بازگشت

علة غصب فدك من فاطمة




3645/ 1- و روي العلّامة في کشکوله المنسوب إليه: عن المفضّل بن عمر، قال: قال مولاي جعفر الصّادق عليه السلام:

لمّا ولّي أبوبکر بن أبي قحافة، قال له عمر: إنّ الناس عبيد هذه الدنيا، لا يريدون غيرها، فامنع عن عليّ و أهل بيته الخمس و الفي ء و فدکاً، فإنّ شيعته إذا علموا ذلک ترکوا عليّاً، و أقبلوا إليک رغبة في الدنيا، و إيثاراً و محاماة عليها.

ففعل أبوبکر ذلک و صرف عنهم جميع ذلک.

فلمّا قام أبوبکر بن أبي قحافة مناديه: من کان له عند رسول اللَّه صلي الله عليه و آله دين أو عدة، فليأتني حتّي أقضيه، وأنجز لجابر بن عبداللَّه، و لجرير بن عبداللَّه البجلي.

قال عليّ عليه السلام لفاطمة عليهاالسلام: صيري إلي أبي بکر وذکّريه فدکاً.

فصارت فاطمة عليهاالسلام إليه، و ذکرت له فدکاً مع الخمس و الفي ء.

فقال: هاتي بيّنة يا بنت رسول اللَّه!

فقالت: أمّا فدک؛ فإنّ اللَّه عزّ و جلّ أنزل علي نبيّه قرآناً يأمر فيه بأن يؤتيني وولدي حقّي، قال اللَّه تعالي (وَآتِ ذَا القُرْبي حَقَّه) فکنت أنا و ولدي أقرب الخلائق إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فنحلني و ولدي فدکاً.

فلمّا تلي عليه جبرئيل عليه السلام (وَالمِسْکينَ وَابنِ السَّبيلِ) قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: ما حقّ المسکين وابن السبيل؟

فأنزل اللَّه تعالي: (وَاعْلَموا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَي ءٍ فَأَنَّ للَّه خُمُسَهُ وَلِلرَسول


وَلِذِي القُرْبي وَاليَتامي وَالمَساکينِ وَابنِ السَّبيلِ)؛

فقسم الخمس علي خمسة أقسام: فقال: (مَا أَفَاء اللَّه عَلي رَسولِه مِنْ أَهْلِ القُري فَلِلّه وَلِلرَسولِ وَلِذِي القُربي وَاليَتامي وَالمَساکينِ وَابنِ السَبيلِ کَيلا يَکونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِياءِ). [1] .

فما للَّه، فهو لرسوله، و ما لرسول اللَّه فهو لذي القربي، و نحن ذوا القربي، قال اللَّه تعالي: (قُلْ لا أَسأَلُکُمْ عَلَيْه أَجْراً إِلَّا المَوَدَّةَ في القُرْبي).

فنظر أبوبکر ابن أبي قحافة إلي عمر بن الخطّاب، و قال: ما تقول؟

فقال عمر: و من اليتامي والمساکين وأبناء السبيل؟

فقالت فاطمة عليهاالسلام: اليتامي الّذين يأتمون باللَّه و برسوله، و بذي القربي، والمساکين الّذين أسکنوا معهم في الدنيا والآخرة، و ابن السبيل الّذي يسلک مسلکهم.

قال عمر: فإذاً الخمس والفي ء کلّه لکم و لمواليکم و أشياعکم.

فقالت فاطمة عليهاالسلام: أمّا فدک؛ فأوجبها اللَّه لي ولولدي دون موالينا و شيعتنا، و أمّا الخمس؛ فقسّمه اللَّه لنا و لموالينا و أشياعنا، کما يقرأ في کتاب اللَّه.

قال عمر: فما لسائر المهاجرين و الأنصار و التابعين بإحسان؟

قالت فاطمة عليهاالسلام: إن کانوا موالينا و من أشياعنا فلهم الصدقات الّتي قسمها اللَّه وأوجبها في کتابه، فقال عزّ و جلّ: (إِنَّما الصَّدقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساکين وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤلِّفَةِ قُلوبُهُمْ وَفِي الرِقابِ)... إلي آخر القصّة.

قال عمر: فدک لک خاصّة، والفي ء لکم ولأوليائکم ما أحسب أصحاب محمّد صلي الله عليه و آله يرضون بهذا.

