بازگشت

فـدك


حدثني أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثنا حيان بن بشر، قال: حدثنا يحيي بن آدم، قال: أخبرنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن اسحاق، عن الزهري قال: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول الله صلي الله عليه وآله أن يحقن دماءهم ويسيرهم، ففعل، فسمع ذلک أهل فدک، فنزلوا علي مثل ذلک، وکانت للنبي صلي الله عليه وآله خاصة لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا رکاب [1] .

وروي أحمد بن اسحاق أيضا، أن رسول الله صلي الله عليه وآله، لما فرغ من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدک، فبعثوا الي رسول الله صلي الله عليه وآله، فصالحوه علي النصف من فدک، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطريق، أو بعدما أقام بالمدينة، فقبل ذلک منهم، وکانت فدک لرسول الله صلي الله عليه وآله خالصة له، لم يوجف عليها بخيل ولا رکاب.

وقد روي أنه صالحهم عليها کلها، الله أعلم أي الأمرين کان.

قال: وکان مالک بن أنس، يحدث عن عبد الله بن أبي بکر بن عمرو ابن حزم، أنه صالحهم علي النصف فلم يزل الأمر کذلک حتي أخرجهم عمر بن الخطاب وأجلاهم، بعد أن عوضهم علي النصف الذي کان لهم عوضا من ابل وغيرها.

وقال غير مالک بن أنس: لما أجلاهم عمر بعث إليهم من يقوم الأموال، بعث أبا الهيثم بن التيهان، وفروة بن عمرو، وحباب بن صخر، وزيد بن


ثابت، فقوموا أرض فدک ونخلها، فأخذها عمر ودفع إليهم قيمة النصف الذي لهم، وکان مبلغ ذلک خمسين ألف درهم، أعطاهم اياها من مال أتاه من العراق، وأجلاهم الي الشام [2] .

حدثني محمد بن زکريا قال: حدثني جعفر بن محمد بن عمارة الکندي. قال: حدثني أبي، عن الحسين بن صالح بن حي، قال: حدثني رجلان من بني هاشم، عن زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: وقال جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه، وحدثني عثمان بن عمران العجيفي، عن نائل بن نجيح بن عمير بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام.

وحدثني أحمد بن محمد بن يزيد، عن عبد الله بن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، قالوا جميعا: لما بلغ فاطمة(عليها السلام)، اجماع أبي بکر علي منعها فدک، لاثت خمارها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها، تطأ في ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله(صلي الله عليه وآله)، حتي دخلت علي أبي بکر وقد حشد الناس من المهاجرين والأنصار، فضرب بينها وبينهم ربطة بيضاء، وقال بعضهم: قبطية، وقالوا: قبطية بالکسر والضم، ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبکاء، ثم مهلت وطويلا حتي سکنوا من فورتهم، ثم قالت:

ابتدئ بحمد من هو أولي بالحمد والطول والمجد، الحمد لله علي ما أنعم، وله الشکر بما ألهم، وذکر خطبة طويلة جيدة قالت في آخرها:

فاتقوا الله حق تقاته، وأطيعوه فيما أمرکم به، فإنما يخشي الله من عباده العلماء، واحمدوا الله الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السموات والأرض إليه


الوسيلة، ونحن وسيلته في خلقه، ونحن خاصته، ومحل قدسه، ونحن محبته في غيبه، ونحن ورثة أنبيائه.

ثم قالت: أنا فاطمة ابنة محمد، أقول عودا علي بدء، وما أقول ذلک سرفا ولا شططا، فاسمعوا بأسماع واعية، وقلوب راعية، ثم قالت: لقد جاءکم رسول من أنفسکم عزيز عليه ما عنتم حريص عليکم بالمؤمنين رؤوف رحيم [3] فان تعزوه تجدوه أبي دون آبائکم، وآخا ابن عمي دون رجالکم، ثم ذکرت کلاما طويلا سنذکره فيما بعد في الفصل الثاني، تقول في آخره: ثم أنتم الآن تزعمون أني لا أرث أبي، أفحکم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حکما لقوم يوقنون [4] أيها معاشر المسلمين، ابتز ارث أبي أبي الله أن ترث يا ابن أبي قحافة أباک ولا أرث أبي، لقد جئت شيئا فريا، دونکما مخطومة مرحولة تلقاک يوم حشرک، فنعم الحکم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولکل نبأ مستقر وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم [5] ، ثم التفتت الي قبر أبيها، فتمثلت بقول هند بنت اثاثة [6] :


قد کان بعدک أنباء وهيمنــة

لو کنت شاهدها لم تکثر الخطب


أبدت رجال نجوي صدورهـم

لمـا قضيت وحالت دونک الکتب


تجهمتنا رجال واستخف بنــا

إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب


قال: ولم ير الناس أکثر باک ولا باکية منهم يومئذ، ثم عدلت الي مسجد الأنصار، فقالت: يا معشر البقية، وأعضاد الملة، وحضنة الاسلام، ما هذه الفترة عن نصرتي، والونية عن معونتي، والغمزة في حقي، والسنة في ظلامتي، أما


کان رسول الله صلي الله عليه وآله، يقول: المرء يحفظ في ولده، سرعان ما أحدثتم، وعجلان ما أتيتم، الآن مات رسول الله صلي الله عليه وآله أمتم دينه، ها إن موته لعمري خطب جليل استوسع وهنه، واستبهم فتقه، وفقد راتقه، وأظلمت الأرض له، وخشعت الجبال، وأکدت الآمال، أضيع بعده الحريم، وهتکت الحرمة، واذيلت المصونة، وتلک نازلة أعلن بها کتاب الله قبل موته، وانبأکم بها قبل وفاته، فقال: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقبلتم علي أعقابکم ومن ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاکرين) [7] .

أيها بني قيلة، اهتضم تراثي أبي، وأنتم بمرأي ومسمع، تبلغکم الدعوة، ويشملکم الصوت، وفيکم العدة والعدد، ولکم الدار والجنن، وأنتم نخبة الله التي انتخب، وخيرته التي اختار، باديتم العرب وبادتهم الأمور، وکافحتهم البهم حتي دارت بکم رحي الاسلام، ودر حلبه، وخبت نيران لحرب، وسکنت فورة الشرک، وهدأت دعوة الهرج، واستوثق نظام الدين، أفتأخرتم بعد الأقدام، ونکصتم بعد الشدة، وجبنتم بعد الشجاعة، عن قوم نکثوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينکم، (فقاتلوا أئمة الکفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون) [8] .

ألا وقد أري ان قد أخلدتم الي الخفض، ورکنتم الي الدعة، فجحدتم الذي وعيتم، وسغتم الذي سوغتم، (وان تکفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد) [9] ألا وقد قلت لکم ما قلت علي معرفة مني بالخذلة التي خامرتکم، وهور القناة، وضعف اليقين، فدونکموها فاحتووها مدبرة الظهر، ناقبة الخف، باقية العار، موسومة الشعار، موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع علي


الأفئدة [10] فبعين الله ما تعلمون،(وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون) [11] .

حدثني محمد بن زکريا، قال: حدثنا محمد بن الضحاک، قال: حدثنا هشام بن محمد، عن عوانة بن الحکم، قال: لما کلمت فاطمة عليها السلام أبا بکر بما کلمته به، حمد أبو بکر الله وأثني عليه وصلي علي رسوله ثم قال:

يا خيرة النساء، وابنة خير الآباء، والله ما عدوت رأي رسول الله صلي الله عليه وآله، وما عملت إلا بأمره، وإن الرائد لا يکذب أهله، وقد قلت فأبلغت، وأغلظت فأهجرت، فغفر الله لنا ولک، أما بعد فقد فعت آلة رسول الله ودابته وحذاءه الي علي عليه السلام، وأما سوي ذلک فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا أرضا ولا عقارا ولا دارا، ولکنا نورث الايمان والحکمة والعلم والسنة، فقد عملت بما أمرني، ونصحت له وما توفيقي إلا بالله عليه توکلت واليه أنيب [12] .

وروي هشام بن محمد، عن أبيه قال: قالت فاطمة، لأبي بکر: إن أم أيمن تشهد لي ان رسول الله صلي الله عليه وآله، أعطاني فدک، فقال لها: يا ابنة رسول الله، والله ما خلق الله خلقا أحب إلي من رسول الله صلي الله عليه وآله أبيک، ولوددت أن السماء وقعت علي الأرض يوم مات أبوک، والله لأن تفتقر


عائشة أحب إلي من أن تفتقري، أتراني أعطي الأحمر والأبيض حقه وأظلمک حقک، وأنت بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، إن هذا المال لم يکن للنبي صلي الله عليه وآله وسلم، وإنما کان مالا من أموال المسلمين [13] يحمل النبي به الرجال، وينفقه في سبيل الله، فلما توفي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وليته کما کان يليه، قالت: والله لا کلمتک أبدا، قال: والله لا هجرتک أبدا، قالت: والله لأدعون الله عليک، قال: والله لأدعون الله لک، فلما حضرتها الوفاة أوصت ألا يصلي عليها، فدفنت ليلا، وصلي عليها عباس بن عبد المطلب، وکان بين وفاتها ووفاة أبيها اثنتان وسبعون ليلة [14] .

حدثني محمد بن زکريا. قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، بالأسناد الأول، قال: فلما سمع أبو بکر خطبتها شق عليه مقالتها فصعد المنبر، وقال: أيها الناس ما هذه الرعة الي کل قالة، أين کانت هذه الأماني في عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، ألا من سمع فليقل، ومن شهد فليتکلم، إنما هو ثعالة شهيده ذنبه، مرب لکل فتنة، هو الذي يقول: کروها جذعة بعدما هرمت، يستعينون بالضعفه، ويستنصرون بالنساء، کأم طحال أحب أهلها إليها البغي، ألا اني لو أشاء أن أقول لقلت: ولو قلت لبحت، إني ساکت ما ترکت. ثم التفت الي الأنصار فقال: قد بلغني يا معشر الأنصار مقالة سفهائکم، وأحق من لزم عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، أنتم، فقد جاءکم فآويتم ونصرتم، ألا إني لست باسطا يدا ولا لسانا علي من لم يستحق ذلک منا.

ثم نزل، فانصرفت فاطمة عليها السلام إلي منزلها [15] .


