بازگشت

تفصيل في بيان التمثيل




إعلم انّ المشکاة الموصوفة بما مرّ هو الممثّل به و نور اللَّه تعالي هو الممثّل، و تطبيق الممثّل علي الممثّل به يتصوّر هنا علي وجوه کثيرة منقولة و غير منقولة، بأن يجعل المراد من الممثّل أي نور اللَّه هو خاتم الأوصياء، أي القائم (عليه السّلام) الثاني عشر من الأئمّة الکرام، و هو نور اللَّه في السماوات و الأرضين، کما ورد في تفسير قوله تعالي: «و أشرقت الأرض بنور ربّها» [1] بأنّ المراد من نور الرب هو القائم (عليه السّلام) [2] .

و هو النور الظاهر و الباطن يظهر فيملأ الأرض قسطاً و عدلاً کما ملئت ظلماً و جوراً، فهو (عليه السّلام) هو المصباح، و الزجاجة هو الحسين (عليه السّلام)، و المشکاة هي فاطمة الزهراء (عليهاالسّلام)، و هذا المصباح يوقد من شجرة الحقيقة المحمّديّة، و هي الزيتونة المبارکة لبرکة آثارها و عدم تناهي أطوارها،


و في الزيارة الجامعة: «السلام علي محالّ معرفة اللَّه، و مساکن برکة اللَّه، و معادن حکمة اللَّه...الخ».

فهي مبارکة لافاضة جميع الفيوضات التشريعيّة و التکوينيّة منها، و هي الشجرة الکلّية النابتة في مقام (أو أدني)، و بيداء الإبداع و الإختراع، و صحراء المشيئة و الإرادة، لتشعّب وجوه تعلّقاتها بذرّات الوجود التي لا تتناهي في مراتب الإمکان شعوباً و قبائل و هي أصل البرکة و فرعها: «إنْ ذکر الخير کنتم أوّله و آخره و أصله و فرعه... الخ».

و هي لا شرقيّة و لا غربيّة أي لا يهوديّة و لا نصرانيّة، لأنّ اليهود تصلّي إلي المغرب و النصاري الي المشرق، أو ليس من شرق عالم الوجوب و القدم، و لا من غرب عالم الإمکان الخاصّ و الحدوث، بل أمر بين الأمرين، أي ليس بخالق و لا مخلوق بل هو من عالم الأمر و إن کان مخلوقاً أيضاً.

قال (عليه السّلام): «نحن صنائع اللَّه و الخلق بَعْدُ صنائع لنا، أو صنائعنا» [3] ، و هو کائن بالکينونة لا بالتکوين مع قولهم (عليهم السّلام) حقّ و خلق و لا ثالث بينهما.

أو ليست من الإمکان الصرف و لا الکون الخالص، بل الإمکان الراجح «يکاد زيتها يضي ء» أي يکاد نور محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله) يتبيّن للناس و لو لم يتکلّم أي نور نبوّته أو نور ظهوره، أو نور علمه و حکمته، أو نور وجوده لغاية استعداده، «و لو لم تمسسه نار» الأمر الإلهي تشريعاً أو تکويناً.

أو المراد من نور اللَّه هو نور محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله) أي نور علمه و ولايته و نحوهما ظهر في فاطمة (عليهاالسّلام)، و منها ظهر في الأئمة (عليهم السّلام)، ففاطمة (عليهاالسّلام) هي الزجاجة و الأئمة (عليهم السّلام) المشکاة.

قال الرضا (عليه السّلام): نحن المشکاة فيها المصباح محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله) يهدي اللَّه لولايتنا من أحبّ [4] ، فيوقد هذا المصباح من


الشجرة المبارکة أي شجرة القدرة الإلهيّة لا جبر فيها و لا تفويض، و برکتها لکثرة مقدورات الباري سبحانه، يکاد آثار تلک القدرة تظهر في صفحة الإمکان بالتکوين و لو لم تمسسها نار أمر اللَّه.

أو الشجرة المبارکة هي سلسلة إبراهيم (عليه السّلام)، و برکتها لکونها مشتملة علي الأنبياء الکثيرة، يکاد آثار نور محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله) تسطع و لو لم يأن وقت ظهوره، فنور محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله) نور علي نور، أي نور طرء آثاره علي نور آخر هي فاطمة (عليهاالسّلام)، أو المراد هو نفس محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله) فإنّه نور اللَّه في السماوات و الأرضين.

