بازگشت

حياة الزهراء الزوجية




عاشت الزهراء في کنف النبي صلي اللَّه عليه و آله و تحت رعايته، يختصها هي و زوجها و ولدها بمحبته، و يصطفيهم بمودته، و کان من عادته صلي اللَّه عليه و آله أن يبيت عندهم حيناً بعد حين، و يتولي خدمه الأطفال بنفسه، و أبواهم قاعدان، و في إحدي هذا الليالي سمع الحسن يستسقي، فقال صلي اللَّه عليه و آله إلي قربه فجعل يعصرها في القدح ثم جعل يعبعبه، فتناول الحسين فمنعه وبدأ بالحسن، فقالت فاطمة کأنه أحب إليک، قال إنما استسقي أولاً، و کان أحياناً يلفهم جميعاً في برد واحد، و يقول لهم «أنا و أنتم يوم القيامة في مکان واحد»، و کان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله إذا سافر کان آخر الناس عهداً به فاطمة، و إذا قدم من سفر کان أول الناس عهداً به فاطمة، رضي اللَّه تعالي عنها،روي الحاکم في المستدرک بسنده عن أبي ثعلبة الخشبي قال: کان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله، إذا رجع من سفر أو غزاة أتي المسجد فصلي فيه رکعتين ثم ثنّي بفاطمة، ثم يأتي أزواجه».

و في ظل الرسول صلي اللَّه عليه و آله انتظمت حياة الإمام و الزهراء عيشه کفاف، و خدمة


يتعاون عليها رب البيت و ربته فقد کان رزق الإمام من وظيفة الجندي و عطائه من في ء الجهاد، لکنه، رغم ذلک، لم يکن بقادر علي أن يستأجر للزهراء خادماً تعينها أو تقوم عنها بالعمل الشاق، فکان الإمام هو الذي يعينها، روي أن النبي صلي اللَّه عليه و آله دخل عليها البيت کعادته فوجد علياً و فاطمة يطحنان، فقال أيکما أعيا (تعب) فقال علي: فاطمة يا رسول اللَّه، فقال لها: قومي يا بنية، فقامت، و جلس يطحن مع علي، و هکذا کانا يعيشان عيشة الکفاف، و کثيراً ما کان يجن الليل فيرقدان علي فراشهما الخشن، و يحاولان النوم فلا يجدأن إليه سبيلاً، لفرط ما يشعرأن به من البرد، و يقبل عليهما النبي صلي اللَّه عليه و آله و قد انکمشا في غطائهما مقرورين، إذا غطيا رأسيهما بدت أقدامهما، و إذا غطيا أقدامهما انکشفت رأساهما، روي المتقي الهندي في کنز العمال عن جابر، أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله رأي علي فاطمة سلام اللَّه عليها کساء من أوبار الابل، و هي تطحن، فبکي و قال: يا فاطمة اصبري علي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غدا، و نزلت «و لسوف يعطيک ربک فترضي. (قال: أخرجه ابن لال و ابن مردويه و ابن النجار و الديلمي، و ذکره السيوطي في الدر المنثور، و قال: أخرجه العسکري في المواعظ) و کان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله ينصحهما بقوله «کلمات علمنيهن جبريل، تسبحان اللَّه في دبر کل صلاة عشراً، و تحمدان عشراً، و تکبرأن عشراً، و إذا آويتما إلي فراشکما تسبحان ثلاثاً و ثلاثين و تحمدان ثلاثا و ثلاثين، و تکبران ثلاثاً و ثلاثين»، و يقول الإمام علي «و اللَّه ما ترکتهن منذ علمنيهن».

