بازگشت

ان خبر نكاح علي من ابنة أبي جهل موضوع




قال شيخ الطائفة و عميد الملّة رحمه الله:

فإن قيل: أليس قد روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قد خطب بنت أبي جهل بن هشام في حياة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله حتّي بلغ ذلک فاطمة عليهاالسلام، فشکته إلي النبيّ صلي الله عليه و آله، فقام علي المنبر قائلاً: إنّ عليّاً آذاني بخطب بنت أبي جهل بن هشام ليجمع بينها وبين فاطمة عليهاالسلام، وليس يستقيم الجمع بين بنت ولي اللَّه و بين بنت عدوّاللَّه، أما علمتم معشر الناس! أنّ من آذي فاطمة عليهاالسلام فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذي اللَّه تعالي؟ فما الوجه في ذلک؟

قيل: هذا خبر باطل موضوع غير معروف، ولا ثابت عند أهل النقل، و إنّما ذکره الکرابيسي طاعناً به علي أميرالمؤمنين عليه السلام، و معارضاً بذکره لبعض ما تذکره الشيعة من الأخبار في أعدائه.

و هيهات أن يشتبه الحقّ بالباطل، ولو لم يکن في ضعفه إلّا رواية الکرابيسيّ له واعتماده عليه ومن هو في العداوة لأهل البيت والمناصبة لهم والإزراء عليهم والإنکار لفضائلهم ومآثرهم- علي ما هو المشهور- لکفي علي أنّ هذا الخبر قد تضمّن ما يشهد ببطلانه، ويقتضي علي کذبه من حيث ادّعي فيه أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله ذمّ هذا الفعل، وخطب بإنکاره علي المنابر.

ومعلوم أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام لو کان فعل ذلک- علي ما حکي- لما کان فاعلاً لمحظور في الشريعة، لأنّ نکاح الأربع علي لسان نبيّنا صلي الله عليه و آله مباح، والمباح لاينکره الرسول صلي الله عليه و آله ويصرّح بذمّه وبأنّه يؤذيه، وقد رفعه اللَّه تعالي عن هذه


المنزلة وأعلاه عن کلّ منقصة ومذمّة. [1] .

أقول: ذکر في کتاب «فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهجة قلب المصطفي صلي الله عليه و آله» مجعولة نکاح ابنة أبي جهل ومجعولات اُخري، وأنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين علي رواية أخبار قبيحة في عليّ عليه السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم علي ذلک جعلاً يرغب في مثله، (وذلک لأنّ بريق الدينار والدرهم أهمّ من کلّ شي ء عند اُولئک، بل أهمّ من العقيدة).

فاختلقوا ما أرضاه؛ منهم أبوهريرة... فروي عنه الحديث الّذي معناه: أنّ عليّاً عليه السلام خطب ابنة أبي جهل في حياة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فأسخطه.

فخطب علي المنبر وقال: «لاها اللَّه لاتجتمع ابنة وليّ اللَّه وابنة عدوّاللَّه أبي جهل،... فليفارق ابنتي و ليفعل ما يريد»، أو کلاماً هذا معناه، والحديث مشهور من رواية الکرابيسي.

قلت: هذا الحديث أيضاً مخرج في صحيحي مسلم والبخاري، عن المسور ابن مخرمة الزهريّ، وقد ذکره المرتضي رحمه الله في کتابه المسمّي «تنزيه الأنبياء والأئمّة»...

و قال أيضاً: الزهري من المنحرفين عنه عليه السلام...

وأيضاً عن المسور بن مخرمة قال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول و هو علي المنبر: «إنّ بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينکحوا ابنتهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فلا آذن، ثمّ فلا آذن إلّا أن يريد ابن أبي طالب عليه السلام أن يطلّق ابنتي، وينکح ابنتهم!! فإنّما هي بضعة منّي يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها».

وذکر الجواب عن هذه المجعولات بالتفصيل، وذکر بعض الأشعار من المعاندين والناصبين مثل مروان بن أبي حفصة شاعر الرشيد... وکان يتقرّب إلي الرشيد بهجاء العلويّة، ذکر في شعره الحديث الموضوع، وقد بالغ حين ذمّ عليّاً عليه السلام ونال منه، وأوّلها:




سلام علي جمل و هيهات من جمل

و يا حبّذا جمل وإن صرمت حبلي


يقول فيها:


عليّ أبوه کم کان أفضل منکم

أباه ذوو الشوري و کانوا ذوي الفضل


وساء رسول اللَّه إذ ساء بنته

بخطبة بنت اللعين أبي جهل


وقد ردّ علي هذا المعاند الکافر هذه الاُکذوبة ردّاً مبيناً سيّد الأعلام... وحيد عصره... آيةاللَّه العظمي السيّد المهدي البحر العلوم في قصيدة تناهز ثلاثمائة بيت، أوّلها:


ألا عدّ عن ذکري بثينة أو جمل

فما ذکرها عندي يمرّ ولا يحلي


... إلي قوله:


بذلک فاعلم جهل قوم تحدّثوا

بخطبة بنت اللعين أبي جهل [2] .


فذکر القصّة المجعولة وردّها، والجواب القاطع عنها في المأخذ، أخذت منه هذا المقدار رعاية للاختصار، واختصرت في النقل، وأنّ الأعداء اختلقوا أساطير اُخري لتنقيصه عليه السلام لايغيب عن البصير المتأمّل الناقد، مثل حديث بريدة أخرجه اَحمد في مسنده، وأخرج الطبراني أيضاً بالتفصيل: أنّ بريدة قدم من اليمن فسألوا المسلمين عنه ما ورائک؟

قال: فتح اللَّه علي المسلمين.

قالوا: ما أقدمک؟

قال: جارية أخذها عليّ من الخمس...

فقالوا: أخبره أخبره- يعني النبيّ صلي الله عليه و آله- يسقط عليّاً عليه السلام من عينه...

فخرج رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مغضباً.

فقال: ما بال أقوام ينتقصون عليّاً؟ من أبغض عليّاً فقد أغضبني... [3] .



پاورقي

[1] فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهجة قلب المصطفي صلي الله عليه و آله: 496 و497.

[2] فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهجة قلب المصطفي صلي الله عليه و آله وسلم: 496- 508.

[3] فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهجة قلب المصطفي صلي الله عليه و آله: 507.