بازگشت

في الارواح والاشباح والميثاق




ان لله تعالي قبل هذا العالم الجسماني عوالم غيبيه لايعلم کنهها وعددها غيره منها عالم الارواح قال الله سبحانه «و يسئلونک عن الروح قل الروح من امر ربي و ما اوتيتم من العلم الا قليلا» و ورد في اخبار مستفيضه من طرق الشيعه والسنه [1] عن النبي والائمه المعصومين (عليهم السلام) ان الارواح جنود مجنده فما تعارف منها ائتلف و ما تناکر منها اختلف. وقد اختلف الکلمات في تفسيره، فقيل: انه اشاره الي تقدم خلق الارواح علي الاجساد وان ما تعارف منها في عالمها قبل دخولها في الاجساد اما بالتواصل او بالحالات والصفات، او بالمواد تاتلف في هذا العالم، و لذا قد يري الانسان احدا فيحبه او يبغضه من دون خير او شر سبق منه اليه، و يدل علي هذا المعني ما في بعض هذه الاخبار مثل ما في البحار باب خلق الارواح قبل الاجساد عن کتاب العلل لشيخنا الصدوق (عليه الرحمه)


باسناده القوي عن الامام الصادق (عليه السلام) ان الارواح جنود مجنده فما تعارف منها في الميثاق ائتلف هاهنا، و ما تناکر منها في الميثاق اختلف هاهنا. و عنه (عليه السلام) ان الله تعالي اخذ ميثاق العباد وهم اظلله قبل الميلاد، فما تعارف من الارواح ائتلف، و ما تناکر منها اختلف. و لکن روي ايضا في امالي الصدوق [2] باسناده عن الامام الباقر (عليه السلام) ان العباد اذا ناموا خرجت ارواحهم الي السماء، فما رات الروح في السماء فهو الحق، و ما رات في الهواء فهو الاضغاث، الا وان الارواح جنود مجنده، فما تعارف منها ائتلف، و ما تناکر منها اختلف، فاذا کانت الروج في السماء تعارفت و تباغضت، فاذا تعارفت في السماء تعارفت في الارض، و اذا تباغضت في السماء تباغضت في الارض.

و روي الصفار في البصائر [3] باسناده القوي عن الاصبغ بن نباته، قال: کنت مع اميرالمؤمنين (عليه السلام) فاتاه رجل فسلم عليه و قال: اني والله لاحبک في الله واحبک في السر، کما احبک في العلانيه، وادين الله بولايتک في السر، کما ادين بها في العلانيه، و بيده (عليه السلام) عود فطاطا به راسه، ثم نکت بعوده في الارض ساعه، ثم رفع راسه اليه، و قال: ان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) حدثني بالف حديث لکل حديث الف باب، و ان ارواح المؤمنين تلتقي في الهواء فتشام، فما تعارف منها ائتلف، و ما تناکر منها اختلف، ويحک لقد کذبت فما اعرف وجهک في الوجوه، ولا اسمک في الاسماء الحديث. و نحوه في کتاب الاختصاص المنسوب الي شيخنا المفيد (عليه الرحمه) بالاسناد عن الاصبغ،


کما في البحار باب خلق الارواح قبل الاجساد. و روي المتقي الهندي في کنز العمال الجزء التاسع باب فضل الصحبه من الافعال عن شقيق بن سلمه [4] نحو ذلک باختصار و قد ذکر (عليه السلام) فيه ان النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) قال: ان الارواح کانت تلاقي في الهواء فتشام ما تعارف منها ائتلف و ما تناکر منها اختلف، وورد فيه بعد ذلک انه لما کان من امر علي (عليه السلام) ما کان، کان الرجل ممن خرج عليه، ثم ذکر في الکنز ان رجاله ثقات. والمستفاد من هذه الاخبار سيما اولها ان تعارف الارواح يکون في هذا العالم بنوم او نحوه، لکنه لا منافاه بين ذلک و بين المعني الاول، لجواز تحقق کلا الامرين، و کون المراد بالحديث السابق کليهما، او في کل خبر ما يخصه، والله العالم.

هذا وقد صرح ايضا في اخبار مستفيضه بان الارواح خلقت قبل الاجساد، فعن الامام الصادق (عليه السلام) [5] ان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) قال: خلق الله الارواح قبل الاجساد بالفي عام، ثم اسکنها الهواء فما تعارف منها ائتلف هاهنا و ما تناکر منها ثم اختلف هاهنا. وعنه (عليه السلام) [6] ان رجلا جاء الي اميرالمؤمنين (عليه السلام) و قال: أنا


والله احبک و اتولاک، فقال له: کذبت، فقال: بلي والله فکرر ثلاثا، فقال له الامام (عليه السلام): کذبت ما انت کما قلت ان الله خلق الارواح قبل الابدان بالفي عام، ثم عرض علينا المحب لنا، فوالله ما رايت روحک فيمن عرض فسکت الرجل ولم يراجعه. و في خبر آخر [7] قتل له اميرالمؤمنين (عليه السلام): ان الارواح خلقت قبل الابدان بالفي عام ثم اسکنت الهواء، فما تعارف منها ثم ائتلف هاهنا، و ما تناکر منها ثم اختلف هاهنا و ان روحي انکر روحک، و قد يستفاد منهما ان التعارف بالنسبه اليه (عليه السلام) کان بعرض المحب عليه، و يحتمل فيهما تعدد القضيه، و کون المراد بالتعارف في هذا ما هو لسائر الارواح من تواصل و نحوه، کما ان الظاهر تغاير القضيه فيهما مع ما في خبر الاصبغ المتقدم لاختلافه عنهما في عالم التعارف، و قد مر فيما ذکرنا انه يمکن تحقق کلا الامرين، فمقتضي الجميع انه (عليه السلام) اجاب کل احد بما يناسبه، و علي کل فالظاهر من هذه الاخبار ان الارواح انما هي ارواح آحاد الناس لا النفوس الکليه او الملائکه کما قيل [8] .


والحاصل ان النصوص بتقدم خلق الارواح علي الاجساد کثيره جدا، و عقد المجلسي (رحمه الله تعالي) في بحار الانوار بابا خاصا بذلک [9] و ذکر فيه انها قريبه من التواتر و هو کذلک قطعا، فقد اورد في هذا الباب خمسه عشر حديثا او اکثر مصرحه بذلک بهذا اللفظ او نحوه، و اسانيد جمله منها قويه، کما اشرنا الي بعضها عند ذکره، و بعضها صحيح او حسن کالصحيح، مثل ما رواه عن الکافي، و هو موجود فيه في باب نتف و جوامع من الروايه في الولايه من کتاب الحجه عن محمد بن يحيي عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن بکير بن اعين کان ابوجعفر (عليه السلام) يقول: ان الله تعالي اخذ ميثاق شيعتنا بالولايه لنا وهم ذر يوم اخذ الميثاق علي الذر بالاقرار له بالربوبيه و لمحمد (صلي الله عليه و آله و سلم) بالنبوه، و عرض الله (عز و جل) علي محمد (صلي الله عليه و آله و سلم) امته في الطين و هم اظله، و خلقهم من الطينه التي خلق منها آدم، و خلق الله ارواح شيعتنا قبل ابدانهم بالفي عام و عرضهم عليه و عرفهم رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و عرفهم عليا و نحن نعرفهم في لحن


القول. و نحوه في البصائر باب ان الائمه (عليهم السلام) يعرفهون ما راوا في الميثاق من جزئه الثاني، و في محاسن البرقي باب الميثاق من کتاب الصفوه، و ذکر في المحاسن بعده انه رواه ايضا عثمان بن عيسي عن ابي الجراح عن ابي جعفر (عليه السلام) و زاد فيه: و کل قلب يحن الي بدنه. و ايضا في البحار في باب حقيقه النفس والروح قبل الباب المذکور ما هو صريح في ذلک، کما اورد في باب خلق النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) من الجزء 15 و باب بدو ارواح الائمه (عليهم السلام) من الجزء 25 و باب تاريخ ولاده اميرالمؤمنين (عليه السلام) من الجزء 35 و باب حدوث العالم و بدو خلقه من الجزء 57 نصوصا کثيره في الغايه تدل علي تقدم خلق ارواحهم و انوارهم (عليهم السلام) [10] فالحق ان دعوي التواتر المعنوي بل فوقه في اخبار تقدم خلق الارواح علي الاجساد قريبه جدا.

و مع ذلک انکر شيخنا المفيد (رحمه الله تعالي) و هو من اجل الفقهاء و محققي الفرقه الاماميه هذا القول، و ذکر في رسالته اجوبه المسائل السرويه [11] ان الخبر بذلک من الآحاد، قال: وقد روته العامه کما روته


الخاصه وليس مما يقطع بصحته، و ان ثبت فالمعني ان الله تعالي قدر الارواح في علمه قبل اختراع الاجساد، فخلق الارواح قبلها خلق تقدير في العلم وليس بخلق لذواتها والخلق لها بالاحداث يکون بعد خلق الاجسام والصور، والا لکانت الارواح تقوم بانفسها ولا تحتاج الي آلات تحتملها، ولکنا نعرف ما سلف لنا من الاحوال قبل الاجساد، کما نعلم احوالنا بعد خلق الاجساد، و هذا محال لاخفاء بفساده. و ذکر نحو ذلک ايضا في رسالته [12] في شرح عقائد الصدوق الا انه ذکر فيها ان الوجه للخبر علي تقدير صحته ان الله تعالي خلق الملائکه قبل البشر بالفي عام، فما تعارف منها قبل خلق البشر ائتلف عند خلق البشر، و ما لم يتعارف منه اذ ذاک اختلف بعد خلق البشر، وليس الامر کما ظنه اصحاب التناسخ و دخلت الشبهه فيه علي حشويه الشيعه، فتوهموا ان الذوات الفعاله الماموره والمنهيه کانت مخلوقه في الذر تتعارف و تعقل و تفهم و تنطق، ثم خلق الله لها اجسادا من بعد ذلک فرکبها فيها الي آخر کلامه في الرد علي ما قاله شيخنا الصدوق (عليه الرحمه) في باب الاعتقاد في النفوس و الارواح من رساله الاعتقادات، و فيه الطعن علي اصحابنا المتعلقين بالاخبار ببعد الذهن


و قله فطنه و ترک النظر في اسنادها وعدم الفرق بين حقها وباطلها والتحصيل لمعانيها.

ولکن يرد عليه اولا ان ما ذکره من کون الاخبار المذکوره آحادا ممنوع، کما بيناه اجمالا مع الاشاره الي تفصيله، وقد اورد هو بعض ما ورد في ذلک في کتابه الامالي والاختصاص المنسوب اليه، ففي الاول [13] باسناده عن الصحابي الجليل ابي الهيثم بن التيهان قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): ان الله (عز و جل) خلق الارواح قبل الاجساد بالفي عام و علقها بالعرش وامرها بالتسليم علي والطاعه لي، و کان اول من سلم علي واطاعني من الرجال روح علي بن ابي طالب (عليه السلام). و من الثاني ما رواه عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) في حديث لاميرالمؤمنين (عليه السلام) مع امراه لم ترض بقضائه لزوجها، فنسبها الي هنات، فقال له عمرو بن الحريث: ما اعرفک بالکهانه، فقال (عليه السلام): انها ليست بالکهانه ولکن الله خلق الارواح قبل الابدان بالفي عام، فلما رکبها في ابدانهم کتب بين اعينهم کافر و مومن، الي ان قال: ثم انزل بذلک قرآنا، فقال: «ان في ذلک لآيات للمتوسمين» فکان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) المتوسم ثم انا من بعده الحديث.

و ثانيا لا دليل عقلا علي استحاله تقوم الروح بنفسها، او تعلقها بشي ء آخر غير البدن کالهواء، کما مر في عده نصوص، و صرح بنحوه في غيرها، فان حقيقه الروح غير معلومه لنا، و معرفتها بالکنه والصفات خارجه عن امکان البشر، کما قال الله تعالي «قل الروح من امر ربي و ما


اوتيتم من العلم ألا قليلا» فکما انه بعد موت الجسد حي باق بمقتضي آيات القرآن والنصوص الکثيره الوارده في احوال النوم والموت يمکن ان يکون قبل خلقه کذلک، و عدم معرفتنا لما سلف منها لاجل ان حکمه الله تعالي جرت علي ان يکون التذکر للاحوال الماضيه باسباب ظاهريه طبيعيه، و لذا لايذکر الانسان ما مضي عليه في حال الطفوله و کثيرا مما مضي عليه في شبابه، مع انه يذکرها بعد الموت في الاخره، کما قال الله تعالي «يوم يتذکر الانسان ما سعي».

هذا و يظهر منه في کلامه المذکور ان القول يتقدم خلق الارواح من لوازم القول بالتناسخ، والحال انه اجنبي عنه ظاهرا، فان القول بالتناسخ الباطل کما حکاه المجلسي (رحمه الله) في معاد البحار انما هو بانکار الحشر والمعاد الجسماني والجنه والنار، او القول بقدم الارواح، وليس فيما ذکره الصدوق (رحمه الله) في الباب المذکور دلاله علي ذلک اصلا، بل صرح في هذه الرساله بعد بابين آخرين ببطلان التناسخ، و ان من دان به فهو کافر لانه انکار للجنه والنار، و علي کل فالوجوه العقليه لاستحاله شي ء انما تعارض النصوص الشرعيه اذا کانت موجبه للعلم بها، واما ان کانت محض شبهه کبعض ما اورد علي أصل المعاد مثل شبهه الآکل والماکول و نحوها في بعض مسائل التوحيد اذا لم يعلم رمز بطلانها ورودت النصوص والادله الشرعيه علي خلافها، کان اللازم هو الرکون الي الادله الشرعيه والتمسک بها و دفع الشبهات عن النفس بذلک.

فتحصل من جميع ذلک ان عالم الارواح قبل الاجساد ثابت بالقطع من آثار اهل البيت (عليهم السلام) اجمالا، لکن لم يعلم کنهه و کيفته و افعاله و احواله تفصيلا، و قد يعبر عنه بعالم الاشباح لما ياتي في بعض الاخبار من ان ارواح الائمه او انوارهم (عليهم السلام) کانت اشباح نور


اي صورا نوريه.

