بازگشت

ان عمر روع فاطمة




3691/ 1 - قال محمّد بن إسحاق: کان أبوالعاص بن الربيع ختن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله زوج ابنته زينب، و کان أبوالعاص من رجال مکّة المعدودين مالاً و أمانةً و تجارة، و کانت خديجة عليهاالسلام خالته.

فسألت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أن يزوّجه زينب، و کان صلي الله عليه و آله لايخالف خديجة عليهاالسلام، و ذلک قبل أن ينزل عليه الوحي، فزوّجه إيّاها،فکان أبوالعاص من خديجة عليهاالسلام بمنزلة ولدها.

فلمّا أکرم اللَّه رسوله بنبوّته آمنت به خديجة عليهاالسلام و بناته کلّهن، و صدّقنه، و شهدن أنّ ما جاء به حقّ، ودنّ بدينه، و ثبت أبوالعاص علي شرکه.

و کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قد زوّج عتبة بن أبي لهب إحدي ابنتيه رقيّة - أو اُمّ کلثوم-، و ذلک قبل أن ينزل عليه، فلمّا اُنزل عليه الوحي و باري [1] قومه بأمر اللَّه باعدوه.

فقال بعضهم لبعض: إنّکم قد فرغتم محمّداً من همّه، أخذتم عنه بناته و أخرجتموهنّ من عياله، فردّوا عليه بناته فأشغلوه بهنّ.

فمشوا إلي أبي العاص، فقالوا: فارق صاحبتک بنت محمّد و نحن ننکحک أيّ امرأة شئت من قريش.

فقال: لاها اللَّه، إذن لا اُراق صاحبتي، و ما اُحبّ أنَّ لي بها امرأة من قريش.


فکان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إذا ذکره يثني عليه خيراً في صهره.

ثمّ مشوا إلي الفاسق عتبة بن أبي لهب، فقالوا له: طلّق بنت محمّد و نحن ننکحک أيّ امرأة شئت من قريش.

فقال: إن أنتم زوّجتموني ابنة أبان بن سعيد بن العاص، أو ابنة سعيد بن العاص فارقتها.

فزوّجوه ابنة سعيد بن العاص، ففارقها، و لم يکن دخل بها، فأخرجها اللَّه من يده کرامةً لها و هواناً له.

ثمّ خلف عليها عثمان بن عفّان بعده، و کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مغلوباً علي أمره بمکّة لايحلّ و لايحرم.

و کان الإسلام فرّق بين زينب و أبي العاص، إلّا أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله کان لا يقدر و هو بمکّة أن يفرّق بينهما، فأقامت معه علي إسلامها و هو علي شرکه حتّي هاجر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي المدينة، و بقيت زينب بمکّة مع أبي العاص.

فلمّا سارت قريش إلي بدر سار أبوالعاص معهم فاُصيب في الأسري يوم بدر، فاُتي به النبيّ صلي الله عليه و آله فکان عنده مع الاُساري، فلمّا بعث أهل مکّة في فداء اُساراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بعلها بمال، و کان فيما بعثت به قلادة کانت خديجة عليهاالسلام اُمّها أدخلتها بها علي أبي العاص ليلة زفافها عليه.

فلمّا رآها رسول اللَّه صلي الله عليه و آله رقّ لها شديدة، و قال للمسلمين: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا عليها ما بعثت به من الفداء فافعلوا.

فقالوا: نعم؛ يا رسول اللَّه! نفدک بأنفسنا و أموالنا، فردّوا عليها ما بعثت به،و أطلقوا لها أباالعاص بغير فداء.

قال ابن أبي الحديد: قرأت علي النقيب أبي جعفر يحيي بن أبي زيد


البصري العلوي [2] هذا الخبر.

