بازگشت

النمو والكفاله والتربيه




قال الله تعالي في شان مريم: «فتقبلها ربها بقبول حسن وانبتها نباتا حسنا و کفلها زکريا کلما دخل عليها زکريا المحراب وجد عندها رزقا» [1] فهذه کلها من کرامات الله العظيمه لمريم، و بهذه الکرامات فضلها علي نساء العالمين. فقوله: «وانبتها نباتا حسنا» يدل علي انها کانت تنمو و تشب بعانيه خاصه الهيه احسن مما قدره الله تعالي لغيرها في الطبيعه البشريه نظير ما ورد [2] في شأن ابراهيم الخليل (عليه السلام) ان الله تعالي جعله يشب في اليوم کما يشب غيره في الجمعه، و يشب في الجمعه کما يشب غيره


في الشهر، و يشب في الشهر کما يشب غيره في السنه. و ورد [3] في شان نبينا (صلي الله عليه و آله) ايضا کذلک، فهذه الکرامه الالهيه تمثلت في الاسلام لبضعه نبيه، فقدم تقدم في باب کيفيه ولادتها انها کانت تنمي في اليوم کما ينمي الصبي في الشهر و تنمي في الشهر، کما ينمي الصبي في السنه.

و في خبر آخر [4] : لم تزل فاطمه تشب في اليوم کالجمعه، و في الجمعه کالشهر، و في الشهر کالسنه. و لايخفي ان التقدير المذکور في الخبرين تقريبي، فلايقدح الاختلاف المترائي منهما في مقداره.

و اما قوله تعالي: «و کفلها زکريا» فمعناه ان الله تعالي صير زکريا النبي (عليه السلام) کفيلا لها، و ذلک بعدما اختلفوا بينهم في کفالتها فاقرعوا لها کما قال الله تعالي: «و ما کنت لديهم اذ يلقون اقلامهم ايهم يکفل مريم» فاخرج الله القرعه لزکريا النبي (عليه السلام) کرامه لمريم، فان کفاله الصبي اذا کانت لعبد صالح مخلص، فهي تفضل من الله تعالي للصبي، وقد کانت کفاله الزهراء «سلام الله عليها» خاصه باشرف انبياء الله وافضلهم حينما کان ينزل عليه الوحي من الله تعالي، فکان يربيها برفق و رافه و رحمه الي ما يرضاه و يريده من التبتل اليه و مکارم الاخلاق و محاسن الاداب، و يزيد علي ذلک انها ولدت من خديجه التي هي افضل النساء في زمانها و اطهرهن و اکرمهن عندالله، فطبعا کانت تهتم بشوون بنتها من التربيه لها و تاديبها بالمحاسن النسائيه من حسن التبعل و تدبير البيت


و تربيه الاولاد، و لذلک روي [5] عن ام سلمه انها قالت: تزوجني رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) بعدما دخل المدينه، و فوض امر ابنته الي فکنت اودبها و کانت والله اادب مني و اعرف بالاشياء کلها.

واما قوله تعالي «کلما دخل عليها زکريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم اني لک هذا قالت هو من عندالله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب» فقد ثبت مثله لفاطمه الزهراء (سلام الله عليها) کما ورد مستفيضا في اخبار العامه والخاصه و کان ذلک لها مکررا.

فروي الزمخشري في کشافه عن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) انه جاع في زمن قحط فاهدت له فاطمه (رضي الله عنها) رغيفين و بضعه لحم آثرته بها، فرجع بها اليها و قال: هلمي يا بنيه، فکشفت عن الطبق فاذا هو مملوه خبزا و لحما، فبهتت و علمت انها نزلت من عندالله، فقال لها: اني لک هذا فقالت: هو من عندالله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب، فقال (عليه الصلاه والسلام) الحمد لله الذي جعلک شبيهه سيده نساء بني اسرائيل، ثم جمع رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) عليا والحسن والحسين و جميع اهل بيته، فاکلوا حتي شبعوا و بقي الطعام کما هو، فاوسعت فاطمه علي جيرانها.