وللشيخ الرئيس ابن سينا قصيده معروفه في الروح اوردها شيخنا البهائي (رحمه الله) في کتابه الکشکول [14] اولها:


هبطت اليک من المحل الارفع

و رقاء ذات تعزز و تمنع


محجوبه عن کل مقله عارف

و هي التي سفرت و لم تتبرقع


وصلت علي کره اليک و ربما

کرهت فراقک فهي ذات تفجع [15] .


ثم ذکر بعض احوال الروح و کيفيه تعلقها بالبدن، و ذکر في آخرها ما حاصله لاي شي ء تعلقت بالبدن بعد ما کانت في ارفع محل، فان کان لحصول کمال لها فلم تفارق البدن قبل حصوله غالبا، ثم قال:


انعم برد جواب ما انا فاحص

عنه فنار العلم ذات تشعشع


هذا و يظهر جوابه مما رواه شيخنا الصدوق (رحمه الله تعالي) [16] باسناده عن عبدالله بن الفضل الهاشمي، قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام): لاي عله جعل الله تعالي الارواح في الابدان بعد کونها في ملکوته الاعلي في ارفع محل؟ فقال: ان الله تعالي علم ان الارواح في شرفها و علوها متي ترکت علي حالها نزع اکثرها الي دعوي الربوبيه دونه (عز و جل) فجعلها بقدرته في الابدان التي قدرها لها في ابتداء التقدير نظرا لها و رحمه بها، واحوج بعضها الي بعض، و علق بعضها علي بعض و رفع


بعضها فوق بعض درجات، و کفي ببعض، و بعث اليهم رسله واتخذ عليهم حججه مبشرين و منذرين يامرونهم بتعاطي العبوديه والتواضع لمعبودهم بالانواع التي تعبدهم بها، و نصب لهم عقوبات في العاجل وعقوبات في الآجل، و مثوبات في العاجل و مثوبات في الآجل ليرغبهم بذلک في الخير، و يزهدهم في الشر، و ليذلهم بطلب المعاش والمکاسب، فيعلموا بذلک انهم مربوبون و عباد مخلوقون و يقبلوا علي عبادته، فيستحقوا بذلک نعيم الابد و جنه الخلد، و يامنوا من النزوع الي ما ليس لهم بحق، ثم قال (عليه السلام) يا ابن الفضل ان الله تبارک و تعالي احسن نظرا لعباده منهم لانفسهم، الا تري انک لاتري فيهم الا محبا للعلو علي غيره حتي ان منهم لمن قد نزع الي دعوي الربوبيه، و منهم من قد نزع الي دعوي النبوه بغير حقها، و منهم من قد نزع الي دعوي الامامه بغير حقها، مع ما يرون في انسفهم من النقص والعجز والضعف والمهانه والحاجه والفقر والآلام المتناوبه عليهم والموت الغالب لهم والقاهر لجميعهم، يا ابن الفضل ان الله تعالي لايفعل بعباده الا الاصلح لهم، ولا يظلم الناس شيئا ولکن الناس انفسهم يظلمون.

قوله (عليه السلام) نزع بصيغه المجهول اي اشتاق او مال، ولا يخفي ان ما ذکره الامام الصادق (عليه السلام) في هذا الحديث في شان النفوس البشريه انما هو من العلوم الغيبه الالهيه التي يشهد عليها الوجدان والفطره البشريه انما هو من العلوم الغيبيه الالهيه التي يشهد عليها الوجدان والفطره السليمه لما تري انها بطبعها مائله الي التکبر والطغيان اذا زالت عنها الآلام، کما ذکره الله تعالي في مواضع من القرآن، فقال: «و اذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم اذا خوله نعمه منه نسي ما کان يدعو اليه من قبل و جعل لله اندادا ليضل عن سبيله» فلو کانت ثابته في محلها الارفع خاليه عن الالم والابتلاء کان طغيانها اکثر، وليس کونها هناک عاصما لها، فان


ابليس اللعين اقام کثيرا في الملائکه المقربين، و کان يري آيات الله الکبري في السماء، و معذلک استکبر من بينهم و کفر بالله، فنعوذ به من الزلل والطغيان و عصمنا من رذائل الشيطان. و کانه من هذا الحديث الشريف اخذ شيخنا محمد جواد البلاغي النجفي (قدس سره) قصيدته لمعارضه قصيده ابن سينا مجيبا له عن سواله المذکور فقال:


نعمت بان جائت بخلق المبدع

ثم السعاده ان يقول لها ارجعي


يعني قوله تعالي «ارجعي الي ربک راضيه مرضيه».


خلقت لا نفع غايه ياليتها

تبعت سبيل الرشد نحو الانفع


الله سواها والهمها فهل

تنحو السبيل الي المحل الارفع


نعمت بنعماء الوجود و نوديت

هذا هداک و ما تشائي فاصنع


الي ان قال في آخرها:


کم قائل فيها يقول وسائل

و جوابه في (يسألونک) أن يع


و هي مطبوعه تلو تعليقته علي مکاسب شيخنا الانصاري (عليه الرحمه).

و هناک عالم آخر يسمي بالذر والميثاق، فقد ورد ان الله تعالي اخرج ذريه آدم (عليه السلام) قبل هذه النشاه الدنيويه، و جعل فيهم آله النطق والادراک، فاخذ منهم الميثاق لنفسه بالربوبيه، واشهدهم بذلک علي انفسهم. والاخبار بذلک من طرق الخاصه والعامه کثيره، و نسب القول به الي جل اهل الحديث و جماعه من المفسرين، و بذلک فسروا قوله تعالي «واذ اخذ ربک من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و اشهدهم علي انفسهم الست بربکم قالوا بلي» الآيه، ولکن انکره جماعه من اهل النظر و اولوا الآيه بالاستعاره والتمثيل لما فيها من القرينه اللفظيه کما نذکر، و لوجوه عقليه او


خارجيه مثل ان الحجه لاتتم في الدنيا الا بالتذکر، والمفروض انهم نسوا ما اخذ عليهم في تلک النشاه من الميثاق و ان صلب آدم لايسع جميع ذرات ولده، و ان ذرات اولاد اولاده انما تحدث في اصلاب آبائهم بالتغذي من المواد الارضيه، ولم تکن موجوده في صلب آدم، و غير ذلک مما ذکر في تفسير الرازي و غيره.

و قال شيخنا المفيد (رحمه الله) في رسالته اجوبه المسائل السرويه: ان الصحيح من هذا الحديث ان الله تعالي اخرج الذريه من ظهر آدم کالذر فملا بهم الافق، و جعل علي بعضهم نورا لايشوبه ظلمه، الي ان قال: وانما فعل الله تعالي ذلک ليدل آدم (عليه السلام) علي العاقبه منه، و يظهر له من قدرته و سلطانه و عمله بالکائن قبل کونه ليزداد آدم يقينا بربه، و يدعوه ذلک الي التوفر علي طاعته، ثم قال: واما الاخبار التي جائت بان ذريه آدم استنطقوا في الذر فاخذ عليهم العهد فاقروا، فهي من اخبار التناسخيه الي آخر کلامه في ذلک و في تاويل الآيه بالمجاز والاستعاره و هو طويل.

هذا ولکن الحق ثبوت هذا العالم ايضا علي الوجه الاول، لان النصوص الوارده فيه کثيره جدا لا سيما من طرق الاماميه، و اسناد عده منها معتبره و دلالتها عليه ظاهره، ولا يبعد دعوي التواتر المعنوي فيها، و هي مبثوثه في اصولنا الاربعه و غيرها، فنذکر هنا نزرا يسيرا منها.

فروي الکليني (رحمه الله) في الکافي باب فطره الخلق عالي التوحيد من کتاب الايمان والکفر، والصدوق في کتابه التوحيد في باب مثل ما في الکافي باسنادهما الصحيح عن زراره بن اعين قال: سالت ابا جعفر الباقر (عليه السلام) عن قول الله (عز و جل): «و اذ اخذ ربک من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و اشهدهم علي انفسهم الست بربکم قالوا بلي» قال: اخرج من ظهر آدم ذريته الي يوم القيامه، فخرجوا کالذر فعرفهم و اراهم


نفسه (في نسخه التوحيد صنعه) و لولا ذلک لم يعرف احد ربه، و قال: قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): کل مولود يولد علي الفطره. يعني علي المعرفه بان الله (عز و جل) خالقه کذلک قوله تعالي «ولئن سالتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله» و رواه في تفسير العياشي عند الآيه الاولي، وفيه: و لولا ذلک ما عرف احد ربه، و ذلک قوله تعالي «ولئن سالتهم» الآيه بدون قوله (عليه السلام) کل مولود الخ.

و في الکافي في ابواب طينه المؤمن من الکتاب المذکور والعلل الباب 9 عله خلق الخلق باسنادهما القوي عن حبيب السجستاني قال: سمعت ابا جعفر يعني الباقر (عليه السلام) يقول: ان الله (عز و جل) لما اخرچ ذريه آدم (عليه السلام) من ظهره لياخذ عليهم الميثاق بالربوبيه له، و بالنبوه لکل نبي، فکان اول من اخذ عليهم الميثاق بنبوته محمد بن عبدالله (صلي الله عليه و آله و سلم) ثم قال الله تعالي لآدم: انظر ماذا تري، فنظر الي ذريته و هم ذر قد ملووا السماء، قال: يا رب ما اکثر ذريتي ولامر ما خلقتهم فما تريد منهم باخذک الميثاق عليهم؟ قال الله (عز و جل): يعبدونني لايشرکون بي شيئا و هم يؤمنون برسلي و يتبعونهم، قال: يا رب فمالي اري بعض الذر اعظم من بعض، و بعضهم له نور کثير، و بعضهم له نور قليل، و بعضهم ليس له نور؟ فقال الله (عز و جل): کذلک خلقتهم لا بلوهم في کل حالاتهم. الحديث و فيه سوال آدم من الله تعالي عن سر اختلافهم في الاعمار والارزاق و سائر حالاتهم و ما قاله تعالي في ذلک من عمله بالمصالح.

و روي شيخنا الطوسي (رحمه الله) في اماليه ج 2 ص 91 طبعه النجف عن ابي سعيد الخدري (رضي الله تعالي عنه) قال: حج عمر بن الخطاب في امرته، فلما افتتح الطواف حاذي الحجر الاسود فاستمله و قبله


و قال: اقبلک واني لاعلم انک حجر لاتضر ولا تنفع، ولکن کان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) بک حفيا، و لولا اني رايته يقبلک ما قبلتک، و کان في الحجيج علي (عليه السلام) فقال: بلي والله انه ليضر و ينفع، قال عمر: فبم قلت ذلک يا ابا الحسن؟ قال: بکتاب الله تعالي، قال: اشهد انک لذو علم بکتاب الله فاين ذلک من الکتاب؟ قال قوله تعالي «واذ اخذ ربک من بني آدم» الآيه و اخبرک ان الله تعالي لما خلق آدم مسح ظهره فاستخرج ذريته من صلبه في هيئه الذر، فالزمهم العقل و قررهم انه الرب و انهم العبيد، فاقروا له بالربوبيه، و شهدوا علي انفسهم بالعبوديه، والله (عز و جل) يعلم انهم في ذلک في منازل مختلفه، فکتب اسماء عبيده في رق، و کان لهذا الحجر يومئذ عينان و شفتان و لسان، فقال: افتح فاک ففتح فالقمه ذلک الرق، ثم قال له: اشهد لمن وافاک بالموافاه يوم القيامه. الحديث.

و نحوه في مستدرک الحاکم ج 1 کتاب المناسک باسناده عن ابي سعيد الخدري، و تفسير العياشي عند الآيه عن عبدالله بن الحلبي [17] عن ابي جعفر و ابي عبدالله (عليهماالسلام) الا انه لم يصرح فيهما باخراج الذريه من ظهر آدم (عليه السلام) بل ورد فيهما ان عليا (عليه السلام) قال لعمر بن الخطاب في ذاک الموقف بعد تلاوه الايه عليه: ان الذريه اقروا لله تعالي بانه الرب وانهم العبيد، فاخذ عليهم الميثاق، و کتب في رق والقمه الحجر.

و روي علي بن ابراهيم القمي (رحمه الله) کما في التفسير المنسوب اليه و تفسير البرهان والصافي باسناد صحيح عن ابن مسکان عن ابي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالي «و اذ اخذ ربک» الآيه قلت: معاينه کان هذا؟ قال (عليه السلام): نعم فثبتت المعرفه و نسوا الموقف


و سيذکرونه، و لولا ذلک لم يدر احد من خالقه و رازقه، فمنهم من اقر بلسانه في الذر ولم يومن بقلبه فقال تعالي «فما کانوا ليومنوا بما کذبوا به من قبل» [18] . و في محاسن البرقي باب بدو الخلق من کتاب مصابيح الظلم باسناده الصحيح عن زراره عنه (عليه السلام) في هذه الايه قال: کان معاينه لله (عز و جل) [19] فانساهم المعاينه واثبت الاقرار في صدورهم، و لولا ذلک ما عرف احد خالقه ولا رازقه و هو قول الله تعالي «ولئن سالتهم من خلقهم ليقولن الله». و في کتاب العلل للصدوق (عليه الرحمه) باسناد موثق عن زراره قال: سالت اباجعفر (عليه السلام) عن قول الله (عز و جل) الايه قال: ثبتت المعرفه و نسوا الوقت (الموقف خ ل) و سيذکرونه يوما، و لولا ذلک لم يدر احد من خالقه و لا من رازقه. و نحوهما في تفسير العياشي عن زراه عنهما (عليهماالسلام) وقد تقدم بعض ما دل علي ذلک ايضا في اخبار تقدم خلق الارواح عن العلل والکافي والمحاسن باسانيد عنهما (عليهماالسلام) بعضها صحيح و بعضها موثق او قوي.

