بازگشت

الاستئذان والمشاورة


ودرس آخر نتعلّمه من زواج الزهراء «عليها السلام» هو الاستئذان من الفتاة البکر ومشاورتها واستئمارها لکسب رضاها قبل الزواج، وهو من الحقوق المهمة التي أولاها الإسلام للمرأة إظهاراً لکرامتها، وعلي الرغم من أن زواج الزهراء «عليها السلام» کان بأمر الله تعالي، فقد عمل ذلک رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» سنة وتأديباً للاُمّة.

روي الشيخ الطوسي بالاسناد عن الضحاک بن مزاحم قال: سمعت علي ابن أبي طالب يقول: «أتاني أبو بکر وعمر فقالا: لو أتيت رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» فذکرت له فاطمة. قال: فأتيته، فلما رآني رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» ضحک ثم قال: ما جاء بک يا أبا الحسن، وما حاجتک؟ قال: فذکرت له قرابتي وقدمي في الإسلام ونصرتي له وجهادي فقال: يا علي، صدقت، فأنت أفضل مما تذکر. فقلت: يا رسول الله، فاطمة تزوجنيها؟ فقال: يا علي، إنّه قد ذکرها قبلک رجال، فذکرت ذلک لها، فرأيت الکراهة في وجهها، ولکن علي رسلک حتي أخرج إليک فدخل إليها... فقال لها: يا فاطمة. فقالت: لبيک لبيک، حاجتک يارسول الله؟ قال: إنّ علي بن أبي طالب من قد عرفت قرابته وفضله وإسلامه، وإني سألت ربي أن يزوجک خير خلقه وأحبّهم إليه، وقد ذکر من أمرک شيئاً فما ترين؟ فسکتت ولم تولّ وجهها، ولم ير فيه رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» کراهة، فقام وهو يقول: الله أکبر، سکوتها إقرارها، فأتاه جبرئيل «عليه السلام» فقال: يا محمد،


زوّجها علي بن أبي طالب، فإنّ الله قد رضيها له ورضيه لها» [1] .

وعن عطاء بن أبي رباح، قال: لمّا خطب علي فاطمة عليهما السلام أتاها رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» فقال: «إنّ عليّاً قد ذکرک» فسکتت، فخرج فزوجها [2] .

وهذا لا يعارض ما تقدم من إيکال أمر زواجها بيد الله تعالي بداهةً، ما دام علم الله وقضاؤه وقدره قد أحاط بالاشياء قبل إيجادها.


پاورقي

[1] أمالي الطوسي: 39: 44. وبحار الأنوار 43: 93: 4.

[2] کشف الغمة: الاربلي 1: 365. والثغور الباسمة: السيوطي: 31. وذخائر العقبي: 29 و33. والطبقات الکبري: ابن سعد 8: 20. وتذکرة الخواص: 308.