بازگشت

ومن هذه الأدلة


1 ـ النصوص التي ذکرت: أن ابناء رسول الله (ص) ومنهم فاطمة (ع) قد ولدوا بعد البعثة [1] .

2 ـ إن سورة الکوثر قد نزلت بعد موت ابناء رسول الله (ص)، وقول العاص وغيره: قد انقطع نسله، فهو أبتر، فمات القاسم أولا، ثم مات عبد الله [2] وحين مات القاسم کان عمره سنتين، وهو أکبر ولده، وقيل عاش حتي مشي [3] .

وقد مات القاسم بعد النبوة کما تدل عليه الأحاديث والنصوص [4] .

وکانت فاطمة (ع) هي آخر من ولد لرسول الله (ص) [5] .

وذلک کله يدل علي أنه لم يکن له (صلي الله عليه وآله) بنات تزوجن في الجاهلية بابناء أبي لهب ثم طلقوهن، ثم لما بعث رسول الله (صلي الله عليه وآله) تزوجت إحداهن من عثمان، وهاجرت معه في السنة الخامسة إلي الحبشة.

3 ـ ان هناک أقوالا في تاريخ زواج خديجة برسول الله، لا يمکن معها القول بأنها قد ولدت له بنات وکبرن، وتزوجت اثنتان منهن بابني أبي لهب، ثم لما بعث (ص)، طلقتا منهما، وتزوجتا بعثمان..

حيث قيل: إن خديجة عليها السلام قد تزوجت برسول الله (ص) قبل البعثة بخمس سنين [6] .

وقيل: قبلها بثلاث سنين [7] .

4 ـ إن إحدي هاتين البنتين هي أم کلثوم ـ التي يدعون أنها بعد أن طلقت من ابن أبي لهب ـ قبل الدخول ـ!! بقيت عزباء إلي أن تزوجها عثمان أيضاً بعد موت أختها بعد الهجرة بمدة.

والملفت: أننا لا نجد لها ذکرا في جملة النساء اللواتي هاجرن مع علي، بوصية من رسول الله (ص).. بل ذکرت الفواطم، وأم أيمن، وجماعة من ضعفاء المؤمنين [8] .

5 ـ وهناک رواية ذکرها أبو القاسم الکوفي مفادها: أن زينب ورقية کانتا بنتين لزوج أخت خديجة من امرأة أخري، فمات التميمي وزوجته، وبقيت الطفلتان، فضمتهما خديجة إليها، فهما ربيبتا خديجة ورسول الله (ص) [9] .

6 ـ ذکر ابن شهر آشوب: أن زينب ورقية کانتا (ابنتي هالة أخت خديجة) کما في کتابي الأنوار والبدع [10] .

وقال ابن شهر آشوب أيضاً: (.. وفي الأنوار، والکشف واللمع، وکتاب البلاذري: أن زينب ورقية کانتا ربيبتيه من جحش) [11] .

7 ـ علي أن من يدعي: أن للنبي بنات غير فاطمة فإنما يقول: إنهن بناته(ص) من خديجة.. مع أن خديجة حسبما تؤيده الشواهد والأدلة قد تزوجها رسول الله (ص) بکرا، ولم تکن قد تزوجت من أحد قبله (ص).

ويدل علي ذلک عدة أمور:

ألف: تناقض الروايات حول هذا الزوج المزعوم، وتاريخ هذا الزواج، وکم ولدت؟ ومن ولدت له [12] .

ب ـ إن التي تمتنع من الزواج بأشراف قريش، لا تتزوج أعرابياً من بني تميم، ولو فعلت ذلک لعيرت به [13] . وهذا البعض قد استدل بتعيير العرب علي نفي ضرب الزهراء، المتواتر تاريخياً، فلماذا لا يستدل به علي نفي تزوج خديجة من أعرابي.

ج ـ قال ابن شهر آشوب: روي أحمد البلاذري، وأبو القاسم الکوفي في کتابيهما، والمرتضي في الشافي، وأبو جعفر في التلخيص: أن النبي (ص) تزوج بها، وکانت عذراء.

يؤکد ذلک، ما ذکره في کتابي الأنوار والبدع: أن رقية وزينب کانتا ابنتي هالة، أخت خديجة [14] .

8 ـ قد روي عن أبي الحمراء عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله:

(ياعلي أوتيت ثلاثا، لم يؤتهن أحد ولا أنا أوتيت صهرا مثلي، ولم أؤت أنا مثلي.