هذا و يستفاد ايضا من عده نصوص اخر ان اخذ الميثاق علي الذر کان من الطينه الاوليه قبل خلق آدم (عليه السلام) ففي الکافي ابواب طينه المومن باسناده الصحيح عن زراره ان رجلا سال اباجعفر (عليه السلام) [20] عن قول الله (عز و جل): «واذ اخذ ربک من بني آدم» الايه فقال: حدثني ابي ان الله (عز و جل) قبض قبضه من تراب التربه التي خلق منها آدم (عليه السلام) فصب عليها الماء العذب الفرات، ثم ترکها اربعين صباحا، ثم


صب عليها الماء المالح الاجاج فترکها اربعين صباحا، فلما اخترمت الطينه اخذها فعرکها عرکا شديدا، فخرجوا کالذر من يمينه و شماله، وامرهم جميعا ان يقعوا في النار، فدخل اصحاب اليمين فصارت عليهم بردا و سلاما، و ابي اصحاب الشمال ان يدخلوها.

و فيه ايضا باسناد صحيح عن الحلبي عن ابي عبدالله (عليه السلام) ان الله (عز و جل) لما اراد ان يخلق آدم (عليه السلام) ارسل الماء علي الطين، ثم قبض قبضه فعرکها، ثم فرقها فرقتين بيده، ثم ذراهم فاذا هم يدبون، ثم رفع لهم نارا فامر اهل الشمال ان يدخلوها فذهبوا اليها فهابوها فلم يدخلوها، ثم امر اهل اليمين ان يدخلوها فدخلوها فامر الله (عز و جل) النار فکانت عليهم بردا و سلاما، فلما راي ذلک اهل الشمال قالوا: ربنا اقلنا فاقالهم، ثم قال لهم: ادخلوها فذهبوا فقاموا ولم يدخلوها، فاعادهم طينا و خلق منها آدم الحديث. و هو صريح فيما ذکرنا، و نحوه ما في خبر عبدالله بن سنان عنه (عليه السلام) المروي فيه بعد ابواب طينه المؤمن حيث ان فيه فقال تعالي لهم: کونوا طينا باذني فخلق منه آدم (عليه السلام).

و مقتصي الجمع بين هذه النصوص هو القول بتکرر اخراج الذر واخذ الميثاق، کما حکي المجلسي (رحمه الله) في المرآه کتاب الحجه باب نتف و جوامع مثل ذلک عن المحدث الاسترابادي فيما فهمه من روايات الائمه (عليهم السلام) و يوديه ما في تفسير علي بن ابراهيم باسناده عن علي بن معمر عن ابيه سالت اباعبدالله (عليه السلام) عن قول الله (عز و جل) «هذا نذير من النذر الاولي» قال: ان الله تعالي لما ذرا الخلق في الذر الاول، فاقامهم صفوفا قدامه بعث الله محمدا (صلي الله عليه و آله و سلم) فامن به قوم و انکره قوم، فقال الله تعالي «هذا نذير من النذر الاولي» يعني به محمدا (صلي الله عليه و آله و سلم) حيث دعاهم الي الله


(عز و جل) في الذر الاول. و نحوه باختصار من اوله في بصائر الدرجات الجزء الثاني باب ان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) عرف ما راي في الاظله والميثاق.

وقد يحتمل ان يکون المراد بظهر آدم في الاخبار الاولي طينته الاوليه، و بخلقه تقديره في علم الله، او تسويته قبل نفخ الروح فيه فيجمع بين النصوص المذکوره و غيرها بذلک و يحمل ما في بعضها من قول آدم و سواله علي غير ظاهره کلسان الحال لکنه تأويل بعيد لاداعي اليه و ابعد منه تاويل جميع هذه النصوص و نحوها الوارده لاثبات عالم الذر بالاستعاره والتمثيل و ان المراد استنطاق حقائق بني آدم بالسنه قابليتها و استعداد ذواتها حينما کانت نفوسهم في اصلاب عقليه و معادن اصليه، و مکنها الله تعالي من العلم بربوبيته و اعطاها شهود هوياتهم فصار ذلک بمنزله الاشهاد والاقرار بالقول نظير قوله تعالي «فقال لها وللارض اتيا طوعا او کرها قالتا اتينا طائعين» فان هذا النحو من التاويل طرح لظواهر کلمات اهل البيت المعصومين (عليهم السلام) و مناف لوجوب التعبد بها مع عدم لزوم محذور عقلي فيه. قال المجلسي (رحمه الله) في البحار باب الطينه والميثاق من الجزء الخامس بعد نقل کلام المفيد (عليه الرحمه) في ذلک: ان بتلک الدلائل الضعيفه لايمکن الاجتراء علي طرح خبر واحد فکيف يمکن بامثالها طرح تلک الاخبار الکثيره والموافقه لظاهر الآيه الکريمه.

نعم لايمکن لاحد منا ادعاء العلم بکليفيه اخراج الذرات و حقيقه وجودها وصورها والسنه نطقها علي نحو ما للانسان في هذه النشاه الدنيويه و غير ذلک من صفات الاجسام، لکن لايقتضي ذلک جواز انکار اصلها او تاويل النصوص بغير ظاهرها سيما و ان في بعضها ما لا يقبل


التاويل المذکور اصلا، مثل ما رواه في الکافي و غيره ان الامام الصادق (عليه السلام) سئل کيف اجابوا و هم ذر فقال: جعل فيهم ما اذا سالهم اجابوه. و في تفسير العياشي انه (عليه السلام) سئل انهم قالوا بالسنتهم قال نعم و بقلوبهم فقيل له و اي شي ء کانوا يومئذ قال (عليه السلام): صنع منهم ما اکتفي به. و من اراد التوسع في ذلک والاطلاع علي کثره هذه الاخبار و تواترها و مبلغ مفادها فليراجع الکافي والوافي باب العرش والکرسي من کتاب التوحيد، و باب نکت من التنزيل في الولايه [21] و باب اخذ الميثاق بولايتهم من کتاب الحجه و ابواب طينه المومن والکافر و ما بعدها من کتاب الايمان والکفر، و ما ورد في بدو حجر الاسود و عله استلامه من کتاب الحج و ما ورد في عزل الرجل عن زوجته عند الجماع. و في بدو خلق الانسان من کتاب النکاح، و راجع البحار الجزء الثالث من طبعته الجديده باب الدين الحنيف والتعريف في الميثاق، والجزء الخامس باب الطينه والميثاق، والجزء السادس والعشرين باب تفضيل الائمه (عليهم السلام) علي الانبياء واخذ ميثاقهم، والجزء السابع والستين باب طينه المومن، و غير ذلک من الابواب المطابقه او المناسبه لما ذکر من الکافي.

و راجع ايضا تفسير البرهان في الايه المبارکه، و من کتب العامه تفسير الطبري والخازن والدر المنثور، فقد حکي فيها عن ابن عباس و ابن مسعود و ناس من الصحابه و غيرهم تفسير الايه بذلک لما رووه عن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) من التصريح بهذا التفسير، فعن ابن


عباس (رضي الله عنه) [22] عن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) قال: اخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعني عرفه، فاخرج من صلبه کل ذريه ذراها، فنثرهم بين يديه کالذر، ثم کلمهم قبلا [23] قال «الست بربکم قالوا بلي شهدنا» الي قوله تعالي «بما فعل المبطلون».

هذا و اما ظاهر الايه المبارکه فقد يقال بانه اجنبي عن ذلک، لان مفادها اخذ ذريه بني آدم من ظهور بني آدم لا اخذ ذريه آدم من صلبه، وان معني الذريه هو الاولاد، کما قال تعالي في آخر هذه الايه «و کنا ذريه من بعدهم» و قال في آيه اخري «کما انشاکم من ذريه قوم آخرين» و ما کان في صلب آدم (عليه السلام) اول خلقه او في طينته الاوليه لم يکن اولادا له و لذلک اختار جماعه [24] ان معني الايه اخراج اولاد بني آدم من اصلاب آبائهم و خلقهم من نطفهم في هذه الدنيا جيلا بعد جيل والتعبير بلفظه «اذ اخذ» الظاهره في الزمان الماضي لاجل ان کثيرا منهم قد مضي زمانهم حين نزول الايه، فيقاس عليهم من ياتي بعدهم، واشهادهم علي انفسهم اشاره الي ما جعل فيهم من قوه العقل و قدره الادراک، و جبلوا عليه في الفطره من معرفه خالقهم و رازقهم، و نصب لهم من الدلائل و آثار الصنعه علي ان لهم


محدثا بحيث قد اضطروا جميعا الي الاعتراف له تعالي بالربوبيه کما قال تعالي «قل من رب السماوات السبع و رب العرش العظيم سيقولون لله» و قال تعالي «و لئن سئلتهم من خلقهم ليقولن الله فاني يوفکون» و غير ذلک من الايات الکثيره. ولا ريب ان ذلک من قسم الاشهاد علي النفس والاقرار عليها، وان لم تکن في الخارج صوره سوال و جواب، فالايه بما انها وارده في سوره الاعراف تلو آيات في شان بني اسرائيل و ما ذکرهم الله تعالي به من الحجج والمواثيق، ناظره الي اتمام الحجه عليهم بانهم المسئولون عن کفرهم و عصيانهم في القيامه دون اسلافهم لما ثبت عليهم من الاقرار بعباده الله (عز و جل) المستلزمه لطاعته والايمان بالنبي (صلي الله عليه و آله و سلم).

ولکن التحقيق ان يقال: ان حمل الاشهاد والقول في الايه علي المعني المذکور مجازا او استعاره و تخييلا بعيد عن ظاهر الکلام هنا، و قياسه علي قوله بعض العرب انه قال الجدار للوتد لم تشقني فقال الوتد: اسال من يدقني، غير وجيه لان هذا کالشعر المنزه عنه کلام الله سبحانه، والتنظير له بقوله تعالي «فقال لها و للارض ائتيا طوعا او کرها قالتا اتينا طائيعن» فاسد لان الظاهر من الايات والنصوص ان لکل موجود من الحيوان والجماد ادراکا و شعورا و نطقا خاصا به زائدا علي ما فيه من الدلاله ذاتا علي حدوثه و مقهوريته، و لذا قال الله سبحانه «ولکن لا تفقهون تسبيحهم و قال (عز و جل) «طوعا او کرها» فان مقهوريتها الذاتيه بطبعها لا تکون الا طوعا مجازا، و اما صدر الايه فيجوز کما في بعض التفاسير حمله علي ان الله تعالي اخرج اولا ذريه آدم من ظهره، ثم اخرج من ذريته ذريتهم، و ليس معني الذريه خاصا مما بعد الولاده في الدنيا، لکن لم يذکر في الايه اخراج ذريه آدم، ولم يتعرض في النصوص للترتيب المذکور، کغالب القصص


القرآنيه حيث لا تعرض فيها لاکثر الخصوصيات [25] و لعله لعدم مدخليه ذکره هنا في غرض الاحتجاج، فبهذا يحصل التوفيق بين الآيه والنصوص، و من المعلوم انه يجوز رفع اليد في الجمله عن ظاهر الايات اذا ورد تفسيرها عن المعصوم (عليه السلام) بنص صحيح کقوله تعالي «الرحمن علي العرض استوي».

ثم انه بعد التنزل عن ذلک و دعوي فساد حمل الايه علي ما ذکر نقول: ان کثيرا من نصوص المقام لاتعرض فيها للايه، ولا تنافي بينهما، فيستفاد من الايه معناها الظاهر المذکور و من هذه النصوص عالم الذر علي النحو الذي تقدم. و اما النصوص التي ذکر فيها تفسير الايه بذلک کبعض ما مر، فالمراد تاويلها و بيان المعني الباطن، فقد ثبت في احاديث اهل البيت (عليهم السلام) ان للقرآن الکريم ظاهرا و باطنا و تنزيلا و تاويلا وانه لايعلم تاويله غير الله تعالي الا النبي والراسخون في العلم من عترته (عليهم صلوات الله) فيمکن ان يکون المراد ان ما ذکره الله تعالي في هذه الايه من اعتراف الناس بفطرتهم و طبعهم في هذه الدنيا بالربوبيه لله سبحانه له سر معنوي تقصر عنه عقولهم، و هو ما سبق لهم في الذر قبل خلقهم کما مر في النصوص انه لولا ذلک لم يدر احد من خالقه ورازقه، و مثل هذا التاويل لآيات القرآن کثير في اخبار اهل البيت (عليهم السلام) و ربما يطعن عليها الغافل لزعمه ان المراد بها بيان المعني الظاهر للايه مع کون ظاهرها امرا آخرا کتفسير قوله تعالي عم يتسائلون بولايه علي (عليه السلام).

واما الاشکالات العقليه علي عالم الذر، فاجمال ما فيها من وجوه


الدفع اولا: انها ليست برهانا علي امتناع تلک النشاه، وانما هي شبهه في مقابل الدليل لايتيسر حلها حيث لايعلم رمز بطلانها من اجل ان العقول مانوسه بالعالم المادي و قاصره عن حقيقه ما سواه من العوالم الغيبيه، کاحوال الجنه والنار والبرزخ، فربما يکون الميت بين ايدينا او في قبره معذبا بانواع النقمات او مرزوقا بالنعم، کما هو المستفاد من الايات والاخبار، ولا تدرک حواسنا الظاهره شيئا منها.

و ثانيا: نقول في دفع الاشکالات الثلاث المذکوره اول البحث ان الحجه تتم علي الناس في هذا العالم بمعرفتهم طبعا لخالقهم اجمالا، و هي بسبب ما حدث لهم في تلک النشاه، کما صرح به الامام الباقر و الصادق (عليهماالسلام) في احاديث زراره و ابن مسکان المتقدمه و ان الذريه الماخوذه من ظهر آدم او من طينته الاصليه کما تقدم کلاهما في النصوص ليست من المواد والاجرام الارضيه التي تتحول الي النطفه، بل هي اجزاء لطيفه عاليه تمتزج بنحو خاص في المواد الارضيه ليتکون منهما الانسان بامر خالقه، فان في هذا العالم اسرارا غيبيه لايعلمها غير الله سبحانه، فقد ثبت بالاکتشاف الجديد والالات الدقيقه ان في قطره دم او نطفه من الانسان ذرات کثيره من الجراثيم، و مع ذلک يمکن ان يکون فيها اشياء لم تصل اليها يد الاکتشاف، او لن تصل اليها ابدا، فاذا کان هذا شان الذرات الارضيه القابله للادراک بالحواس الظاهره، فکيف لايجوز وجود ذرات عاليه الطف من ذلک في ظهر آدم اوفي طينته تکون اصلا او دخيلا في انسانيه الانسان، واما سائر الاشکالات الاخر فيظهر دفعها بنحو ذلک، کما اشار اليه الفخر الرازي في تفسيره عند بحثه الطويل للايه.