حدثني محمد بن زکريا، قال: حدثني ابن عائشة، قال: حدثني أبي، عن عمه قال: لما کلمت فاطمة أبا بکر بکي ثم قال: يا ابنة رسول الله، والله ما ورث أبوک دينارا ولا درهما، وانه قال: إن الأنبياء لا يورثون، فقالت، أن فدک وهبها لي رسول الله صلي الله عليه وآله، قال: فمن يشهد بذلک، فجاء علي بن أبي طالب عليه السلام فشهد، وجاءت أم ايمن فشهدت أيضا، فجاء عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، فشهد أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، کان يقسمها، قال أبو بکر، صدقت يا ابنة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وصدق علي، وصدقت أم أيمن، وصدق عمر، وصدق عبد الرحمنن بن عوف، وذلک أن مالک لأبيک کان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يأخذ من فدک قوتکم، ويقسم الباقي، ويحمل منه في سبيل الله، فما تصنعين بها، قالت: أصنع بها کما يصنع بها أبي، قال فلک علي الله أن أصنع فيها کما کان يصنع فيها أبوک، قال: الله لتفعلن قال: الله لأفعلن، قالت اللهم اشهد، وکان أبو بکر يأخذ غلتها فيدفع إليهم منها ما يکفيهم، ويقسم الباقي، وکان عمر کذلک، ثم کان عثمان کذلک ثم کان علي کذلک فلما ولي الأمر معاوية بن أبي سفيان أقطع مروان بن الحکم ثلثها، وأقطع عمرو بن عثمان بن عفان ثلثها،


وأقطع يزيد بن معاوية ثلثها، وذلک بعد موت الحسن بن علي عليه السلام، فلم يزالوا يتداولونها حتي خلصت کلها لمروان بن الحکم أيام خلافته، فوهبها لعبد العزيز ابنه، فوهبها ابنه عبد العزيز، لابنه عمر بن عبد العزيز، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، کانت أول ظلامة ردها دعا حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، وقيل: بل دعا علي بن الحسين عليه السلام فردها عليه.

وکانت بيد اولاد فاطمة عليها السلام، مدة ولاية عمر بن عبد العزيز، فلما ولي يزيد بن عاتکة قبضها منهم، فصارت في أيدي بني مروان کما کانت يتداولونها، حتي انتقلت الخلافة عنهم، فلما ولي أبو العباس السفاح، ردها علي عبد الله بن الحسن بن الحسن، ثم قبضها أبو جعفر لما حدث من بني حسن ما حدث، ثم ردها المهدي ابنه، علي ولد فاطمة عليها السلام، ثم قبضها موسي بن المهدي، وهارون أهوه، فلم تزل في أيديهم حتي ولي المأمون، فردها علي الفاطميين [16] .

حدثني محمد بن زکريا قال: حدثني مهدي بن سابق، قال: جلس المأمون للمظالم، فأول وقعة وقعت في يده نظر فيها وبکي وقال للذي علي رأسه: ناد أين وکيل فاطمة، فقام شيخ وعليه دراعة وعمامة وخف تعزي، فتقدم فجعل يناظره في فدک، والمأمون يحتج علهي وهو يحتج علي المأمون، ثم أمر أن يسجل لهم بها فکتب التسجيل وقرئ عليه، فأنفذه، فقام دعبل الي المأمون فأنشده الأبيات التي أولها:


أصبح وجه الزمان قد ضحکا

برد مأمـون هاشـم فدکــا


فلم تزل في أيديهم حتي کان في أيام المتوکل، فأقطعها عبد الله بن عمر البازيار، وان فيها احدي عشرة نخلة غرسها رسول الله صلي الله عليه وآله بيده، فکان بنو فاطمة يأخذون ثمرها، فإذا أقدم الحجاج أهدوا لهم من ذلک التمر


فيصلونهم، فيصير إليهم من ذلک مال جزيل جليل، فصرم [17] عبد الله بن عمر البازيار ذلک التمر، ووجه رجلا يقال له بشران بن أبي امية الثقفي الي المدينة فصرمه، ثم عاد الي البصرة ففلج [18] .

أخبرنا أبو زيد عر بن شبة، قال: حدثنا سويد بن سعيد، والحسن بن عثمان، قالا: حدثنا الوليد بن محمد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن فاطمة عليها السلام، أرسلت الي أبي بکر تسأله عن ميراثها من رسول الله صلي الله عليه وآله، وهي حينئذ تطلب ما کان لرسول الله صلي الله عليه وآله بالمدينة، وفدک، وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بکر: ان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: لا نورث ما ترکناه صدقة، إنما يأکل آل محمد من هذا المال، واني والله لا أغير شيئا من صدقات رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عن حالها التي کانت عليها في عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، ولأعلمن فيها بما عمل فيها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، فأبي أبو بکر أن يدفع الي فاطمة منها شيئا، فوجدت من ذلک علي أبي بکر وهجرته فلم تکلمه حتي توفيت، وعاشت بعد أبيها ستة أشهر، فلما توفيت دفنها علي عليه السلام ليلا ولم ويؤذن بها أبا بکر [19] .

وأخبرنا أبو زيد، قال: حدثنا عمر بن عاصم، وموسي بن اسماعيل، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن الکلبي. عن أبي صالح، عن أم هاني، أن فاطمة قالت لأبي بکر: من يرثک إذا مت؟ قال: ولدي وأهلي، قال: فما لک ترث رسول الله صلي الله عليه وآله دوننا؟ قال: يا ابنة رسول الله، ما ورث أبوک دارا ولا مالا ولا ذهبا ولا فضة، قالت: بلي سهم الله الذي جعله لنا، وصار فيئنا الذي بيدک، فقال لها: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: إنما هي طعمه اطعمناها الله، فإذا مت کانت بين المسلمين [20] .


وأخبرنا أبو زيد قال: حدثنا اسحاق بن ادريس، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن فاطمة، والعباس أتيا أبا بکر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلي الله عليه وآله، وهما حينئذ يطلبان أرضه بفدک، وسهمه بخيبر، فقال لهما أبو بکر: أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: لا نورث، ما ترکناه صدقة، أنما يأکل آل محمد صلي الله عليه وآله من هذا المال، واني والله لا أغير أمرا رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يصنعه الا صنعته [21] قال: فهجرته فاطمة فل تکلمه حتي ماتت [22] .

وأخبرنا أبو زيد، قال: حدثنا أبو بکر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن الفضل، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل، قال: أرسلت فاطمة الي أبي بکر: أن ورثت رسول الله صلي الله عليه وآله، أم أهله؟ قال: بل أهله، قالت: فما بال سهم رسول الله صلي الله عليه وآله؟ قال: اني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله أطعم نبيه طعمة، ثم قبضه، وجعله للذي يقوم بعده، فوليت أنا بعده، أن ارده علي المسلمين، قالت: أنت وما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وآله أعلم.

قلت: في هذا الحديث عجب، لأنها قالت له: أنت ورثت رسول الله صلي الله عليه وآله أم أهله، قال: بل أهله، وهذا تصريح بأنه صلي الله عليه وآله موروث يرثه أهله، وهو خلاف قوله: لا نورث، وأيضا فانه يدل علي أن أبا بکر


استنبط من قول رسول الله صلي الله عليه وآله، أن الله أطعم نبيا طعمة أن يجري رسول الله صلي الله عليه وآله عند وفاته مجري ذلک النبي صلي الله عليه وآله، أو يکون قد فهم انه عني بذلک النبي المنکر لفظا نفسه، کما فهم من قوله في خطبته، أن عبدا خيره الله بين الدنيا وما عند ربه، فاختار ما عند ربه، فقال أبو بکر: بل نفديک بأنفسنا [23] .

وأخبرنا أبو زيد قال: أخبرنا القعنبي قال: حدثنا عبد العزيز محمد، عن محمد بن عمر، عن أبي سلمة، أن فاطمة طلبت فدک من أبي بکر، فقال: اني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، يقول: إن النبي لا يورث، من کان النبي يعوله فأنا أعوله. ومن کان النبي صلي الله عليه وآله وسلم ينفق عليه فأنا أنفق عليه، فقالت: يا أبا بکر، أيرثک بناتک ولا يرث رسول الله صلي الله عليه وآله بناته؟ قال: هو ذاک [24] .

أخبرنا أبو زيد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، قال حدثنا البحتري بن حسان قال: قلت لزيد بن علي عليه السلام، وأنا أريد أن اهجن أمر أبي بکر: ان أبا بکر انتزع فدک من فاطمة عليها السلام فقال: إن أبا بکر کان رجلا رحيما، وکان يکره أن يغير شئيا فعله رسول الله صلي الله عليه وآله، فأتته فاطمة فقالت: أن رسول الله صلي الله عليه وآله أعطاني فدک، فقال لها: هل لک علي هذا بينة؟ فجاءت بعلي عليه السلام فشهد لها، ثم جاءت أم ايمن فقالت: ألستما تشهدان اني من أهل الجنة، قالا: بلي: قال أبو زيد: يعني انها قالت لأبي بکر، وعمر، قالت: فأنا أشهد أن رسول الله صلي الله عليه وآله أعطاها فدک، فقال أبو بکر: فرجل آخر وامرأة اخري لتستحقي بها القضية، ثم قال أبو زيد: وأيم الله لو رجع الأمر إلي لقضيت فيها بقضاء أبي


بکر [25] .

وأخبرنا أبو زيد، قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا يحيي بن المتوکل أبو عقيل، عن کثير النوار، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي عليه السلام: جعلني الله فداک، أرأيت أبا بکر وعمر، هل ظلماکم من حقکم شيئا، أو قال: ذهبا من حقکم بشيء، فقال: لا، والذي انزل القرآن علي عبده ليکون للعالمين نذيرا، ما ظلمنا من حقنا مثقال حبة من خردل، قلت: جعلت فداک أفأتولاهما، قال: نعم ويحک، تولهما في الدنيا والآخرة، وما أصابک ففي عنقي، ثم قال: فعل الله بالمغيرة وبنان، فأنهما کذبا علينا أهل البيت.

أخبرنا أبو زيد قال: حدثنا عبد الله بن نافع، والقعنبي، عن مالک عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن أزواج النبي صلي الله عليه وآله أردن لما توفي أن يبعثن عثمان بن عفان الي أبي بکر يسألنه ميراثهن، أو قال ثمنهن، قالت: فقلت لهن، أليس قد قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: لا نورث ما ترکناه صدقة [26] .

