بازگشت

كيف نقتدي بفاطمة؟


الاعتقاد بولاية أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين انما يعني فيما يعنيه الاعتقاد بولايتهم في نهجهم وسيرتهم، بل ويعني موالاتهم في رؤاهم وبصائرهم والتخلق بأخلاقهم واخذ المعارف والعلوم عنهم عليهم السلام. ومن هذا المنطلق يجدر بالإنسان أن يسأل نفسه عن مدي معرفته بثقافة الصديقة الکبري سلام الله عليها، وعن حدود اطلاعه علي معارفها وکلماتها. فقد يتعلل البعض بالافتقار لصحيفتها التي کانت بإملاء جبرائيل عليه السلام، بإملاء النبي صلي الله عليه وآله وسلم وکتابة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وإنها ليست موجودة فعلا بين ظهرانينا بل هي موجودة عند الإمام الحجة سلام الله عليه. الکتاب الذي ضم - کما في أحاديثنا - حتي اصغر الأمور في الشرائع. لکن هذا تعلل مرفوض وعذر مردود، فکلماتها المضيئة مازالت وستبقي تفيض بالحياة وترسم لشيعتها بل وللناس أجمعين مسار الإنسانية القويم من خلال خطبتها التي تلألأت بين خطب الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله وسلم والإمام علي والإمام الحسين وسيد الساجدين عليهم افضل الصلاة والسلام.

فالصديقة الکبري المفجوعة بفقد أبيها، تقف والحال هذه أمام رجال خذلوها وغصبوا حقها ولم ينصروها، وترتجل في مسجد أبيها خطبة عصماء، تلک الخطبة المعروفة بـ " الخطبة الفدکية ". والتي هي خلاصة للفکر الإسلامي والمعارف الإلهية بما انطوت عليه کلماتها من سلاسة في الأسلوب وعمق في المحتوي، قد يعجز المتخصصون عن کشف مضامينها والوقوف علي خصائصها، لما احتوته من بيان فلسفة الخلق وحکمة خلق الإنسان وحکمة الشرائع الإلهية وبيان الواقع الاجتماعي قبل البعثة وأبانهـا وبعدها.

ولعلنا لا نتجاوز الحقيقة حينما نذکر انه کانت لنا جلسات عديدة سادتها مناقشة واسعة مفتوحة مع العشرات من علماء طهران وخطبائها.. لکننا ومع بذل الساعات العديدة والليالي المديدة لم نستطع ان نفسر الا القليل اليسير الذي لم يتجاوز عُشر خطبة الصديقة سلام الله عليها، تلک الخطبة العصماء التي روتها سيدتنا زينب عليها السلام وعمرها الشريف آنذاک لم يکن يتجاوز السادسة، ولعله مما يثلج قلوبنا ويقع موقع الاعتزاز والفخر ان نري اليوم فقيها ومرجعا کبيرا وقد انبري لکتابة کتاب وسماه بـ "فقه الزهراء" [1] استنبط فيه الفروع الفقهية الغزيرة التي تضمنتها کلمات السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، فليس بعد هذا وذاک من الإنصاف ولا المروءة بمکان ان يرکن من يدعي ولايته للصديقة الکبري سلام الله عليها إلي إضاعة هذه السويعات الثمينة من حياته وحياة أبنائه بالجلوس أمام التلفاز لمشاهدة قصص خيالية من الصين أو اليابان، بما فيها من الترهات، مبرراً عزوبه عن هذه الفضائل والحقائق المتمثلة بتعاليم فاطمة الزهراء سلام الله عليها بضعف في حافظته مثلا أو ما شابه ذلک من التبريرات الواهية، بدلا من ان يسعي لتحفيظ أبنائه إياها وان لم يدرکوا معانيها وحقائقها لتکون زادهم في الدنيا والآخرة، وتلک هي الخطوة الأولي لمن أراد ان يتمثل بالصديقة عليها السلام.


پاورقي

[1] العالم الذي کتب "فقه الزهراء" آية الله العظمي السيد محمد الشيرازي.