قال تعالي: «يا أيّها النّبيّ انّا أرسلناک شاهداً و مبشّراً و نذيراً- و داعياً إلي اللَّه بإذنه و سراجاً منيراً» [5] و هو في صلب عبد اللَّه و هو في صلب عبدالمطلب، أو محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله) في صلب إسماعيل و هو في صلب إبراهيم (عليه السّلام).

«يوقد من شجرة مبارکة» أي الشجرة النبوّة أي سلسلة إبراهيم (عليه السّلام) لکون أکثر الأنبياء من صلبه، و ذلک من آثار البرکة، و لأنّ من صلبه نبيّنا (صلّي اللَّه عليه و آله) الذي هو أصل البرکة و فرعها، «لا شرقيّة و لا غربيّة» أي ما کان إبراهيم يهوديّاً و لا نصرانيّاً فيکون شرقيّاً أو غربيّاً، أو شجرة الملّة الإبراهيميّة التي ليست يهوديّة و لا نصرانيّة.

يکاد آثار النبّوة تطلع من تلک الشجرة و السلسلة، أو آثار الهدي من تلک الملّة، «و لو لم تمسسه نار» الأمر الإلهي بإبداء آثار النبّوة «نور علي نور» نبيّ من نسل نبيّ أو وليّ، أو لامتياز ملّة إبراهيم (عليه السّلام) عن الملل الشرعيّة الاُخر بمزايا کثيرة، أو المراد هو نور العلم في صدر النّبيّ (صلّي اللَّه عليه و آله).

و «المصباح في زجاجة» قال الباقر (عليه السّلام): الزجاجة صدر عليّ (عليه السّلام) [6] ، أي صار علم النّبيّ (صلّي اللَّه عليه و آله) صدر


عليّ (عليه السّلام)، قال النّبيّ (صلّي اللَّه عليه و آله): يا عليّ أنت نفسي التي بين جنبيّ، و فسّر العلم هنا بالنبوة أيضاً، فيکون المراد العلوم الحاصلة بها لا نفسها.

قال الباقر (عليه السّلام): «يوقد من شجرة مبارکة» هي نور العلم الإلهي، «لا شرقيّة و لا غربيّة» لا يهوديّة و لا نصرانيّة، يکاد العالم من آل محمّد يتکلّم بالعلم قبل أن يُسأل، «نور علي نور» أي إمام مؤيّد بنور العلم و الحکمة في أثر الإمام من آل محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله)، و ذلک من لدن آدم (عليه السّلام) إلي أن تقوم الساعة، فهؤلاء الأوصياء الذين جعلهم اللَّه خلفاء في أرضه و حججه علي خلقه، لا تخلو الأرض في کلّ عصر من کلّ واحد منهم.

قيل: و يدلّ عليه قول أبي طالب سلام اللَّه عليه:


أنت الأمير محمّد

رمٌ [7] أَغَرٌّ [8] مسوّدُ [9]


لمسوّدين أطاهر

کرموا و طاب المولدُ


أنت السعيد من السعود

تکنّفتک الأسعدُ


من لدن آدم لم يزل

فينا وصيٌّ مرشدُ


و لقد عرفتک صادقاً

و القول لا يتفنّدُ


ما زلت تنطق بالصواب

و أنت طفل أمردُ [10] .


أو من شجرة النقي و الرضوان، أو دوحة الهدي و الإيمان، شجرة أصلها النبوة و فرعها الإمامة، و أغصانها التنزيل، و أوراقها التأويل، و خدمها جبرئيل و ميکائيل، أو من شجرة عليّ (عليه السّلام) کما في بعض الأخبار، أي يظهر العلم من عليّ، و هو الشجرة المبارکة التي ليست بشرقيّة و لا غربيّة، أي ليس هو بيهود و لا نصاري... الخ.


و في خبر آخر عن الباقر (عليه السّلام) انّ معني الآية: أنا هادي من في السماوات و الأرض مثل العلم الذي أعطيته، و هو نوري الذي يُهتدي به مثل المشکاة فيها المصباح، فالمشکاة قلب محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله)، و المصباح نوره الذي فيه العلم.

و قوله: «المصباح في زجاجة» يقول: إنّي اُريد أن أقبضک فاجعل الذي عندک عند الوصيّ کما يجعل المصباح في الزجاجة، «کأنّها کوکب درّي» فأعلمهم فضل الوصيّ، «يوقد من شجرة مبارکة» هي إبراهيم (عليه السّلام) و هو قوله تعالي: «رحمت اللَّه و برکاته عليکم أهل البيت إنّه حميد مجيد» [11] .