وأخبرنا أبو زيد، قال: حدثنا عبد الله بن نافع والقعنبي، وبشر بن عمر، عن مالک، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلي الله عليه وآله قال: لا يقسم ورثتي دينارا ولا درهما، ما ترکت بعد نفقة نسائي ومؤنة عيالي فهو صدقة.

قلت: وهذا حديث غريب، لأن المشهور أنه لم يرو حديث انتفاء الأرث إلا أبو بکر وحده [27] .


حدثنا أبو زيد عن الخرامي، عن ابن وهب، عن يونس عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن الأعرج انه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: والذي نفسي بيده لا يقسم ورثتي شيئا، ما ترکت صدقة [28] قال: وکانت هذه الصدقة بيد علي عليه السلام، غلب عليها العباس، وکانت فيها خصومتها، فأبي عمر أن يقسمها بينها حتي أعرض عنها العباس، وغلب عليها علي عليه السلام، ثم کانت بيد حسن، وحسين أبني علي عليه السلام، ثم کانت بيد علي بن الحسين عليه السلام، والحسن بن الحسن کلاهما يتداولانها، ثم بيد زيد بن علي عليه السلام [29] .

أخبرنا أبو زيد، قال: حدثنا عثمان بن عمر بن فارس، قال: حدثنا يونس، عن الزهري، عن مالک بن أوس بن الحدثان، أن عمر بن الخطاب دعاه يوما بعدما ارتفع النهار، قال: فدخلت عليه وهو جالس علي سرير رمال ليس بينه وبين الرمال فراش، علي وسادة أدم فقال: يا مالک، انه قد قدم من قومک أهل أبيات حضروا المدينة، وقد أمرت لهم برضخ [30] فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين، مر بذلک غيري، قال: اقسم ايها المرء.

قال: فبينما نحن علي ذلک إذ دخل يرفأ. فقال: هل لک في عثمان وسعد، وعبد الرحمن، والزبير، يستاذنون عليک قال: نعم، فأذن لهم، قال: ثم لبث قليلا ثم جاء فقال: هل لک في علي، والعباس، يستأذنان عليکم؟ قال: ائذن لهما، فلما دخلا قال عباس: يا أمير المؤمنين اقضي بيني وبين هذا ـ يعني عليا ـ وهما يختصمان في الصوافي التي أفاء الله علي رسوله من أموال بني النضير، قال:


فاستب علي، والعباس، عند عمر، فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين، أقضي بينهما وارح أحدهما من الآخر، فقال عمر: أنشدکم الله الذي تقوم بإذنه السموات والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: لا نورث ما ترکناه صدقة، يعني نفسه، قالوا: قد قال ذلک، فأقبل علي العباس، وعلي فقال: أنشدکما الله هل تعلمان ذلک؟ قال: نعم، قال عمر: فاني أحدثکم عن هذا الأمر، إن الله تبارک وتعالي خص رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، في هذا الفئ بشيء لم يعطه غيره، قال تعالي: (ما أفاه الله علي رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا رکاب ولکن الله يسلط رسله علي من يشاء والله علي کل شيء قدير) [31] وکانت هذه خاصة لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، فما اختارها دونکم، ولا استأثر بها عليکم، لقد أعطاکموها وثبتها فيکم حتي بقي منها هذا المال، وکان ينفق منه علي أهله سنتهم، ثم يأخذ ما بقي فيجعله فيما يجعل مال الله عز وجل، فعل ذلک في حياته ثم توفي. فقال أبو بکر: أنا ولي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، فقبضه الله وقد عمل فيها بما عمل به رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وانتما حينئذ، وألتفت الي علي، والعباس تزعمان أن أبا بکر فيها ظالم فاجر فاجر، والله يعلم أنه فيها لصادق باد راشد، تابع للحق، ثم توفي الله أبا بکر، فقلت: أنا أولي الناس بأبي بکر وبرسوله الله صلي الله عليه وآله وسلم فقبضتهما سنتين، أو قال سنين من امارتي، أعمل فيها مثل ما عمل به رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وأبو بکر: ثم قال: وانتما، وأقبل علي العباس، وعلي، تزعمان اني فيها ظالم فاجر، والله يعلم اني فيها باد راشد، تابع للحق ثم جئتما في وکلمتکما واحدة وأمرکما جميع فجئتني ـ يعني العباس ـ تسألني نصيبک من ابن أخيک، وجاءني في هذا ـ يعني عليا ـ يسألني نصيب امرأته من أبيها، فقلت لکما: إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، قال: لا نورث مما ترکناه صدقة، فلما بدا لي


أن أدفعها اليکما [32] قلت: أدفعها علي أن عليکما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وأبو بکر، وبما عملت به فيها، والا فلا تکلماني، فقلتما: ادفعها الينا بذلک، فدفعتهما اليکما بذلک، أفتلتمسان مني قضاء غير ذلک، والله الذي تقوم بإذنه السموات والأرض لا أقضي بينکما بقضاء غير هذا حتي تقوم الساعة، فان عجزتما عنها فادفعاها إلي فأنا أکفيکماها [33] .

وحدثنا أبو زيد، قال: حدثنا اسحاق بن ادريس، قال: حدثنا عبد الله بن المبارک، قال، حدثني يونس، عن الزهري، قال: حدثني مالک بن أوس بن الحدثان بنحوه قال: فذکرت ذلک لعروة فقال: صدق مالک بن أوس، أنا سمعت عائشة تقول: أرسل ازواج النبي صلي الله عليه وآله وسلم عثمان بن عفان، الي أبي بکر يسألن لهن ميراثهن من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مما أفاه الله عليه حتي کنت أردهن عن ذلک، فقلت: ألا تتقين الله، ألم تعلمن أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم کان يقول: لا نورث ما ترکناه صدقة، يريد بذلک نفسه، إنما يأکل آل محمد من هذا المال، فانتهي ازواج النبي صلي الله عليه وآله وسلم الي ما أمرتهن به [34] .

وأخبرنا أبو زيد، قال: حدثنا ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن عليه، عن أيوب، عن عکرمة، عن مالک بن أوس بن الحدثان، قال: جاء العباس، وعلي الي


عمر، فقال العباس: اقض بيني وبين هذا الکذا وکذا، أي يشتمه، فقال الناس: أفصل بينهما، فقال: لا أفصل بينهما قد علما أن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: لا نورث، ما ترکناه صدقة [35] .

وأخبرنا أبو زيد قال: حدثني يحيي بن کثير أبو غسان، قال: حدثنا شعبة عن عمر بن مرة، عن أبي البختري، قال: جاء العباس، وعلي إلي عمر وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة، والزبير، وعبد الرحمن، وسعد: أنشدکم الله، أسمعتم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: کل مال نبي فهو صدقة، إلا ما أطعمه أهله، إنا لا نورث، فقالوا: نعم، قال: وکان رسول الله يتصدق به، ويقسم فضله ثم توفي فوليه أبو بکر سنتين يصنع فيه ما کان يصنع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وأنتما تقولان: أنه کان بذلک خاطئا، وکان بذلک ظالما، وما کان بذلک إلا راشدا. ثم وليته بعد أبي بکر فقلت لکما، ان شئتما قبلتماه علي عمل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وعهده الذي عهد فيه، فقلتما: نعم، وجئتما في الآن تختصمان، يقول هذا: أريد نصيبي من ابن أخي، ويقول هذا: اريد نصيبي من امرأتي، والله لا أقضي بينکما إلا بذلک [36] .

وأخبرنا أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثنا محمد بن يحيي، عن ابراهيم بن أبي يحيي، عن الزهري، وعن عروة، عن عائشة أن أزواج النبي صلي الله عليه وآله وسلم أرسلن عثمان إلي أبي بکر، فذکر الحديث، قال عروة: وکانت فاطمة قد سألت ميراثها من أبي بکر. مما ترکه النبي صلي الله عليه وآله. فقال لها: بأبي أنت وأمي. وبأبي أبوک. وأمي ونفسي، ان کنت سمعت من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم شيئا، أو امرک بشيء لم أتبع غير ما تقولين، وأعطيتک ما تبتغين، وإلا فإني أتبع ما أمرت به [37] .


وحدثنا أبو زيد، قال: حدثنا عمرو بن مرزوق، عن شعبة عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، قال: قال لها أبو بکر لما طلبت فدک: بأبي أنت وأمي، أنت عندي الصادقة الأمينة، إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عهد اليک في ذلک عهدا، أو وعدک به وعدا، صدقتک وسلمت اليک، فقالت: لم يعهد إلي في ذلک بشيء، ولکن الله تعالي يقول: (يوصيکم الله في أولادکم) [38] فقال: أشهد لقد سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورث [39] .

وحدثنا أبو زيد، قال: حدثنا محمد بن يحيي، قال: حدثنا عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عبد الله الأنصاري، عن ابن شهاب، عن مالک بن أوس بن الحدثان، قال: سمعت عمر وهو يقول للعباس، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وطلحة، أنشدکم الله هل تعلمون أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: إنا لا نورث، معاشر الأنبياء، ما ترکنا صدقة؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدکم الله هل تعلمون أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يدخل في فيئه أهله السنة من صدقاته، ثم يجعل ما بقي في بيت المال؟ قالوا: اللهم نعم، فلما توفي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قبضها أبو بکر، فجئت يا عباس تطلب


ميراثک من ابن أخيک، وجئت يا علي، تطلب ميراث زوجتک من أبيها، وزعمتما أن أبا بکر کان فيها خائنا فاجرا، والله لقد کان امرءا مطيعا، تابعا للحق، ثم توفي أبو بکر فقبضتها، فجئتماني تطلبان ميراثکما، أما أنت يا عباس فتطلب ميراثک من ابن أخيک، وأما علي فيطلب ميراث زوجته من أبيها، وزعمتما أني فيها خائن فاجر، والله يعلم أني فيها مطيع تابع للحق فأصلحا أمرکما، وإلا لم ترجع اليکما، فقاما وترکا الخصومة وأمضيت صدقة.

قال أبو زيد: قال أبو غسان: فدحثنا عبد الرزاق الصنعاني، عن معمر بن شهاب، عن مالک بنحوه، وقال في آخره: فغلب علي، عباسا عليها، فکانت بيد علي، ثم کانت بيد الحسن، ثم کانت بيد الحسين، ثم علي بن الحسين ثم الحسن بن الحسن، ثم زيد بن الحسن [40] .

