مريم في مواجهة التحدي
أما التحدي في قضية مريم عليهاالسلام فهو الآخر قاس و مرير، انه تحد في أمر يمس شخصيتها و کيانها، و هو من أکثر الامور حساسية بالنسبة اليها کأنثي، تعتبر نفسها أمام قومها رائدة الطهر و الفضيلة، و تنعي عليهم رجسهم و انحرافهم، انه التحدي في أمر العفة والطهر،
و قد جاء بطريقة تفقد معها کل وسائل الدفاع عن نفسها، اذ کيف يمکن لامرأة أن تأتي قومها بمولود لها، ثم تزعم لهم أنها لم تقرف اثما، و لا علاقة لها برجل.
انها تزعم: أنها قد حملت بطفل و لم يمسسها بشر، و تصر علي أنها تحتفظ بمعني العفة و الطهارة بالمعني الدقيق للکلمة، بل هي لاتقبل أي تأويل في هذا المجال، و لو کان من قبيل حالات العنف التي تعذر فيها المرأة.
بل و حتي المرأة، المتزوجة حين تلد فانها في الايام الاولي تکون خجلي الي درجة کبيرة، لا سيما أمام من عرفوها و عرفتهم و ألفوها و ألفتهم.
فکيف اذا کانت تأتي قومها بطفل تحمله، و قد ولدته و لم تکن قد تزوجت، ثم هي تصر علي انها لم يمسسها بشر!! أو لا ترضي منهم أن يعتقدوا أو حتي يتوهموا غير ذلک.
و لم يهتز ايمان مريم، و لم تتراجع، و لم تبادر الي اخفاء هذا الطفل، و لا الي ابعاده و لا الي التبرء منه، بل قبلت، و رضيت، و صبرت، و تحملت في سبيل رضا الله سبحانه، فکانت سيدة نساء زمانها بحق، و بجدارة فائقة، لأنها صدقت بکلمات الله، و کانت من القانتين.
أما الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله و سلامه عليها، فقد أخبر الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم انها أفضل من جميع نساءالعالمين من الأولين و الآخرين بمن فيهم مريم و آسية وسواهما، رغم کل ما قاسوه و ما واجهوه مما ينبؤک عن عظيم مکانتها
و بلائها لقوله (ع): ان اشد الناس بلاءهم الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الأمثل فالأمثل [1] .
پاورقي
[1] راجع البحار: ج 64 ص 200.