و هو قوله تعالي: «إنّ اللَّه اصطفي آدم و نوحاً و آل إبراهيم و آل عمران علي العالمين- ذرّية بعضها من بعض و اللَّه سميع عليم» [12] .

«لا شرقيّة و لا غربيّة» يقول: لستم بيهود فتصلّوا قبل المغرب، و لا بنصاري فتصلّوا قبل المشرق، و أنتم علي ملّة إبراهيم (عليه السّلام)، و قد قال تعالي: «ما کان إبراهيم يهوديّاً و لا نصرانيّاً و لکن کان حنيفاً مسلماً و ما کان من المشرکين» [13] .

و قوله: «يکاد زيتها يُضي ء» مثل أولادکم الذين يولدون منکم مثل الزيت الذي يعصر من الزيتون، يکادون أن يتکلّموا بالنبوة و لو لم ينزل عليهم ملک [14] .

أو المراد من نوره تعالي هو محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله)، «کمشکاة» هو صدر عليّ (عليه السّلام)، «فيها مصباح» نور العلم من محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله) في صدر عليّ (عليه السّلام)، «المصباح في زجاجة» هو الحسن بن عليّ (عليه السّلام)، «الزجاجة» هو الحسين (عليه السّلام)، «کأنّها کوکب درّيّ»


فاطمة (عليهاالسّلام) تزهر لأهل السماء، «يوقد من شجرة» عليّ بن الحسين (عليه السّلام)، «مبارکة» محمّد بن عليّ (عليه السّلام)، «زيتونة» جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، «لا شرقيّة» موسي بن جعفر (عليه السّلام)، «و لا غربيّة» عليّ بن موسي (عليه السّلام)، «يکاد زيتها يضي ء» محمّد بن عليّ الجواد (عليه السّلام)، «و لو لم تمسسه نار» عليّ بن محمّد الهادي (عليه السّلام)، «نور علي نور» الحسن بن عليّ العسکريّ (عليه السّلام)، «يهدي اللَّه لنوره من يشآء» القائم المهديّ (عليه السّلام)، هکذا ورد في بعض الروايات [15] .

و روي أخبار اُخر في تفسير هذه الآية، أي تأويلها بالأئمة (عليهم السّلام) بغير ترتيب هذه الرواية، و تطبيق الآية علي معني يستفاد منه هذا الترتيب يحتاج إلي بسط و تفصيل لا يليق بالمرحلة.

أو المراد من النور نور محمّد في روح محمّد في نفس محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله)، يوقد من شجرة العقل الکلّي المجرّد عن التعلّق بالبدن و عن الإرتباط، أو نور محمّد في نفس محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله) في جسم محمّد، يوقد من شجرة الروح الکلّيّة التي هي لا شرقيّة مجرّدة عن الإرتباط و تعلّق الإنحطاط، و لا غربيّة منکرة لمبدئها لغلبة طبيعتها و غلظ مادّتها کالأجسام.

أو نور محمّد (صلّي اللَّه عليه و آله) في مادّة محمّد في جسم محمّد، يوقد من شجرة النفس المطمئنّة، لا أمّارة في عالمه، و لا لوّامة تلوم علي الخير و الشر بل مطمئنّة، أو لا شرقيّة عالية و لا غربيّة غالية، أو لا شرقيّة مسرفة و لا غربيّة مقترة، أو لا شرقيّة متعزّزة علي من يأهل له الذلّة، و لا غربيّة متذلّلة لمن يأهل عليه العزّة، بل أذلّة علي المؤمنين أعزّة علي الکافرين.

أو لا شرقيّة ناصبة للدين، و لا غربيّة تابعة للمجاهدين [16] ، أو لا شرقيّة تثبت الألوهيّة و المعبوديّة لشي ء من المخلوقين، و لا غربيّة تجحد ولاية


أميرالمؤمنين (عليه السّلام)، أو لا مدّعية ما ليس لها و لا منکرة لما لها، أو لا قانطة من رحمة اللَّه و لا آمنة من مکر اللَّه، و الحاصل في الجميع انّها متوسّطة بين طرفي الإفراط و التفريط و معتدلة.

أو يوقد ذلک النور في الجميع من شجرة الأرض الجرز، و الأرض الميتة التي هي مغرس أغصان الحکمة و منشأ هياکل التوحيد، و هي أرض الماهيّات و القابليّات و الإستعدادات، أو من شجرة الإمکان و الصلوح المجرّد التي لها فروع متکثّرة.