قالت فاطمة عليهاالسلام: فإنّ اللَّه عزّ و جلّ رضي بذلک ورسوله رضي، و به قسم


الموالات والمتابعة، لا علي المعادات والمخالفة، و من عادانا فقد عاد اللَّه، و من خالفنا فقد خالف اللَّه، و من خالف اللَّه فقد استوجب من اللَّه العذاب الأليم والعقاب الشديد في الدنيا و الآخرة.

فقال عمر: هاتي بيّنة يا بنت محمّد! علي ما تدّعين.

فقالت فاطمة عليهاالسلام: قد صدّقتم جابر بن عبداللَّه و جرير بن عبداللَّه، و لم تسألوهما البيّنة، و بيّنتي في کتاب اللَّه.

فقال عمر: إنّ جابراً و جريراً ذاکرا أمراً هيّناً، و أنت تدّعين أمراً عظيماً يقع به الردّة من المهاجرين و الأنصار.

فقالت عليهاالسلام: إنّ المهاجرين برسول اللَّه صلي الله عليه و آله و أهل بيت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله هاجروا إلي دينه، والأنصار بالإيمان باللَّه و برسوله و بذي القربي أحسنوا، فلا هجرة إلّا إلينا، و لا نصرة إلّا لنا، و لا اتّباع بإحسان إلّا بنا، و من ارتدّ عنّا فإلي الجاهليّة.

فقال لها عمر: دعينا من أباطيلک و احضرينا من يشهد لک بما تقولين.

فبعثت إلي عليّ والحسن والحسين عليهم السلام و اُمّ أيمن وأسماء بنت عميس- و کانت تحت أبي بکر بن أبي قحافة- فأقبلوا إلي أبي بکر وشهدوا لها بجميع ما قالت،وادّعته.

فقال: أمّا عليّ؛ فزوجها، و أمّا الحسن والحسين؛ ابناها، و أمّا اُمّ أيمن مولاتها،و أمّا أسماء بنت عميس؛ فقد کانت تحبّ جعفر بن أبي طالب فهي تشهد لبني هاشم، و قد کانت تخدم فاطمة، و کلّ هؤلاء يجرّون إلي أنفسهم.

فقال عليّ عليه السلام: أمّا فاطمة عليهاالسلام؛ فبضعة من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، و من آذاها فقد آذي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، و من کذّبها فقد کذّب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله.

و أمّا الحسن والحسين عليهماالسلام؛ فابنا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و سيّدا شباب أهل الجنّة، من کذّبهما فقد کذّب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إذ کان أهل الجنّة صادقين.


و أمّا أنا؛ فقد قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: أنت منّي و أنا منک، و أنت أخي في الدنيا و الآخرة، والرادّ عليک هو الرادّ عليّ، من أطاعک فقد أطاعني، و من عصاک فقد عصاني.

و أمّا اُمّ أيمن؛ فقد شهد لها رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بالجنّة، و دعا لأسماء بنت عميس و ذرّيتها.

قال عمر: أنتم کما وصفتم به أنفسکم، ولکن شهادة الجار إلي نفسه لا يقبل.

فقال عليّ عليه السلام: إذا کنّا نحن کما تعرفون و لا تنکرون، و شهادتنا لأنفسنا لا تقبل، و شهادة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لا تقبل، فإنّا للَّه و إنّا إليه راجعون.

إذا ادّعينا لأنفسنا تسألنا البيّنة، فما من معين يعين، و قد و ثبتم علي سلطان اللَّه و سلطان رسوله، فأخرجتموه من بيته إلي بيت غيره من غير بيّنة و لا حجّة (وَسَيَعْلَمُ الّذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [2] .ثمّ قال لفاطمة عليهاالسلام: انصرفي حتّي يحکم اللَّه بيننا و هو خير الحاکمين.

قال المفضّل: قال مولاي جعفر عليه السلام:

کلّ ظلامة حدثت في الإسلام، أو تحدث، و کلّ دم مسفوک حرام، و منکر مشهور، و أمر غير محمود، فوزره في أعناقهما و أعناق من شايعهما أو تابعهما، و رضي بولايتهما إلي يوم القيامة. [3] .

أقول: اُنظر إلي قول عمر ما أعرفه بشأن أبناء الدنيا، حيث قال: الناس عبيد الدنيا، لقد تفطّن بما هو الواقع من شأن أکثر الناس، لأنّ أبناء الدنيا أعرف بأمثالهم.