وأوتيت صديقة مثل ابنتي، ولم أوت مثلها (زوجة).

وأوتيت الحسن والحسين من صلبک، ولم أوت من صلبي مثلهما، ولکنکم مني، وأنا منکم) [15] .

وقريب منه ما روي عن أبي ذر، مرفوعاً [16] .

فلو کان ثمة من صاهر رسول الله غير علي، لم يصح قوله (ص): (أوتيت صهرا مثلي، ولم أوت أنا مثلي..) لا سيما وأن هذا الکلام قد جاء بعد ولادة الحسنين عليهما السلام.

9 ـ وفي صحيح البخاري: أن رجلاً حاول أن يسجل إدانة لعثمان ولعلي علي حد سواء، فتصدي لابن عمر يحرضه علي الخروج کما خرج غيره، فرفض.. فطلب منه أن يخرج ليصلح بين طائفتين من المؤمنين اقتتلوا.. فيقاتل التي تبغي.. وقاتلوهم حتي لا تکون فتنة، فرفض أيضاً.

فقال له: فما قولک في علي وعثمان..؟

قال: أما عثمان فکان الله قد عفا عنه، وأما أنتم فکرهتم أن تعفوا عنه.

أما علي، فابن عم رسول الله (ص) وختنه، وأشار بيده، فقال: وهذا بيته حيث ترون [17] .

فنلاحظ: أن دفاع ابن عمر عن عثمان، قد اقتصر علي أنه حين فر يوم أحد قد عفا الله عنه، لکن الخارجين عليه لم يعفوا عنه، بل قتلوه..

ولم يذکر أنه صهر رسول الله، أو نحو ذلک..

أما بالنسبة لأمير المؤمنين عليه السلام فقد وصفه بأنه ابن عم رسول الله، وصهره وکون بيته ضمن بيوت رسول الله (صلي الله عليه وآله)..

فلو کان عثمان صهرا لرسول الله (صلي الله عليه وآله) لکان علي ابن عمر أن يستدل به أيضاً، کما استدل به بالنسبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) لأنه بصدد الإستدلال بکل ما يساعد علي دفع التهمة عن عثمان.. فلا معني لترک الإستدلال القوي الدال علي ثقة رسول الله به، والتمسک بدليل ضعيف وسخيف.

لأن العفو عن الفارين يوم أحد کان مشروطا بالتوبة.. وهذا إنما يشمل الذين عادوا مباشرة بمجرد معرفتهم بسلامة رسول الله، لا بالنسبة لمن لم يعد من فراره إلا بعد ثلاثة أيام.

ولو سلمنا أن الله قد عفا عنه.. فلا يلزم من ذلک لزوم عفو الناس عنه أيضاً، بعد أحداثه التي ارتکبها بحقهم.

بل إن عفو الله سبحانه في أحد بهدف التأليف والتقوية في مقابل العدو، لا يلزم منه عفوه عنه بعد ذلک إذا کان قد ارتکب في حق المسلمين ما يوجب العقاب فضلاً عن أن يوجب ذلک عفو الناس.

10 ـ وأخيراً.. فإننا نلفت النظر إلي أن هذا البعض قد اعترف بأن خطبة الزهراء في المهاجرين والأنصار موثوقة وهو بنفسه أيضاً قد شرح هذه الخطبة، وقد جاء فيها إشارة إلي حقيقة أن الزهراء کانت هي البنت الوحيدة لرسول الله (صلي الله عليه وآله) حيث قالت (عليها السلام): (فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائکم، وأخا ابن عمي دون رجالکم، ولنعم المعزي إليه).

ولو کانت زوجتا عثمان ابنتين لرسول الله (ص) لکان عثمان اعترض، وقال: إن رسول الله کان ابا لزوجتيّ رقية وأم کلثوم، وکذلک کان زوج زينب..

والغريب أن هذا البعض يعلق علي هذه الفقرة بقوله:

"تجدوه أبي دون نسائکم فأنا ابنته الوحيدة، ولم تقتصر علي الحديث عن نفسها إلخ.." [18] .

وقال:

"قد قلنا: إن لرسول الله عدة بنات، کما هو وارد في کتب التاريخ، وکما يظهر من القرآن، لکنه ميز ابنته فاطمة (ع) عن أخواتها" [19] .

ونقول:

إن ذلک لا يصحح قولها: (کان أبي دون نسائکم..) لأنها في مقام إثبات الفضل والتميز..