فقال: أتري أبابکر و عمر لم يشهدا هذا المشهد؟ أما کان يقتضي التکرّم والإحسان أن يطيّب قلب فاطمة عليهاالسلام و يستوهب لها من المسلمين؟

أتقصر منزلتها عند رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من منزلة زينب اُختها و هي سيّدة نساء العالمين؟ هذا إذا لم يثبت لها حقّ لا بالنحلة و لا بالإرث.

فقلت له: فدک بموجب الخبر الّذي رواه أبوبکر قد صار حقّاً من حقوق المسلمين، فلم يجز له أن يأخذه منهم.

فقال: وفداء أبي العاص قد صار حقّاً من حقوق المسلمين، و قد أخذه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله منهم.

فقلت: رسول اللَّه صلي الله عليه و آله صاحب الشريعة والحکم حکمه، و ليس أبوبکر کذلک.

فقال: ما قلت: هلّا أخذه أبوبکر من المسلمين قهراً، فدفعه إلي فاطمة عليهاالسلام؟

و إنّما قلت: هلّا استنزل المسلمين عنه و استوهب منهم لها کما استوهب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فداء أبي العاص؟

أتراه لو قال: هذه بنت نبيّکم صلي الله عليه و آله قد حضرت لطلب هذه النخلات أفتطيبون عنها نفساً؟ کانوا منعوها ذلک؟

فقلت له: قد قال قاضي القضاة أبوالحسن عبدالجبّار بن أحمد نحو ذلک.

قال: إنّهما لم يأتيا بحسن في شرع التکرّم، و إن کان ما أتياه حسنا في الدين.


قال محمّد بن إسحاق: و کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لمّا أطلق سبيل أبي العاص أخذ عليه فيما نري أو شرط عليه في إطلاقه، أو أنّ أباالعاص وعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ابتداءً بأن يحمل زينب إليه إلي المدينة، أو لم يظهر ذلک من أبي العاص و لا من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، إلّا أنّه لمّا خلّي سبيله و خرج إلي مکّة بعث رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعد زيد بن حارثة و رجلاً من الأنصار، و قال لهما: کونا بمکان کذا حتّي تمرّ بکما زينب فتصحبانها حتّي تأتياني بها.

فخرجا نحو مکّة، و ذلک بعد بدر بشهر، فلمّا قدم أبوالعاص مکّة أمرها باللحوق بأبيها، فأخذت تتجهّز.

قال محمّد بن إسحاق: فحدّثت عن زينب أنّها قالت: بينا أنا أتجهّز للّحوق بأبي إذلقيتني هند بنت عتبة.

فقالت: ألم تبلغني يا بنت محمّد! أنّک تريدين اللحوق بأبيک؟

فقلت: ما أردت ذلک.

فقالت: أي بنت عمّ! لا تفعلي إن کانت لک حاجة في متاع أو فيما يرفق بک في سفرک أو مال تبلغين به إلي أبيک، فإنَّ عندي حاجتک. فلا تضطني منّي، فإنّه لا يدخل بين النساء ما يدخل بين الرجال.

قالت: و أيم اللَّه؛ إنّي لأظنّها حينئذ صادقة، ما أظنّها قالت حينئذ إلّا لتفعل، ولکنّي خفتها فأنکرت أن أکون اُريد ذلک.

قالت: و تجهّزت حتّي فرغت من جهازي، فحملني أخو بعلي و هو کنانة بن الربيع.

قال محمّد بن إسحاق: قدَّم لها کنانة بن الربيع بعيراً فرکبته، و أخذ قوسه و کنانته، و خرج بها نهاراً يقود بعيرها و هي في هودج لها، و تحدّث بذلک الرجال


من قريش والنساء و تلاومت في ذلک، و أشفقت [3] أن تخرج ابنة محمّد صلي الله عليه و آله من بينهم علي تلک الحال.