يکاد زيتها يضي ء أي يکاد قابليّة عقله أو روحه أو نفسه و نحو ذلک تظهر في الکون لشدّة تأهّلها للوجود قبل أن تنفعل من نار الجود، أو تکاد تفني ظلمتها قبل أن يستولي عليها نور الحقّ، أو تکاد تنوجد الماهيّة لقرب رتبتها من المبدأ قبل أن توجد بتبعيّة الوجود، أو تکاد أن تنبت أرض الماهيّة تلک الأشجار المبارکات، أو تکاد شجرة الإمکان تثمر بثمار الموجودات.

أو المراد من النور هو النبوّة، و الزجاجة قلب النّبيّ (صلّي اللَّه عليه و آله)، و المشکاة صدره، و هذا النور يوقد من شجرة الوحي المبارکة بإفاضة الأحکام الشرعيّة، و هذه الشجرة حادثة في عالم الأمر لا عالم الخالق أو المخلوق، کما ورد انّ القرآن لا خالق و لا مخلوق بل هو من عالم الأمر [17] .

يکاد زيت هذه الشجرة و هو الحجج القرآنيّة تتّضح و إن لم تُقرأ، أوانّ حجج اللَّه تُضي ء و إن لم ينزل القرآن و لم يُتدبّر، و هذا المصباح نور علي نور أي مع سائر الأدلّة قبله في الآفاق و الأنفس، أو مع سائر الکتب الإلهيّة.

أو المراد من النور هو القرآن في قلب النّبيّ (صلّي اللَّه عليه و آله) في صدره الشريف، قال تعالي: «نزل به الروح الأمين- علي قلبک لتکون من المنذرين- بلسان عربّي مبين» [18] و قال تعالي أيضاً: «و أنزلنا إليکم نوراً مبيناً» [19] و الأنوار


الحقيقيّة ترجع کلّها إلي القرآن الظاهري و الباطني، و البواقي کما مرّ.

أو المراد من النور هو الأدلّة الدالّة علي توحيده، و هي في القرآن في قلب النّبيّ (صلّي اللَّه عليه و آله)، و الشجرة هو الوحي، و معني لا شرقيّة و لا غربيّة کما مرّ، أو بمعني انّه ليس بمجمل بالکلّية و لا بمفصّل بالکلّيّة.

أو المراد من النور الهدي، أو العلم و المعرفة في القلوب في صدور الذين اُوتوا العلم، يوقد من شجرة الطينة الصافية، کما ورد انّه ليس العلم في السماء فينزل إليکم، و لا في تخوم الأرض فيصعد إليکم، و إنّما جبل في جبلّتکم فتخلّقوا بأخلاق اللَّه يظهر لکم.

لا (شرقية و لا غربيّة): لا يهوديّة و لا نصرانيّة، أو لا عالمة بالضرورة و البداهة و لا جاهلة بليدة، أو لا نورانيّة صرفة و لا ظلمة محضة، و نحو ذلک، أو لا مشتبهة صرفة لا تفيق من جهلها، و لا مستقيمة أصيلة غير محفوفة بظلمات الأوهام و الحجب و الخيالات، يکاد من قابليّتها تعلم العلوم بداهة، و لو لم تمسسه نار الإکتساب بالنظر.

أو المراد من النور هو القرآن في لسان المؤمن في فمه، يوقد هذا النور من شجرة الوحي المبارکة بکونها منشأ الأحکام الشرعيّة الموجبة للنجاة الاُخرويّة، و البواقي علي نحو ما مرّ.

أو المراد عدله تعالي أو أمره الذي قامت به السماوات و الأرض، أو وجهه الباقي بعد فناء کلّ شي ء، أو صفته تعالي أيّ صفة کانت کلّ ذلک في قلب النّبيّ (صلّي اللَّه عليه و آله) في صدره، أو سبحات جلاله و جماله الدالة علي توحيده تعالي ذاتاً و وصفاً و فعلاً و عبادة، أو الأدلّة الآفاقيّة و الأنفسيّة کذلک في قلب المؤمن في صدره، و الشجرة هو الفيض الإلهي الجاري من عالم الأمر و المشيّة و الإرادة، يکاد ذلک الفيض يجري في أودية العوالم الإمکانيّة، و لو لم تمسسه نار المشيّة و الإرادة.

أو المراد ميل الطاعة في قلب المؤمن في صدره، يوقد من شجرة الطينة


النورانيّة الإعتداليّة، يکاد الإيمان يظهر منه من جهة کمال الإستعداد و القابليّة.

