بازگشت

اما توبة حواء فهي علي قسمين




القسم الأول: المراد بالتوبة رجوع آدم و حواء إلي الله بشهادة قوله تعالي (ربنا ظلمنا أنفسنا) و إقرارهما بذنبهما و هو أکلهما، من ثمرة الشجرة المنهي عنها، و هو ما يسميه الإمامية «ترک الأولي».

القسم الثاني: قبول التوبة، قال تعالي: (فتاب عليه) [1] .

و قد تحققت التوبة بکلا قسميها في حواء، سواء التوبة أو قبولها، و کلاهما


ممدوح؛ أما الأول فلحسن التوبة، و أما الثاني فلقبول الله و إدخالها في رحمته، و إعادتها إلي الدرجات العالية و المقامات الرفيعة. و لا نريد إطالة الکلام في هذا المقام، و من أراد التفصيل فليراجع تفاسير أهل البيت عليه السلام.

و لکن هل يجوز أن تتصف فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهذه الصفة، فتتوب و تقبل توبتها، مع أنها معصومة و مطهرة من الذنوب؟

الأفضل أن نشير إلي الجواب إشارة إجمالية:

إن التوبة أول منازل السالکين، و هي توجب السعادة الأخروية للمعصوم و غير المعصوم، بل قيل: تجب التوبة علي المذنب و غيره و ذلک لأن من لا ذنب له يوجبها علي نفسه و يعتقد أنها فريضه عليه في کل آن، و معني توبته رجوعه إلي الله بالإرادة، فالمعصوم لا بد أن يکون دائما في هذه الحالة، و هذه الحالة المستمرة في الرجوع إلي الحق و التوجه إلي الله لا تتيسر مع الإهتمام بأداء المقتضيات البشرية، و کل واحدة من المقتضيات البشرية قصور لا مناص للإنسان من إصلاحه، من قبيل الأکل و الشرب و النوم و أمثالها، لذا اعتقد الإمامية الإثني عشرية أن أئمتهم المعصومين عدوا هذه الأمور معصية و حجابا و غينا و رينا يتوبون منها و ينيبون، کما قال رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم: «إني ليغان علي قلبي، و إني لأستغفر الله في کل يوم سبعين مره [2] فاذا استولي الغبار علي مراة القلب فلابد من جلاءها بالتوبة و الانابه و الإستغفار، بل إن التائب يريد أن يخرج نفسه عما سوي الله، حتي من وجوده هو کما قيل: «وجودک ذنب لا يقاس به ذنب» فالسالک التائب يريد أن يرفع کل حجاب بينه و بين الله لکي يسمي تائبا حقيقيا، و هذه هي التوبة النصوح، و هو


مقام لا يکون لغير المعصوم، و هو للمعصوم فرض و حتم بمفاد «و المخلصون في خطر عظيم» [3] .

و من البديهي أن الإلتفات إلي الذات «الأنا» من أعظم المعاصي و الذنوب، لأنه إلتفات لغير الحق، فالأکل و الشرب و المنام عند الأنبياء العظام و أئمة عليه السلام ذنب و معصية، و مواظبتهم علي صيام الأيام و قيام الليالي و إعطائها حقها إشارة منهم للإعراض عما لم يرده الله، و توبتهم و إنابتهم و بکاؤهم من قصورهم في عبادتهم علي حسب معرفتهم، لأن کل واحد من هذه الأعمال يعد حجابا في عرفهم.

و بناء علي ذلک، فإن نفس المعني الذي يصح معه استغفار النبي و قوله «أتوب إلي الله» مع تنزهه عن الذنوب مطلقا، يصح، أيضا في حق فاطمة الزهراء عليهاالسلام، و قبول توبتها؛ يعني إجابة دعوتها؛ و هو دليل علي کمال قربها.و للشيخ بيتان في هذا المجال، حيث يقول:


عذر تقصير خدمت آوردم

که ندرام به طاعت استظهار


عاصيان از گناه توبه کنند

عارفان از عبادت استغفار [4] .


و قال علي بن الحسين عليه السلام: «إلهي بک هامت القلوب الوالهة، و علي معرفتک جمعت العقول المتباينة، فلا تطمئن القلوب إلا بذکرک، و لا تسکن النفوس إلا عند روياک، أنت المسبح في کل مکان، و المعبود في کل زمان، و الموجود في کل أوان


و المعظم في کل جنان، فأستغفرک من کل لذة بغير ذکرک، و من کل راحة بغير انسک، و من سرور بغير قربک، و من کل شغل بغير طاعتک» [5] .

قال المجلسي رحمه الله: ذکر الله عشرة في القرآن بإجابة الدعاء:

الأول: نوح (و لقد نادانا نوح فلنعم المجيبون) [6] الثاني: يوسف (فاستجاب له فصرف عنه کيدهن) [7] الثالث: موسي و هارون (قد أجيبت دعوتکما) [8] .

الرابع: يونس (فاستجبنا له) [9] .

الخامس: أيوب (فاستجبنا له فکشفنا ما به من ضر) [10] السادس: يحيي (فاستجبنا له و وهبنا له يحيي) [11] السابع: (أدعوني أستجب لکم) [12] للمخلصين.

الثامن: (أمن يجيب المضطر) [13] للمضطرين.

التاسع: (و إذا سألک عبادي) [14] للداعين.


العاشر: (فاستجاب لهم ربهم) [15] فاطمة و زوجها.قال المجلسي رحمه الله: و رأس التوابين في القرآن أربعة:

الأول: آدم عليه السلام: (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا) [16] الثاني: يونس: (سبحانک إني کنت من الظالمين) [17] الثالث: داود: (و خر راکعا و أناب) [18] .

الرابع: فاطمة الزهراء عليهاالسلام: (الذين يذکرون الله قياما و قعودا) [19] .


پاورقي

[1] البقره: 37.

[2] البحار 25/ 204 ح 16 باب 6.

[3] البحار 70/ 245 ح 18 باب 54، و فيه «..و ان الموقنين لعلي خطر عظيم...».

[4] يقول: أتيتک بعذر تقصيري، إذ لست مستظهرا بطاعتي. فالعصاة يتوبون من ذنوبهم، و العرفاء يستغفرون لقصورهم في العبادة.

[5] البحار 94/ 151 ح 21 باب 32.

[6] الصافات: 75.

[7] يوسف: 34.

[8] يونس: 89.

[9] الانبياء: 88.

[10] الانبياء: 84.

[11] الانبياء: 90.

[12] غافر: 60.

[13] النمل: 62.

[14] البقره: 186.

[15] آل عمران: 195.

[16] الاعراف: 33.

[17] الانبياء: 87.

[18] ص: 24.

[19] آل عمران: 191.