أخبرني أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثني هارون بن عمير، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثني صدقة بن أبي معاوية، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بکر، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالک، أن فاطمة عليها السلام أتت أبا بکر، فقالت: لقد علمت الذي ظلمتنا عنه أهل البيت من الصدقات، وما أفاء الله علينا من الغنائم في القرآن من سهم ذوي القربي، ثم قرأت عليه قوله تعالي: (واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربي) الآية، فقال لها أبو بکر: بأبي أنت وأمي ووالد ولدک، وأنا أقرأ من کتاب الله الذي تقرئين منه، ولم يبلغ علمي منه أن هذا السهم من الخمس يسلم اليکم کاملا، قالت: أفلک هو ولأقربائک؟ ثم قال: لا، بل أنفق عليکم منه، وأصرف الباقي في مصالح المسلمين. قالت: ليس هذا حکم الله تعالي، قال: هذا حکم الله، فان کان رسول الله عهد اليک في هذا عهدا أو أوجبه لکم حقا صدقتک وسلمته کله اليک وإلي أهلک، قالت: ان رسول الله صلي الله عليه وآله


لم يعهد إلي في ذلک بشيء، ألا اني سمعته يقول لما انزلت هذه الآية: أبشروا آل محمد فقد جاءکم الغني.

قال أبو بکر: لم يبلغ علمي من هذه الآية أن أسلم اليکم هذا السهم کله کاملا، ولکن لکم الغني الذي يغنيکم، ويفضل عنکم، وهذا عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، فأسأليهم عن ذلک، وانظري هل يوافقک علي ما طلبت أحد منهم، فانصرفت الي عمر، فقالت له مثل ما قالت لأبي بکر، فقا لها مثل ما قاله لها أبو بکر، فعجبت فاطمة عليها السلام من ذلک، وتظنت انهما کانا قد تذاکرا ذلک واجتمعا عليه [41] .

أخبرنا أبو زيد قال: حدثنا هارون بن عمير قال: حدثنا الوليد، عن ابن أبي لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، قال: أرادت فاطمة أبا بکر علي فدک، وسهم ذوي القربي، فأبي عليها، وجعلها في مال الله تعالي [42] .

وأخبرنا أبو زيد، قال: حدثنا أحمد بن معاوية، عن هيثم، عن جويبر، عن أبي الضحاک، عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلام، أن أبا بکر منع فاطمة وبني هاشم سهم ذوي القربي، وجعله في سبيل الله في السلاح والکراع [43] .

أخبرنا أبو زيد، قال: حدثنا مروان بن هلال، عن محمد بن يزيد بن ذريع، عن محمد بن اسحاق، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام، قلت: أرأيت عليا حين ولي العراق وما ولي من أمر الناس کيف صنع في سهم ذوي القربي، قال: سلک بهم طريق أبي بکر، وعمر، قلت: وکيف، ولم، وأنتم تقولون ما تقولون قال: أما والله ما کان أهله يصدون إلا عن رأيه، فقلت: فما منعه؟ قال: کان يکره أن يدعي عليه مخالفة أبي بکر، وعمر [44] .


وحدثني المؤمل بن جعفر، قال: حدثني محمد بن ميمون، عن داود بن المبارک، قال: أتينا عبد الله بن موسي بن عبد الله بن حسن بن الحسين، ونحن راجعون من الحج في جماعة، فسألناه عن مسائل. وکنت أحد من سأله، فسألته عن أبي بکر، وعمر فقال: سأل جدي عبد الله بن الحسن بن الحسن عن هذه المسألة، فقال: کانت أمي صديقة بنت نبي مرسل، فماتت وهي غضبي علي انسان، فنحن غضاب لغضبها، وإذا رضيت رضينا [45] .

وحدثني أبو جعفر محمد بن القاسم، قال: حدثني علي بن الصباح، قال: أنشدنا أبو الحسن رواية المفضل للکميت:


أهوي عليا أمير المؤمنيــن ولا

أرضي بشتم أبي بکر ولا عمرا


ولا أقول وان لم يعطيــا فدکـا

بنت النبي ولا ميراثهـا کفـرا


الله يعلم ماذا يحضـــران بـه

يوم القيامـة من عذر إذا اعتذرا


قال ابن الصباح: فقال لي أبو الحسن: أتقول انه قد کفرهما في هذا الشعر، قلت: نعم، قال: کذاک هو [46] .

حدثنا أبو زيد: عن هارون بن عمير، عن الوليد بن مسلم، عن اسماعيل بن عباس، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن مولي ابن هاني، قال: دخلت فاطمة علي ابي بکر بعدما استخلف، فسألته عن ميراثها من


أبيها، فمنعها، فقالت له: لئن مت اليوم من کان يرثک؟ قال: ولدي واهلي، قالت: فلم ورثت أنت رسول الله صلي الله عليه وآله، دون ولده وأهله؟ قال: فما فعلت يا بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، قالت: بلي، انک عهدت الي فدک، وکانت صافية لرسول الله صلي الله عليه وآله، فأخذتها وعهدت الي ما أنزل الله من السماء فرفعته عنا، فقال: يا بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، لم أفعل حدثني رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، أن الله تعالي يطعم النبي صلي الله عليه وآله وسلم الطعمة ما کان حيا، فإذا قبضه الله إليه رفعت، فقالت: أنت ورسوله أعلم، ما أنا بسائلتک بعد مجلسي، ثم انصرفت [47] .

وحدثنا محمد بن زکريا، قال: حدثنا محمد عبد الرحمن المهلبي، عن عبد الله بن حماد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الله بن حسن بن حسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين عليها السلام، قالت: لما اشتد بفاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله الوجع وثقلت في علتها، اجتمع عندها نساء من نساء المهاجرين والأنصار، فقلن لها: کيف أصبحت يا ابنة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قالت: والله أصبحت عائفة [48] لدنياکم، قالية لرجالکم، لفظتهم بعد أن عجمتهم [49] وشنئتهم [50] بعد أن سبرتهم [51] فقبحا لفلول الحد وخور القناة، وخطل الرأي، وبئسما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون لا جرم قد قلدتهم ربقتها، وشنت عليهم غارتها، فجدعا وعقرا، وسحقا للقوم الظالمين، ويحهم أين زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الروح الأمين، والطيبين بأمر الدنيا والدين، ألا ذلک هو الخسران المبين،


وما الذي نقموا من أبي الحسن، نقموا والله نکير سيفه، وشدة وطأته، ونکال وقعته، وتنمره في ذات الله، وتالله لو تکافؤا عن زمام نبذه إليه رسول الله صلي الله عليه وآله لا عتلقه، ولسار إليهم سيرا سمجا، لا تکلم حشاشته، ولا يتعتع راکبه، ولأوردهم منهلا نميرا فضفاضا يطفح ضفتاه، ولأصدرهم بطانا قد تحير بهم الرأي، غير متحل بطائل، الا بغمر الناهل، وروعة سورة الساغب، ولفتحت عليهم برکات من السماء والأرض، وسيأخذهم الله بما کانوا يکسبون، ألا هلم فاستمع وما عشت أراک الدهر عجبه، وان تعجب فقد أعجبک الحادث، الي أي لجأ استندوا، وبأي عروة تمسکوا، لبئس المولي ولبئس العشير، ولبئس للظالمين بدلا، استبدوا والله الذنايي بالقوادم، والعجز بالکاهل، فرغما لمعاطس قوم يحبسون أنهم يحسنون صنعا، (ألا انهم هم المفسدون ولکن لا يشعرون) [52] ويحهم (أفمن يهدي الي الحق أحق ان يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدي فما لکم کيف تحکمون) [53] .

أما لعمري الله لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلموها طلاع العقب دما عبيکا وذعاقا ممقرا هنالک يخسر المبطلون، ويعرف التالون غب ما أسس الأولون، ثم طيبوا عن أنفسکم نفسا، واطمئنوا للفتنة جأشا، وابشروا بسيف صارم، وخرج شامل، واستبداد من الظالمين يدع فيکم زهيدا، وجمعکم حصيدا، فيا حسرة عليکم، وأني لکم وقد عميت عليکم أنلزمکموها وأنتم لها کارهون، والحمد لله رب العالمين، وصلاته علي محمد خاتم النبيين، وسيد المرسلين [54] .

حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني عبد العزيز بن محمد بن حکيم، عن خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد عن أبيه. قال: لم يکن يجلس مع عثمان علي


سريره إلا العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن حرب، والحکم بن أبي العاص، والوليد بن عقبة، ولم يکن سريره يسع الا عثمان وواحدا منهم، فأقبل الوليد يوما فجلس، فجاء الحکم بن العاص فأومأ عثمان الي الوليد، فرحل له عن مجلسه، فلما قام الحکم قال الوليد: والله يا أمير المؤمنين لقد تلجلج في صدري بيتان قلتهما حين رأيتک آثرت ابن عمک علي ابن امک، وکان الحکم عم عثمان، والوليد أخاه لامه، فقال عثمان: ان الحکم شيخ قريش، فما البيتان، فقال:


رأيت لعم المرء زلفي قرابـة

دوين أخيه حادثا لم يکن قدما


فاملت عمرا أن يشب وخالدا

لکي يدعوانـي يوم نائبة عما


يعني عمرا وخالدا ابني عثمان، قال: فرق له عثمان، وقال: لقد وليتک الکوفة فأخرجه إليها [55] .

حدثني عمر بن شبة، قال: حدثني بعض أصحابنا عن ابن دأب، قال: لما ولي عثمان، الوليد بن عقبة الکوفة قدمها وعليها سعد بن أبي وقاص، فأخبر بقدومه ولم يعلم أنه قد أمر، فقال: وما صنع قالوا: وقف في السوق فهو يحدث الناس هناک، ولسنا ننکر شيئا من أمره، فلم يلبث أن جاءه نصف النهار فاستأذن علي سعد، فأذن له فسلم عليه بالأمرة، وجلس معه فقال له سع: ما أقدمک يا أبا وهب، قال: أءببت زيارتک، قال: وعلي ذلک اجئت بريدا، قال: أنا ارزن من ذلک، ولکن القوم احتاجوا الي عملهم فسرحوني إليه، وقد استعملني امير المؤمنين علي الکوفة، فسکت سعد طويلا ثم قال: لا والله ما أدري اصلحت بعدنا أم فسدنا بعدک، ثم قال:


کليني وجريني ضباع وأبشري

بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره




فقال الوليد: أما والله لأنا أقول للشعر منک، وأروي له، ولو شئت لأجبتک، ولکني ادع ذلک لما تعلم، نعم والله لقد أمرت بمحاسبتک، والنظر الي أمر عمالک، ثم بعث الي عمال سعد فحبسهم وضيق عليهم، فکتبوا الي سعد يستغيثون به، فکلمه فيهم، فقال له: أو للمعروف عندک موضع قال: نعم فخلي سبيلهم [56] .