و هذا الخبر يکشف الغطاء عن وجه المرام من الطرفين بأوضح ما کشف، و يعلم منه أنّه لماذا منعوا حقّ فاطمة الزهراء عليهاالسلام من فدک؟ عزّ و جلّ و لماذا منعوا الفي ء والخمس من بني هاشم، يعني من عليّ عليه السلام و أولياءه و أخصّائه؟و قول عمر لفاطمة عليهاالسلام: إنّ جابر بن عبداللَّه و جرير بن عبداللَّه ذاکرا أمراً هيّناً، و أنت ادّعيت أمراً عظيماً؛

و جواب عليّ عليه السلام من أباطيله، يدلّ علي أنّ المحور والهدف إثبات غاصبيّتهما فدک و حقّ فاطمة عليهاالسلام، والهدف الأساسي إثبات غصبهما حقّ عليّ عليه السلام يعني الولاية والخلافة، لکن هما خاضا الباطل حتّي ارتدّا وصارا سبباً لارتداد النّاس، وضلّا وأضلّا الناس، فبعداً للقوم الظالمين.

3646/ 2- قال في شرح النهج: و ما قصد أبوبکر و عمر بمنع فاطمة عليهاالسلام عنها إلّا ألّا يتقوّي عليٌّ عليه السلام بحاصلها و غلّتها علي المنازعة في الخلافة، و لهذا أتبعا ذلک بمنع فاطمة و عليّ عليهماالسلام و سائر بني هاشم و بني المطلب حقّهم في الخمس...

و قال لي علويّ من الحلّة- يعرف بعلي بن مهنّأ ذکيّ ذوفضائل-: ما تظنّ قصد أبي بکر و عمر بمنع فاطمة عليهاالسلام فدک عزّ و جلّ قلت: ما قصدا عزّ و جلّ قال: أرادا ألّا يظهرا لعليّ عليه السلام- و قد اغتصباه الخلافة- رقّة و ليناً وخذلاناً، و لايري عندهما خوراً. [4] .

فإذا کان أبوبکر لا يطلب أحداً من الصحابة بالبيّنة علي الدين أو العدة، فکيف طلب من الزهراء عليهاالسلام بيّنة علي النحلة؟

و هل کان النظام القضائي يخصّ الزهراء عليهاالسلام وحدها بذلک، أو أنّ الظروف


السياسيّة الخاصّة هي الّتي جعلت لها هذا الاختصاص؟ [5] .

و قد افترضنا- (علي فرض المحال)- أنّ أبابکر هو الخليفة الشرعي للمسلمين يومئذ، و إذن فهو وليّهم المکلّف بحفظ حقوقهم و أموالهم، فإذا کانت الزّهراء عليهاالسلام صادقة في رأيه، و لم يکن في الناس من ينازعها، فليس للخليفة أن ينتزع فدکاً منها، و تحديد الحکم بالبيّنة خاصّة إنّما يحرم الحکم و لايجيز انتزاع الملک من صاحبه. [6] .

و لا ننس أن نلاحظ أنّ الظروف الاقتصادية العامّة کانت تدعو إلي الإرتفاع بماليّة الدولة، والإهتمام بإکثارها إستعداداً للطواري المترقبة، فلعلّ هذا حدي بالحاکمين إلي انتزاع فدک.

کما يتبيّن ذلک بوضوح من حديث لعمر مع أبي بکر يمنعه فيه عن تسليم فدک إلي الزهراء عليهاالسلام، و يعلّل ذلک بأنّ الدولة في حاجة إلي المال، لإنفاقه في توطيد الحکم و تأديب العصاة و القضاء علي الحرکات الإنفصاليّة الّتي قد يقوم بها المرتدّون.

و نخرج من البحث بنتيجة، و هي: أنّ تأميم أبوبکر لفدک يمکن تفسيره:

1- بأنّ الظروف الإقتصادي دعي إلي ذلک.

2- بأنّ أبابکر خشي أن يصرف عليّ ثروة قرينته في سبيل التوصّل إلي السلطان.

- أقول: کما أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله صرف ثروة خديجة عليهاالسلام في سبيل دعوته إلي الإسلام-.

و إنّ موقفه من دعاوي الزهراء عليهاالسلام بعد ذلک و استبساله في رفضها قد يکون


مردّه إلي هذين السبيلين:

1- إلي مشاعر عاطفيّة کانت تنطوي عليها نفس الخليفة...