هذا محصل ما عندي من التحقيق في عالم الذر، و اجماله انه ثابت بالنصوص الکثيره المعتبره، و لا دليل عقلا علي استحالته، و لا ينافيه ظاهر


الايه الکريمه، وقد عبر عنه في بعض الاخبار بالاظله کما مر، او بالظلال کما ياتي في خبر الکافي، و عبر عنه ايضا في بعضها بالاشباح، وقد يقال کما حکاه الطبري في جامعه انه عالم الارواح، و لعله يظهر من الخبر المتقدم في اول الباب عن علل الصدوق (عليه الرحمه) لکن المستفاد من النصوص المتقدمه في الارواح خلافه، حيث صرح فيها بتقدم خلقها علي الابدان او علي الاجساد بالفي عام، و في بعضها قبل ان يخلق آدم (عليه السلام) و علي کل فهذا امر آخر لسنا بصدد تحقيقه، بل قد يشکل ذلک لغموض الاخبار فيه، والله العالم.

اذا تبين ذلک کله فاعلم انه قد ورد في اخبار کثيره متضافره ان لرسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و علي و فاطمه و کذا الائمه الطاهرين من اولادها (عليهم السلام) في تلک العوالم الروحانيه مقامات عاليه و کرامات ساميه و برکات عظيمه، و قربا معنويا من الله تعالي، مثل ان خلق ارواحهم من نور عظمه الله و کان ذلک قبل خلق سائر الاشياء من الارض والسماء والماء والهواء والعرش والملائکه و غير ذلک من المخلوقات، و ان الله تعالي لما خلق هذه الاشياء اشهدهم خلقها و عرضها عليهم و اجري عليها طاعتهم، وانهم کانوا اشباح نور حول العرش في اظلله خضراء بين يدي الله سبحانه يعبدونه و يسبحونه و يهللونه، و بتسبيحهم و تهليلهم سبحت الملائکه و هللت، و انه حنيما اخذ الله تعالي علي خلقه الميثاق لنفسه بالربوبيه کانوا اول من اقر بها بعد رسوله (صلي الله عليه و آله و سلم) فحملهم العلم والدين، ثم اخذ علي سائر خلقه الميثاق لهم بالطاعه والولايه، و ان آدم (عليه السلام) لما خلقه الله واسجد له الملائکه نظر الي ساق العرش فراي مکتوبا عليه اسماء محمد و علي و فاطمه والحسن والحسين و نعوتهم (عليهم السلام) فسال عنهم، فقال الله (عز و جل): من


ذريتک و هم خير منک و من جميع خلقي، و لولاهم ما خلقتک و لا خلقت الجنه والنار و لا السماء و الارض [26] و ان الله تعالي امر الملائکه بالسجود لادم لان انوارهم في صلبه، و غير ذلک من انحاء القدس والعظمه والجلال بفضل الله الکبير المتعال.


هم النور نور الله جل جلاله

هم التين والزيتون والشفع والوتر


و اسمائهم مکتوبه فوق عرشه

و مکنونه من قبل ان يخلق الذر


و لولاهم لم يخلق الله آدما

و لا کان زيد في الانام و لا عمرو


و لا سطحت ارض و لا رفعت سما

و لا طلعت شمس و لا اشرق البدر


سري سرهم في الکائنات و فضلهم

و کل نبي فيه من سرهم سر [27] .


و قال الصدوق (رحمه الله) في رساله الاعتقادات: يجب ان يعتقد ان الله تعالي لم يخلق خلقا افضل من محمد و اهل بيته (عليهم الصلاه والسلام) وانهم احب الخلق الي الله واکرمهم و اولهم اقرارا به لما اخذ الله ميثاق النبيين، و ان الله تعالي بعث نبيه محمدا (صلي الله عليه و آله و سلم) للانبياء في الذر، و ان الله (عز و جل) اعطي ما اعطي کل نبي علي قدر معرفته و معرفه نبينا و سبقه الي الاقرار به، و نعتقد ان الله تعالي خلق جميع الخلق له و لاهل بيته (عليهم السلام) و انه لولاهم لما خلق الله سبحانه السماء والارض و لا الجنه و النار و لا آدم و حواء و لا الملائکه و لا شيئا مما خلق.


اقول: وقد کان بنائي اولا علي ترک النقل للنصوص في ذلک هنا، لغموض مغزاها و صعوبه تحملها علي الناس القاصرين، ثم بدا لي التعرض لنزر منها، فانها اکثر من ان تحيط بها هذه الرساله بل من الجدير ان توضع لها رساله علي حده جامعه للتحقيق في اسانيدها و متونها، والتفصيل لشرحها بقدر ما تدرکه الافهام العاديه، و اني قد اردت حينا ان اتصدي لذلک، لکن لم يحصل التوفيق لا کماله، فمن حبس نفسه علي نشر الحقائق و اراد ذلک ابتغاء مرضاه الله فليراجع بحار الانوار و سائر المصادر المذکوره هنا في الابواب المشار اليها في المتن او التعليقه للاخبار المتقدمه والتاليه، و يراجع غايه المرام للعالم المتبحر السيد هاشم البحراني (رحمه الله تعالي) في بابيه الاولين، فاقول و بالله التوفيق:

الحديث الاول: روي الصدوق (عليه الرحمه) في کتاب العلل [28] باسناده عن معاذ بن جبل ان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) قال: ان الله (عز و جل) خلقني و عليا و فاطمه والحسن والحسين (عليهم السلام) قبل ان يخلق الدنيا بسبعه آلاف عام قلت: فاين کنتم يا رسول الله؟ قال: قدام العرش نسبح الله و نحمده و نقدسه و نمجده، قلت: علي اي مثال؟ قال: اشباح نور حتي اذا اراد الله تعالي ان يخلق صورنا صيرنا عمود نور، ثم قذفنا في صلب آدم، ثم اخرجنا الي اصلاب الاباء و ارحام الامهات، و لا يصيبنا نجس الشرک ولا سفاح الکفر. الخبر.


الثاني: روي علي بن محمد الخزاز القمي [29] في کتابه کفايه الاثر باب ما جاء من انس بن مالک باسناده عنه عن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) في حديث، قال: خلقني الله تعالي واهل بيتي من نور واحد قبل ان يخلق آدم بسبعه آلاف عام، ثم نقلنا الي صلب آدم، ثم نقلنا من صلبه في اصلاب الطاهرين الي ارحام الطاهرات، فقلت: يا رسول فاين کنتم و علي اي مثال کنتم؟ قال: کنا اشباحا من نور تحت العرش نسبح الله و نمجده. الخبر و فيه النص علي امامه اثني عشر من اهل البيت باسمائهم.

اقول: النصوص في ان الله تعالي جعل انوار خلق النبي والائمه (عليهم صلوات الله) في صلب آدم عند خلقه، ثم نقلها الي الاصلاب الشامخه والارحام المطهره کثيره في ضمن نصوص المقام من ابواب بدو خلقهم، و في باب تفضيلهم علي الملائکه، و باب خلق آدم و امر الملائکه بالسجود له، کما ورد من طرق الخاصه والعامه [30] تاويل قوله تعالي في آخر سوره الشعراء «و تقلبک في الساجدين» بتنقله (صلي الله عليه و آله و سلم) في اصلاب الانبياء من نبي الي نبي حتي اخرجه الله تعالي من صلب ابيه، و معلوم ان هذه الانوار غير المواد العاليه النوريه الحادثه في اصلاب آبائهم (عليهم السلام) عند خلقهم في الدنيا حيث مر في احاديث


خلق الزهراء (سلام الله عليها) انه کان من ثمار الجنه تناولها النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) ليله المعراج، و ان خلق سائر الائمه (عليهم السلام) من قطره ماء تحت العرش تنزل علي ما ياکله والده، و بالجمله فهذا من الغيوب التي تقصر العقول عن لمس ما دونه کما قال النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) لجابر ان امرهم يجل عن ان يوصف، و احوالهم تدق عن ان تعلم، لانهم نجوم الله في ارضه، الخبر وقد مر تمامه في تذييل الباب الاول.

الثالث: روي الصدوق في معاني الاخبار [31] باسناده عن المفضل بن عمر قال ابو عبدالله الصادق (عليه السلام): ان الله تعالي خلق الارواح قبل الاجساد بالفي عام، فجعل اعلاها و اشرفها ارواح محمد و علي و فاطمه والحسن والحسين والائمه من بعدهم (صلوات الله عليهم) فعرضها علي السماوات والارض والجبال، فغشيها نورهم، فقال الله تعالي للسماوات والارض والجبال: هولاء احبائي واوليائي و حججي علي خلقي و ائمه بريتي ما خلقت خلقا هو احب الي منهم، و لمن تولاهم خلقت جنتي، و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري الي آخر الحديث، و هو طويل ذکر فيه ان آدم راي منزلتهم في الجنه فوجدها اشرف منازلها، و راي اسمائهم مکتوبه علي ساق العرش بنور من نور الجبار جل جلاله فسال الله (عز و جل) عنهم، فقال الله تعالي: لولاهم ما خلقتکما هولاء خزنه علمي و امنائي علي سري، و لما عصي آدم و اخرج من الجنه قالا: اللهم انا نسئلک بحق الاکمرمين عليک محمد و علي و فاطمه والحسن والحسين والائمه (عليهم السلام) الا تبت علينا و رحمتنا، فتاب الله عليهما انه هو التواب الرحيم.


الرابع: روي ايضا في العلل و عيون الاخبار و کمال الدين [32] باسناده عن الامام الرضا عن آبائه عن اميرالمؤمنين (عليهم السلام) قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): ما خلق الله (عز و جل) خلقا افضل مني و لا اکرم عليه مني، فقلت: يا رسول الله فانت افضل او جبرئيل؟ فقال: ان الله تبارک و تعالي فضل انبيائه المرسلين علي ملائکته المقربين، و فضلني علي جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لک يا علي وللائمه من بعدک، ولولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ولا الجنه ولا النار ولا السماء ولا الارض، فکيف لا نکون افضل من الملائکه وقد سبقناهم الي معرفه ربنا و تسبيحه و تهليله و تقديسه، لان اول ما خلق الله (عز و جل) خلق ارواحنا فانطقنا بتوحيده و تحميده، ثم خلق الملائکه الي ان قال النبي (صلي الله عليه و آله و سلم): ثم ان الله تعالي خلق آدم (عليه السلام) فاودعنا صلبه وامر الملائکه بالسجود له تعظيما لنا و اکراما و کان سجودهم لله (عز و جل) عبوديه ولادم اکراما و طاعه لکوننا في صلبه الحديث و هو طويل.

الخامس: و روي في کتابه فضائل الشيعه [33] عن ابي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: کنا جلوسا مع رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) اذ اقبل رجل، فقال: يا رسول الله اخبرني عن قوله (عز و جل) «استکبرت ام کنت من العالين» فمن هو الذي اعلي من الملائکه؟ فقال (صلي الله عليه و آله و سلم): انا و علي و فاطمه والحسن والحسين کنا في


سرادق العرش نسبح الله و تسبح الملائکه بتسبيحنا قبل ان يخلق الله (عز و جل) آدم بالفي عام، فلما خلق الله (عز و جل) آدم امر الملائکه ان يسجدوا له ولم يامرنا بالسجود فسجد الملائکه کلهم الا ابليس فانه ابي ولم يسجد، فقال الله تبارک و تعالي «استکبرت ام کنت من العالين» عني من هولاء الخمسه المکتوبه اسمائهم في سرادق العرش، فنحن باب الله الذي يؤتي منه، بنا يهتدي المهتدي، فمن احبنا احبه الله و اسکنه جنته و من ابغضنا ابغضه الله و اسکنه ناره، و لا يحبنا الا من طاب مولده.

و هذه الخبر رواه السيد شرف الدين الحسيني الاسترابادي من علماء القرن العاشر في کتاب تاويل الايات [34] عن ابي جعفر محمد بن بابويه و هو الصدوق (رحمه الله) و رواه ايضا في البحار الجزء 26 باب فضل النبي و اهل بيته (عليهم السلام) علي الملائکه عن کتاب کنز جامع الفوائد و هو مختصر من تاويل الايات المذکور، کما صرح به في اول البحار، الا انه ذکر فيهما: فلما خلق الله (عز و جل) آدم امر الملائکه ان يسجدوا له و لم يومروا بالسجود الا لاجلنا، فسجدت الملائکه الخ. ولا ينافي هذا الخبر ما مر في خبري معاذ و انس من ان خلقهم کان قبل خلق الدنيا و آدم بسبعه آلالف عام، و في خبر قبيصه الجعفي عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: کنا اشباح نور حول العشر نسبح الله قبل ان يخلق آدم بخمسه عشر الف


عام، و في غيره اکثر من ذلک او اقل [35] ، فان هذا من احوال العوالم الغيبيه العلويه التي لا مدخل فيها للزمان والاعوام بالعد والحساب، والمراد طول الدهر، فيمکن فيها اختلاف التعابير، والله العالم.

السادس: روي الشيخ ابو عبدالله بن عياش [36] في کتابه مقتضب الاثر في النص علي الائمه الاثني عشر باسناده عن سلمان (رضي الله عنه) عن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) قال في حديث: يا سلمان خلقني الله من صفوه نوره و دعاني فاطعته، و خلق من نوري نور علي فدعاه الي طاعته فاطاعه، و خلق من نوري و نور علي فاطمه فدعاها فاطاعته، و خلق مني و من علي و فاطمه الحسن والحسين فدعاهما فاطاعاه الي ان قال: ثم خلق منا و من نور الحسين تسعه ائمه فدعاهم فاطاعوه قبل ان يخلق الله (عز و جل) سماءا مبنيه او ارضا مدحيه او هواءا و ماءا و ملکا و بشرا، و کنا بعلمه انوارا نسبحه و نسمع له و نطيع الخبر.