و روي الإمام البخاري في صحيحه بسنده عن الحکم، سمعت ابن أبي ليلي قال: حدثنا علي أن فاطمة عليهاالسلام شکت ما تلقي من أثر الرحا، فأتي النبي صلي اللَّه عليه و آله سبي، فانطلقت فلم تجده، فوجدت عائشة فاخبرتها، فلما جاء النبي صلي اللَّه عليه و آله أخبرته عائشة بمجي ء فاطمة، فجاء النبي صلي اللَّه عليه و آله الينا، و قد أخذنا مضاجعنا، فذهبت لاقوم، فقال: علي مکانکما، فقعد بيننا، حتي وجدت برد قدميه علي صدري، و قال: ألا أعلمکما خيراً مما سألتماني، إذا أخذتما مضاجعکما، تکبرا أربعاً و ثلاثين، و تسبحا ثلاثاً و ثلاثين، و تحمدا ثلاثاً و ثلاثين فهو خير لکما من خادم».

و روي أبوداود بسنده عن أبي الورد بن ثمامة، قال علي عليه السلام لابن


أعبد: ألا أحدثک عني و عن فاطمة بنت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله، و کانت أحب أهله إليه، و کانت عندي، فجّرت بالرحي حتي أثرت بيدها، و استقت بالقربه حتي أثرت في نحرها، و قمت البيت حتي أغبرت ثيابها، و أوقدت القدر حتي دکنت ثيابها، و أصابها من ذلک ضر، فسمعنا أن رقيقاً أتي بهم النبي صلي اللَّه عليه و آله فقلت: لو أتيت أباک فسالتيه خادما يکفيک فاتته فوجدت حداثاً فاستحيت فرجعت، فغدا علينا و نحن في لفاعنا (الملحفة أو الکساء) فجلس عند رأسها، فادخلت رأسها في اللفاع حياء من أبيها، فقال: ما کان حاجتک أمس إلي آل محمد،فسکتت مرتين، فقلت: أنا و اللَّه أحدثک يا رسول اللَّه، أن هذه جرت عندي بالرحي حتي أثرت في يدها، و استقت بالقربة حتي أثرت في نحرها، و کسحت البيت حتي اغبرت ثيابها، و بلغنها أنه اتاک رقيق أو خدم فقلت لها: سيله خادماً، قال أبوداود: فذکر معني حديث حکم، و يعني بحديث حکم ما تقدم آنفاً عن البخاري و مسلم من قوله صلي اللَّه عليه و آله: الا اعلمکما خيراً مما سألتماني- إلي آخره (و رواه أيضاً أبونعيم في حلية الأولياء).

علي أن البيت سرعان ما سعد بالذرية الصالحة، فلقد رزق الأبوان نصيباً طيباً طاهراً من البنين و البنات، الحسن و الحسين و محمد و زينب و أم کلثوم، و قد دعا النبي لکل منهما عند مولده «اللهم إني أعيذه بک و ذريته من الشيطان الرجيم»، و عق عن کل منهما بکبش، و أمر بحلق شعره و التصدق بوزنه فضة، ثم ختنهما لسبعه أيام من المولد»، و قد عاشوا جميعاً، من عدا محسن فقد مات صغيراً.

و بدهي أن حياه هذه الاسره الطاهرة المطهرة لم تخل من ساعات خلاف، و ما خلت حياة آدمي قط من ساعات خلاف، و ساعات شکاية، و کان الأب الأکبر يتولي صلحهما، و ريما ترک صلي اللَّه عليه و آله مجلسه بين أصحابه ليدخل إلي الزوجين المتخاصمين فيرفع ما بينهما من جفاء، و الصحابة الذين يتتبعون في وجه النبي کل خلجة من خوالج نفسه، و يتيحون لأنفسهم أن يسألوه، لأنه لا يملک من ضميره من يضن به علي المتعلم و المتبصر، يجرون معه علي عاداتهم کلما دخل البيت مهموماً، و خرج منه منطلق الأسارير، فيسألونه فيجيب، و لم لا،و قد أصلحت بين أحب الناس إليّ»، يروي أنه صلي اللَّه عليه و آله رؤي ذات مساء و هو يسعي إلي دار فاطمة بادي الهم و القلق،


