بازگشت

حبها لأبيها




لقد أمر اللَّه عز و جل المؤمنين بحب رسوله صلي اللَّه عليه و آله و سلم و مودته و اهل بيته علهيم السلام فقد روي عن النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم انه قال:

«فو الذي نفسي بيده لا يؤمنُ احدُکم حتي أکونَ أحبَّ اليه من والدِهِ وَ وَلَده». [1] .

و عن أنس قال: قال النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم: «لا يؤمن أحدکم حتي أکون أحبَّ إليه من والدِهِ وَ وَلَدِه و الناس اجمعين» [2] .

و روي انس أيضاً عن النبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم انه قال:

ثلاث من کُنَّ فيه وجدَ حلاوة الايمان أن يکون اللَّه و رسولُهُ أحبَّ اليه مما سواهُما» [3] .

و مما لا ريب فيه ان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم ليس بحاجه الي حب الناس، فهو حبيب رب لعالمين و نجيبه و صفيه، الذي کرّمه بما لم يکرّم به احد فقال عزوجل (ان اللَّه و ملائکته يصلون علي النبي يا أيهاالذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما) [4] .

الّا ان الحکمة الربانية اقتضت اضافة الي اعتبار حبه صلي اللَّه عليه و آله و سلم عبادة من اعظم العبادات، و طاعة من أوجب الطاعات، ان تکون العلاقة بين الرسول و امته من


خلال قنوات الحب و المودة الخالصة، و توظيف هذه العلاقة الي حب للمابدي ء و القيم الربانية التي جاء بها من عنداللَّه تعالي. فما اکبر الفرق بين من يُؤمن و هو لا يحب، و بين من يؤمن و يحب:

(محمد رسول اللَّه و الذين معه اشداء علي الکفار رحماء بينهم). [5] .

و أکد القرآن للمؤمنين و المسلمين ان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم الذي امرنا اللَّه بحبه يحمل لهم في قلبه، و بين جوانحه من الحب اعظم مما يحمله المسلمون له من حب فقال عز و جل:

(ليخرجکم من الظلمات الي النور و کان بالمؤمنين رحيماً). [6] .

و جاء في روايات عديدة انه إذا کان يوم القيامة فان جميع الانبياء و الرسل يقولون: ربي نفسي الا نبينا محمد صلي اللَّه عليه و آله و سلم فانه ينادي: ربي امتي.

و في هذا المجال کانت الزهراء نموذجاً من اروع النماذج في حبها لابيها صلي اللَّه عليه و آله و سلم فقد امتلأت روحها الطاهرة بحبه ومودته و لم تکن تفارقة في سراء و لا ضراء.

و قد روي المؤرخون و الرواة بعضاً من تلک الصور نذکر بعضها:

يقول ابوثعلبة الخشني کان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم إذا قدم من سفره يدخل علي فاطمة، فدخل عليها فقامت اليه و اعتنقته و قبلت بين عينيه. [7] .

و تروي ام المؤمنين عائشة أن فاطمة کانت إذا دخلت علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم قام لها من مجلسه، و قبّل رأسها و أجلسها مجلسه، و إذا جاء اليها لقيته و قبّل کل واحد منهما صاحبه و جلسا معاً. [8] .

و عن أبي علي الصولي قال عبداللَّه بن الحسن دخل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم علي


فاطمة فقدّمت له کسرة يابسة من خبز شعير فأفطر عليها ثم قال:

يا بنية هذا أول خبزٍ أکل أبوک منذ ثلاثه ايام. فجعلت فاطمة تبکي و رسول اللَّه يمسح وجهها بيده. [9] .

و يروي عن ابي ايوب الانصاري قال:

انَّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم مرض مرضه فاتته فاطمة عليهاالسلام تعوده و هو ناقه من مرضه- أي قد بري ء من علته و لکنه ضعيف- فلما رأت ما برسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم من الجهد و الضعف خنقتها العبرة حتي جرت دمعتها علي خدها. [10] .

و روي عن ابي ثعلبة الخشني يقول:

قدم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم من غزاة له فدخل المجسد فصلي فيه رکعتين، و کان يعجبه إذا قدم ان يدخل المجس فيصلي فيه رکعتين، ثم خرج فأتي فاطمة عليهاالسلام فبدأ بها قبل بيوت ازواجه فاستقبلته فاطمة عليهاالسلام و جعلت تقبّل وجهه و عينيه وتبکي.

فقال لها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم: ما يبکيک؟

قالت: أراکَ قد شحب لونک.

فقال لها: يا فاطمة إنّ اللَّه عز و جل بعث أباک بأمرٍ لم يبق علي ظهر الارض بيت مَدَرٍ و لا شَعرٍ إلّا أدخله به عزاً أو ذلاً يبلغ حيث بلغ الليل» [11] .

و عن عبداللَّه بن عابس قال:

لما حضرت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم الوفاة بکي حتي بلّت دموعه لحيته، فقيل له: يا رسول اللَّه ما يبکيک؟

قال: ابکي لذريتي و ما تصنع بهم شرار امتي من بعدي، کأني بفاطمة بنتي و قد ظُلمت و هي تنادي يا أبتاه فلا يعينها أحد من أمتي.


فسمعت ذلک فاطمة عليهاالسلام فبکت.

فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم: لا تبکي يا بنية.

فقالت: لست ابکي لما يصنع بي من بعدک ولکن أبکي لفراقک يا رسول اللَّه.

فقال لها: ابشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي فانک أول من يلحق بي من اهل بيتي. [12] .

و لم يحدثنا التاريخ عن احدٍ يفرح و يستبشر بالموت لانه يسلتحق بحبيبه غير الزهراء عليهاالسلام، تقول عائشة:

ان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم دعا ابنته فاطمة عليهاالسلام فاسارّها فبکت، ثم سارّها فضحکت.

فقلت: ما هذا الذي سارّک به رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم فبکيت ثم سارّک فضحکت؟

فقالت: أخبرني بموته فبکيت ثم سارّني فأخبرني اني اول من يتبعه من أهله فحضکت». [13] .


پاورقي

[1] صحيح البخاري ج 70:1.

[2] صحيح البخاري ج 70:1.

[3] صحيح البخاري ج 70:1.

[4] الاحزاب:56.

[5] الفتح:29.

[6] الاحراب:43.

[7] بحارالانوار ج 40:43.

[8] راجع صحيح الترمذي ج 2 ص 319 ط مبعة بولا ق عام 1292 ه- و مستدرک الصحيح ج 3 ص 154 ط دائرة المعارف النظامية بحيدر آبادکن عام 1324 ه-.

[9] بحارالانوار ج 40:43.

[10] بحارالانوار ج 97:43.

[11] حلية الاولياء لابي نعيم ج 2 ص 300 مطبعة السعادة بمصر.

[12] بحارالانوار ج 40:43، کنزالعمال ج 7 ص 111 طبع دائرة المعارف النظامية.

[13] صحيح مسلم ج 7 ص 142 باب فضائل فاطمة مطبعة بولاق.