و رواه الطبري الامامي (رحمه الله) في دلائل الامامه باب معرفه القائم (عليه السلام) والحسين بن حمدان الخصيبي [37] في کتابه الهدايه


الکبري بالاسناد عن سلمان (رضي الله عنه) و قوله (عليه السلام) کنا بعلمه اي بسبب علمه تعالي بمصالح الخلق و حاجتهم الي وساطه الحجه والرحمه والفضل جعلنا انوارا مسبحين. نظير ما في قوله تعالي في سوره النساء «لکن الله يشهد بما انزل اليک انزله بعلمه» او کقوله تعالي «تجري باعيننا» «واصنع الفلک باعيننا» والله العالم.

السابع: روي السيد المذکور آنفا في کتابه تاويل الايات عن صاحب کتاب الواحده باسناده عن ابي حمزه الثمالي عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) قال اميرالمؤمنين (عليه السلام): ان الله تعالي احد واحد تفرد في وحدانيته، ثم تکلم بکلمه فصارت نورا، ثم خلق من ذلک النور محمدا (صلي الله عليه و آله و سلم) و خلقني و ذريتي، ثم تکلم بکلمه فصارت روحا فاسکنه الله في ذلک النور، واسکنه في ابداننا، فنحن روح الله و کلماته، و بنا احتجب عن خلقه، فما زلنا في ظله خضراء حيث لاشمس و لا قمر ولاليل و لانهار و لاعين تطرف نعبده و نقدسه و نسبحه قبل ان يخلق خلقه و اخذ ميثاق الانبياء بالايمان والنصره لنا، و ذلک قوله (عز و جل): «واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتکم من کتاب و حکمه ثم جائکم رسول مصدق لما معکم لتومنن به «يعني بمحمد (صلي الله عليه و آله و سلم) و لتنصرن وصيه الخبر.

و رواه في البحار الجزء 15 الباب المذکور، والجزء 26 باب تفضيلهم (عليهم السلام) علي الانبياء عن کتاب کنز جامع الفوائد، وقد مر انه مختصر من تاويل الايات، و ذکر في البحار في الموضع الثاني ان قوله (عليه


السلام) بنا احتجب اي جعلنا حجابا بينه و بين خلقه، او احتجب معنا عن خلقه فجعلنا محجوبين عنهم.

قلت: ولکن رواه الحسن بن سليمان الحلي في کتابه الموسوم في طبعه بمختصر بصائر الدرجات عن کتاب الواحده بالسند المذکور في تاويل الايات والموجود فيه مکان ما ذکر فبنا احتج علي خلقه [38] و هذا اظهر. ولا يخفي ان ما ذکر في الخبر من معني الايه فانما هو من قبيل التاويل والمعني الباطن نحو ما ذکرنا هنا في آيه الذر، فقد مر آن ذلک ثابت في اخبار اهل البيت (عليهم السلام) والنصوص الوارده عنهم في تاويل الايه المذکوره بما ذکر او نحوه مستفيضه، فراجع تفسير البرهان والبحار باب تفضيل الائمه علي الانبياء (عليهم السلام) و علي غيرهم من الجزء 26 فلا ينافي ذلک تفسيرها في کتب الخاصه والعامه و اخبار اهل البيت (عليهم السلام) بمعناه الظاهر علي اختلاف بينهم في ذلک ايضا کما في مجمع البيان والله العالم.

الثامن: روي الصدوق (رحمه الله) في کمال الدين [39] باسناده عن الامام الصادق (عليه السلام) ان الله تبارک و تعالي خلق اربعه عشر نورا قبل خلق الخلق باربعه عشر الف عام فهي ارواحنا، فقيل له: يا ابن رسول الله


و من الاربعه عشر؟ فقال: يا محمد و علي و فاطمه والحسن والحسين والائمه من ولد الحسين آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته.

و رواه في البحار ايضا عن الحسن بن سليمان الحلي عن کتابه المحتضر بالحاء المهمله والضاد المعجمه و هو غير المختصر المتقدم ذکره آنفا، رواه عن کتاب منهج التحقيق باسناده عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) و فيه خلق اربعه عشر نورا من نور عظمته قبل خلق آدم باربعه عشر الف عام فهي ارواحنا الخ... وقد تقدم انه لاتنافي بين التحديد باربعه عشر في هذا الخبر و بين ما في غيره من الاقل او الاکثر، و ذکر في البحار في باب بدو خلقهم وجوها اخر لعدم التنافي، فراجع.

التاسع: روي ايضا في کمال الدين [40] باسنادين عن الامام الصادق (عليه السلام) ان الله تبارک و تعالي علم آدم (عليه السلام) اسماء حجج الله کلها، ثم عرضهم و هم ارواح علي الملائکه، فقال: ابنئوني باسماء هولاء ان کنتم صادقين بانکم احق بالخلافه في الارض لتسبيحکم و تقديسکم من آدم قالوا سبحانک لا علم لنا الا ما علمتنا انک انت العليم الحکيم، قال الله تبارک و تعالي: يا آدم انبئهم باسمائهم فلما انباهم باسمائهم وقفوا علي عظيم منزلتهم عندالله تعالي، فعلموا انهم احق بان يکونوا خلفاء الله في ارضه و حججه علي بريته، ثم غيبهم عن ابصارهم و استعبدهم بولايتهم و محبتهم و قال لهم: الم اقل لکم اني اعلم غيب السماوات والارض واعلم ما تبدون و ما کنتم تکتمون.


وورد في التفسير المنسوب الي امامنا العسکري (عليه السلام) [41] ان الله تعالي قال: «و علم آدم الاسماء کلها» اسماء انبياء الله و اسماء محمد و علي و فاطمه والحسن والحسين (عليهم السلام) والطيبين من آلهما و خيار شيعتهم و عتاه اعدائهم «ثم عرضهم» عرض محمدا و عليا والائمه «علي الملائکه» اي عرض اشباحهم و هم انوار في الاظله الي آخره بنحو ما مر من حيث المعني. و لاينافيهما ما ورد ايضا في هذا التفسير و غيره مکما في البحار الجزء 11 باب سجود الملائکه، من ان الله تعالي علم آدم اسماء کل شي ء من الارضين والجبال والنبات و غيرها، فانه يجوز ان يعلمه [42] اسماء جميع الموجودات التي يحتاج آدم الي معرفتها في التعيش والتکلم و تحصيل الفضل و الکمال، ثم يعرض الله سبحانه علي الملائکه لامتحانهم والرد عليهم خصوص بعض الاعيان التي لها اهميه کبري في معرفه اسمائها واحوالها من انوار حجج الله تعالي و ائمه الخلق، و لا دليل علي وجوب رجوع ضمير الجمع المذکر الي جميع الاسماء کما قيل، او الي جميع اعيانها کما في تفاسير العامه، فان في القرآن الکريم رموزا و اشارات لايعرفها الا من انزله الله تعالي في بيوتهم و خوطبوا به کما قاله الامام الباقر (عليه السلام) في حديث [43] لقتاده بن دعامه البصري المعروف عند العامه


بالفقه و تفسير القرآن و ياتي هنا في الحديث الرابع عشر کلام آخر معه.

العاشر: روي الشيخ الکيني (رحمه الله) في الکافي [44] باسناده عن الامام الصادق (عليه السلام) قال الله تعالي يا محمد اني خلقتک و عليا نورا يعني روحا بلا بدن قبل ان اخلق سماواتي و ارضي وعرشي و بحري، فلم تزل تهللني و تمجدني، ثم جمعت روحيکما فجعلتهما واحده، فکانت تمجدني و تقدسني و تهللني، ثم قسمتهما ثنتين و قسمت الثنتين ثنتين فصارت اربعه محمد واحد و علي واحد و الحسن والحسين ثنتان، ثم خلق الله تعالي فاطمه من نور ابتداها روحا بلا بدن، ثم مسحنا بيمينه فافضي نوره فينا.

اقول: ذکر الاصحاب في شرح هذا الحديث وجوها اوضحها واقربها بسائر الاخبار ما ذکره المجلسي (عليه الرحمه) في البحار والمرآه، و حاصله ان المراد بقوله «ثم جمعت روحيکما» يعني جعل ماده بدنهما في صلب آدم، و قوله «فکانت تمجدني» يعني بنفسها او بتوسط الطينات المقدسه، و قوله «ثم قسمتها ثنيتن» يعني في عبدالله و ابي طالب، و قوله «ثم قسمت الثنتين ثنتين» يعني بعد انتقالهما في علي و فاطمه، فقوله «ثم خلق الله فاطمه من نور ابتداها روحا بلا بدن» ليس للترتيب الذکري و انما هو راجع الي ما بعد خلق النور الاول او بعد الجمع و قبل قسمه الثنتين، و قوله «ثم مسحنا بيده» من کلام الامام الصادق (عليه السلام) و هو کنايه عن التفضل والرحمه باجراء نوره في الائمه ايضا بالتوالد والتناسل، و في بعض النسخ ثم مسحهها و في نسخه فاضاء نوره فينا، والله العالم.

الحادي عشر: روي في الکافي ايضا [45] باسناده عن جابر بن يزيد


الجعفي قال ابوجعفر الباقر (عليه السلام): ان الله اول ما خلق خلق محمدا و عترته الهداه المهتدين، فکانوا اشباح نور بين يدي الله قلت: و ما الاشباح؟ قال: ظل النور ابدان نورانيه بلا ارواح، و کان مويدا بروح واحده و هي روح القدس فيه کان يعبد الله و عترته، و لذلک خلقهم حلماء علماء برره اصفياء يعبدون الله بالصلاه والصوم والسجود والتسبيح والتهليل و يصلون الصلوات و يحجون و يصومون.

اقول: تکرر في احاديث المقام ذکر الاشباح کما تقدم بعضها، و هي جمع الشبح بالتحريک، ففي تهذيب اللغه و لسان العرب هو ما يبدو للانسان شخصه من الناس و غيرهم، يقال شبح لنا اي مثل. و في الجمهره هو الشخص تراه من بعيد، فکان المراد في هذه الاخبار الهياکل الظاهره، و لذا فسر في هذا الخبر بابدان نورانيه، و لعل تفسيرها بظل النور من جهه اللطافه او التبعيه للاصل، واضافته اما بيانيه اي الظل الذي هو نور او معنويه اي الظل للنور الاول الذي خلقه الله (عز و جل) و خلق منه محمدا واهل بيته (عليهم السلام) کما في الاحاديث المتقدمه، فقد ورد في نصوص مستفيضه [46] انهم مخلوقون من نور الله او من نور عظمته او من نور الانوار. قال الامام علي بن الحسين (عليهماالسلام): ان الله خلق محمدا و عليا و احد عشر من ولده من نور عظمته، فاقامهم اشباحا في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق و يسبحون الله و يقدسونه، و هم الائمه من ولد رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) [47] .


و قوله (عليه السلام) ابدان نورانيه توضيح لکل من اشباح نور و ظل النور، و قوله «بلا ارواح» يعني الارواح الماديه المخلوقه في اجساد البشر لا انها کانت صورا محضه، فقد صرح في النصوص المتقدمه و غيرها بخلقهم ارواحا، وليس المراد بالنور هنا ما نراه باعيننا في العالم الجسماني، وانما هو من العوالم الروحانيه التي لايمکن ادراک حقيقته لمن قصرت حواسه و معرفته علي الامور الدنيويه، و غايته التشبيه بما في هذا العالم و الله العالم.

و لايخفي ان عالم الاشباح في کلام العلماء يراد به ذلک وقد يراد به عالم الذر و الميثاق و يقال لهما ايضا الاظله والظلال کما تقدم و ياتي في الاخبار، قال الشاعر:


يا اهل بيت رسول الله انکم

لاشرف الخلق جدا غاب او آبا


اعطاکم الله ما لم يعطه احدا

حتي دعيتم لعظم الفضل اربابا


اشباحکم کن في بدو الظلال له

دون البريه خزانا و حجابا


وانتم الکلمات اللاي لقنها

جبريل آدم عند الذنب اذتابا


و انتم قبله الدين التي جعلت

للقاصدين الي الرحمن محرابا [48] .




الثاني عشر: في الکافي ايضا [49] باسناده عن المفضل يعني ابن عمر قلت للصادق (عليه السلام): کيف کنتم حيث کنتم في الاظله؟ قال: کنا عند ربنا ليس عنده احد غيرنا في ظله خضراء نسبحه و نقدسه و نهلله و نمجده و ما من ملک مقرب و لاذي روح غيرنا حتي بدا له في خلق الاشياء، فخلق ما شاء کيف شاء من الملائکه و غيرهم، ثم انهي علم ذلک الينا.

اقول: الظاهر ان المراد بالاظله هنا عالم الاشباح المذکور في الخبر السابق و غيره و قوله (عليه السلام) کنا عند ربنا اي مقربين لديه سبحانه کقوله تعالي «في مقعد صدق عند مليک مقتدر» واحتمل المجلسي (رحمه الله) في المرآت و البحار ان يکون قوله في ظله خضراء کنايه عن معرفه الرب سبحانه اي کانوا مغمورين في انوار معرفته و مشعوفين به و قوله «حتي بدا له» اي اراد و قوله «ثم انهي» اي اوصل وابلغ علم المخلوقات الينا، نظير ما ياتي في الخبر التالي، والله العالم.

الثالث عشر: في الکافي ايضا [50] باسناده عن محمد بن سنان قال: کنت عند الامام ابي جعفر الثاني (عليه السلام) فاجريت اختلاف الشيعه، فقال: ان الله تعالي لم يزل متفردا بوحدانيه، ثم خلق محمدا و عليا و فاطمه


فمکثوا الف دهر ثم خلق جميع الاشياء فاشهدهم خلقها و اجري طاعتهم عليها و فوض امورها اليهم، فهم يحلون ما يشاوون و يحرمون ما يشاوون و لن يشاووا الا ان يشاء الله تبارک و تعالي، ثم قال (عليه السلام) يا محمد هذه الديانه التي من تقدمها مرق و من تخلف عنها محق، و من لزمها لحق خذها اليک.