أو المراد النور الذي خلق منه المؤمن، فهو في طينته الکامنة في باطنه، يوقد من شجرة القدرة الإلهيّة، أو الرحمة الرحيميّة التي لا إفراط فيها و لا تفريط، يکاد زيتها يضي ء لأنّه أرحم الراحمين و أقدر القادرين، و لو لم تمسسه نار تتّقد من أشجار القابليّات.

أو المراد هو نور الإيمان في قلب المؤمن في صدره، و يؤيّده قراءة اُبيّ: مثل نور من آمن به، أو مثل نوره الذي أعطي المؤمن، قال محمّد بن إبراهيم البوسيجي: من قال انّ النّور الذي في قلب المؤمن هو مخلوق فهو جهنّمي.

أو المراد من النور هو الحق، شبّهه بالنّور في ظهوره و بيانه کما في آية: «يخرجهم من الظلمات إلي النور» [20] أي من الباطل إلي الحقّ، يوقد هذا النور من شجرة مبارکة هي المؤمن نفسه، کما في الخبر، أو هي نفس المؤمن فإنّ النفس کالشجرة في تطوّراتها، و تشعّب تعلّقات أفعالها، و ثمرتها الأحکام الوجوديّة و التشريعيّة، و المؤمن أو نفسه لا يهودي و لا نصراني، يکاد نوره الأصلي يظهر بالإيمان و لو لم تمسسه نار الدعوة.

أو الشجرة هي شجرة الإخلاص للَّه وحده لا شريک له في مراتب التوحيد الأربع، و هذه الشجرة لا يصيبها الشمس علي أيّ حال لا إذا طلعت و لا إذا غربت، و کذلک المؤمن يحترز من أن يصيبه شي ء من الفترة، فهو بين خصال أربع: إن اُعطي شکر، و إن ابتلي صبر، و إن حَکَمَ عَدَلَ، و إن قال صَدَقَ، نور علي نور أي ينقلب في خمسة من نور: علمه نور، و کلامه نور، و مدخله نور، و مخرجه نور، و مصيره يوم القيامة إلي الجنّة نور [21] .

أو انّ إيمان المؤمن من نور، و قلبه نور، و صدره نور، بل ظلّه نور، و إلّا لم يقبل الإيمان، و حاصل إخلاصه نور، و نظير الوجهين هنا في معني (نور علي نور)


يجري في جميع الوجوه السابقة، أو انّ إيمانه نور علي نور أي فريضة علي فريضة، و سنَّة علي سنّة، و شجرة الإخلاص مستقيمة في القلب لا تميل إلي أحد الطرفين، و هي مبارکة إذ جميع الخير انّما يحصل من هذه الشجرة، يکاد زيتها و هو النور الذي جعله اللَّه في قلبه يضي ء و إن لم يتکلّم به.


پاورقي

[1] الزمر: 69.

[2] الإرشاد للمفيد: 363، عنه البحار 52: 337 ح 77، و تفسير کنز الدقائق 11: 338.

[3] مشارق الأنوار: 39، البحار 33: 58 ح 398.

[4] مجمع البيان الجزء الثامن عشر/ سورة النور، عنه البحار 4: 23.

[5] الأحزاب: 45- 46.

[6] البحار 23: 311 ح 17، عن تفسير فرات الکوفي: 281 ح 381، و نحوه مجمع البيان سورة النور.

[7] القَرْمُ من الرجال: السيد المعظّم/ لسان العرب.

[8] الغُرَّة- بالضمّ-: بياض في الجبهة، و رجل أَغَرٌّ: کريم الأفعال واضحها/ لسان العرب.

[9] المُسَوَّدُ: السيّد/ لسان العرب.

[10] راجع توحيد الصدوق: 158 ح 4، و نحوه مجمع البيان، الجزء الثامن عشر، في سورة النور.

[11] هود: 73.

[12] آل عمران: 33- 34.

[13] آل عمران: 67.

[14] الکافي 8: 380 ح 574، عنه البحار 4: 19 ح 7، و تفسير الصافي 3: 435، و تفسير کنز الدقائق 9: 306.

[15] راجع شرح توحيد الصدوق للقاضي سعيد القمي 2: 666، نحوه.

[16] کذا في المتن، و لعلّ الأنسب: تابعة للجاهلين.

[17] تفسير العيّاشي 1: 6، ح 14، عنه البحار 92: 120 ح 8.

[18] الشعراء: 193- 195.

[19] النساء: 174.

[20] البقرة: 257.

[21] مجمع البيان/ الجزء الثامن عشر/ سورة النور، عنه البحار 4: 23 ح 7.