بازگشت

فاطمة




لقد وردت احاديث متنوعه في سبب تسميتها (عليهاالسلام) بفاطمه.

و قبل ان نذکر تلک الاحاديث نقول: ان اسم فاطمه مشتق من الفطم و هو بمعني القطع، يقال: فطمت الام طفلها، و فطمت الحبل.

قال العلامه المجلسي (رحمه الله تعالي)- مامعناه-:... کثيرا ما يجي ء اسم الفاعل بمعني اسم مفعول، کقولهم: سرکاتم، اي: مکتوم، و مکان عامر، اي: معمور، و کما قالو تعالي: «في عيشه راضيه» اي مرضيه.

و الان اليک بعض تلک الاحاديث:

1- لانها فطمت شيعتها من النار.

روي عن الامام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) ان جبرئيل قال له:... سميت فاطمه، في الارض، [لانها] فطمت شيعتها من النار [1] .

2- لأن الله فُطمت هي و شيعتها من النار.

روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): انه قال: يا فاطمه اتدرين لم سُمِّيتِ فاطمة؟

قال علي (عليه السلام): لم سُميت؟


قال: لأنَّها فُطمت هي و شيعتها من النار [2] .

و عنه (صلي الله عليه و آله و سلم) انه قال: سميت فاطمه، لان الله فطمها و ذريتها من النار، من لقي الله منهم بالتوحيد و الايمان بما جئت به [3] .

و روي ابن عباس عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) انه قال:... و انما سماها فاطمه، لان الله فطمها و ذريتها و محبيها من النار [4] .

و روي ابن عباس عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) انه قال:... و انما سماها فاطمه، لان الله فطمها و ذريتها و محبيها عن النار [5] .

و روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) انه قال: لفاطمه وقفه علي باب جهنم.... فتقول: الهي و سيدي، سميتني فاطمه، و فطمت بک من احبک و تولاک، و احب ذريتک و تولاهم من النار، و وعدي الحق و انا لا اخلف الميعاد..... الي آخر الخبر [6] .


3- لانها فطمت من الشر.

روي عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال: تدري اي شي ء تفسير فاطمه؟

قلت: أخبرني يا سيدي؟

قال: فُطمت من الشر.

ثم قال: لولا أن أميرالمؤمنين تزوَّجها لما کان لها کف ء إلي يوم القيامة علي وجه الأرض، آدم فمن دونه [7] .

و قد روي هذا الحديث من علماء العامة منهم: ابن شيرويه الديلمي عن أُم سلمة قالت: قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): «لو لم يخلق الله علياً لما کان لفاطمة کفو».

و رواه الخوارزمي في مقتل الحسين (عليه السلام) ص 65، و الترمذي في المناقب، و المناوي في کنوز الحقائق، و القندوزي الحنفي في ينابيع المودة عن أُم سلمة و عن العباس عم رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم).

4- لان الخلق فطمو عن معرفتها.

روي عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال:... و انما سميت فاطمه لان الخلق فطموعن معرفتها [8] .

5- لان الله فطما بالعلم.

روي عن الامام الباقر (عليه السلام) انه قال: لما ولدت فاطمه (عليهاالسلام) اوحي الله (عز و جل) الي ملک، فانطلق به لسان محمد (صلي الله عليه و آله و سلم) فسماها فاطمه.


ثم قال [تعالي]: اني فطمتک بالعلم، عن الطمث.

ثم قال ابوجعفر (عليه السلام): و الله لقد فطمها الله تبارک و تعالي بالعلم، و عن الطمث بالميثاق. [9] .

و کان هذا الاسم محبوباً عند أهل البيت (عليهم السلام) يحترمونه و يحترمون من سُمِّيت به.

فقد سال الإمام الصادق (عليه السلام) أحد أصحابه- و قد رزقه الله بنتاً- بِم سمَّيتها؟

قال الرجل: سميتها فاطمة.

قال الإمام الصادق: فاطمة؟ سلام الله علي فاطمة، أما إن سميتها فاطمة فلا تلطمها و لا تشتمها و أکرمها.

و عن السکوني قال: دخلت علي أبي عبدالله- الصادق- (عليه السلام) و أنا مغموم مکروب قال لي: يا سکوني ما غمک؟

فقلت: ولدت لي ابنة....