اقول: قوله (عليه السلام) فاشهدهم خلقها اي خلقها بحضرتهم و علمهم، فکانوا مطلعين علي اسرار الخلق و کيفيته و اطواره و لاينافيه قوله تعالي «ما اشهدتهم خلق السماوات والارض و لاخلق انفسهم» لان ذلک راجع الي الشياطين او المشرکين لقوله تعالي قبله «افتتخدونه و ذريته اولياء من دوني وهم لکم عدو» فالمعني کيف تطيعون الشياطين و تولونهم ولم يعطهم لله تعالي اسرار خلقه، فيجوز ان يعطيها الله اوليائه و يشهدهم عليه، و لاجله يوجب علي سائر خلقه طاعتهم، کما قال الامام (عليه السلام) في هذا الخبر: اجري طاعتهم عليها، بل قد تکون الايه ظاهره في ذلک لان نفي اشهاد الخلق عن الشياطين بعد المنع عن اتخاذهم اولياء مشعر بتعليله بذلک، و مقتضاه ثبوت الاشهاد في اولياء الله الذين امر بطاعتهم و ولايتهم بقوله تعالي «انما وليکم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوه و يوتون الزکوه و هم راکعون».

و قوله (عليه السلام) و فوض امورها اليهم يعني في احکام الدين لا في التکوين من الخلق والرزق و غيرهما، لقوله (عليه السلام) بعده فهم يحلون ما يشاوون و يحرمون ما يشاوون، و يويده انه في البحار في فصل التفويض روي هذا الخبر بعينه عن کتاب رياض الجنان لفضل الله بن محمود الفارسي و ذکر فيه: و فوض امر الاشياء اليهم في الحکم والتصرف


والارشاد والامر والنهي في الخق لانهم الولاه، فلهم الامر والولايه والهدايه، فهم ابوابه و نوابه و حجابه، يحللون ما شاء و يحرمون ما شاء و لا يفعلون الا ما شاء عباد مکرمون لا يسبقونه بالقول و هم بامره يعلمون. و انه في غير واحد من الاخبار قد اطلق التفويض علي ذلک، مثل ما رواه عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: من احللنا له شيئا اصابه من اعمال الظالمين فهو له حلال، لان الائمه منا مفوض اليهم فما احلوا فهو حلال و ما حرموا فهو حرام.

و حاصل الکلام فيه ان ان الائمه الطاهرين (عليهم السلام) منعوا شديدا شيعتهم من القول بالتفويض في حقهم فيما يرجع الي الخلق والرزق و نحوهما من افعال الله لعباده حتي انه جعلوا القائل به مشرکا، والنصوص في ذلک کثيره صريحه اوردها في البحار باب نفي الغلو فيهم، و ما الحق به من فصل بيان التفويض من الجزء 25 وقد صرح بمعنعه و کفر القائل به علماء الشيعه، کشيخنا الصدوق في عقائده و شخينا المفيد (رحمهما الله تعالي) في شرحهها، و لافرق فيه بين القول باستقلال الائمه (عليهم السلام) في تلک الافعال وانها تصدر بقدرتهم و ارادتهم حقيقه و بين القول بان الله تعالي يفعلها عقيب ارادتهم، فان هذا و ان لم يکن مستحيلا عقلا، ولعل معجزات الانبياء (عليهم السلام) احيانا کشق القمر کانت بهذا النحو، لکن النصوص المشار اليها نافيه لذلک ايضا.

و اما في امور الدين فقد صرحت نصوص کثيره بثبوته لهم و عقد لها في الکافي و الوافي بابا خاصا بها الا ان مقتضي الجمع بينها و بين ماورد ايضا من الايات والنصوص الکثيره من اتباعهم لحکم الله تعالي و اتباع الائمه (عليهم السلام) لحکم الله و سنه نبيه (صلي الله عليه و آله و سلم)


و انهم لا يقولون شيئا بآرائهم [51] ان الله تعالي قد فوض الي النبي تشريع ما لم ينزل فيه حکم من الله فقال تعالي «و ما آتاکم الرسول فخذوه و ما نهاکم عنه فانتهوا» و قال «و لايحرمون ما حرم الله و رسوله» و غير ذلک من الايات الکريمه، مثل ما ورد منها في وجوب طاعته مضافا الي طاعه الله، و ذلک کتحريم کل مسکر، و زياده رکعتين في الصلوات الرباعيه، و تشريع نوافل الصلاه والصيام، و اطعام الجد من الارث مع اب الميت و غير ذلک.

ففي الکافي باسناده الصحيح عن زراره انه سمع ابا جعفر و اباعبدالله (عليهماالسلام) يقولون: ان الله تبارک و تعالي فوض الي نبيه (صلي الله عليه و آله و سلم) امر خلقه لينظر کيف طاعتهم، ثم تلا هذه الايه «ما آتاکم الرسول فخذوه و ما نهاکم عنه فانتهوا» واما ما نزل فيه حکم من الله فقد قال تعالي فيه «واتبع ما يوحي اليک من ربک» و قال تعالي: «قل ما يکون لي ان ابدله من تلقاء نفسي ان اتبع الا ما يوحي الي اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم».

و کذلک فوض الله سبحانه الي اوصيائه والائمه الطاهرين من اهل بيته (عليهم السلام) تطبيق ما شرعه الله و رسوله من الاحکام الدينيه الکليه علي مواردها الخاصه بحسب ما يرونه من المصالح الوقتيه ان الفرديه، و لعله لذلک ربما وقع بينهم اختلاف في بعض الموارد لتقيه و نحوها، مثل ما ورد عن الامام الرضا (عليه السلام) في وقت العدول من حج التمتع الي الافراد انه کان موسي بن جعفر (عليهماالسلام) يقول صبح يوم الترويه و کان جعفر او ابوه (عليهماالسلام) يقول زوال يوم الترويه ثم اختار هو الزوال.


کما فوض الله اليهم ايضا بيان بعض الاحکام في زمان، او لبعض المکلفين بحسب ما يرونه، نظير ما فوض الله تعالي الي سليمان بن داود (عليهماالسلام) بقوله «هذا عطاونا فامنن او امسک بغير حساب» فان تعذيب الشياطين في القيود ولو کانوا کفره فسقه او اطلاقهم منها من الاحکام الشرعيه و راجع الي الله تعالي، لکن فوضها عطاء الي نبيه الکريم علي ما يراه بغير حساب، اي من غير ان يحاسب عليه فيما يفعله. هذا اجمال الکلام المناسب للمقام في بحث التفويض و تفصيله في محل آخر [52] فلابد من تنزيل ما في الخبر المزبور علي القسم الجائز الثابت لهم بسائر الاخبار، والله العالم.

الرابع عشر: في الکافي ايضا [53] باسناده عن ابي حمزه الثمالي في حديث ان الامام اباجعفر الباقر (عليه السلام) قال لقتاده بن دعامه البصري فقيه البصره: ويحک يا قتاده ان الله (عز و جل) خلق خلقا من خلقه، فجعلهم حججا علي خلقه، فهم اوتاد في ارضه قوام بامره نجباء في علمه، اصطفاهم قبل خلقه اظله عن يمين عرشه، فسکت قتاده طويلا ثم قال: اصلحک الله والله لقد جلست بين يدي الفقهاء و قدام ابن عباس، فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامک، قال له ابوجعفر (عليه السلام): ويحک اتدري اين انت انت بين يدي بيوت اذن الله ان ترفع ويذکر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجاره و لا بيع عن ذکر الله و اقام الصلاه و ايتاء الزکاه، فانت ثم و نحن اولئک،


فقال قتاده: صدقت والله ما هي بيوت حجاره و لا طين. الحديث.

و فيه السوال عن اکل الجبن و حکمه (عليه السلام) بجوازه و عدم حرمته بما يجعف فيه من انفحه الميت، وقد اشرنا في آخر الحديث التاسع الي کلام آخر للامام الباقر (عليه السلام) لقتاده في تفسير القرآن، فلعله کان جزءا من هذا الحديث رواه غير ابي حمزه الثمالي، فصارا حديثين في الکافي.

فهذه اربعه عشر حديثا اخترتها للمقام بعدد المعصومين (عليهم السلام) و هي کما ذکرنا اولا جزء يسير من سائرها بحيث لاريب في جواز دعوي التواتر المعنوي لها، کما يعلم بمراجعه اجماليه الي الابواب المشار اليها للاخبار المذکوره هنا، وقد اعتني اصحابنا بشان هذه النصوص فاوردوها فيما صنفوه من کتب الفضائل و شروح الزيارات، لاسيما الزياره الجامعه الکبيره التي يشهد سبکها في النظم و المتانه بصدورها عن بيت الوحي والعصمه، وقد شرحها جماعه من العلماء [54] و فيها کلمات تدل علي المقام منها: خلقکم الله انوارا، فجعلکم بعرشه محدقين حتي من علينا بکم، فجعلکم في بيوت اذن الله ان ترفع و يذکر فيها اسمه، و جعل صلواتنا عليکم و ما خصنا به من ولايتکم طيبا لخلقنا و طهاره لانفسنا. الخ.


وقد مر ان الشيخ الصاوق (رحمه الله تعالي) جعل مضمون بعض النصوص من العقائد الواجبه، و روي بعضها باسانيد اهل السنه عن جماعه من الصحابه کما تقدم.

و روي في کتابي العلل و معاني الاخبار [55] عن احمد بن الحسين المرواني، قال: و ما لقيت انصب منه اي النصب بمعني العداوه لاميرالمؤمنين (عليه السلام) باسناده عن ابي ذر (رضي الله عنه) عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) يقول: خلقت انا و علي بن ابي طالب من نور واحد نسبح الله يمنه العرش قبل ان يخلق آدم بالفي عام، فلما ان خلق الله آدم جعل ذلک النور في صلبه، الي ان قال: فلم يزل ينقلنا الله (عز و جل) من اصلاب طاهره الي ارحام طاهره حتي انتهي بنا الي عبدالمطلب. الخبر.

و نحوه في البحار باب تاريخ ولاده اميرالمؤمنين (عليه السلام) عن امالي شيخنا الطوسي (رحمه الله) باسناده عن انس بن مالک عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) فقد اورد الشيخنان و غيرهما امثال هذا الخبر من طرق العامه تنبيها علي ان لايتوهم اختصاص روايه هذه الفضائل بالشيعه فتکون اثبت للحجه والزم علي المخالفين، مکما اوردوا في غير المقام لتاييد مذهب الشيعه في الاصول والفروع احاديث من طرق العامه لهذه العله.

هذا ولکن ذکرنا فيما سبق اتن شيخنا المفيد (رحمه الله تعالي) انکر عالم الارواح قبل الاجساد و عالم الذر والميثاق بالمعني المذکور سابقا، وانکر ايضا عالم الاظله والاشباح، فقال في اجوبه المسائل السرويه: ان الاخبار بذکر الاشباح تختلف الفاظها و تتباين معانيها، وقد بنت الغلاه


عليها اباطيل کثيره، و صنفوا کتبا لغوا فيها و هزووا فيما اثبتوا في معانيها، و اضافوا ما حوته الکتب الي جماعه من شيوخ اهل الحق، و تخرصوا الباطل باضافتها اليهم، من جملتها کتاب سموه کتاب الاشباح والاظله و نسبوا تاليفه الي محمد بن سنان، ثم قال: والصحيح في حديث الاشباح الروايه التي جائت عن الثقاه بان آدم (عليه السلام) راي علي العرش اشباحا يلمع نورها، فسال الله (عز و جل) عنها فاوحي الله اليه انها اشباح رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و اميرالمؤمنين و فاطمه والحسن والحسين (عليهم السلام) و اعلمه انه لولا الاشباح التي يراها ما خلقه و لاخلق سماءا ولا ارضا، و الوجه فيما اظهره الله تعالي من الاشباح والصور لادم ان يدله علي تعظيمهم و تبجيلهم، و جعل ذلک اجلالا لهم و مقدمه لما يفرضه من طاعتهم، و دليلا علي ان مصالح الدين والدنيا لاتتم الا بهم، ولم يکونوا في تلک الحال صورا مجيبه و لا ارواحا ناطقه، لکنها کانت صورا علي مثل صورهم في البشريه تدل علي ما يکونون عليه في المستقبل من الهيئه و النور الي آخر کلامه و فيه ان آدم لما تاب سال الله تعالي بحقهم فقبلت توبته.

و ظاهره ان تلک الاشباح انما کانت تصويرا محضا عنهم (عليهم السلام) لادم من دون ان يکون لها ماده اصيله او ارواح نوريه، وانما اظهر الله لادم (عليه السلام) تصاويرهم ليعلمه بخلقهم فيما بعد، کما انه کتب اسمائهم علي العرش لذلک، و هذا مخالف للنصوص الکثيره المتقدمه و غيرها مما دل علي خلق ارواحهم و انوارهم قبل خلق آدم، وانها کانت تسبح الله و تقدسه، وانه تعالي جعل انوارهم في صلبه، وليس هذا مباينا للشرع والعقل، وانما الذي او هم ترددا فيه او امتناعا منه ان اکثر رواه تلک النصوص مجهول، او مذکور في کتب الرجال بقدح مثل الغلو والافراط والارتفاع، کمحمد بن سنان، والمفضل بن عمر، والحسين بن عبيدالله


السعدي واضرابهم، لکن المتاخيرن من العلماء اجابوا عن ذلک بان سبب رمي هولاء بذلک روايتهم لتلک الفضائل و خوارق عادات الائمه و معجزاتهم (عليهم السلام).

قال المجلسي الاول (رحمه الله) في شرحه العربي علي کتاب الفقيه باب الطهاره في حديث رواه جابر بن يزيد الجعفي في ماء البئر، قال: الذي ظهر لنا من التتبع ان جابر بن يزيد ثقه جليل من اصحاب اسرار الائمه و خواصهم، والعامه تضعفه لهذا کما يظهر من مقدمه صحيح مسلم، و تبعهم بعض الخاصه لان احاديثه تدل علي جلاله الائمه (عليهم السلام) ولما لم يکنه القدح فيه لجلالته قدح في رواته، و اذا تاملت احاديثه يظهر لک ان القدح ليس فيهم بل فيمن قدحه باعتبار عدم معرفه الائمه (عليهم السلام) کما ينبغي، والذي ظهر لنا من التتبع التام ان اکثر المجروحين سبب جرحهم علو حالهم، کما يظهر من الاخبار التي وردت عنهم (عليهم السلام): اعرفوا منازل الرجال علي قدر رواياتهم عنا والظاهر ان المراد بقدر الروايه الاخبار العاليه التي لاتصل اليها عقول اکثر الناس، و ورد عنهم متواترا ان حديثنا صعب مستصعب لايحتمله الا ملک مقرب او نبي مرسل او عبد مومن امتحن الله قلبه للايمان الي آخر کلامه.

