بازگشت

طريق التعيين




و تحدث رضوان اللَّه عليه عن الطريق الثالث و هو طريق التعيين و الاستخلاف لشخص يمتلک مقومات قياده التجربه علي خطي الرسول صلي اللَّه عليه و آله و سلم و منهجه فقال:

ان الطريق الثالث المفترض هو الايجابيه ممثله في اعداد و نصب من يقود الامه و هذا هو الطريق الوحيد الذي بقي منسجما مع طبيعه الاشياء، و معقولا في ضوء ظروف الدعوه و الدعاه، و سلوک النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم و هو ان يقف النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم من مستقبل الدعوه بعد وفاته موقفا ايجابيا، فيختار بامر اللَّه سبحانه و تعالي شخصا يرشحه عمق وجوده في کيان الدعوه، فيعده اعدادا رساليا و قياديا خاصا لتتمثل فيه المرجعيه الفکريه و الزعامه السياسيه للتجربه، و ليواصل بعده بمسانده القاعده الشعبيه الواعيه من المهاجرين و الانصار قياده الامه و بناءها عقائديا، و تقريبها باستمرار نحو المستوي الذي يوهلها لتحمل المسووليات القياديه.

و هکذا نجد ان هذا هو الطريق الوحيد الذي کان بالامکان ان يضمن سلامه


مستقبل الدعوه، و صيانه التجربه في خط نموها و هکذا کان.

و ليس ما تواتر عن النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم من النصوص التي تدل علي انه کان يمارس اعدادا رساليا و تثقيفا عقائديا خاصا لبعض الدعاه علي مستوي يهيه للمرجعيه الفکريه و السياسيه، و انه صلي اللَّه عليه و آله و سلم قد عهداليه بمستقبل الدعوه و زعامه الامه من بعده فکريا و سياسيا، ليس هذا الا تعبيرا عن سلوک القائد الرسول صلي اللَّه عليه و آله و سلم للطريق الثالث الذي کانت تفرضه و تدل لعيه من قبل ذلک طبيعه الاشياء کما عرفنا.

و لم يکن هذا الشخص الداعيه المرشح للاعداد الرسالي القيادي و المنصوب لتسلم مستقبل الدعوه، و تزعمها فکريا و سياسيا الا علي بن ابي طالب، الذي رشحه لذلک عمق وجوده في کيان الدعوه، و انه المسلم الاول و المجاهد الاول في سبيلها عبر کفاحها المرير ضد کل اعدائها، و کذلک عمق وجوده في حياه القائد الرسول صلي اللَّه عليه و آله و سلم و انه ربيبه الذي فتح عينيه في حجره و نشا في کنفه، و تهيات له من فرص التفاعل معه و الاندماج بخطه مالم يتوفر لاي انسان آخر.

والشواهد من حياه النبي و الامام علي، علي ان النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم کان يعد الامام اعداد رساليا خاصا کثيره جدا، فقد کان النبي يخصه بکثير من مفاهيم الدعوه و حقائقها، و يبدوه بالعطاء الفکري و التثقيف اذا استنفذ الامام اسئلته، و يختلي به الساعات الطوال في الليل و النهار، يفتح عينيه علي مفاهيم الرساله و مشاکل الطريق، و مناهج العمل الي آخر يوم من حياته الشريفه.

روي الحاکم في المستدرک بسنده عن ابي اسحاق قال: سالت القاسم بن العباس: کيف ورث علي رسول اللَّه؟ قال: لانه کان اولنا به لحوقا و اشدنا به لزوقا.

و في حليه الاولياء عن ابن عباس انه يقول: کنا نتحدث ان النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم عهد الي علي بسبعين عهدا لم يعهد الي غيره.

و روي النسائي في الخصائص عن الامام علي انه يقول: کانت لي منزله من رسول اللَّه لم تکن لاحد من الخلائق، کنت ادخل علي نبي اللَّه کل ليله، فان کان


يصلي سبح، و ان لم يکنم يصلي اذن لي فدخلت.