فأمضي وقتاً هناک، ثم خرج و وجهه الکريم يفيض بشراً، فقال قائل من الصحابة: يا رسول اللَّه دخلت و أنت علي حال، و خرجت و نحن نري البشر في وجهک، فأجاب صلي اللَّه عليه و آله «و لم لا، و قد أصلحت بين أحب الناس إليّ»، و أخرج ابن سعد في الطبقات عن حبيب بن أبي ثابت قال: کان بين علي و فاطمة کلام، فدخل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله، فألقي إليه مثالاً فاضطجع عليه، فجاءت فاطمة فاضطجعت من جانب، وجاء علي فاضطجع من جانب، فأخذ رسول اللَّه بيد عليّ فوضعها علي سرته، و أخذ بيد فاطمة فوضعها علي سرته، و لم يزل حتي أصلح بينهما، ثم خرج، قال، فقيل له: «دخلت و أنت علي حال، و خرجت و نحن نري البشر في وجهک، فقال: و ما يمنعني، و قد أصلحت بين أحب اثنين إليّ»، و أخرج ابن سعد في الطبقات عن عمرو ابن سعيد، قال: کان في عليّ شده علي فاطمة، فقالت: واللَّه لا شکونک إلي رسول اللَّه، فانطلقت و انطلق علي بأثرها، فقال حيث يسمع کلامها، فشکت إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله غلظ عليّ وشدته عليها، فقال: يا بنيه اسمعي و استمعي و اعقلي، إنه لا إمرة بامرأة لا تأتي هوي زوجها، و هو ساکت، فقال علي: فکففت عما کنت أصنع و قلت و اللَّه لا آتي شيئاً تکرهينه ابداً».

علي أن هناک ساعات خلاف کانت جد شديدة، و شکايات، لا شک أنها إنما کانت أکثر من شکاية بالنسبة للمرأة حتي و إن کانت بنت المصطفي صلي اللَّه عليه و آله، و من ثم فقد بلغ العتاب بين الزوجين ما يبلغه من خصومة بين زوجين و ذلک حين نما إلي الزهراء أن الإمام يهم بخطبة «جويرية بنت عمرو هشام بن المغيرة، المعروف بأبي جهل، و في حسبان الإمام علي أنه يجري علي مألوف عادة قومه في الجمع بين زوجتين و أکثر، و يفعل ما أباحه له الإسلام من تعدد الزوجات، بدون أن يخطر بباله أن هذا ما تنکره بنت نبيّ الإسلام، و ربما کانت هذه الخطبة غضبة من غضبات الإمام، علي أنفه من أنفات الزهراء، أو لعلها نازعة من نوازع النفس البشرية لم يکن في الدين ما يأباها، و إن أباها العرف في حالة المودة و الصفاء، و من ناحية أخري، فإن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله يعلم حق عليّ في الزواج، ولکن الرسول في أبّوته الرحيمه يوذيه أن ترّوع أحب بناته بضرة، و يشفق عليها من تجربة قاسية


کهذه يعلم أنها لا قبل لها باحتمالها ثم إن علياً أراد أن يتزوج بنت أبي جهل، فهل يرضي اللَّه أن يجمع بيت الإمام علي بين بنت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و بين بنت عدو اللَّه و رسوله، و کتب السيرة مليئة بمواقفه المخزية ضد الإسلام و رسول الإسلام، و لعل هذا هو السبب الذي من أجله ثار رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله لأنه من غير المعقول أن تکون ابنه هذا الرجل بالذات، ضرة للزهراء بنت نبي اللَّه و رسوله، و لم يکن من المعقول، بل من المستحيل علي وجه اليقين، أن يستبدل برسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله أباجهل بن هشام صهراً، و ليس علي بالذات هو الذي يوذي نبيّه و أباه و ابن عمه في أحب بناته إليه.