فقال: ما سمَّيتها؟

قلت: فاطمة.

قال: آه آه آه.

ثم قال: أما إذا سميتها فاطمة فلا تسبها و لا تلعنها و لا تضربها [10] .

و في سفينة البحار عن أبي لحسن (الکاظم) قال: لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد.... و فاطمة من النساء.

إن الحديث الأول الذي مرّ في تسميتها- (عليهاالسلام)- بفاطمة- عن الإمام الباقر (عليه السلام) قد جاء فيه ذيّله الإمام بقوله: «و الله لقد فطمها الله


تبارک و تعالي بالعلم و عن الطمث بالميثاق».

إن المقصود من کلمة (الميثاق) هنا هو عالم الذر، ذلک العالم الذي أشار إليه قوله تعالي: «و إذ أخذ ربک من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم علي أنفسهم ألستُ بربکم قالوا بلي»ِ [11] .

و ملخص القول: إن الله تعالي أخرج ذرية آدم من صلبه کهيئة الذر، فعرضهم علي آدم و قال: إني آخذ علي ذريتک ميثاقهم أن يعبدوني و لا يشرکوا بي شيئاً و عليَّ أرزاقهم.

ثم قال لهم: ألست بربکم قالوا: بلي شهدنا أنک ربنا.

فقال للملائکة: اشهدوا.

فقالوا: شهدنا.

و قيل: إن الله تعالي جعلهم فهماء عقلاء يسمعون خطابه و يفهمونه ثم ردَّهم إلي صلب آدم، و الناس محبوسون بأجمعهم حتي يخرج کل من أخرجه الله في ذلک الوقت، و کل من ثبت علي الإسلام فهو علي الفطرة الأُولي، و من کفر و جحد فقد تغيَّر عن الفطرة الأُولي.

و هذا القول مستخلص من طائفة کبيرة من الأحاديث، و الأخبار المعتبرة، و هذا العالم يسمَّي عالم الذر و يسمي عالم الميثاق، و الإمام الباقر (عليه السلام) يشير في کلامه إلي أن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء کانت طاهرة من العادة الشهرية من ذلک العالم و من ذلک الوقت.

و أما الأحاديث التي تتحدث عن عالم الذر فکثيرة جداً، و نکتفي هنا بذکر بعضها:

1- في الکافي عن الإمام أبي عبدالله (الصادق) (عليه السلام) قال: سُئل


رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): بأي شي ء سبقت ولد آدم؟

قال: إنني أول من أقرَّ بربي، إن الله أخذ ميثاق النبيين و أشهدهم علي أنفسهم ألست بربکم قالوا: بلي. فکنت أول من أجاب.

2- عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبدالله الصادق (عليه السلام): کيف أجابوا و هم ذر؟

قال: جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه.

و زاد العياشي: يعني في الميثاق.

3- و عن زرارة أنه سئل من الإمام الباقر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: «و إذ أخذ ربک من بني آدم من ظهورهم ذريتهم»؟

قال: من ظَهرِ آدم ذريتَه إلي يوم القيامة فخرجوا کالذر، فعرَّفهم و أراهم صنعه، و لو لا ذلک لم يعرف أحد ربه.

4- و لما حج عمر بن الخطاب و استلم الحجر قال: أما و الله إني لأعلم أنک حجر، لا تضر و لا تنفع، و لو لا أن رسول الله استلمک ما استلمتک.

فقال له علي: يا أباحفص لا تفعل فإن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) لم يستلم إلاَّ لأمر قد علمه و لو قرأت القرآن فعلمت من تأْويله ما علم غيرک لعلمت أنه يضر و ينفع، له عينان و شفتان و لسان ذلق يشهد لمن وافاه بالموافاة.

فقال له عمر: فأوجدني ذلک في کتاب الله يا أباالحسن.

فقال علي (عليه السلام): قوله تبارک و تعالي: «و إذ أخذ ربک من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم علي أنفسهم ألست بربکم قالوا بلي شهدنا»، فلما أقروا بالطاعة أنه الرب و أنهم العباد أخذ عليهم الميثاق بالحج إلي بيته الحرام، ثم خلق الله رقا أرقَّ من الماء و قال للقلم: أُکتب موافاة خلقي ببيتي الحرام. فکتب القلم موافاة بني آدم في الرق ثم قيل للحجر:


افتح فاک. ففتحه فألقم الرق. ثم قال للحجر: احفظه و اشهد لعبادي بالموافاة. فهبط الحجر مطيعاً لله.

