واوقدت النار تحت القدر حتي


دکنت ثيابها، فأصابها من ذلک ضرر شديد [5] . وبلغ من حب النبي «صلي الله عليه وآله وسلم» لابنته فاطمة «عليها السلام» انه کان يکنيها بـ (أم ابيها) [6] . وقد اثني رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» ثناءً مستطاباً في کثير من المواضع. هذا الحب العارم وهذه المودة الخالصة مبعثها المؤهلات العالية التي ورّثها لها ابوها، وکانت لوقعها اثر کبير في مسيرة حياتها. هکذا عاشت وهي تؤدي رسالتها علي احسن ما يمکن الاداء، يعطف عليها والدها ويهتم بامرها ايما اهتمام. وأجدني اکرر ما ذکرته في مناسبة سابقة من ان الزهراء «عليها السلام» افضل نساء اهل الجنة. وعن عائشة قالت: ما رأيت احداً اشبه حديثاً وکلاماً برسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» من فاطمة. وکانت اذا دخلت عليه اخذ بيدها فقبلها واجلسها في مجلسه، وکان اذا دخل عليها قامت فقبلته بيده فأجلسته في مکانها [7] . وسأله علي «عليه السلام» يوماً فقال: يا رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» انا احب اليک ام فاطمة؟ فقال: انت عندي اعز منها، وهي احب منک [8] . وهناک روايات کثيرة کلها تنص علي محبة النبي «صلي الله عليه وآله وسلم» الاکرم للصديقة الزهراء سلام الله عليها.



پاورقي

[1] اعيان الشيعة / السيد محسن الامين العاملي / ج 2 / ص 430.

[2] اعيان الشيعة / محسن الامين العاملي ج2 / ص 430 / وانظر: ذخائر العقبي للطبري / ص 62.

[3] فاطمة الزهراء المرأة النموذجية في الاسلام / ابراهيم الاميني ترجمة: علي جمال الحسيني ص 95.

[4] فاطمة الزهراء وتر في غمد / سليمان کتاني / ص 114.

[5] مجلة (العرفان) اللبنانية ـ خصال (فاطمة الزهراء) لعارف النکدي / ج 6 / مج 51 (شعبان 1383 هـ / 1963 م) ص544.

[6] فاطمة الزهراء ام ابيها، فاضل الحسيني الميلاني / ص 35.

[7] کشف الغمة / علي بن عيسي الاربلي / ج 2 / ص 79.

[8] کشف الغمة / ج 2 / ص 88.