هذا و يروي عتن يحيي بن سعيد القطان قال: ذاکرت عبداللَّه بن داود الحريثي قول النبي صلي اللَّه عليه و آله «لا آذن إلا أن تحب علي بن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينکح ابنتهم، قال ابن داود: حرم اللَّه علي عليّ أن ينکح علي فاطمة في حياتها لقوله تعالي: (و ما آتاکم الرسول فخذوه، و ما نهاکم عنه فانتهوا)، فلما قال النبي: لا آذن، لم يکن يحل لعلي أن ينکح علي فاطمة، إلا أن يأذن رسول اللَّه، قال و سمعت عمر بن داود يقول: لما قال الرسول فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها، و يؤذيني ما آذاها، حرم اللَّه علي عليّ أن ينکح علي فاطمة، إذ أنه بنکاحه عليها يؤذي الرسول، و اللَّه تعالي يقول: (لما کان لکم أن تؤذوا رسول اللَّه)»، و أضاف الشيخ دحلان في السيرة و ألحق بعضهم أخواتها بها، و إن رأي احتمال اختصاص الزهراء بذلک، و هذا ما نرجحه و نميل الي الأخذ به، و اللَّه أعلم.

و أما قصة تلک الخطبة، فقد روي ابن إسحاق في السيره، أن علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل من عمها الحارث، و استأمر النبي صلي اللَّه عليه و آله فقال له: «عن أي شأنها تسالني، عن حسبها، قال: لا، و لکن تأمرني بها، فقال صلي اللَّه عليه و آله فاطمة بضعة مني، و لا أحب أن تجزع، فقال علي: لا آتي شيئاً تکرهه»، و أخرج الإمام أحمد عن الشعبي قال: «خطب علي، عليه السلام، بنت أبي جهل إلي عمها الحارث بن هشام، فاستشار النبي صلي اللَّه عليه و آله فيها، فقال: أعن حسبها تسألني، قال علي: قد أعلم ما حسبها، ولکن أتامرني بها، فقال: لا، فاطمة مضغة مني، و لا


أحب أن تحزن أو تجزع، فقال علي، عليه السلام، لا آتي شيئاً تکرهه»، و روي البخاري في صحيحه عن المسور بن مخرمة قال: إن علياً خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلک فاطمة فأتت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله فقالت: يزعم قومک أنک لا تغضب لبناتک، و هذا علي ناکح علي بنت أبي جهل، فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله فسمعته حين تشهد يقول «أما بعد، أنکحت أباالعاص بن الربيع فحدثني و صدقني، و أن فاطمة بضعة مني، و إني أکره أن يسوءها واللَّه لا تجتمع بنت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و بنت عدو اللَّه عند رجل واحد، فترک عليّ الخطبه» و في رواية للشيخين عن المسور أيضاً: فان ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها، و يوذيني ما اذاها»، و في رواية جاءت في منهاج السنة لابن تيميه، و المنتقي من منهاج الأعتدال للذهبي: أنه صلي اللَّه عليه و آله قال: أن،بني هشام بن المغيرة استاذوني أن ينکحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، و أني لا آذن ثم لا آذن، ثم لا آذن، انما فاطمة بضعه مني يريبني ما رابها، ويوذيني ما آذاها، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي، و ينکح ابنتهم»، و في روايه «أني اخاف أن تفتن في دينها... و أني لست أحل حراماً، و لا أحرم حلالاً، ولکن و اللَّه لا تجتمع بنت رسول اللَّه و بنت عدو اللَّه عند رجل واحد أبداً».

و روي مسلم في صحيحه بسنده عن محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي أن ابن شهاب حدثه أن علي بن الحسين حدثه: أنهم حين قدموا المدينه من عند يزيد بن معاويه مقتل الحسين بن علي رضي اللَّه عنهما، لقيه المسور بن مخرمه فقال له هل لک الي من حاجه تأمرني بها، قال فقلت له لا، قال له هل أنت معطي سيف رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله، فإني اخاف أن يغلبک القوم عليه، و ايم اللَّه لئن اعطيتنيه لا يخلص اليه ابدا حتي تبلغ نفسي، أن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل علي فاطمة، فسمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و هو يخطب الناس في ذلک علي منبره هذا، و انا يومئذ محتلم، فقال: إن فاطمة مني و أني أتخوف أن تفتن في دينها، قال ثم ذکر صهراً له ابن بني عبد شمس، فأثني عليه في مصاهرته إياه فاحسن قال حدثني فصدقني، و وعدني فأوفي لي، و أني لست أحرم حلالاً، و لا أحل حراماً، ولکن واللَّه لا تجتمع بنت رسول اللَّه، و بنت عدو اللَّه، مکانا وأحداً ابدا» و قال النووي


