بازگشت

و بر الوالدين وقاية من السخط


وهنا تلتفت الزهراء (عليها السلام) إلي الخليّة الأُولي التي ينشأ منها المجتمع الإنساني، هذه الخلية: هي الأُسرة، ولا تتناول الزهراء الأسرة برمّتها، وإنّما تتناول العمود الفقريّ والأساس الذي تستند عليه في بناء کيانها، فتناولت البرّ بالوالدين الأب والأُم، لما لهما من فاعليّة ضخمة في بناء الکيان الإجتماعي، والوالدان ـ وإن اختلفا في عملهما في إطار الأُسرة ـ إلاّ أنّ هناک تمازجاً عضوياً بين عملهما البنّاء، فالوالد يتناول البيت من الخارج فيکدح ويثابر لکسب الرّزق وإدخال السرور علي أُسرته، والأُم تتناول البيت من الدّاخل بحکم ترکيبها الفسيولوجيّ والنفسيّ


والروُّحيّ الذي وفرّتها مسؤوليّة تناول البيت من داخله، فهي تنجب الأطفال وتتولّي رعايتهم وتسهر لمصلحتهم وتديير البيت من الدّاخل لتکمل عمل الوالد الخارجيّ.

وحين يکون عمل الوالدين هذا شأنه علي مرّ الأجيال والعصور، فلا بد للإسلام ـ وهو منهج الله الخالد ـ أن يقيّم عملهما هذا، فإذا به يرفعهما إلي أعلي الآفاق: «وقضي ربُّک ألا تعبدوا إلاّ إياه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغنّ عندکَ الکبر أحدُهما أو کلاهما فلا تقل لهما أُفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً کريماً...» [1] .

فيشترط برهما ورعايتهما وعدم إيذائهما بأدني الأُمور حتي بالإشارة أو التضجر.

وحين يقرّر الإسلام وجوب رعاية الوالدين، فقد أصبح عقوقهما أمراً محظوراً يستلزم غضب الله وسخطه، ولهذا السّر عينه راحت الصّدّيقة الزّهراء (عليها السلام) ترسم هذه الحقيقة حين أعلنت أنّ برّ الوالدين يتحقّق علي يديه الإبتعاد عن مغبّة سخط الله وإغضابه الذي يجر إلي الدّمار والبوار.


پاورقي

[1] سورة الإسراء، آية 23.