2- وحدة سياسيّة عامّة بني عليها أبوبکر سيرته مع الهاشميين...

لأنّ الدواعي الّتي بعثته إلي انتزاع فدک کانت تدعوه إلي الإستمرار علي تلک الخطّة ليسلب بذلک من خصمه الثروة الّتي کانت سلاحاً قويّاً في عرف الحاکمين يومذاک و يعزز بها سلطانه... [7] .

أقول: وللإمام عليه السلام أن ينقذ حقّه الّذي جعله اللَّه له بأيّ طريق ممکن، ولکن المؤتمرين صدّوا کلّ الطرق الممکنة عليه.

3647/ 3- و عمر نفسه يشهد لأبي بکر بأنّه کان مداوراً سياسيّاً بارعاً في يوم السقيفة، في حديث طويل له يصفه فيه بأنّه أحسد قريش. [8] .

أقول: هذه قليلة من کثير تدلّ علي نفسيات الخليفة يجدها المتتبّع في الروايات و العبارات المأثورة قبل سلطته و بعدها، و أدلّ العبارات کلام أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام حيث يقول: «فشحّت عليها نفوس قوم...» [9] و هکذا عبارات خطبة الشقشقيّة.

3648/ 4- رسالة أميرالمؤمنين عليه السلام إلي أبي بکر لمّا بلغه عنه کلام بعد منع الزهراء عليهاالسلام فدک:

شقّوا متلاطمات أمواج الفتن بحيازيم سفن النجاة... و اقتسموا مواريث الطاهرات الأبرار، و احتقبوا ثقل الأوزار بغصبهم نحلة النبيّ المختار...

أما واللَّه؛ لو أذن لي بما ليس لکم به علم لحصدت رؤوسکم عن أجسادکم کحبّ الحصيد بقواضب من حديد...


لعمر أبي؛ لن تحبّوا أن تکون فينا الخلافة و النبوّة، و أنتم تذکرون أحقاد بدر و ثارات اُحد...

رويداً فعن قليل ينجلي لکم القسطل، [10] فتجدون ثمر فعلکم مرّاً أو (أم، خ ل) تحصدون غرس أيديکم زعافاً ممزّقاً وسمّاً قاتلاً، و کفي باللَّه حکماً (حکيماً، خ ل) وبرسول اللَّه صلي الله عليه و آله خصماً و بالقيامة موقفاً...

فلمّا أن قرأ أبوبکر الکتاب رعب من ذلک رعباً شديداً، و قال: يا سبحان اللَّه! ما أجرأه عليّ وأنکله عن غيري، معاشر المهاجرين والأنصار! تعلمون إنّي شاورتکم في ضياع فدک بعد رسول اللَّه، فقلتم: إنّ الأنبياء لايورثون، و إنّ هذه أموال يجب أن تضاف إلي مال الفي ء، و تصرف في ثمن الکراع و السلاح و أبواب الجهاد و مصالح الثغور فأمضينا رأيکم...

فقال له عمر: أبيت أن تقول إلّا هکذا، فإنّک ابن من لم يکن مقداماً في الحروب، و لا سخيّاً في الجدوب، سبحان اللَّه! ما أهلع فؤادک، و أصغر نفسک صفت لک سجّالاً لتشربها، فأبيت إلّا أن تظمأ کظمائک، و أنخت لک رقاب العرب، و ثبّت لک أمارة أهل الإشارة و التدبير، و لولا ذلک لکان ابن أبي طالب قد صيّر عظامک رميماً، فأحمد اللَّه علي ما قد وهب لک منّي و أشکره علي ذلک... فطب نفساً و لا تغرّنک صواعقه... فإنّي أسدّ بابه قبل أن يسدّ بابک.

فقال له أبوبکر: ناشدتک اللَّه يا عمر! لمّا ترکتني من أغاليطک و تربيدک، فواللَّه؛ لو همّ بقتلي وقتلک لقتلنا بشماله دون يمينه، ما ينجينا منه الا ثلاث خصال:

احداها: انه واحد لاناصر له.

والثانيه، انه يتبع فينا وصيه رسول الله صلي الله عليه و آله.


والثالثة؛ فما من هذه القبائل أحد إلّا و هو يتخضّمه کتخضّم ثنية الإبل أوان الرّبيع، فتعلم لولا ذلک لرجع الأمر إليه، و لو کنّا له کارهين.

