بازگشت

والجهاد عزا للاسلام و ذلا لاهل الكفر والنفاق


والجهاد عمليّة تحريريّة: يتولاّها المعسکر الإسلامي لتخليص الإنسانيّة من السّيطرة الجاهليّة بشتّي أنواعها ومستوياتها.

وهذه العمليّة التحريريّة تجري في أعلي المستويات، حيث تعبّأ فيها قوي الإيمان المادية والفکرية والرُّوحية لإنجاح هذه العمليّة. وغالبا ما يبرز فيها عنصر القوّة العسکريّة لإحراز النّصر وتحقيق العمليّة التحريرية الکبري، وإحراز النّصر ـ هذا ـ ليس نصرا لمعسکر الإيمان ـ فحسب ـ بل هو في الحقيقة نصرٌ لمن يعيش تحت السّيطرة الجاهليّة من أبناء النوع الإنساني.

والجهاد الي جانب معطياته التبشيرية والتوسّعية لعدد الواقفين تحت راية الله تعالي، الجهاد إلي جانب هذه المعطيات، فرض عبادي تتولاّه الأُمة الإسلامية، استجابةً لنداء الإسلام المفروض عليها، لا يجوز ان تتقاعد عنه بأيّ حال من الأحوال ـ اللهم إلاّ إذا أصيبت بوهن فکريًّ تصبح معه غير قادرة علي فهم فريضة الجهاد وحدودها ومتطلّباتها فحينئذٍ ـ والعياذ بالله ـ تتجاهل أو تجهل هذا الفرض المقدّس فتنسحب عن مسؤولياتها في التأريخ البشريّ.

وربّما تتعرّض لغزو جاهليّ أهوج يفقدها حتي اصالتها وطابعها ـ کما هي عليه اليوم ـ.

والزهراء (عليها السلام) حين تعکس لنا صورةً حيّة عن فريضة الجهاد، إنّما تعکسها لهذه المعطيات الکبيرة التي تهبها لتاريخ الأُمّة المجيدة. ولکن الزّهراء (عليها السلام) حين تستقريء لنا الغاية التي شرع الجهاد من أجلها تضع أمام الأجيال نقطتين هامّتين تکشف عن طريقهما الحقيقة التي شرع الجهاد من أجلها بأقصر وأفضل السُّبل، فهي مع شدّة إيجازها لکنّها قد کشفت حدود فلسفة الجهاد.

فالجهاد في نظر الزهراء يحقّق النّصر المؤزر للرسالة الإسلامية ـ أولاً ـ ويکسبها العزّة والظهور علي کل المناهج الجاهلية المعوجّة ويهزم قوي الضّلال وينکس رايتها السوداء لتحلّ محلها راية التوحيد الناصعة التي تحتضنا القلوب وتتغنّي بها الافواه.


وإلي جانب هذه النقطة الإيجابيّة يتحقق مکسب آخر، ولکنّه ذو وجهين حيث يتمخّض عن الجهاد إذلال المعسکر الجاهليّ وتوهين مکائده ـ خارج الديار الإسلامية ـ کما يتمخّض عن هذا الجهاد المقدّس صفعة شديدة لأهل النّفاق الذين يؤلّفون حزباً لتظاهر مطاياه باعتناق المبدأ الإسلامي، ولکنّهم يخفون التحزُّب لغيره من الحضارات الجاهليّة، وهم يتربّصون بالمسلمين الدّوائر وقد يتّصلون بأسيادهم في المعسکر اللا إسلامي، معلنين أنّهم معهم، وسيکونون أداةً تخريبية في داخل المعسکر الإسلاميّ، ولکنّ هذه الفئة القلقة تقف علي شرفة لتري نتائج المعرکة بين الإيمان والضّلال، وما أن تعلن الأنباء انتصار معسکر الإيمان العتيد علي خصومه إلا وظهرت سيماء الذّلة والمسکنة علي أهل النفاق وخابت آمالهم وتمنّياتهم وخسروا الوعود التي وعدهم ساداتهم بها، کلُّ ذلک بفضل المسؤولية العظيمة التي يتحمل الجهاد تبعاتها في إذلال أعداء الإسلام ومعسکره العتيد.

وهذه الميزة التي يتجلّي بها الجهاد هي التي أملت علي الزّهراء (عليها السلام) لتکشف النقاب عن الغاية التي شرع من أجلها، فهو ـ علي حدّ تعبيرها ـ قد جعله الله عزاً للإسلام، وذلاً لأهل الکفر والنّفاق.