في شرح صحيح مسلم، قال العلماء: في هذا الحديث تحريم إيذاء النبي صلي اللَّه عليه و آله بکل حال، و علي کل وجه، و إن تولد الإيذاء مما کان أصله مباحاً، و هو حي، و هذا بخلاف غيره، قالوا: و قد أعلم صلي اللَّه عليه و آله بإباحه نکاح بنت أبي جهل لعلي، بقوله صلي اللَّه عليه و آله: لست أحرم حلالاً، ولکن نهي عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين إحداهما أن ذلک يودي إلي أذي فاطمة، فيتأذي حينئذ النبي صلي اللَّه عليه و آله فيهلک من أذاه، فنهي عن ذلک لکمال شفقته علي علي، و علي فاطمة، و الثانية خوف الفتنه عليها بسبب الغيرة، و قيل ليس المراد به النهي عن جمعهما، بل معناه أعلم من فضل اللَّه أنهما لا تجتمعان، کما قال أنس: واللَّه لا تکسر ثنية الربيع، و يحتمل أن المراد تحريم جمعهما، و يکون معني: لا أحرم حلالاً، أي لا أقول شيئاً يخالف حکم اللَّه، فإذا أحل شيئاً لم أحرمه و إذا حرمه لم أحلله و لم أسکت عن تحريمه، لأن سکوتي تحليل له، و يکون من جملة محرمات النکاح، الجمع بين بنت نبي اللَّه و بنت عدو اللَّه.

علي أن هناک وجهاً آخر للنظر، ينکر قصة الخطبة من أساس، و يري أنها رواية لم يعرفها المؤرخون، و أن الإمام علي بالذات لايمکن أن يقف من النبي صلي اللَّه عليه و آله و من بضعتة الزهراء، و هذا الموقف، و يروي الأستاذ أبوعلم، نقلاً عن الأستاذ محمد صادق الصدر، أن ما نقله المسور عن الرسول صلي اللَّه عليه و آله لايمکن تصوره، و الزهراء علي قيد الحياة، ثم إن سيرة المسور، کما في الاستيعاب و الإصابة، تشير إلي أنه لم يکن من أصحاب الإمام، و أن الخوارج کانت تغشاه، و أنه کان من أنصار الزبير.

غير أن قصة الخطبة إنما جاءت في أکثر من کتاب من کتب الحديث، و أخرجها أکثر من واحد، کما أنها رويت من غير المسور بن محرمة، کما في رواية للإمام أحمد عن عبداللَّه بن الزبير، و علي أية حال، فلقد حدثت، في أغلب الظن، في مستهل حياة الإمام و الزهراء الزوجية، حيث لم تکن الزهراء قد ألفت بعد شده الإمام و صرامته، و لم يروض هو نفسه باحتمال ما کانت تجد من حزن لفقد أمها، و شجو لفراق بيتها الأول، و من ثم فربما کانت الحادثه في العام الثاني من الهجرة، و قيل أن يأتيهما العام الثالث بأولي الثمرات المبارکة للزوج، و أعني


بعد، الإمام الحسن، رضي اللَّه عنه.

و علي أية حال، فلقد انقشعت السحابة التي ظلت أفق الزهراء حيناً من الدهر، لا نستطيع تحديده علي وجه أبيقين، و عاد البيت أصفي جواً مما کان قبل أن يمتحن بتلک التجربة القاسية، و مضت الحياة تسير بالزوجين الکريمين علي ما يرجوان من تعاون ومودة.