وحدثني عمر بن شبة، عن أبي بکر الباهلي، عن هشيم، عن العوام بن حوشب، قال: لما قدم الوليد علي سعد قال له سعد: والله ما أدري کست بعدنا أم جمعتنا بعدک، وقال: لا تجزعن يا أبا اسحاق، فانه الملک يتغداه قوم، ويتعشاه آخرون، فقال سعد: أراکم والله ستجعلونه ملکا [57] .

وحدثني عمر بن شبة، قال: حدثني هارون بن معروف، عن ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب [58] قال: صلي الوليد بأهل الکوفة الغداة أربع رکعات، ثم التفت إليهم فقال: أزيدکم، فقال عبد الله بن مسعود: ما زلنا معک في زيادة منذ اليوم [59] .

حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا جرير، عن الأجلح، عن الشعبي قال: قال الحطيئة [60] يذکر الوليد:


شهد الحطيئة يوم يلقي ربه

أن الوليــد أحق بالغــدر


نادي وقــد تمت صلاتهم

أأزيدکـم سکرا ولم يــدر





فأبوا أبا وهب ولـو أذنـوا

لقرنت بين الشفــع والوتر


کفوا عنانک إذ جريت ولـو

ترکوا عنانک لم تزل تجري


وقال الخطيئة ايضا:


تلکم في الصلاة وزاد فيهـا

علانية وأعلـن بالنفــاق


ومجّ الخمر في سنن المصلي

ونادي والجميـع الي افتراق


أزيدکـم علي أن تحمدونـي

فما لکم ومالي من خلاق [61] .


حدثنا عمر بن شبة، عن المدائني، عن مبارک بن سلام، عن فطر بن خليفة، عن أبي الضحي، قال: کان ناس من أهل الکوفة يتطلبون عثرة الوليد بن عقبة، منهم أبو زينب الأزدي، وأبو مورع، فجاءا يوما ولم يحضر الوليد الصلاة، فسألا عنه، فتلطفا حتي علما أنه يشرب، فاقتحما الدار فوجداه يقئ، فاحتملاه وهو سکران حتي وضعاه علي سريره، وأخذا خاتمه من يده، فأفاق فافتقد خاتمه، فسأل عنه أهله، فقالوا: لا ندري، وقد رأينا رجلين دخلا عليک فاحتملاک فوضعاک علي سريرک، فقال: صفوهما لي، فقالوا: أحدهما آدم [62] طوال حسن الوجه، والآخر عريض مربوع، عليه خميصة [63] فقال: هذا أبو زينب، وهذا أبو مورع.

قال: ولقي أبو زينب وصاحبه عبد الله بن حبيش الأسدي، وعلقمة بن يزيد البکري وغيرهما فأخبروهم فقالوا: اشخصوا الي أمير المؤمنين فاعلموه، وقال بعضهم: انه لا يقبل قولکم في أخيه، فشخصوا إليه، فقالوا: إنا جئناک في أمر، ونحن مرجوه اليک من أعناقنا، وقد قيل: انک لا تقبله قال: وما هو،


قالوا: رأينا الوليد وهو سکران من خمر شربها، وهذا خاتمه أخذناه من يده وهو لا يعقل: فأرسل عثمان الي علي عليه السلام فأخبره، فقال: أري ان تشخصه، فإذا شهدوا عليه بمحضر منه حددته، فکتب عثمان الي الوليد، فقدم عليه، فشهد عليه أبو زينب، وأبو مورع، وجندب الأزدي، وسعد بن مالک الأشعري، فقال عثمان، لعلي عليه السلام: قم يا أبا الحسن فأجلده، فقال علي عليه السلام للحسن ابنه، قم فاضربه، فقال الحسن: مالک ولهذا، يکفيک غيرک، فقال علي لعبد الله بن جعفر: قم فاضربه، فضربه بمخصرة [64] فيما سير له رأسان، فلما بلغ أربعين قال: حسبک [65] .

حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني المدائني، عن الوقاصي، عن الزهري، قال: خرج رهط من أهل الکوفة الي عثمان في أمر الوليد، فقال: أکلما غضب رجل علي أميره رماه بالباطل، لئن اصبحت لکم لأنکلن بکم، فاستجاروا بعائشة، وأصبح عثمان فسمع من حجرتها صوتا وکلاما فيه بعض الغلظة فقال: أما يجد فساق العراق ومراقها ملجأ إلا بيت عائشة، فسمعت فرفعت نعل رسول الله صلي الله عليه وآله، وقالت: ترکت سنة صاحب هذا النعل. وتسامع الناس فجاءوا حتي ملئوا المسجد، فمن قائل: قد أحسنت، ومن قائل: ما للنساء ولهذا، حتي تخاصموا، وتضاربوا بالنعال، ودخل رهط من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علي عثمان فقالوا له: اتق الله ولا تعطل الحدود، واعزل أخاک عنهم ففعل [66] .

حدثني عمر بن شبة، عن المدائني، عن أبي محمد الناجي، عن مطر الوراق، قال: قدم رجل من أهل الکوفة الي المدينة فقال لعثمان: اني صليت صلاة الغداة خلف الوليد، فالتفت في الصلاة الي الناس، فقال: أأزيدکم،


فاني أجد اليوم نشاطا، وشممنا منه رائحة الخمر، فضرب عثمان الرجل، فقال الناس: عطلت الحود وضربت الشهود [67] .

حدثنا أبو زيد عمر بن شبة، حدثنا أبو بکر الباهلي، عن بعض من حدثه قال: لما شهد علي الوليد عن عثمان يشرب الخمر کتب إليه يأمره بالشخوص، فخرج وخرج معه قوم يعذرونه، منهم عدي بن حاتم الطائي، فنزل الوليد يوما يسوق بهم، فارتجز وقال:


لا تحسبنا قد نسينا الأحقاف

والنشوات من معتق صاف


وعزف قنيات علينا غراف

فقال عدي: فأين تذهب بنا اذن، فأقم [68] .


وروي أبو زيد عمر بن شبة، عن رجاله، عن الشعبي، عن جندب الأزدي، قال: کنت فيمن شهد علي الوليد عند عثمان، فلما استتممنا عليه الشهادة حبسه عثمان، ثم ذکر باقي الخبر وضرب علي عليه السلام إياه، وقول الحسن ابنه: مالک ولهذا، وزاد فيه، وقال علي عليه السلام: لست أزن مسلما وقال: من المسلمين [69] .

أخبرني أبو زيد عمر بن شبه، عن رجاله: أن الشهادة لما تمت قال عثمان، لعلي عليه السلام: دونک ابن عمک فأقم عليه الحد، فأمر علي عليه السلام ابنه الحسن عليه السلام، فلم يفعل، فقال: يکفيک غيرک، فقال علي عليه السلام: بل ضعفت ووهنت وعجزت، قم يا عبد الله بن جعفر فاجلده، فقام فجلده، وعلي عليه السلام يعد حتي بلغ أربعين، فقال له علي عليه السلام: امسک حسبک، جلد رسول الله صلي الله عليه وآله أربعين، وجلد أبو بکر


أربعين، وکملها عمر ثمانين، وکل سنة [70] .

وحدثني عمر بن شبة، عن عبد الله بن محمد بن حکيم، عن خالد بن سعيد، قال: وأخبرني بذلک أيضا ابراهيم بن محمد بن أيوب، عن عبد الله بن مسلم، قالوا جميعا: لما ضرب عثمان الوليد الحد، قال: انک لتضربني اليوم بشهادة قوم ليقتلنک عاما قابلا [71] .

حدثني عمر بن شبة، عن عبد الله بن محمد بن حکيم، عن خالد بن سعيد، وأخبرني أيضا ابراهيم بن محمد بن أيوب، عن عبد الله، قالوا جميعا: کان أبو زيبد الطائي نديما للوليد بن عقبة أيام ولايته الکوفة، فلما شهدوا عليه بالسکر من الخمر خرج عن الکوفة معزولا، فقال أبو زبيد يتذکر أيامه وندامته:


من يري العير لابن أروي علي ظهـ

ـر المروي حدّاتهــن عجال [72] .


ناعـجات والبـيت بيت أبي وهــ

ـب خلاء تحـن فيــه الشمـال


يعرف الجاهل المـضلـل أن الــد

هـر فيــه النکراء والزلــزال


ليـت شعري کذاکم العهـد أم کــا

نوا أناســا کمن يزول فزالــوا


بـعـدما تـعـلميـن يا أم عمـرو

کــان فــيه عــزلنا وجـمال


ووجــوه تـودنا مـشــرقـات

ونــوال إذا أريــد النـــوال


أصبح البـيـت قد تـبـدل بالحي

وجوها کـأنـهــا الأقـيـال [73] .


کل شيء يحـتال فـيـه الرجـال

غير ان ليـس للمـــنايـا احتيال


ولعـمـر الألـه لـو کان لـلسيـ

ـف مـعـناه ولـلسـان مقــال


ما تـناسيـتـک الصفاء ولا الـود

ولا حــال دونــک الأشغــال


ولحرمـت لحـمـک المـتعضـي

ضله ضــل حلمهـم ما اغتالوا [74] .





قولهم شربک الحـرام وقد کـا

ن شراب سوي الحـرام حلال


وأبي ظاهر العـداوة والشنـآ

ن إلا مـقــال مـا لا يقـال


من رجال تقا رضوا منکرات

لينالـوا الذي أرادوا فنالــوا


غير ما طالبيــن ذحلا ولکن

مال دهر علي أنــاس فمالوا


من يخنک الصفاء أو يتبـدل

أو يزل مثل ما يزول الظلال


فاعلمن انني أخــوک الـو

دّ حياتـي حتي تزول الجبال


ليس بخلي عليک يوما بمـال

أبــدا ما أقـل نعلا قبال [75] .


ولک النصر باللسان وبالکف

إذا کان لليديــن مصال [76] .


