بازگشت

مع الأنصار




ثم التفتت إلي الأنصار و قالت: معشر النقيبة، و حضنة الإسلام ما هذه الغميزة في حقي، والسنة عن ظلامتي، أما کان رسول اللّه أمر بحفظ المرء في ولده فسرعان ما أحدثتم، و عجلان ذا اهالة، أتقولون: مات محمد صلّي اللّه عليه و آله فخطب جليل استوسع وهنه، و استهتر فتقه [1] و فقد راتقه، و اظلمت الأرض لغيبته، و اکتأب خيرة اللّه لمصيبته، و أکدت الآمال، و خشعت الجبال، و اضيع الحريم، و ازيلت الحرمة بموت (محمد) صلّي اللّه عليه و آله فتلک نازلة أعلن بها کتاب اللّه هتافاً هتافاً و لقبل ما خلت به أنبياء اللّه و رسله و ما محمد إلّا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابکم و من ينقلب علي عقبيه فلن يضرّ اللّه شيئاً و سيجزي اللّه الشاکرين.

أبني قيلة أأهضم تراث أبي و أنتم بمرأي و مسمع، تلبسکم الدعوة و يشملکم الجبن، و فيکم العدة والعدد، ولکم الدار والخيرة، و أنتم أنجبته التي امتحن، و نحلته التي انتحل، و خيرته التي انتخبت لنا أهل البيت، فنابذتم فينا العرب، و ناهضتم الاُمم، و کافحتم البهم، لا نبرح و تبرحون، و نأمرکم فتأتمرون، حتي دارت بنا و بکم رحي الإسلام و درّ حلب البلاد، و خضعت بغوة الشرک، و هدأت روعة الهرج و بلغت نار الحرب، و استوسق نظام الدين، فأنّي جرتم تعد البيان و نکصتم بعد الإقدام عن قوم نکثوا ايمانهم و هموا بإخراج الرسول و هم بدأوکم أول مرة أتخشونهم فاللّه أحق أن تخشوه إن کنتم مؤمنين.

ألا لا أري واللّه إلّا أن أخلدتم إلي الخفض ور کنتم إلي الدعة فمججتم الذي استرعيتم (و لفظتم الذي سوغتم) فإن تکفروا أنتم و من في الأرض جميعاً فإن اللّه لغني حميد ألم يأتکم نبؤ الذين من قبلکم قوم نوح و عاد و ثمود والذين


من بعدهم لا يعلمهم إلا اللّه جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردوا أيديهم إلي أفواههم و قالوا إنا کفرنا بما اُرسلتم به و إنا لفي شک ممّا تدعوننا إليه مريب.

ألا و قد قلت الذي قلت علي معرفة بالخذلة التي خامرتکم، ولکنها فيضة النفس، و نفثة الغيظ، و بثة الصدر، و معذرة الحجة، فدونکم فاحتقبوها دبرة الظهر (ناقبة الخف) باقية العار موسومة بشنار الأبد موصولة بنار اللّه المؤصدة، فبعين اللّه ما تفعلون، و سيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون، و أنا ابنة نذير لکم بين يدي عذاب شديد، فاعملوا انّا عاملون، وانتظروا انا منتظرون، و سيعلم الکفّار لمن عقبي الدار. و قل اعملوا فسيري اللّه عملکم و رسوله والمؤمنون و کل انسان ألزمناه طائره في عنقه. و من يعمل مثقال ذرّة خيراً يره و من يعمل مثقال ذرّة شراً يره.

و لمّا انصرفت من المجلس تبعها رافع بن رفاعة الزرقي و قال لها: يا سيدة النساء لو کان أبوالحسن عليه السلام تکلّم في هذا الأمر و ذکر للناس قبل أن يجري هذا العقد ما عدلنا به أحداً [2] .

فقالت صلوات اللّه عليها: إليک عني فما جعل اللّه لأحد بعد غدير خم من حجة و لا عذر.

و لم ير ذلک اليوم أکثر باک و لا باکية و ارتجت المدينة و هاج الناس و ارتفعت الأصوات.

فقال أبوبکر لعمر: تربت يداک ما کان عليک لو ترکتني فربما فات الخرق


ألم يکن ذلک بنا أحق؟ فقال عمر: قد کان في ذلک تضعيف سلطانک و توهين کافتک و ما أشفقت إلا عليک فقال له: ويلک کيف بابنة محمد (ص) و قد علم الناس ما تدعو إليه و ما نجن من الغدر عليه قال عمر: هل هي إلا غمرة انجلت و ساعة انقضت و کأن ما قد کان لم يکن أقم الصلاة و آت الزکاة و آمر بالمعروف و وفر الفي ء ان الحسنات يذهبن السيّئات يمحو اللّه ما يشاء ذنب واحد في حسنات کثيرة قلدني ما يکون من ذلک فضرب أبوبکر بيده علي کتف عمر و قال: رب کربة فرجتها.


پاورقي

[1] استهتر: اتّسع.

[2] عجيب من هذا الأحمق أن يتغافل عن قيام أميرالمؤمنين بالدعوة و تعريفهم أحقيته بالأمر فإن خطبته الطويلة المعروفة بالوسيلة المذکورة في روضة الکافي ملحقة بتحف العقول ص 139 و في هامش مرآة العقول ج 4 ص 253 و في الوافي ج 4 ص 4 في أول الروضة قالها في المسجد بعد وفاة النبي صلّي اللّه عليه و آله بسبعة أيام و فيها التذکير بيوم الغدير و ظلم المتوثبين علي هذا الأمر.