بازگشت

المحدثة


المُحَدَّث: من تکلّمه الملائکة بلا نبوّة ولا رؤية صورة، أو يُلهم له ويلقي في روعه شيء من العلم علي وجه الالهام والمکاشفة من المبدأ الأعلي، أو ينکت له في قلبه من حقائق تخفي علي غيره [1] .

وهذه کرامة يکرم الله بها من شاء من صالح عباده، ومنزلة جليلة من منازل الأولياء، حضيت بها الزهراء بنت النبي «صلي الله عليه وآله وسلم» علي ما جاء في کثير من الروايات، منها ما روي عن الإمام الصادق «عليه السلام» أنّه قال: «إنّما سميت فاطمة «عليها السلام» محدّثة، لاَنّ الملائکة کانت تهبط من السماء فتناديها کما تنادي مريم بنت عمران، فتقول: يافاطمة، إنّ الله اصطفاک وطهّرک واصطفاک علي نساء العالمين. يا فاطمة، اقنتي لربک واسجدي وارکعي مع الراکعين، فتحدّثهم ويحدّثونها. فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضّلة علي نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا: إنّ مريم کانت سيدة نساء عالمها، وإنّ الله عزَّ وجلَّ جعلک سيدة نساء عالمک وعالمها، وسيدة نساء الأولين والآخرين» [2] .

وقد اتضح من التعريف المتقدم أنّ المحدَّث غير النبي، وأنّه ليس کلّ


محدّث نبي، ولکن قد يتصور البعض أنّ الملائکة لا تحدّث إلاّ الأنبياء، وهو تصور غير صحيح ومنافٍ للکتاب الکريم والسُنّة المطهّرة، فمريم بنت عمران «عليها السلام» کانت محدثة ولم تکن نبية، قال تعالي: (وإذ قالت الملائکة يا مريم إنّ الله اصطفاک وطهّرک) [3] وأُمّ موسي کانت محدثة ولم تکن نبية، قال تعالي: (وأوحينا إلي أُمّ موسي أن ارضعيه) [4] وقال سبحانه مخاطباً موسي «عليه السلام»: (إذ أوحينا إلي أُمّک ما يوحي) [5] وسارة امرأة نبي الله إبراهيم «عليه السلام» قد بشرتها الملائکة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب [6] ، ولم تکن نبية، ونفي النبوة عن النساء المتقدمات وعن غيرهن ثابت بقوله تعالي: (وما أرسلنا قبلک إلاّ رجالاً نوحي إليهم) [7] ولم يقل نساءً، وعليه فالمُحدَّثون ليسوا برُسل ولا أنبياء، وقد کانت الملائکة تحدّثهم، والزهراء «عليها السلام» کانت مُحدَّثة ولم تکن نبية، کما يحلو للبعض أن يقوله ويقذف به الفرقة الناجية [8] .


پاورقي

[1] الغدير: الأميني 5: 42، دار الکتب الإسلامية ـ طهران.

[2] علل الشرائع 1: 182: 1. ودلائل الإمامة: 80: 20. وبحار الأنوار 43: 78: 65.

[3] سورة آل عمران: 3: 42.

[4] سورة القصص: 28: 7.

[5] سورة طه: 20: 38.

[6] راجع الآيات من 71 ـ 73 من سورة هود.

[7] سورة الأنبياء: 21: 7.

[8] أمثال عبدالله القصيمي في کتابه «الصراع بين الإسلام والوثنية».