و قال المجلسي الثاني في البحار باب نفي الغلو من کتاب الامامه الجزء 25: افرط بعض المتکلمين والمحدثين في الغلو لقصورهم عن معرفه الائمه (عليهم السلام) و عجزهم عن ادراک غرائب احوالهم و عجائب شوونهم، فقدحوا في کثير من الرواه الثقاه لنقلهم بعض غرائب المعجزات.

و قال المحقق المتتبع الوحيد البهبهاني في مقدمه التعليقه علي منهج المقال: الظاهر ان کثيرا من القدماء سيما القميين منهم ابن الغضائري کانوا يعتقدون للائمه (عليهم السلام) منزله خاصه من الرفعه والجلال، و مرتبه


معينه من العصمه والکمال بحسب اجتهادهم و رايهم و ما کانوا يجوزون التعدي عنها، و کانوا يعدون التعدي ارتفاعا و غلوا علي حسب معتقدهم، حتي انهم جعلوا مثل نفي السهو عنهم غلوا، بل ربما جعلوا مطلق التفويض اليهم او التفويض المختلف فيه او المبالغه في معجزاتهم و نقل العجائب من خوارق العادات عنهم، او الاغراق في شانهم و اجلالهم و تنزيههم عن کثير من النقائص و اظهار کثير قدره لهم و ذکر علمهم بمکنونات السماء والارض ارتفاعا و مورثا للتهمه به، ثم ذکر في نفس التعليقه في ترجمه بعض المجروحين انه يمکن ان يکون سبب جرحهم روايتهم لخوارق الائمه و فضائلهم.

و يشهد له ما حکاه الشيخ الکشي في رجاله في ترجمه علي بن حماد الازدي عن محمد بن مسعود قال: علي بن حماد متهم و هو الذي يروي کتاب الاظله، و کان مراده بکتاب الاظله هو الذي فيه بعض الاخبار المتقدمه کخبر المفضل المذکور فيه کيف کنتم حيث کنتم في الاظله الخ فقد رواه علي بن حماد عنه، و ذکر الشيخ النجاشي في رجاله اسماء جماعه لهم کتاب الاظله منهم محمد بن سنان المذکور في بعض هذه الاخبار و عبدالرحمن بن کثير الهاشمي [56] .


و من اراد الاطلاع علي بعض عقائد السلف و اختلافهم في شوون الائمه (عليهم السلام) فليراجع کتاب کشف القناع عن وجه حجيه الاجماع للمحقق المتتبع الشيخ اسد الله الکاظمي التستري (رحمه الله تعالي) فان فيه فوائد جمه من مذاهب قدماء الاماميه.

والحاصل ان الغلو المحرم ما هو من قبيل نسبه الحلول والربوبيه والمعبوديه اليهم، او نسبه الافعال الخاصه بالله تعالي من الخلق والرزق والاحياء والاماته والشفاء و قضاء الحاجات التي ليس امرها بيد البشر، و کذا ما کان من العباده کالسجود لهم. واما الفضائل العجيبه و الکرامات المنيفه من الله تعالي کالامور المذکوره هنا، فهي اوصاف ممکنه و نسبتها اليهم والاعتقاد بها موقوفه علي دليل معتبر يوجب الوثوق والطمانينه من نص صحيح يرويه الثقاه عن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) او اخبار مستفيضه، فان هذه الفضائل ليست الا کسائر الامور الغيبيه التي يجب ان يعتقد بها المسلم لدليل من ظاهر الکتاب والسنه المعتبره.

نعم لاريب ان ما ذکرنا في هذا الباب اسرار غامضه يصعب الايمان بها جدا، و هي من قبيل ما ورد عنهم (عليهم السلام) ان احاديثنا صعب مستصعب لايحتمله الا ملک مقرب او نبي مرسل او مومن امتحن الله قلبه للايمان. والنصوص بذلک عنهم کثيره، و عقد في الکافي والوافي في کتاب الحجه بابا خاصا بها، و في البحار ايضا اورد کثيرا منها في کتاب العلم الجزء 2 باب ان حديثهم صعب، وقد مر آنفا عن المجلسي الاول (رحمه الله) في شرح الفقيه دعوي التواتر فيها لکثرتها.

والمستفاد من مجموعها علي اختلاف الفاظها ان ما عليه اهل البيت (عليهم السلام) من الولايه والخلافه والمنازل العاليه والعلوم الموهوبه لهم من الله (عز و جل) مما يصعب علي عامه الناس ان يومنوا بها، ففي حديث


الاربعمائه المروي في خصال الصدوق و غيره عن اميرالمؤمنين (عليه السلام): خالطوا الناس بما يعرفون و دعوهم مما ينکورن، و لاتحملوهم علي انفسکم و علينا ان امرنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملک مقرب او نبي مرسل او عبد قد امتحن الله قلبه للايمان.

و عنه (عليه السلام) في نهج البلاغه الخطبه 187: لا يقع اسم الهجره علي احد الا بمعرفه الحجه في الارض، فمن عرفها و اقربها فهو مهاجر، ولا يقع اسم الاستضعاف علي من بلغته الحجه فسمعتها اذنه و وعاها قلبه، ان امرنا صعب مستصعب لايحمله الا عبد مومن امتحن الله قلبه للايمان، و لايعي حديثنا الا صدور امينه و احلام رزينه.

و في الکافي باسناده عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): ان حديث آل محمد صعب مستصعب لا يومن به الا ملک مقرب او نبي مرسل او عبد امتحن الله قلبه للايمان، فما ورد عليکم من حديث آل محمد فلانت له قلوبکم و عرفتموه فاقبلوه و ما اشمازت منه قلوبکم وانکر تموه فردوه الي الله والي الرسول و الي العالم من آل محمد وانما الهالک ان يحدث احدکم بشي ء منه لايحتمله فيقول: والله ما کان هذا، و الله ما کان هذا والانکار هو الکفر. الي غير ذلک من النصوص بهذا المعني.

و اورد ابن ابي الحديد في شرح خطبه النهج المذکوره کلاما آخر لاميرالمؤمنين (عليه السلام) ظاهره ايضا ما ذکرنا حيث قال فيه: الا ان الذريه افنان انا شجرتها و دوحه انا ساقها و اني من احمد (صلي الله عليه و آله و سلم) بمنزله الضوء من الضوء کنا اظلالا تحت العرش قبل خلق البشر و قبل خلق الطينه التي منها البشر اشباحا عاليه لا اجسام ناميه ان امرنا صعب مستصعب لا يعرف کنهه الا ثلاثه ملک مقرب او نبي مرسل او


عبد امتحن الله قلبه للايمان، فاذا انکشف لکم سر او وضح لکم امر فاقبلوه والا فاسکتوا تسلموا وردوا علمه الي الله (عز و جل).

تتميم: قد مر في الاحاديث المتقدمه ان آدم (عليه السلام) توسل بالخمسه الطاهره (عليهم السلام) فسال الله تعالي بحقهم ان يتوب عليه، و هذا مما ورد فيه نصوص مستفيضه من طرق الخاصه والعامه، فقد رواها السيد البحراني (عليه الرحمه) في تفسير البرهان و اول غايه المرام، والمجلسي (رحمه الله) في البحار باب ترک الاولي من الجزء 11 و باب ان دعاء الانبياء استجيب بالتوسل بهم من الجزء 26، ففيها: ان آدم رآي اسمائهم مکتوبه علي ساق العرش، فقال: يا رب من هولاء؟ فقال الله (عز و جل): من ذريتک و هم خير منک و من جميع خلقي، و لولاهم ما خلقتک و لاخلقت الجنه والنار ولا السماء والارض فلما اقترف الخطيئه اوحي الله اليه ان يدعوه باسمائهم فسال الله تعالي بمحمد و علي و فاطمه والحسن والحسين (عليهم السلام) ان يتوب عليه فتاب الله عليه. وقد ورد في جمله من هذه النصوص ان هذا هي الکلمات التي تلقاها من ربه، و في بعضها ذکر للائمه بعد الحسين (عليهم السلام) ايضا.

و روي السيوطي في الدر المنثور عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: سالت النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) عن الکلمات التي تلقاها آدم من ربه قال سال بحق محمد و علي و فاطمه والحسن والحسين (عليهم السلام) الا تبت علي فتاب عليه.

و فيه عن علي (عليه السلام) في حديث عن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) ان جبرئيل قال له قل: اللهم اني اسئلک بحق محمد و آل محمد الخ، و لا ينافيها ما في النصوص ايضا ان الکلمات قوله لا اله الا انت سبحانک و بحمدک عملت سوءا و ظلمت نفسي فاغفرلي و ارحمني و انت


خير الغافرين. و نحو ذلک فان مقتضي الجمع انه کان جميع ذلک.

فنختم الکلام في هذا الباب بابيات رواها ابن شهرآشوب في مناقبه للامام الصادق (عليه السلام) في باب معالي اموره:


في الاصل کنا نجوما يستضاء بنا

و للبريه نحن اليوم برهان


نحن البحور التي فيها لغائصکم

در ثمين و ياقوت و مرجان


مساکن القدس والفردوس نملکها

و نحن للقدس و الفردوس خزان


من شذ عنا فبرهوت مساکنه

و من اتانا فجنات و رضوان


و الحمد لله رب العالمين و نساله ان يتوت علينا و يجعلنا من الصالحين، و صلي الله علي محمد و آله الطيبين.


پاورقي

[1] رواها في البحار باب حقيقه النفس والروح و باب خلق الارواح قبل الاجساد من المجلد الرابع عشر و هما في الجزء 61 من الطبعه الطهرانيه بدار الکتب الاسلاميه بعده اسانيد، و في صحيح البخاري في کتاب بدء الخلق باسناده عن عائشه، و في صحيح مسلم في کتاب البر والصله عن ابي هريره، و في کنز العمال الجزء التاسع في الباب الاول من کتاب الصحبه عن ابن مسعود و سلمان، و في شرح القسطلاني علي البخاري نقل عن بعضهم.

ان القلوب لاجناد مجنده- قول الرسول و من ذا فيه يختلف

فما تعارف منها فهو موتلف- و ما تناکر منها فهوء مختلف

[2] في المجلس التاسع والعشرين و عنه في البحار باب حقيقه النفس والروح.

[3] في جزئه الثامن باب ان الامام يعرف شيعته من عدوه و رواه عنه في البحار الجزء 25 باب بدو ارواح الائمه (عليهم السلام).

[4] من کبار التابعين ذکره ابن حجر في النسم الثاني من اصابته و کان مع علي (عليه السلام) بصفين ووثقه جماعه کما في تهذيب التهذيب.

[5] رواه في رجال الکشي في ترجمه سفيان الثوري باسناده عنه (عليه السلام) في حديث طويل نقل منه في البحار هذه الجمله في اخبار المقام و بطوله في تاريخ الامام الصادق (عليه السلام) باب احوال اصحابه.

[6] کما في الکافي کتاب الحجه باب معرفه الائمه (عليهم السلام) اوليائهم باسناد قوي، و رواه في البصائر باب ان اميرالمؤمنين عرف ما راي في الميثاق من جزئه الثاني بهذا الاسناد و اسانيد اخر عن الامام الصادق (عليه السلام) بالفاظ مختلفه لايتفاوت فيما ذکر من المعني و هو العرض.

[7] رواه في البصائر الباب المذکور باسنادين عن بعض اصحاب اميرالمؤمنين (عليه السلام) و ذکر في احدهما ان القائل ابن ملجم المرادي (لعنه الله تعالي) و ان الامام (عليه السلام) قال لاصحابه هذا قاتلي.

[8] ان قيل: فما وجه اختصاص اميرالمؤمنين (عليه السلام) من غيره بمعرفه محبه من عدوه بسبب تعارف الارواح کما هو صريح هذه الاخبار؟ قلت: يظهر وجهه مما ورد ايضا في بعض اخبار الباب من انه (عليه السلام) کان متوسما اي متفرسا، وقد قال الله تعالي «ان في ذلک لآيات للمتوسمين» وانه عرض عليه المحب بعد خلق الارواح، کما مر في خبر الکافي و ياتي نحوه، و انه روي في البصائر والاختصاص قبل حديث الاصبغ المذکور في حديث آخر عن الاصبغ ايضا عنه (عليه السلام) قال علي المنبر: ان شيعتنا من طينه مخزونه قبل ان يخلق الله آدم بالفي عام واني لا عرفهم لان رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) لما تفل في عيني و کنت ارمد قال: اللهم اذهب عنه الحر والبرد و بصره صديقه من عدوه. الحديث.

و اما سائر الناس فقد حصل لهم بذاک التعارف شي ء من الحب والبغض المرموزين کما ورد عنه (عليه السلم) في الباب المذکور من البحار انه لما احتضر قال فيما اوصي لبنيه: ان القلوب جنود مجنده تتلاحظ بالموده و تتناجي بها، و کذلک هي في البغض فاذا احببتم الرجل من غير خير سبق منه اليکم فارجوه، و اذا ابغضتم الرجل من غير سوء سبق منه اليکم فاحذروه.

[9] في المجلد الرابع عشر و هو في الجزء 61 من الطبعه الحديثه.

[10] فمن امثالها ما اورده في الجزء 15 عن کتاب العلل باسناده عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: يا مفضل اما علمت ان الله تبارک و تعالي بعث رسول الله (صلي الله عليه و اله و سلم) و هو روح الي الانبياء (عليهم السلام) و هم ارواح قبل خلق الخلق بالفي عام. الحديث اورده بتمامه في الجزء 39 باب ان اميرالمؤمنين (عليه السلام) قسيم الجنه والنار. و روي فيما ذکر من الجزء 57 عن کتاب العيون عن الامام الرضا (عليه السلام) قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) ان اول ما خلق الله (عز و جل) ارواحنا فانطقنا بتوحيده و تحميده ثم خلق الملائکه الخبر.

و ياتي تمامه عند تعرضنا لبعض اخبار الباب.