و هذا الخبر رواه الخوارزمي ايضا في مقتله باسناده عن جابر بن عبدالله بزياده في اوله، و رواه ابن شهرآشوب عن تفسير الثعلبي عن جابر باختصاره، و روي العياشي في تفسيره عند الايه عن الامام الباقر (عليه السلام)


قال: ان فاطمه ضمنت لعلي (عليه السلام) عمل البيت والعجين والخبز و قم البيت، و ضمن لها علي ما کان خلف الباب من نقل الحطب والطعام، فقال لها يوما: هل عندک شي ء؟ قالت: لا ما کان عندنا ثلاثه ايام شي ء نقريک به، قال: افلا اخبرتني قالت: کان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) نهاني ان اسالک شيئا، فخرج (عليه السلام) فاستقرض دينارا فلقي مقدادا فقال له: ما اخرجک في هذه الساعه؟ قال المقداد: الجوع، فقال (عليه السلام): فهو اخرجني وقد استقرضت دينارا و اوثرک به، فاقبل فوجد رسول الله (صلي اله عليه و آله و سلم) جالسا و فاطمه تصلي و بينهما شي ء مغطي، فلما فرغت احضرت ذلک الشي ء فاذا جفنه من خبز و لحم، قال: يا فاطمه اني لک هذا؟ قالت: هو من عندالله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب، فقال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) الا احدثک بمثلک و مثلها؟ قال: بلي، قال: مثل زکريا الحديث. وقد روي هذا الخبر في ذخائر العقبي و في البحار باب مناقبها عن تفسير فرات و کشف الغمه عن ابي سعيد الخدري مرسلا، و عن امالي الطوسي عنه باسناده، و في کل منها تفصيل زائد.

و روي الخوارزمي في مقتله حديثا طويلا باسناده عن ابن عباس في قضيه اعرابي، و في آخره: ان فاطمه صلت و دعت بقولها الهي انزل علينا مائده کما انزلتها علي بني اسرائيل، قال ابن عباس: فهوالله ما استتمت الدعوه الا و هي تري جفنه من ورائها يفوح قتارها فاتت بها الي النبي و علي والحسنين (عليهم السلام) فقال لها علي: اني لک هذا؟ فقال له النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) کل يا اباالحسن و لاتسال الحمدلله الذي لم يمتني حتي رزقني ولدا مثلها مثل مريم بنت عمران کلما دخل عليها زکريا المحراب وجد عندها رزقا الايه. و روي في البحار باب مناقبها عن الکافي باسناده عن الامام الباقر (عليه السلام) انه قال النبي (صلي الله عليه و آله و سلم)


لفاطمه: اخرجي تلک الصفحه فاخرجت صفحه فيها ثريد و عراق يفور، فاکل هو و علي و فاطمه والحسنان ثلاثه عشر يوما الحديث، و ذکر في آخره انه اعطت فاطمه (عليهاالسلام) شيئا من الصحفه ام ايمن فنفدت.

و قال ابن شهرآشوب في مناقبه فصل حليتها و تواريخها: ان للزهراء (سلام الله عليها) من هذا الباب ما لا ينکره مسلم من حديث المقداد و خبر الطائر والرمان والعنب والتفاح والسفر جل و غيرها، و ذلک مما يقطع علي انها کانت تاکل ما لم يکن لغيرها من جميع الخلق بعد هبوط آدم و حوا (عليهماالسلام) ثم ذکر حديث في ذلک يشبه آخر ما مر من حديث المقداد، والحمد لله رب العالمين.


پاورقي

[1] ياتي في اول الباب الثامن شرح لهذه الايه.

[2] کما في روضه الکافي في قصه ولاده ابراهيم، و رواه في البحار الجزء 12 باب قصص ولادته (عليه السلام) عن کمال الدين.

[3] باب تاريخ ولاده النبي (صلي الله عليه و آله) من البحار الجزء 15.

[4] ياتي الاشاره اليه في التعليقه التاليه.

[5] في البحار في الباب الاول من الجزء 43 عن دلائل الامامه باسناده عن ابن عباس، والموجود في بعض نسخ البحار اداب مني بتقديم الدال علي الهمزه الثانيه، لکن المحکي عن بعضها تقديم الهمزتين، و هو الاصح الانسب بالمقام.