أمّا إنّ هذه الدنيا أهون عليه من لقاء أحدنا الموت، أنسيت له يوم اُحد و قد فررنا بأجمعنا وصعدنا الجبل، و قد أحاطت به ملوک القوم و صناديدهم موقنين بقتله لا يجد عنه محيصاً للخروج...

و لولا أنّه أنزل اللَّه إليه آية من کتاب اللَّه لکنّا من الهالکين، و هو قوله: (وَلَقَدْ عَفي عَنْکُمْ) فاترک هذا الرجل ما ترکک و لايغرّنک قول خالد أنّه يقتله، فإنّه لا يجسر علي ذلک، و إن رامه کان أوّل مقتول بيده، فإنّه من ولد عبد مناف إذا هاجوا أهيبوا، و إذا غضبوا أذموا، و لا سيّما عليّ بن أبي طالب، فإنّه بابها الأکبر، و سنامه الأطول، و همامها الأعظم، والسلام علي من اتّبع الهدي. [11] .

أقول: قد اختصرت رسالته عليه السلام و أخذت من مواضع کلامه عليه السلام، و کذا ذکرت مواضع من کلام أبي بکر و عمر، و اختصرت.

و قال العلّامة المجلسي رحمه الله: أقول: روي في «نهج البلاغة» تلک الفقرات في موضع آخر يناسبها، ثمّ بيّن و شرح فقرات الرسالة، فراجع المأخذ.

و أقول أيضاً: يدلّ هذا الخبر أنّ حديث الأنبياء لايورثون؛ ليس من کلام رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، بل اختلقوه القوم الّذين وضعوا أبابکر في مسند الخلافة، و حملوه علي رقاب المسلمين.

و لعلّ المختلقين هم الّذين کتبوا بينهم الصحيفة المعروفة، و إنّما أبابکر نسب هذا الخبر الموضوع إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله افتراءاً، فاغتنم.

3649/ 5- الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّي بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن عبدالرحمان بن أبي عبداللَّه، قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام:


إنّ اللَّه عزّوجلّ منّ علينا بأن عرّفنا توحيده، ثمّ منّ علينا بأن أقررنا بمحمّد صلي الله عليه و آله بالرّسالة، ثمّ اختصّنا بحبّکم أهل البيت نتولّاکم و نتبرّأ من عدوّکم، و إنّما نريد بذلک خلاص أنفسنا من النّار.

قال: و رققت فبکيت.

فقال أبوعبداللَّه عليه السلام: سلني فواللَّه؛ لا تسألني عن شي ء إلّا أخبرتک به.

قال: فقال له عبدالملک بن أعين: ما سمعته قالها لمخلوق قبلک.

قال: قلت: خبّرني عن الرّجلين؟

قال: ظلمانا حقّنا في کتاب اللَّه عزّ و جلّ، و منعا فاطمة صلوات اللَّه عليها ميراثها من أبيها، و جري ظلمهما إلي اليوم- قال: و أشار إلي خلفه- و نبذا کتاب اللَّه وراء ظهورهما. [12] .

3650/ 6- وفاة الصدّيقة الزهراء عليهاالسلام: عن الخرائج للراوندي؛ والمناقب لابن شهراشوب: ثمّ نزل علي النبيّ صلي الله عليه و آله قوله تعالي: (وَآتِ ذَا القُرْبي حَقَّه)، فدعا فاطمة عليهاالسلام و قال لها: إنّ فدکاً لک ولعقبک من بعدک جزاءاً عمّا کانت لاُمّک خديجة عليهاالسلام من الحقّ، و هذه فدک نحلة لک.

و أمر أميرالمؤمنين عليه السلام أن يکتب لفاطمة عليهاالسلام بها، فکتب عليه السلام، و شهد هو ومولي لرسول اللَّه واُمّ أيمن- کانوا حضوراً-.

فقالت فاطمة عليهاالسلام لأبيها: لست أحدث فيه حدثاً ما دمت حيّاً، فإنّک أولي بها و من نفسي و مالي.

فعرّفها نبيّ الإسلام عواقب الاُمور و نفسيّات الرجال، و ما يحدثونها بعده من انقلاب و تطوّرات، و قال: أکره أن أجعلها سبة فيمنعوک إيّاها من بعدي.