فخرجوا في طلبها سراعاً حتّي أدرکوها بذي طوي، فکان أوّل من سبق إليها هبّار بن الأسود بن المطّلب بن أسد، و نافع بن عبدالقيس الفهريّ، فروّعها هبّار بالرمح و هي في الهودج، و کانت حاملاً، فلمّا رجعت طرحت ذا بطنها، [4] و کانت من خوفها رأت دماً و هي في الهودج.

فلذلک أباح رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم فتح مکّة دم هبّار بن الأسود.

قال ابن أبي الحديد: و هذا الخبر أيضاً قرأته علي النقيب أبي جعفر، فقال:

إذا کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أباح دم هبّار، لأنّه روّع زينب، فألقت ذابطنها، و ظاهر الحال أنّه لو کان [5] لأباح دم من روّع فاطمة عليهاالسلام حتّي ألقت ذا بطنها.

قلت: أروي عنک ما يقوله قوم: إنّ فاطمة عليهاالسلام روّعت فألقت المحسن؟ [6] .

قال: لا تروه عنّي، ولا ترو عنّي بطلانه، فإنّي متوقّف في هذا الموضع، لتعارض الأخبار عندي فيه.

(قال العلّامة المجلسي رحمه الله) أقول: ظاهر أنّ النقيب رحمه الله عمل التقيّة في إظهار الشکّ في ذلک من ابن أبي الحديد، أو من غيره، و إلّا فالأمر أوضح من ذلک، کما سيأتي في کتاب الفتن.

ثمّ قال: قال الواقدي: فبرک حموها کنانة بن الربيع، و نثل کنانته بين يديه، ثمّ أخذ منها سهماً، فوضعه في کبد قوسه، و قال: أحلف باللَّه لا يدنو اليوم منها


رجل إلّا وضعت فيه سهماً، فتکرکر الناس عنه.

قال: و جاء أبوسفيان بن حرب في جلّة قريش فقالوا: أيّها الرجل! أکفف عنّا نبلک حتّي نکلّمک.

فکفّ، فأقبل أبوسفيان حتّي وقف عليه، فقال: إنّک لم تحسن و لم تصب، خرجت بالمرأة علي رؤوس الناس علانيةً جهاراً، و قد عرفت مصيبتنا و نکبتنا و ما دخل علينا من محمّد أبيها، فيظنّ الناس إذا أنت خرجت بابنته جهاراً أنَّ ذلک عن ذلّ أصابنا، و إنَّ ذلک منّا و هن وضعف.

لعمري ما لنا في حبسها عن أبيها من حاجة، و ما فيها من ثار، ولکن ارجع بالمرأة حتّي إذا هدأت الأصوات وتحدّث الناس بردّها سلّها سلّاً خفيفاً فألحقها بأبيها.

فردّها کنانة إلي مکّة، فأقامت بها ليالي حتّي إذا هدأ الصوت عنها حملها بعيرها، و خرج بها ليلاً حتّي سلّمها إلي زيد بن حارثة و صاحبه، فقدما بها علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله. [7] .



پاورقي

[1] في المصدر: و نادي.

[2] هو شرف الدين أبوجعفر يحيي بن أبي طالب محمّد بن محمّد بن أبي زيد الحسني النقيب، قد بالغ في الثناء عليه ابن أبي الحديد في شرحه علي «نهج البلاغة»، و وصفه بالوثاقة والأمانة والبعد عن الهوي والتعصب، والإنصاف في الجدال، مع غزارة العلم وسعة الفهم وکمال العقل (هامش البحار).

[3] استظهر المصنّف في الهامش أنّه مصحّف: أنفت (الهامش).

[4] في المصدر: ما في بطنها.

[5] في المصدر: لو کان حيّاً.

[6] العجب من جماعة من أعاظم العامّة حيث ذکروا لعليّ عليه السلام ابنا اسمه محسن، و لم يتعرّضوا لحاله، و لم يذکروا فيه شيئاً، و سنذکرهم إن شاءاللَّه في محلّه (الهامش).