حدثني عمر بن شبة، قال: لما قدم الوليد بن عقبة الکوفة، قدم عليه أبو زبيد [77] فأنزله دار عقيل بن أبي طالب علي باب المسجد، وهي التي تعرف بدار القبطي، فکان ما احتج به عليه أهل الکوفة ان أبا زبيد کان يخرج الهي من داره وهو نصراني يخترق المسجد فيجعله طريقا [78] .

حدثنا عمر بن شبة، عن رجاله عن الوليد، قال: لما فتح رسول الله صلي الله عليه وآله مکة جعل أهل مکة يأتونه بصبيانهم، فيدعوا لهم بالبرکة، ويمسح يده علي رؤوسهم، فجئ بي إليه وانا مخلق، فلم يمسني وما منعه إلا أن أمي خلقتني بخلوق، فلم يمسني من أجل الخلوق [79] .

وحدثني عمر بن شبه، عن محمد بن حاتم، عن يونس بن عمر، عن شيبان، عن يونس، عن قتادة، في قوله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءکم فاسق


بنبأ فتبينوا) [80] قال: هو الوليد بن عقبة بعثه النبي صلي الله عليه وآله مصدقا الي بني المصطلق، فلا رأوه أقبلوا نحوه فهابهم، فرجع الي النبي صلي الله عليه وآله فقال له: أنهم ارتدوا عن الاسلام، فبعث النبي صلي الله عليه وآله وسلم خالد بن الوليد، فعلم علمهم وأمره أن يثبت، وقال له: إنطلق ولا تعجل، فانطلق حتي أتاهم ليلا، وأنفذ عيونه نحوهم، فلما جاؤه أخبروه انهم متمسکون بالاسلام، وسمعوا آذانهم، وصلاتهم، فلما أصبح أتاهم فرأي ما يعجبه، فرجع الي الرسول صلي الله عليه وآله وسلم فأخبره، فنزلت هذه الآية [81] .

أخبرني عمر بن شبة، عن عبد الله بن موسي، عن نعيم بن حکيم، عن أبي مريم، عن علي عليه السلام، أن امرأة الوليد بن عقبة جاءت الي النبي صلي الله عليه وآله، تشتکي إليه الوليد، وقالت: انه يضربها، فقال لها: ارجعي الهي وقولي له: ان رسول الله قد أجارني، فانطلقت، فمکثت ساعة، ثم رجعت فقال: انه ما أقلع عني، فقطع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم هدبة من ثوبه وقال: اذهبي بها إليه وقولي له: أن رسول الله قد أجارني، فانطلقت فمکثت ساعة ثم رجعت فقالت: ما زادني إلا ضربا، فرفع رسول الله صلي الله عليه وآله يده ثم قال: اللهم عليک بالوليد مرتين أو ثلاثا [82] .

وروي عمر بن شبة، عن رجاله، أن جنديا لما قتل الساحر حبسه الوليد، فقال له دينار بن دينار: فيم حبست هذا، وقد قتل من أعلن بالسحر في دين محمد صلي الله عليه وآله وسلم، ثم مضي إليه فأخرجه من الحبس، فأرسل الوليد الي دينار بن دينار فقتله [83] .


روي حجاج بن نصير [84] ، عن قوة [85] ، عن محمد بن سيرين قال: انطلق بجندب بن کعب الأزدي قاتل الساحر بالکوفة الي السجن، وعلي السجن رجل نصراني من قبل الوليد، وکان يري جندب بن کعب يقوم بالليل ويصبح صائما، فوکل بالسجن رجلا، ثم خرج فسأل الناس عن أفضل أهل الکوفة، فقالوا: الأشعث بن قيس، فاستضافه، فجعل يراه ينام الليل ثم يصبح فيدعو بغدائه، فخرج من عنده وسأل: أي أهل الکوفة أفضل؟ فقالوا: جرير بن عبد الله، فذهب إليه فوجده ينام الليل ثم يصبح فيدعو بغدائه، فاستقبل القبلة وقال: ربي رب جندب، وديني دين جندب، ثم أسلم [86] .

وحدثنا عمر بن شبة، عن المدائني، قال: قدم الوليد بن عقبة الکوفة في أيام معاوية زائرا للمغيرة بن شعبة، فأتاه أشراف الکوفة فسلموا عليه، وقالوا: والله ما رأينا بعدک مثلک. فقال: أخيرا أم شرا، فقالوا: بل خيرا. قال: ولکني ما رأيت بعدکم شرا منکم، فأعادوا الثناء عليه، فقال: بعض ما تأتون به، فوالله ان بغضکم لتلف، وأن حبکم لصلف [87] .

وروي عمر بن شبة، أن قبيصة بن جابر کان ممن کثر علي الوليد، فقال معاوية يوما والوليد وقبيصة عنده: يا قبيصة ما کان شأنک وشأن الوليد؟ قال: خير يا أمير المؤمنين، انه في اول الأمر وصل الرحم، وأحسن الکلام، فلا تسأل عن شکر وحسن ثناء، ثم غضب علي الناس وغضبوا عليه، وکنا معهم، فإما ظالمون فنستغفر الله، وإما مظلومون فيغفر الله له، فخذ في غير هذا يا أمير المؤمنين، فإن الحديث ينسي القديم، قال معاوية: ما أعلمه ألا قد أحسن السيرة، وبسط


الخير، وقبض الشر، قال: فأنت يا أمير المؤمنين اليوم أقدر علي ذلک فافعله، فقال: اسکت لاسکت، فسکت وسکت القوم، فقال معاوية بعد يسير: مالک لا تتکلم يا قبيصة؟ قال: نهيتني عما کنت أحب، نسکت عما لا أحب [88] .

حدثني محمد بن زکريا الغلابي، عن عبد الله بن الضحاک، عن هشام بن محمد، عن أبيه قال: وفد الوليد بن عقبة، وکان جوادا، الي معاوية فقيل له: هذا الوليد بن عقبة بالباب، فقال: والله ليرجعن مغيظا غير معطي، فانه الآن قد أتانا يقول: علي دين وعلي کذا، ائذن له، فأذن له، فسأله وتحدث معه، ثم قال له معاوية: أما والله ان کما لنحب اتيان مالک بالوادي، ولقد کان يعجب أمير المؤمنين، فإن رأيت أن تهبه ليزيد فافعل، قالک هو ليزيد، ثم خرج وجعل يختلف الي معاوية، فقا له يوما انظر يا أمير المؤمنين في شأني، فان علي مؤونة، وقد ارهقني دين، فقال له: ألا تستحي لنفسک وحسبک، تأخذ ما تأخذه فتبذره، ثم لا تنفک تشکو دينا، فقال الوليد: افعل ثم انطلق من مکانه فسار الي الجزيرة وقال: يخاطب معاوية:


فــإذا سألت تقـول: لا

واذا سألت تقــول: هات


تأبي فعــال الخيــر لا

تروي وأنت علي الفــرات


أفلا تميــل الـي نعــم

أو ترک ـ لا ـ حتي الممات


وبلغ معاوية شخوصه الي الجزيرة فخافه، وکتب إليه أقبل، فکتب:


أعف واستعفي کما قد أمرتنـي

فاعط سواي ما بدا لک وابخـل


سأحدو رکابي عنک ان عزيمتي

إذا نابنــي أمر کملـه منصل


واني امرؤ للنأي مني تطـرب

وليس شبـا قفل علــي بمقفل




ثم رحل الي الحجاز، فبعث إليه معاوية بجائزة [89] .

حدثني عمر بن شبة، عن هارون بن عمر، عن أيوب بن سويد، عن يحيي بن زياد، عن عمر بن عبد الله الليثي، قال: قال عمر بن الخطاب ليلة في مسيره الي الجابية: اين عبد الله بن عباس، فأتي به، فشکا إليه تخلف علي بن أبي طالب عليه السلام عنه، قال ابن عباس: فقلت له: أولم يعتذر اليک؟ قال: بلي، قلت: فهو ما اعتذر به، قال: ثم انشأ يحدثني فقال: ان اول من راثکم عن هذا الأمر أبو بکر، ان قومکم کرهوا أن يجمعوا لکم الخلافة والنبوة، فتبجحوا علي قومکم بجحا بجحا، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووقفت، فقلت: يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الکلام وتمط عني الغضب تکلمت، فقال: تکلم يا ابن عباس، فقلت: أما قولک يا أمير المؤمنين اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووقفت، فلو أن قريشا اختارت لأنفسها حيث اختار الله عز وجل لها لکان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود، وأما قولک انهم کرهوا ان تکون لنا النبوة والخلافة فان الله عز وجل وصف قوما بالکراهية فقال: ذلک بانهم کرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم فقال عمر: هيهات والله يا ابن عباس، فقد کانت تبلغني عنک اشياء کت اکره ان أفرک عنها فتزيل منزلتک مني، فقلت: وما هي يا أمير المؤمنين، فان کانت حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منک، وان کانت باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه.

فقال عمر: بلغني انک تقول، انما صرفوها حسدا وظلما، فقلت: اما قولک يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل والحليم، وأما قولک حسدا فإن ابليس حسد آدم، فنحن ولده المسحودون، فقال عمر: هيهات أبت والله قلوبکم يا بني هاشم إلا حسدا ما يحول، وضغنا وغشا ما يزول، فقلت: مهلا يا أمير المؤمنين لا تصب قلوب قوم اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بالحسد والغش فان قلب


رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من قلوب بني هاشم، فقال عمر: اليک عني يا ابن عباس، فقلت: أفعل، فلما ذهبت لأقوم استحياء مني، فقال يا ابن عباس، مکانک فوالله اني لراع لحقک محب لما سرک، فقلت يا أمير المؤمنين، ان لي عليک حقا وعلي کل مسلم فمن حفظه فحظه أصاب، ومن أضاعه فحظه أخطأ ثم قام فمضي [90] .

حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا عبد الله بن عمرو القيسي، قال: حدثنا خارجة بن عبد الله بن أبي سفيان، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: خرجت مع عمر في أول غزوة غزاها، فقال لي ليلة: يا ابن عباس، أنشدني لشاعر الشعراء، قلت من هو؟ قال: ابن أبي سلمي، قلت: ولم صار کذلک، قال: لأنه لا يتبع حواشي الکلام، ولا يعاظل في منطقه، ولا يقول إلا ما يعرف، ولا يمدح الرجل إلا بما فيه، أليس هو الذي يقول:


إذا ابتدرت قيس بن عيلان غاية

إلي المجد من يسبـق إليها يسود


سبقت إليها کل طلق مبــرّز

سبو الي الغايــات غير مزنّد


قال: أي لا يحتاج الي أن بجلد الفرس بالسوط.