فخضع لأمره التابع لوحي السماء، و جمع الناس في منزله، فأعلمهم بما نزل عليه من القرآن الحاکم، بأنّ فدکاً لفاطمة عليهاالسلام.

فکان وکيلها يجبي لها غلّتها البالغة کلّ سنة أربعة و عشرين ألف ديناراً- کما في (الخرائج)- أو سبعون ألف ديناراً- کما في «کشف المحجّة» لابن طاووس رحمه الله.

کانت تفرّقها علي الفقراء من بني هاشم والمهاجرين والأنصار حتّي لا يبقي عندها ما يسع نفقة اليوم لها ولولدها. [13] .

3651/ 7- من کتاب له عليه السلام إلي عثمان بن حنيف الأنصاري و هو عامله علي البصرة، و قد بلغه أنّه دعي إلي وليمة قوم من أهلها فمضي إليها.

أمّا بعد؛ يا ابن حنيف! فقد بلغني أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاک إلي مأدبة،فأسرعت إليها يستطاب لک الألوان، و تنقل إليک (عليک- خ ل) الجفان، و ما ظننت أنّک تجيب إلي طعام قوم عائلهم مجفوّ و غنيّهم مدعوّ... إلي أن قال:

ألا و إنّ لکلّ مأموم إماماً يقتدي به، و يستضي ء بنور علمه.

ألا و إنّ إمامکم قد اکتفي من دنياه بطمريه، و من طعمه بقرصيه.

ألا و إنّکم لاتقدرون علي ذلک، ولکن أعينوني بورع و اجتهاد، وعفّة و سداد.

فواللَّه؛ ما کنزت من دنياکم تبراً، و لا ادّخرت من غنائمها وقراً، و لا أعددت لبالي ثوبي طمراً، (ولا حزت من أرضها شبراً، ولا أخذت منه إلّا کقوت أتان دبرة،ولهي في عيني أوهي وأهون من عفصة مقرة).

بلي کانت في أيدينا فدک من کلّ ما أظلّته السماء، فشحّت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس قوم آخرين، و نعم الحکم اللَّه.


و ما أصنع بفدک و غير فدک، والنفس مظانّها في غد جدث، تنقطع في ظلمته آثارها،و تغيب أخبارها، و حفرة لو زيد في فسحتها و أوسعت يدا حافرها لضغطها (لأضغطها- خ ل) الحجر، و المدر، و سدّ فرجها التراب المتراکم، و إنّما هي نفسي أروضها بالتقوي لتأتي آمنة يوم الخوف الأکبر، و تثبت علي جوانب المزلق.

و لو شئت لاهتديت الطريق إلي مصفّي هذا العسل، و لباب هذا القمح، و نسائج هذا القزّ، ولکن هيهات! أن يغلبني هواي و يقودني جشعي إلي تخيّر الأطعمة، و لعلّ بالحجاز أو باليمامة من لا طمع له في القرص، و لا عهد له بالشبع.

أو أن أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثي، وأکباد حري؟

أو أن أکون کما قال القائل:


و حسبک داءً أن تبيت ببطنة

وحولک أکباد تحنّ إلي القدّ


أأقنع من نفسي بأن يقال (لي:) أميرالمؤمنين و لا اُشارککم في مکاره الدهر؟ أو أکون اُسوة لهم في جشوبة العيش، فما خلقت ليشغلني أکل الطيّبات کالبهيمة المربوطة همّها علفها... [14] .

3652/ 8- أقول: روي في «البحار» عن کتاب «زوائد الفوائد» للسيّد ابن طاووس رحمه الله عن أبي العلاء الهمداني الواسطيّ؛ و يحيي بن محمّد بن حويج البغداديّ، عن أحمد بن إسحاق القمّي- صاحب أبي الحسن العسکري عليه السلام- عن أبي الحسن عليّ بن محمّد العسکريّ عليه السلام خبراً في فضل يوم التاسع من شهر ربيع الأوّل... و فيه:

قال صلي الله عليه و آله: نعم؛ يا حذيفة! جبت من المنافقين يرتاس عليهم، و يستعمل في


اُمّتي الرؤيا و... و يصدّ الناس عن سبيل اللَّه، يحرّف کتاب اللَّه، و يغيّر سنّتي، و يشتمل علي إرث ولدي، و ينصب نفسه علماً.