[7] البحار: 19/ 348- 354، وفيه: قال البلاذريّ: روي: أنّ هبّار بن الأسود کان ممّن عرض لزينب بنت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله حين حملت من مکّة إلي المدينة، فکان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يأمر سراياه إن ظفروا به أن يحرقوه بالنار.

ثمّ قال: «لا يعذّب بالنار إلّا ربّ النار»، وأمرهم إن ظفروا به أن يقطعوا يديه و رجليه و يقتلوه، فلم يظفروا به حتّي إذا کان يوم الفتح هرب هبّار.

ثمّ قدم علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بالمدينة، و يقال: أتاه بالجعرانة حين فرغ من أمر حنين، فمثّل بين يديه

و هو يقول: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، و أنّک رسول اللَّه، فقبل إسلامه.

قال محمّد بن إسحاق: فأقام أبوالعاص بمکّة علي شرکه، و أقامت زينب عند أبيها صلي الله عليه و آله بالمدينة قد فرّق بينهما الإسلام، حتّي إذا کان الفتح خرج أبوالعاص تاجراً إلي الشام بمال له و أموال لقريش أبضعوا بها معه، و کان رجلاً مأموناً.

فلمّا فرغ من تجارته و أقبل قافلاً لقيته سريّة لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله فأصابوا ما معه، و أعجزهم هو هارباً.

فخرجت السريّة بما أصابت من ماله حتّي قدمت به علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، و خرج أبوالعاص تحت الليل حتّي دخل علي زينب منزلها، فاستجار بها، فأجارته، و إنّما جاء في طلب ماله الّذي أصابته تلک السريّة.

فلمّا کبّر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في صلاة الصبح و کبّر الناس معه صرخت زينب من صفّة النساء: أيّها الناس! إنّي قد آجرت أباالعاص بن الربيع.

فصلّي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بالناس الصبح، فلمّا سلّم من الصلاة أقبل عليهم، فقال: أيّها الناس! هل سمعتم ما سمعت؟

قالوا: نعم.

قال: أما والّذي نفس محمّد بيده؛ ما علمت بشي ء ممّا کان حتّي سمعتم إنّه يجير علي الناس أدناهم.

ثمّ انصرف فدخل علي ابنته زينب، فقال: أي بنيّة! أکرمي مثواه، و أحسني قراه، و لايصلنّ إليک، فإنّک لا تحلّين له.

ثمّ بعث إلي تلک السريّة الّذين کانوا أصابوا ماله، فقال لهم: إنّ هذا الرجل منّا بحيث علمتم و قد أصبتهم له مالاً، فإن تحسنوا و تردّوا عليه الّذي له، فإنّا نحبّ ذلک، و إن أبيتهم فهو في ء اللَّه الّذي أفاءه عليکم، و أنتم أحقّ به.

فقالوا: يا رسول اللَّه! بل نردّه عليه.

فردّوا عليه ماله و متاعه، حتّي أنّ الرجل کان يأتي بالحبل، و يأتي الآخر بالشنّة، و يأتي الآخر بالإدواة، والآخر بالشظاظ حتّي ردّوا ماله ومتاعه بأسره من عند آخره، ولم يفقد منه شيئاً، ثمّ احتمل إلي مکّة.

فلمّا قدمها أدّي إلي کلّ ذي مال من قريش ماله ممّن کان بضع معه بشي ء حتّي إذا فرغ من ذلک، قال لهم: يا معشر قريش! هل بقي لأحد منکم عندي مال لم يأخذه؟

قالوا: لا، فجزاک اللَّه خيراً، لقد وجدناک وفيّاً کريماً.

قال: فإنّي أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، و أنّ محمّداً رسول قال محمّد بن إسحاق: فحدّثني داود بن الحصين، عن عِکرمة، عن ابن عبّاس: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ردّ زينب بعد ستّ سنين علي أبي العاص بالنکاح الأوّل لم يحدث شيئاً.