کفعل جواد يسبق الخيل عفــوه

السراع وإن يجهد ويجهدن يبعــد


فلو کان حمدا يخلد الناس لم تمت

ولکن حمد النــاس ليس بمخلـد


أنشدني له، فانشدته حتي برق الفجر، فقال: حسبک الآن، اقرأ القرآن، قلت: ما أقرأ؟ قال: الواقعة، فقرأتها ونزل فأذن وصلي [91] .

حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني أبو نعيم، قال شريک، عن مجالد عن


الشعبي، عن ربعي بن حراش، قال: قال لنا عمر: يا معشر غطفان، من الذي يقول:


أتيتک عاريا خلقا ثيابــي

علي خوف تظن بي الظنون


قلنا: النابغة، قال: ذاک أشعر شعرائکم [92] .

حدثني عمر بن شبة، قال: حدثنا عبيد بن جناد، قال: حدثنا معن بن عبد الرحمن، عن عيسي بن عبد الرحمن السلمي، عن جده، عن الشعبي، قال: قال عمر يوما: من أشعر الشعراء؟ فقيل له: أنت أعلم يا أمير المؤمنين، قال: من الذي يقول:


إلا سليمان إذ قال المليــک له

قم في البرية فاحددها عن الفند [93] .


وخيس الجن اني قد أذنت لهـم

يبنون تدمر بالصفاح والعمـد [94] .


قالوا: النابغة، قال: فمن ذا الذي يقول:


أتيتک عاريــا خلقا ثيابي

علي خوف تظن بي الظنون


قالوا: النابغة، قال: فمن ذا الذي يقول:


حلفت فلم أترک لنفسک ريبـة

وليس وراء الله للمـرء مذهب


لئن کنت قد بلغت عني خيانة

لمبلغک الواشـي أغش وأکذب


قالوا: النابغة، قال: فهو أشعر العرب [95] .

حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني علي بن محمد المدائني، قال: قام رجل


الي ابن عباس، فقال له: أي الناس أشعر قال: اخبره يا أبا الأسود، فقال أبو الأسود الذي يقول:


فانک کالليل الذي هو مدرکــي

وان خلت أن المنتأي عنک واسع


يعني النابغة [96] .

أخبرني عمر بن شبة، عن أبي بکر العليمي، عن الأصمعي قال: کان يضرب للنابغة قبة أدم بسوق عکاظ فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها، فانشده مرة الأعشي، ثم حسان بن ثابت، ثم قوم من الشعراء، ثم جاءت الخنساء فأنشدته:


وإن صخرا لتأتم الهداة به

کأنه علــم في رأسه نار


فقال: لولا أن أبا بصير ـ يعني الأعشي ـ أنشدني آنفا لقلت: انک أشعر الأنس والجن، فقام حسان بن ثابت، فقال: أنا والله أشعر منها ومنک ومن أبيک، فقال له النابغة: يا ابن أخي، أنت لا تحسن أن تقول:


فانک کالليـل الذي هو مدرکـي

وان خلـت أن المنتـأي عنک واسع


خطاطيف حجن في جلال متينة

تمـد بهــا أيد اليــک نوازع [97] .


قال: فخنس حسان لقوله [98] .

أخبرني عمر، عن الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء، قال: حدثني رجل سماه أبو عمرو، وأنسيته، قال: بينما نحن نسير بين انقاء [99] من الأرض، فتذاکرنا الشعر، فإذا راکب اطيلس بقول: أشعر الناس زياد بن معاوية ثم تملس


فلم نره [100] .

أخبرني عمر بن شبة، عن الأصمعي قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: ما ينبغي لزهير ألا ان يکون أجيرا للنابغة [101] .

أخبرنا عمر بن شبة، قال: قال عمرو بن المنتشر المرادي: وفدنا علي عبد الملک بن مروان، فدخلنا عليه، فقام رجل فاعتذر من أمر وحلف عليه، فقال له عبد الملک: ما کنت حريا أن تفعل ولا تعتذر، ثم أقبل علي أهل الشام فقال: أيکم يروي اعتذار النابغة الي النعمان في قوله:


حلفت فلم اترک لنفسک ريبة

وليس وراء الله للمرء مذهب


فلم يجد فيهم من يرويه، فأقبل علي وقال: أترويه؟ قلت: نعم فانشدته القصيدة کلها، فقال: هذا أشعر العرب [102] .

وأخبرني عمر، عن معاوية بن بکر الباهلي قال: قلت لحماد الرواية: لم قدمت النابغة؟ قال: لاکتفائک بالبيت الواحد من شعره، لا بل بنصف البيت، لا بل بربع البيت، مثل قوله:


حلفت فلم أترک لنفسک ريبة

وليس وراء الله للمرء مذهب


ولست بمستبق أخا لا تلمه

علي شعث أي الرجال المهذب


ربع البيت يغنيک عن غيره، فلو تمثلت به لم يحتج الي غيره [103] .

أخبرني عمر بن شبة، عن هارون بنعبد الله الزبيري قال: حدثني شيخ يکني أبا داود، عن الشعبي، قال: دخلت علي عبد الملک وعنده الأخطل وأنا لا


أعرفه، وذلک أول يوم وفدت في من العراق علي عبد الملک، فقلت حين دخلت: عامر بن شراحيل الشعبي يا أمير المؤمنين، فقال: علي علم ما اذنا لک، فقلت: هذه واحدة علي وافد أهل العراق، ـ يعني أنه أخطأ ـ قال: ثم أن عبد الملک سأل الأخطل: من أشعر الناس؟ فقال: أنا، فجعلت وقلت لعبد الملک، من هذا يا أمير المؤمنين؟ فتبسم، وقال: الأخطل، فقلت في نفسي: اثنتان علي وافد أهل العراق، فقلت له: أشعر منک الذي يقول:


هذا غلام حسـن وجهــه

مستقبل الخير سريع التمـام


للحارث الأکبر والحارث الأ

صغـر فالأعرج خير الأنام


ثم لعمـرو ولعمــرو وقد

أسرع في الخيرات منه أمام


قال: هي امامة ام عمرو الأصغر بن المنذر بن امرئ القيس بن النعمان بن الشقيقة:


خمســة آبــاء هم مـا هم

أفضل من يشرب صوب الغمام


والشعر للنابغة، فالتفت الي الأخطل فقال: ان أمير المؤمنين انما سألني عن أشعر أهل زمانه، ولو سألني عن أشعر أهل الجاهلية کنت حريا أن أقول کما قلت: أو شبيها به، فقلت في نفسي: ثلاث علي وافد أهل العراق [104] .



پاورقي

[1] ابن أبي الحديد 6: 21. الأموال: 9 عن يحيي بن سعيد. فدک: 3. فتوح البلدان: 36.

[2] ابن أبي الحديد 6: 21. معجم البلدان 4: 238. فدک: 31 فتوح البلدان: 36.

[3] سورة التوبة: 128، 129.

[4] سورة المائدة: 50.

[5] سورة هود: 39.

[6] هند بنت أثاثة بن عبد المطلب. شاعرة من شواعر العرب أسلمت وبايعت النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) لها شعر في المعاجم. أعلام النساء 5: 216. الطبقات الکبري 2: 331. الدر المنثور: 536. سيرة ابن هشام 3: 43، 97. نهاية الأرب 17: 101. معجم ما استعجم: 836. الاعلام 9: 102.

[7] سورة آل عمران: 144.

[8] سورة التوبة: 12.

[9] سورة ابراهيم: 8.

[10] سورة الهمزة: 7.

[11] ابن أبي الحديد 16: 211. وقد اختصر الخطبة وتأتي بمجموعها في الملحقات کما جاءت في کتاب السقيفة وفدک ـ لأبي بکر الجوهري.

[12] ابن أبي الحديد 13: 213.

لقد أجاب المحققون والمحدثون علي کلام أبي بکر، وأن قوله هذا مفتعل علي النبي الأعظم(ص) ومختلق علي لسانه(ص) لأن جميع مفاهيم الاسلام والسنة المحمدية ظهرت واضحة علي عهد النبي(ص) فکيف لم يظهر هذا القول إلا بعد وفاته والناقل له هو وحده... وهل أن النبي(ص) لا سمح الله أتي خلاف ما جاء به القرآن کما قالت واستشهدت بها فاطمة (ع) من الآيات، وکيف أخرج أبو بکر وبأي ديل وسنة، آلة الرسول ودابته وحذاءه من ضمن الأرث ودفعها الي علي (ع).

وعلي حد قول أبي بکر فان فاطمة الزهراء (ع) ورثت ايمان النبي(ص) وحکمته وعلمه وسنته، وأنها وارثه في جميع ذلک، هل يمکن أن تدعي ما ليس لها بحق... کلا وألف کلا... وهل يجوز لأبي بکر ان يقول في حق الصديقة الطاهرة: أغلظت فأهجرت، فغفر الله لنا ولک... اللهم اليک المشتکي واليک المصير.

[13] اتفقت کلمة المحدثين علي ان ـ فدک ـ کانت خالصة لرسول الله(ص) فقط، وانه منحها في السنة السابعة من الهجرة الي الصديقة الطاهرة، فتصبح فدک خارجة من الأرث، فضلا عن أن الزهراء (ع) تصرفت بها الي حين وفاة النبي(ص).

وهذه الجملة من أبي بکر ان دلت علي شيء فانما تدل علي کذبه الصريح، وانه کسائر کلماته لم تکن منبعثة عن صدق وايمان.

[14] ابن أبي الحديد 16: 214 تفسير الرازي 8: 125. فدک: 46.

[15] ابن أبي الحديد 16: 214.

[16] ابن أبي الحديد 16: 216.

[17] صرم النخل: جذه وقطعه.

[18] ابن أبي الحديد 16: 217. فدک 58.

[19] ابن أبي الحديد 16: 217. کشف الغمة 1: 374.

[20] ابن أبي الحديد 16: 217. فتوح البلدان: 38. فدک: 34. کنز العمال 3: 13. کشف الغمة 1: 477.

[21] کذب صريح، وادعاء فارغ والدليل علي هذا سيرته مع فاطمة الزهراء عليها السلام فان النبي صلي الله عليه وآله وسلم في العام السابع من الهجرة منح بضعته الصديقة، فدک، فلماذا سلبه منها واغضب الصديقة.



