بازگشت

مقدمة المركز


الحمد لله رب العالمين.. وصلي الله علي سيدنا محمد وآله الطاهرين..

وبعد..

إنّ دراسة سيرة أهل البيت عليهم السلام تُعدُّ إحدي اللبنات الأساسية لسلّم البناء العقائدي والفکري والسياسي والاجتماعي الذي ارتضاه الاسلام منهجاً لتقويم العقيدة وتنظيم السلوک والسير باتجاه حرکة التکامل الانساني المطلوب علي صعيد الفرد والمجتمع. ذلک أنّ ما خُصّوا به من فضل عظيم وما أحرزوه من مکانة متميزة في تاريخ الإسلام، يدفعنا نحو استجلاء معالم تلک السيرة، والتعاطي مع دلالتها المتواصلة مع مسيرة الحياة بما تحمله من متطلبات ومستجدات، لاَنّها تحدد الرؤية الأسلم والصيغة الأکمل لفهم الإسلام وتجسيده بأصوله وأرکانه وفروعه وعلي کافة المستويات. والزهراء «عليها السلام» سيدة نساء العالمين، وبضعة المصطفي الأمين صلي الله عليه وآله وسيدة أهل البيت المعصومين عليهم السلام تمثّل النموذج الأکمل والمثل الأعلي الذي أرادته الرسالة الإلهية للمرأة المسلمة سلوکاً ومنهجاً، سواء علي صعيد حياتها الشخصية بما تحمله من أسرار العظمة المتجسِّدة في روحانيتها وعفَّتها وعبادتها وزهدها وعلمها، أو علي صعيد حرکتها في واقع الحياة، وما تشتمل عليه من جهاد مرير، وصبر مستمدٍّ من قوة الإيمان وشدَّة الإخلاص، ومواقف صلبة في الحفاظ علي المفهوم الأصيل لقيادة الأمّة بعد الرسول صلي الله عليه وآله.

إنّ موقف الزهراء «عليها السلام» بعد وفاة أبيها المصطفي صلي الله عليه وآله يشتمل علي دلالات وأبعادٍ سياسية خطيرة حرية بالبحث والدراسة، لاَنّها تستوعب قسماً مهماً من الأحداث والملابسات السياسية والاجتماعية التي تفاعلت في داخل الساحة الاسلامية في أخطر مراحل المسيرة التاريخية للاَمّة، والتي شکَّلت


المخاض العسير الذي أنجب أخطر المعطيات السياسية والاجتماعية بعد رحيل الرسول صلي الله عليه وآله إلي رحمة ربِّه ورضوانه.

کان الدور الذي اضطلعت به الزهراء «عليها السلام» بعد وفاة أبيها صلي الله عليه وآله يتمثل في الحفاظ علي الصيغة الاسلامية الأصيلة علي مستوي العقيدة والسياسة والتشريع، ويمثل حجر الزاوية في تأصيل خط الإمامة بکل ما يحمله من مفاهيم وأفکار وأهداف وتوجّهات وخصائص ومميزات، ويعکس الموقف السليم من التغيرات الطارئة المستجدة في حياة الأمّة علي صعيد العقيدة وفهم الکتاب وإقامة السُنّة.

ومن هنا فإنّ دراسة حياة الزهراء «عليها السلام» تعني دراسة حياة امرأة کل سيرتها للهداية والصلاح والرشاد، لاَنّها سيدة النساء، العالمة المعصومة المتفانية في سبيل الله، والقدوة الصالحة لنساء الأمّة، والمثل الأعلي لکلِّ قيم العزِّ والعظمة والشرف والطهارة، رغم المعاناة وقسوة ظروف الزمان وشدَّتها، فلابد إذن من استلهام الدروس واستجلاء العبر من سيرة الزهراء «عليها السلام» لتسهم في إعداد المرأة وتربيتها ومعرفة حقوقها وواجباتها وبناء کيانها ورقيها، ودفعها باتجاه تربية جيل تتمثل به القيم الأخلاقية ومبادئ العقيدة الحقَّة.

وإصدارنا هذا تکفَّل بتغطية مفردات تلک السيرة العطرة منذ الولادة في بيت النبي صلي الله عليه وآله حتي الوفاة في بيت الوصي «عليه السلام» بشکل وافٍ وأسلوبٍ علمي واضح موثَّقٍ بالمصادر المعتبرة، ندعو الله العزيز أن ينفع به الاخوة المؤمنين، ومنه تعالي نستمد العون والسداد، وهو الهادي الي سبيل الرشاد.

مرکز الرسالة