يا عمر: أو ليس إذا استلمت الحجر قلت: أمانتي أدَّيتها، و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة؟

فقال عمر: اللهم نعم.

فقال له علي: من ذاک».

و إنک تجد طائفة کبيرة من الأحاديث التي تتضمن البحث عن عالم الذر في کتاب الکافي للکليني و البحار للمجلسي و غيرها من موسوعات الأحاديث.

و قد التبس الأمر علي بعض علمائنا. فلم يفهموا الآية فجعلوا يشککون في تلک الأحاديث (سامحهم الله) بالرغم من کثرتها بل بالرغم من صريح الآية.

و خلاصة الکلام أن عالم الذر هو عالم الميثاق، و من ذلک العالم- بل و قبل ذلک کانت الأفضلية لرسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و أهل بيته الطاهرين، و من جملتهم ابن الطاهرة فاطمة الزهراء.

و لا يصعب عليک قبول هذا القول، فإن هناک أحاديث کثيرة رواها علماء الفريقين من الشيعة و السنة قد بلغت أو تجاوزت حدَّ التواتر و هي تؤيِّد هذا الموضوع.

أما الأحاديث المذکورة في کتب الشيعة فيعسر إحصاؤها وعدُّها.

و أما في کتب العامه: فقد روي الصفوري الشافعي في (نزهة المجالس) ج 2 ص 223 قال: قال الکسائي و غيره: لما خلق الله آدم... إلي أن قال: و عليه جارية لها نور و شعاع، و علي رأْسها تاج من الذهب، مرصَّع بالجواهر لم ير آدم أحسن منها. فقال: يا رب من هذه؟


قال: فاطمة بنت محمد (صلي الله عليه و آله و سلم)

فقال: يا رب من يکون بعلها؟

قال: يا جبرئيل افتح له باب قصر من الياقوت. ففتح له، فرأي فيه قبَّةً من الکافور، فيها سرير من ذهب، عليه شاب حسنه کحسن يوسف فقال: هذا بعلها علي بن أبي طالب... الي آخرالحديث.

و روي العسقلاني في (لسان الميزان) ج 3 ص 346:

عن الإمام الحسن بن علي العسکري (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن جابر بن عبدالله عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): لما خلق الله آدم و حوَّاء تبخترا في الجنة و قالا: من أحسن منَّا؟ فبينما هما کذلک. إذ هما بصورة جارية لم ير مثلها، لها نور شعشعاني يکاد يطفئ الأبصار. قالا: يا رب ما هذه؟ قال: صورة فاطمة سيدة نساء ولدک.

قال: ما هذا التاج علي رأسها؟

قال: علي بعلها.

قال فما القرطان؟

قال: ابناها، وجد ذلک في غامض علمي قبل أن أخلقک بألفي عام».



پاورقي

[1] بحارالانوار ج 43/ 18.

[2] بحارالانوار ج 43/ 14، و ذکره محب الدين الطبري في ذخائرالعقبي ص 26 طبعه القاهره، و القندوزي الحنفي في ينابيع الموده ص 194 و الصفوري و الشافعي في نزهه المجالس، و روي قريبا منه الخرکوشي في کتاب (شرف النبي) و ابن بطه في کتاب الابانه و غيرهم.

[3] بحارالانوار ج 43.

[4] تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 13 ص 331 طبعه القاهره/ ذخائر العقبي للطبري ص 26 طبعه القاهره/ کنزالعمال للمتقي الهندي ج 13 ص 94 طبعه حيدرآباد دکن/ فيض القدير للمناوي الشافعي ج 1 ص 206 طبعه القاهره/ غيرها.

[5] ينابيع الموده للقندوزي ص 397 طبعه اسلامبول/ نور الابصار للشبلنجي ص 41 طبعه مصر.

[6] بحارالانوار ج 43 ص 15.

[7] بحارالانوار ج 43 ص 16.

[8] بحارالانوار ج 43 ص 65.

[9] بحارالانوار ج 43.

[10] وسائل الشيعه ج 7 باب احکام الاولاد.

[11] الاعراف 174.