ولأي الأمـور تدفــن ليلا

بضعة المصطفي ويعفي ثراها



ألم يسمع قول النبي(صلي الله عليه وآله وسلم): يا فاطمة، ان الله عز وجل يغضب لغضبک، ويرضي لرضاک، مستدرک الصحيحين 3: 153. کنز العمال 7: 111. ذخائر العقبي: 39. کفاية الطالب: 364.

[22] ابن أبي الحديد 16: 217.

صحيح البخاري 5: 5. صحيح مسلم 2: 72. مسند أحمد 1: 6. تاريخ الطبري 3: 2 2. کفاية الطالب: 37. سنن البيهقي 6: 103. الغدير 7: 266. کشف الغمة 1: 374.

[23] ابن أبي الحديد 16: 218.

[24] ابن أبي الحديد 16: 219.

[25] ابن أبي الحديد 16: 219. معجم البلدان 4: 239. الصواعق المحرقة الباب الثاني: 32. فدک: 51.

الحديث مقدوح لوجود فضيل بن مرزوق الرقاشي فيه، قال النسائي: ضعيف. وقال ابن حبان في الثقات يخطئ، وقال في الضعفاء: کان يخطئ علي الثقات، ويروي عن عطية العوفي الموضوعات. تهذيب التهذيب 7: 299. ميزان الاعتدال 3: 362.

[26] ابن أبي الحديد 16: 220.

[27] ابن أبي الحديد 16: 220.

[28] اختلق أبو هريرة علي النبي الأقدس(ص) احاديث کثيرة وکثيرة، کان الباعث له علي هذا الدس الرخيص أموال معاوية بن أبي سفيان، وعلي اثر نجاحه في الکذب والاختلاق ولاه معاوية امارة المدينة.

[29] ابن أبي الحديد 16: 221.

[30] الرضخ هنا: المال.

[31] سورة الحشر: 6.

[32] بناء علي قول عمر فانه خالف سيرة النبي(ص) وسنته في دفعه فدک الي علي والعباس مع تصريحه ان رسول الله(ص) قال: لا نورث ما ترکناه صدقة. (وما کان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن يکون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) سورة الاحزاب: 36.

[33] ابن أبي الحديد 15: 221. وفاء الوفا: 158.

[34] ابن أبي الحديد 16: 223. وقال بعد ذکره الحديث، قلت: هذا مشکل، لأن الحديث الأول يتضمن أن عمر أقسم جماعة فيهم عثمان فقال: نشدتکم الله، ألستم تعلمون أن رسول الله(ص) قال: لا نورث ما ترکناه صدقة، يعني نفسه فقا لوا: نعم ومن جملتهم عثمان، فکيف يعلم بذلک فيکون مترسلا لأزواج النبي(ص) يسأله أن يعطهن الميراث.

وها هنا اشکال آخر، وهو أن عمر ناشد عليا والعباس، هل تعلمان ذلک، فقالا: نعم، فإذا کانا يعلمانه فکيف جاء العباس وفاطمة إلي أبي بکر يطلبان الميراث علي ما ذکره في خبر سابق علي هذا الخبر.

[35] ابن أبي الحديد 16: 226.

[36] ابن أبي الحديد 16: 227. معجم البلدان 4: 239 بلفظ آخر.

[37] ابن أبي الحديد 16: 228.

[38] سورة النساء: 11.

[39] ابن أبي الحديد 16: 228.

لم تفتقر فاطمة الزهراء (ع) في دعواها الي بينة وشهود وعهد ووعد بعد ان صرج الرسول الأعظم(ص) علي صدقها، وکان علي أبي بکر الاتيان بالبينة والشهود، فقد روي أبو سعيد في شرف النبوة ان رسول الله(ص) قال لعلي: اوتيت ثلاثا لم يؤتهم أحد ولا أنا، صهرا مثلي ولم اوت انا مثلي، وأوتيت زوجة صديقة مثل ابنتي ولم أوت مثلها زوجة، واوتيت الحسن والحسين من صلبک ولم اوت من صلبي مثلهما، ولکنکم مني وانا منکم. الرياض النضرة 2: 202. فضائل الخمسة 3: 148.

عن عائشة آها کانت إذا ذکرت فاطمة بنت النبي(ص) قالت: ما رأيت احدا کان أصدق لهجة منها الا أن يکون الذي ولدها.

وفي رواية بسنده عن عمرو بن دينار قال: قالت عائشة: ما رأيت أحد قط أصدق من فاطمة غير أبيها.

مستدرک الصحيحين 3: 16. الاستيعاب 2: 751. حلية الأولياء 2: 41.

[40] ابن أبي الحديد 16: 229.

[41] ابن أبي الحديد 16: 230.

[42] ابن أبي الحديد 16: 230.

[43] ابن أبي الحديد 16: 231.

[44] ابن أبي الحديد 16: 231.

[45] ابن أبي الحديد 16: 231.

لقد ثبتت عصمة فاطمة (ع) باجماع الأمة علي ذلک بصورة مطلقة والدليل علي هذا قوله تعالي: (انما يريد الله ليذهب عنکم الرجس أهل البيت ويطهرکم تطهيرا). ولا خلاف بين نقلة الآثار ان فاطمة (ع) کان من أهل هذه الآية، وذهاب الرجس عن أهل البيت الذين عنوا بالخطاب يوجب عصمتهم ولاجماع الأمة ايضا علي قول النبي(ص) من آذي فاطمة فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذي الله عز وجل. الفصول المختارة: 56. فضائل الخمسة 3: 151.

[46] ابن أبي الحديد 16: 232.

[47] ابن أبي الحديد 16: 232.

[48] عائفة لدنياکم: أي قالية لها کارهة.

[49] عجمتهم: بلوتهم وخبرتهم.

[50] شنئتهم: أبغضتهم.

[51] سبرتهم: علمت أمورهم.

[52] سورة البقرة: 12.

[53] سورة يونس: 35.

[54] ابن أبي الحديد 16: 233. کشف الغمة 1: 492.

[55] ابن أبي الحديد 17: 227.

[56] ابن ابي الحديد 17: 228.

[57] ابن أبي الحديد 17: 229.

[58] أبو عبد الرحمن عبد الله بن شوذب الخراساني البلخي سکن البصرة ثم بيت المقدس مات سنة اربع واربعين ومائة ـ 144 ـ تهذيب التهذيب 5: 255.

[59] ابن أبي الحديد 17: 229. العقد الفريد 8: 55. الامامة والسياسة 1: 35. الکامل 4: 107.

[60] أبو مليکة جرول ابن أوس العنسي المتوفي 59 شاعر مخضرم أدرک الجاهلية والاسلام له ديوان شعر مطبوع.

[61] ابن أبي الحديد 17: 229 ـ 23.

[62] الادم: الاسمر.

[63] الخميصة: کساء أسود مربع له علمان.

[64] المخصرة: ما اختصره الانسان بيده فأمسکه من عصا مقرعة أو عکازة.

[65] ابن أبي الحديد 17: 232. الکامل 3: 106.

[66] ابن أبي الحديد 17:232.

[67] ابن أبي الحديد 17: 233.

[68] ابن أبي الحديد 17: 233.

[69] ابن أبي الحديد 17: 233.

[70] ابن أبي الحديد 17: 234. الاغاني 4: 179. الامامة والسياسة 1: 37. الکامل 3: 106.

[71] ابن أبي الحديد 17: 234. الاغاني 4: 179.

[72] ابن اروي: الوليد بن عقبة، وأروي هي ام عثمان بن عفان.

[73] الأقيال: الملوک الحميريون.

[74] المتعضي: المتقطع، المتفرق.

[75] قبال النعل: زمام بني الأصبع والتي تليها.

[76] ابن أبي الحديد 17: 234. الاغاني 4: 18.

[77] أبو زبيد حرملة بن منذر ويقال: المنذر بن حرملة بن معد يکرب بن حنظلة الطائي الشاعر، لم يسلم مات علي النصرانية وعاش مائة وخمسين سنة واستعمله عمر علي صدقات قومه، له شعر. الاصابة 4: 8.

[78] ابن أبي الحديد 17: 235. الاغاني 4: 18.

[79] ابن أبي الحديد 17: 238. الاغاني 4: 182.

[80] سورة الحجرات: 6.

[81] ابن أبي الحديد 17: 238. الأغاني 4: 182. أسباب النزول: 261. أسد الغابة 5: 9. لباب النقول: 28. الاستيعاب 4: 62. الدر المنثور 6: 87.

[82] ابن أبي الحديد 17: 24. الأغاني 4: 183.

[83] الأغاني 4: 183. ابن أبي الحديد 17: 240.

[84] أبو محمد حجاج بن نصير البصري القيسي مات 144 کان شيخا صدوقا روي عن فطر بن خليفة والمسعودي وقرة بن خالد وورقاء وعدة. تهذيب التهذيب 2: 208. ميزان الاعتدال 1: 465.

[85] أبو محمد قرة بن خالد السدوسي البصري المتوفي 154 حافظ ثقة کان متقنا ضابطا. تهذيب التهذيب 8: 371. الشذرات 1: 337.

[86] ابن أبي الحديد 17: 241. الأغاني 4: 184.

[87] ابن أبي الحديد 17: 243. الأغاني 4: 184.

[88] ابن أبي الحديد 17: 243.

[89] ابن أبي الحديد 17: 243. الأغاني 4: 187.

[90] ابن أبي الحديد 2: 160.

[91] الخطاطيف: جمع خطاف، حديدة تستخرج بها الدلاء، نوازع: جواذب.

[92] ابن أبي الحديد 20: 160. وخنس: انقبض.

[93] الانقاء: القطعة من الرمل. واطيلس تصغيرا طلس، وهو ما في لونه غبرة الي السود.

[94] ابن أبي الحديد 20: 161.

[95] ابن أبي الحديد 20: 161.

[96] ابن أبي الحديد 20: 160.

[97] الخطاطيف: جمع خطاف، حديدة تستخرج بها الدلاء، نوازع: جواذب.

[98] ابن أبي الحديد 20: 160. وخنس: انقبض.

[99] الانقاء: القطعة من الرمل. واطيلس تصغير اطلس، وهو ما في لونه غيره الي السواد.

[100] ابن أبي الحديد 20: 161.

[101] ابن أبي الحديد 20: 161.

[102] ابن أبي الحديد 20: 161.

[103] ابن أبي الحديد 20: 161.

[104] ابن أبي الحديد 20: 162.