و يتطاول علي إمامه من بعدي، و يستخلب أموال الناس من غير حلّها، و ينفقها في غير طاعة اللَّه، و يکذّبني و يکذّب أخي و وزيري، و يحسد ابنتي عن حقّها، فتدعو اللَّه عزّ و جلّ عليه، فيستجيب دعاءها في مثل هذا اليوم...

و فيه أيضاً: قال حذيفة:... حتّي رأيت بعد وفاة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله... وحرّف القرآن، وأحرق بيت الوحي، و ابتدع السّنن و غيّرها و غيّر الملّة و نقل السنّة.

وردّ شهادة أميرالمؤمنين عليه السلام، و کذّب فاطمة عليهاالسلام بنت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، و اغتصب فدک منها، و أرضي اليهود والنصاري والمجوس، وأسخط قرّة عين المصطفي، ولم يرضها... ولطم وجه الزکيّة عليهاالسلام... [15] أقول: الخبر طويل، أخذت منه مواضع الحاجة، فراجع المأخذ.

3653/ 9- حدّثنا أحمد بن محمّد بن الهيثم العجليّ و أحمد بن الحسن القطّان و محمّد بن أحمد السنانيّ؛ والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المکتب و عبداللَّه بن محمّد الصائغ و عليّ بن عبداللَّه الورّاق رضي اللَّه عنهم، قالوا:

حدّثنا أبوالعبّاس أحمد بن يحيي بن زکريّا القطّان، قال: حدّثنا بکر بن عبداللَّه بن حبيب، قال: حدّثنا تميم بن بهلول، قال: حدّثني أبومعاوية، عن الأعمش، عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام، قال:


هذه شرائع الدين لمن تمسّک بها، وأراد اللَّه تعالي هداه... إلي أن قال:

وحبّ أولياءاللَّه واجب، والولاية لهم واجبة، والبراءة من أعدائهم واجبة، و من الّذين ظلموا آل محمّد صلّي اللَّه عليهم، وهتکوا حجابه، وأخذوا من فاطمة عليهاالسلام فدک، ومنعوها ميراثها، وغصبوها وزوجها حقوقهما.

وهمّوا بإحراق بيتها، وأسّسوا الظلم، وغيّروا سنّة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، والبراءة من الناکثين والقاسطين والمارقين واجبة. [16] .

أقول: الخبر طويل أخذت منه موضع الحاجة، فراجع المأخذ.

3654/ 10- زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ورث عليّ عليه السلام علم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وورثت فاطمة عليهاالسلام ترکته.

والخبر مشهور: أنت وارث علم الأوّلين والآخرين. [17] .



پاورقي

[1] التوبة: 60.

[2] الشعراء: 227.

[3] البحار: 29/ 194- 199، عن الکشکول فيما جري علي آل الرسول عليهم السلام: 203- 205.

[4] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16/ 236.

[5] فدک في التأريخ:150.

[6] فدک في التأريخ: 152.

[7] فدک في التأريخ: 68- 73.

[8] فدک في التأريخ: 61.

[9] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16/ 208.

[10] أي الغبار.

[11] البحار: 29/ 140- 145، عن الإحتجاج.

[12] روضةالکافي: 148 ح 74.

[13] مسند فاطمة الزهراء عليهاالسلام:34 و35.

[14] البحار: 33/ 473- 476 ح 686، عن نهج البلاغة.

[15] البحار: 95/ 351- 355.

أقول: قال في البحار: و بإسنادنا إلي المفيد رحمه الله قال في «حدائق الرياض»عند ذکر ربيع الأوّل: اليوم العاشر منه تزوّج النبيّ صلي الله عليه و آله خديجة عليهاالسلام بنت خويلد اُمّ المؤمنين رضي اللَّه عنها، و لها أربعون سنة، و له صلي الله عليه و آله خمس وعشرون سنة.

و يستحبّ صيامه شکراً للَّه تعالي علي توفيقه بين رسوله و الصالحة الرضيّة التقيّة.

و قال: في اليوم الثاني عشر منه کان قدوم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله المدينة مع زوال الشمس. و في مثله سنة اثنتين و ثمانين من الهجرة کان انقضاء دولة بني مروان، فيستحبّ صومه شکراً للَّه تعالي علي ما أهلک من أعداء رسوله صلي الله عليه و آله (البحار: 95/ 357، عن إقبال الأعمال).

[16] البحار: 10/ 222- 226 و27/ 52، عن الخصال.

[17] البحار: 38/ 154.