[11] هذه الرساله طبعت اولا في النجف الاشرف ثم في مدينه قم مع عده رسائل له و کلامه في المقام نقله عنه في البحار باب الطينه والميثاق من الجزء 5 و باب خلق الارواح قبل الاجساد المذکور و يستفاد من کلامه ان هذا الخبر موجود في اخبار العامه ايضا لکني لم اعثر علي ذلک مسندا في کتبهم نعم اشار اليه الفخر الرازي في آخر تفسيره لقوله تعالي «و يسئلونک عن الروح» و الآلوسي في تفسير قوله تعالي «و نفخت فيه من روحي «من سوره الحجر و رواه السيوطي في الدر المنثور في قوله تعالي «و اذا اخذ ربک من بني آدم من ظهورهم» عن محمد بن کعب القرظي و ابي بن کعب موقوفا.

[12] هذه الرساله ايضا مطبوعه مع رسالته اوائل المقالات و حکي کلامه فيها في البحار باب حقيقه النفس والروح من الجزء 61.

[13] في المجلس الثالث عشر و رواه عنه في البحار باب جوامع مناقب اميرالمؤمنين (عليه السلام) من الجزء 40 الحديث 77

[14] و اوردها العلامه الجليل السيد عبدالله الشبر في الجزء الثاني من کتابه مصابيح الانوار و شرحها و ذکر من آخره ان الجواب الحقيقي عن آخرها هو ما في الخبر التالي.

[15] في البحار باب حقيقه النفس والروح عن قرب الاسناد باسناد قوي عن الامام الباقر (عليه السلام) ان روح آدم لما امرت ان تدخل فيه کرهته، فامرها ان تدخل کرها و تخرج کرها.

[16] في کتابي التوحيد الباب 62 والعلل الباب 13 و رواه عنه في البحار الباب المذکور.

[17] في تفسير البرهان عبدالله الکلبي والاظهر عبيدالله الحلبي کما في حج البحار.

[18] سوره يونس الايه 74 و سوره الاعراف الايه 101 بدون لفظه «به».

[19] قال المجلسي (رحمه الله) في البحار في کتاب العدل والمعاد في بيان الحديث: المعاينه مجاز عن المواجهه بالخطاب اي خلق الکلام قباله وجههم.

[20] في العياشي عن زراره ان رجلا سال ابا عبدالله (عليه السلام) الخ.

[21] اورد في الکافي في هذا الباب روايات فسر فيها بعض الايات بالميثاق، و قد اورد في الوافي هذه الروايات في باب ما نزل فيهم و في اوليائهم، کما اورد في الکافي بعد هذا الباب ما ورد في اخذ الميثاق بولايتهم، و في الوافي عقد لذلک بابا علي حده.

[22] رواه عنه ابن حنبل في مسنده والطبري في تفسيره بالاسناد و رواه في الدر المنثور و کنز العمال کتاب خلق العالم عن النسائي والحاکم والبيهقي عنه عن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم).

[23] اي معاينه کما مر في بعض رواياتنا و مر معناه، و في نسخه البري «فتلا».

[24] کشيخنا المفيد (رحمه الله) في اجوبه المسائل السرويه والسيد المرتضي (رضي الله عنه) فيما حکاه عنه في البحار باب الطينه والميثاق، والزمخشري في الکشاف، و ابن شهر آشوب في کتابه متشابه القرآن، و نسب في تفسير الرازي والخازن هذا المعني الي اصحاب النظر.

[25] و نظير المقام قوله تعالي في سوره البقره «واذ واعدنا موسي اربعين ليله» مع انه في سوره الاعراف «وواعدنا موسي ثلاثين ليله واتممناها بعشر».

[26] رواه في البحار باب ارتکاب ترک الاولي من قصص آدم عن الامام الرضا (عليه السلام) و نحوه اخبار اخر، و في خبر: ان آدم (عليه السلام) راي انوار اشباحهم من ذروه العرش اي اعلاه فسال عنها، فقال الله (عز و جل): افضل خلائقي. و قال ايضا: نقلتهم من اشرف بقاع عرشي الي ظهرک، و لذلک امرت الملائکه بالسجود لک.

[27] من قصيده طويله راقيه في اهل البيت (عليهم السلام) للشيخ ابن العرندس الحلي احد اعلام الشيعه في القرن التاسع، اوردها شيخنا الاميني (رحمه الله) في سابع الغدير.

[28] في الباب 156 من اوله و عنه في البحار باب بدو خلق النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) من الجزء 15 و باب ولاده اميرالمؤمنين (عليه السلام) من الجزء 35 و رواه الطبري الامامي في دلائل الامامه باب ولاده الامام الحسن (عليه السلام) باسناده.

[29] من علماء الاماميه الثقاه في اواخر القرن الرابع، وعده شيخنا الطهراني في طبقاته من اعلام القرن الخامس يروي عن الصدوق و اضرابه، و ياتي ذکر کتابه الکفايه في بحث آيه التطهير، و ربما نسب هذا الکتاب الي الصدوق، و عن بعض نسبته الي المفيد، و کلاهما خلاف الظاهر، وقد روي هذا الخبر في البحار الجزء 36 باب نصوص الرسول علي الائمه (عليهم السلام) عن کتاب ارشاد القلوب للديلمي عن الشيخ المفيد رفعه الي انس، و لعله من النسبه المذکوره لکتاب الکفايه الي المفيد.

[30] راجع تفسير مجمع البيان والبرهان والدر المنثور للسيوطي.

[31] باب معني الامانه و عنه البحار الجزء 11 باب ترک الاولي، والجزء 26 باب ان دعاء الانبياء استجيب بالتوسل بهم، و صدره عنه في الجزء 61 باب خلق الارواح قبل الاجساد الي قوله فغشيها نورهم.

[32] کما في البحار الجزء 26 باب فضل النبي و اهل بيته (عليهم السلام) علي الملائکه و في الجزء 57 باب حدوث العالم عن العيون قوله ان اول ما خلق الله الخبر.

[33] و رواه عنه في البحار الجزء 11 باب سجود الملائکه لادم والجزء 15 باب بدو خلق النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) و الجزء 25 باب بدو خلقهم، والجزء 39 باب حب علي (عليه السلام) و انه ايمان، وقد ذکر فيها اجمالا انه رواه باسناده عن ابي سعيد.

[34] عند الآيه المذکوره في سوره صاد، و هذا الکتاب مطبوع جديدا بالتحقيق، وقد ذکر فيه اسناد الصدوق بالتفصيل الي ابي سعيد الخدري، و مر آنفا انه في البحار ذکر اسناده اجمالا، فيظهر منهما انه سقط من نسخه الفضائل الموجوده، کما انه في البحار اسقطه عن کنز الجامع، لکن ذکره المصحح في تعليقته، و هو کما في تاويل الايات.

[35] کما في البحار الجزء 15 باب بدء خلق النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) والجزء 57 باب حدوث العالم و اول غايه المرام.

[36] هو احمد بن محمد بن عبيدالله بن عياش الجوهري من محدثي الاماميه توفي سنه احدي و اربعمائه، کما في رجال النجاشي، و کتابه المقتضب رساله و جيزه طبع في قم والنجف وقد روي هذا الخبر عنه في البحار في الجزء 25 باب بدو خلقهم، والجزء 57 اواخر الباب المذکور آنفا، والجزء 53 آخر باب الرجعه.

[37] بالخاء المعجمه والصاد المهمله والباء الموحده في آخره علي الاصح منسوب الي جده الخصيب من قدماء المحدثين، ذکره الشيخ والنجاشي و رماه الثاني بفساد المذهب، و لعل المراد به الغلو لروايته امثال هذا الخبر، و سياتي الکلام في ذلک انشاء الله تعالي، و کتابه الهدايه طبع في بيروت جديدا، وقد روي عنه هذا الخبر في البحار فيما ذکرنا من الجزء 15 نقلا من کتاب (خص) اي منتخب البصائر للشيخ حسن بن سليمان الحلي عنه.

[38] و کذا في البحار الجزء 52 باب الرجعه عن (خص) يعني منتخب البصائر لهذا الشيخ، و کانه غير المختصر الذي ذکرنا، وقد رواه ايضا عنه عن کتاب الواحده بالسند المشار اليه الا انه سقط عن نسخه البحار ابوحمزه الثمالي، واما کتاب الواحده ففي فهرست الشيخ انه لمحمد بن حسن بن جمهور العمي بالعين المهمله و تشديد الميم، و في رجال النجاشي انه لابنه الحسن و هو ثقه، و هذا اقرب.

[39] باب ما روي عن الصادق (عليه السلام) من النص علي القائم، و عنه في البحار فيما ذکر من الجزء 15 و 25 و في الثاني روي خبر المحتضر المذکور في المتن.

[40] في مقدمته و عنه في البحار الجزء 11 باب سجود الملائکه والجزء 26 باب تفضيل الائمه علي الانبياء (عليهم السلام).

[41] هذا الکتاب طبع مرارا وليس من تاليف الامام (عليه السلام) قطعا و انما ورد فيه اخبار کثيره عنه في تفسير القرآن واختلف اصحابنا في اعتباره والمتيقن انه صالح للتاييد، و هذا الخبر رواه عنه ايضا في البحار الجزء 11 باب فضل آدم.

[42] قيل: ان المراد بتعليمه خلقه عالما بها لا تعليمه بعد خلقه والله العالم.

[43] رواه في روضه الکافي و عنه في البحار في احوال الامام الباقر (عليه السلام) باب مناظراته مع المخالفين من الجزء 46 والنصوص بمضمون ذلک کثيره، فراجع الوسائل کتاب القضاء الباب 13.

[44] باب مولد النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) من کتاب الحجه و رواه عنه في البحار باب بدو خلقه (صلي الله عليه و آله و سلم) من الجزء 15 و في باب حدوث العالم من الجزء 57 مرتين و شرحه في الاخيره في الحديث 140.

[45] في الباب المذکور و عنه في البحار في البابين المذکورين آنفا و شرحه في اولهما.

[46] راجع لها البحار في البابين المذکورين آنفا و باب بدو ارواحهم من الجزء 25 و راجع الباب الاول من هذه الرساله في حديث خلق الزهراء (سلام الله عليها) و حديث جابر الانصاري في تذييله.

[47] رواه في الکافي باب ما جاء في الاثني عشر من کتاب الحجه باسناده عن ابي سعيد العصفري عن عمرو بن ثابت عن ابي حمزه يعني الثمالي عنه (عليه السلام) و في البحار باب حدوث العالم عن کتاب ابي سعيد عباد العصفري في بابي بدو خلق النبي و بدو ارواحهم (عليهم السلام) عن کمال الدين باسناده عنه و ذکر فيه: من نور عظمته ارواحا في ضياء نوره الخ.

[48] حکاها ابن شهر آشوب في مناقبه في مناقب الامام الحسن (عليه السلام) عن ابن حماد و هو علي بن حماد العبدي البصري من افاضل الشعراء المخلصين لاهل البيت (عليهم السلام) و يظهر من اشعاره کثره علمه و علو معرفته، و عده في آخر معالم العلماء من المجاهرين يعني الذين لم يلاحظوا التقيه في اشعارهم، و حکي انه لم يذکر بيتا الا في اهل البيت (عليهم السلام) ترجمه مفصلا سيدنا الامين في حرف العين من اعيان الشيعه و شيخنا الاميني في الجزء الرابع من کتابه الغدير.

[49] باب مولد النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) و عنه في البحار باب بدو خلقه وباب حدوث العالم و نحوه مرسلا باختصار في کتاب عيون المعجزات للشيخ حسين بن عبدالوهاب من علماء القرن الخامس في حديث حبابه الوالبيه عن الامام الباقر (عليه السلام)، و عنه في البحار ايضا في الجزء 46 باب معجزات الامام الباقر (عليه السلام).

[50] باب مولد النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) و عنه في البحار باب بدو خلقه و في فصل التفويض الجزء 25 و في باب حدوث العالم مرتين و شرحه بالتفصيل في فصل التفويض و مرآت العقول.

[51] کما في البحار کتاب العلم باب ان عندهم (عليهم السلام) مواد العلم و اصوله في الجزء 2.

[52] کمرآه العقول في شرح اصول الکافي للمجلسي (عليه الرحمه) باب التفويض من کتاب الحجه، والبحار باب نفي الغلو و ما بعده، و لا يفوتن الباحثين ما کتبه الامام الخميني في کتابه اربعين حديثا باللغه الفارسيه في شرح الحديث الحادي والثلاثين.

[53] الباب 9 من کتاب الاطعمه، و عنه في البحار فيمامر من احوال الامام الباقر (عليه السلام)

[54] منهم السيد عبدالله الشبر سماه الانوار اللامعه و السيد حسين الهمداني سماه الشموس الطالعه، والشيخ الجليل الاغا نجفي الاصفهاني سماه حقائق الاسرار، والمجلسي الاول في شرحيه الفارسي والعربي علي کتاب من لايحضره الفقيه، و هذه الشروح مطبوعه، و ذکر شيخنا الرازي (رحمه الله) في کتابه الذريعه في حرف الشين عده اخري، و اخيرا شرحها مفصلا شيخنا الفاضل المتبحر محمد جواد الکربلائي نزيل طهران (سلمه الله تعالي) في خمس مجلدات، و من الشروح للشيخ احمد الاحسائي لکنه ليس علي وجه مرضي.

[55] و رواه في البحار عن العلل في باب تاريخ ولاده اميرالمؤمنين (عليه السلام).

[56] مما ورد عن هذا الرجل ما رواه في الکافي باب العرش والکرسي من کتاب التوحيد باسناده عنه عن داود الرقي عن ابي عبدالله (عليه السلام) في تفسير قوله تعالي: «و کان عرشه علي الماء» و خلاصته ان الله تعالي حمل دينه و علمه الماء قبل ان يکون ارض او سماء او جن او انس، فلما اراد ان يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم: من ربکم؟ فاول من نطق رسول الله و اميرالمؤمنين و الائمه (صلوات الله عليهم) فقالوا: انت ربنا، فحملهم العلم والدين، ثم قال للملائکه: هولاء حمله ديني و علمي و امنائي في خلقي، و قال لبني آدم: اقروا لله بالربوبيه و لهولاء النفر بالولايه والطاعه، يا داود ولايتنا موکدن عليهم في الميثاق، و رواه الصدوق في التوحيد والعلل.