و روي النسائي عن ام سلمه انها کانت تقول: والذي تحلف به ام سلمه ان اقرب الناس عهدا برسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم علي، قالت: لما کانت غداه قبض رسول اللَّه، فارسل اليه رسول اللَّه، و اظنه کان بعثه في حاجه، فجعل يقول: جاء علي؟ ثلاث مرات، فجاء قبل طلوع الشمس، فلما ان جاء عرفنا ان له اليه حاجه، فخرجنا من البيت، و کنا عند رسول اللَّه يومئذ في بيت عائشه و کنت في آخر من خرج من البيت ثم جلست وراء الباب فکنت ادناهم الي الباب، فاکب عليه علي فکان آخر الناس به عهدا فجعل يساره و يناجيه.

قال اميرالمومنين في خطبته القاصعه الشهيره و هو يصف ارتباطه الفريد بالرسول القائد، و عنايه النبي باعداده و تربيته: و قد علمتم موضعي من رسول اللَّه بالقرابه القريبه و المنزل الخصيصه، و ضعني في حجره و انا ولد، يضمني الي صدره و يکنفي في فراشه، و يمسني جسده، و يشمني عرفه، و کان يمضغ الشي ء ثم يلقمنيه، و ما وجد لي کذبه في قول، و لا خطله في فعل... و لقد کنت اتبعه ابتاع الفصيل لاثر امه، يرفع لي في کل يوم من اخلاقه علما، و يامرني بالاقتداء به، و لقد کان يجاور في کل سنه بجراء فاراه و لا يراه غيري، و لم يجتمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول اللَّه و خديجه و انا ثالثهما، اري نور الوحي و الرساله و اشم ريح النبوه.

ان هذه الشواهد، و شواهد اخري کثيره تقدم لنا صوره عن ذلک الاعداد الرسالي الخاص الذي کان النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم يمارسه في سبيل توعيه الامام علي السمتوي القيادي للدعوه.

کما ان في حياه الامام علي عليه السلام بعد و فاه القائد الرسول صلي اللَّه عليه و آله و سلم ارقاما کثيره جدا تکشف عن ذلک الاعداد العقائدي الخاص للامام علي عليه السلام من قبل النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم بما تعکسه من آثار ذلک الاعداد الخاص و نتائجه فقد کان الامام هو المفزع و الرمجع لحل اي مشکله يستعصي حلها علي القياده الحاکمه و قتئذ. و لا


نعرف في تاريخ التجربه الاسلاميه علي عهد الخلفاء واقعه واحده رجع فيها الامام الي غيره لکي يتعرف علي راي الاسلام و طريقه علاجه للموقف، بينما نعرف في التاريخ عشرات الوقائع اليت احست القياده الاسلاميه الحاکمه بضروره الرجوع الي الامام علي رغم تحفظاتها في هذا الموضوع.

و اذا کانت الشواهد کثيره علي ان النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم کان يعد الامام اعدادا خاصا لمواصله قياده من بعده، فالشواهد علي اعلان الرسول القائد علي تخطيطه هذا، و اسناد زعامه الدعوه الفکريه و السياسيه رسميا الي الامام علي عليه السلام لا تقل عنها کثره، کما نلاحظ ذلک في حديث الدار، و حديث الثقلين و حديث المنزله، و حديث الغدير و عشرات النصوص النبويه الاخري. [1] .

من خلال هذه الدراسه المعمقه للسيد الشهيد الصدر رضي اللَّه عنه لما يمکن ان يفعله النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم في مرحله ما بعد وفاته لضمان مستقبل مسير الاسلام نصل الي النتيجه المنطقيه و الطبيعيه التي توکد انه صلي اللَّه عليه و آله و سلم اعد عليا عليه السلام للخلافه، و قياده مسيره الاسلام من بعده.


پاورقي

[1] بحث حول الولايه للامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر: طبع دار التعارف بتصرف يسير.