وفي الختام نقول:

إنه قد يکون ثمة بنات قد ولدن لرسول الله (صلي الله عليه وآله) وسماهن زينب ورقية وأم کلثوم، لکنهن متن وهن صغار.

حتي وصفه العاص بالأبتر ونزلت سورة الکوثر.. وصدق الله سبحانه له وعده وولدت الزهراء، وأعطاه الکوثر، هذا بالإضافة إلي وجود ربيبات له (صلي الله عليه وآله) اسمهن أيضاً زينب ورقية وأم کلثوم. ثم تزوج عثمان باثنتين من تلک الربائب وتزوج أبو العاص بن الربيع بالثالثة، غير أن ما يلفت نظرنا هو أن هذا البعض يصر علي وجود بنات أخريات لرسول الله (ص) سوي الزهراء (ع)؟!

فهل إن ذلک يدخل في نطاق الغيرة علي الحقيقة التاريخية؟!. خصوصا تلک التي تؤدي إلي إسداء خدمة لعثمان بن عفان، حيث ينال بذلک فضيلة جليلة، تفيده في تأکيد صلاحيته لمقام خلافة النبوة، ودفع غائلة الحديث عن اغتصابه هذا الموقع من صاحبه الحقيقي، وفقا للنص الثابت بالأدلة القطعية، والبراهين الساطعة والجلية؟!

ويزيد تعجبنا حين نعرف أن هذا البعض يشترط اليقين في الأمور التاريخية، وبديهي أن مجرد وجود ظاهر لفظي لا يفيد اليقين. کما أن الشهرة بين المؤرخين لا تفيده.. ولا ندري کيف يشترط ذلک الشرط، ويستدل بهذه الأدلة؟!!!.


پاورقي

[1] راجع البدء والتاريخ: ج 5 ص 16 و ج4 ص 139، ونسب قريش: ص21، والمواهب اللدنية: ج1 ص 196، وتاريخ الخميس: ج1 ص 272، ومجمع الزوائد: ج 9 ص 217، وذخائر العقبي ص 152، والبداية والنهاية ج12 ص 294، والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة): ج 4 ص 281، والروض الأنف: ج1 ص 214 و 215، والسيرة الحلبية: ج 3 ص 308.

[2] راجع مصادر ذلک في کتابنا بنات النبي أم ربائبه ص 44 ـ 46.

[3] راجع المصدر السابق ص 47 ـ 50.

[4] راجع تاريخ اليعقوبي: ج2 ص 32 ـ والروض الأنف: ج1 ص 214 و 215.

[5] راجع مختصر تاريخ دمشق: ج2 ص263 و264، وراجع: الدر المنثور: ج6 ص404 والسيرة الحلبية ج 3 ص 308، وراجع: الوفاء ص655 ومصادر أخري في کتابنا: بنات النبي أم ربائبه ص 44 و59 حتي 62.

[6] الأوائل: ج1 ص 161.

[7] راجع: سيرة مغلطاي: ص 12 عن ابن جريج، وراجع: مجمع الزوائد: ج9 ص 219 والأوائل ج 1 ص 161.

[8] السيرة الحلبية: ج2 ص 53.

[9] راجع: الاستغاثة: ج1ص 68و 69 ورسالة مطبوعة طبعة حجرية مع کتاب مکارم الأخلاق ص 6.

[10] راجع: مناقب آل أبي طالب:ج1 ص 159، والبحار، وقاموس الرجال، وتنقيح المقال، کلهم عن المناقب.

[11] مناقب آل أبي طالب: ج 1 ص 162.

[12] راجع بنات النبي (ص) أم ربائبه: ص 89 و 90.

[13] راجع: الاستغاثة: ج1 ص 70.

[14] مناقب آل أبي طالب: ج1 ص 159 وعنه في البحار، وتنقيح المقال، وقاموس الرجال.

[15] إحقاق الحق (قسم الملحقات)للمرعشي النجفي ج5 ص 74 وج4 ص 444 عن المناقب لعبد الله الشافعي ص50 (مخطوط) وعن مناقب الکاشي ص72 (مخطوط أيضاً) والحديث موجود أيضاً في کتاب: نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص114 ولا بأس بمراجعة ص113، ومراجعة مقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص109.

[16] ينابيع المودة ص255 وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج7 ص18.

[17] صحيح البخاري: ج3 ص 68 ط سنة 1309.

[18] الزهراء القدوة.

[19] الزهراء القدوة: ص285.