بازگشت

تذكير الضمائر


نري أنّه سبحانه عندما يخاطب أزواج النبي يخاطبهن حسب المعتاد بضمائر التأنيث، ولکنّه عندما يصل إلي قوله: (إنّما يريد اللّه ليذهب...) يغير الصيغة الخطابية في التأنيث ويأتي بصيغة التذکير، فما هو السر في تبديل الضمائر لو کان المراد أزواج النبي؟ وإليک نص الآيات:


(يا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ کَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً). [1] .

(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِکُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الاَُولَي وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّکَاةَ وَأَطِعْنَ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً). [2] .

(وَاذْکُرْنَ مَا يُتْلَي فِي بُيُوتِکُنَّ مِنَ آياتِ اللّهِ وَالحِکْمَةِ إنّ اللّهَ کانَ لَطِيفَاً خَبِيراً). [3] .

تري أنّه سبحانه يخاطبهن في الآية الاَُولَي بهذه الخطابات:

1. لستن. 2. اتقيتن. 3. فلا تخضعن. 4. وقلن.

ويخاطبهن في الآية الثانية بهذه الخطابات:

1. قرن. 2. بيوتکن. 3. لا تبرجن. 4. أقمن. 5. آتين. 6. أطعن.

کما يخاطبهن في الآية الثالثة بقوله:

1. واذکرن. 2. بيوتکن.

وفي الوقت نفسه يتخذ في ثنايا الآية الثانية موقفاً خاصاً في الخطاب ويقول:

1. عنکم. 2. يطهرکم.

فما وجه هذا العدول إذا کان المراد نساء النبي؟!

أو ليس هذا يدل علي أنّ المراد ليس نساءه (صلي الله عليه وآله وسلم).


وقد حاول القرطبي التفصّي عن الاِشکال فقال: إنّ تذکير الضمير يحتمل لاَن يکون خرج مخرج «الاَهل» کما يقول لصاحبه: کيف أهلک، أي امرأتک ونساوَک؟ فيقول: هم بخير، قال اللّه تعالي: (أتعجبين من أمر اللّه رحمة اللّه وبرکاته عليکم أهل البيت). [4] .

ولکن المحاولة فاشلة فانّ ما ذکره من المثال علي فرض سماعه من العرب، إنّما إذا تقدّم «الاَهل» وتأخّر الضمير، دون العکس کما في الآية، فإنّ أحد الضميرين مقدّم علي لفظ «الاَهل» في الآية کما يقول: (عنکم الرجس أهل البيت).

وأمّا الاستشهاد في الآية فغير صحيح، لاَنّ الخطاب فيها لاِبراهيم وزوجته، فيصح التغليب تغليب الاَشرف علي غيره في الخطاب والمفروض في المقام انّ الآية نزلت في زوجاته ونسائه خاصة فلا معني للتغليب.

نعم انّما تصح فکرة التغليب لو قيل بأنّ المراد منه، هو أولاده وصهره وزوجاته، وهو قول ثالث سنبحث عنه في مختتم البحث، وسيوافيک انّ بقية الاَقوال کلها مختلقة لتصحيح الاِشکالات الواردة علي النظرية الثانية، فلاحظ.


پاورقي

[1] الاَحزاب: 32.

[2] الاَحزاب: 33.

[3] الاَحزاب: 34.

[4] جامع الاَحکام: 14-182.