بازگشت

هل كان طرحا علميا؟




قال في جوابه الاول: «لقد کانت المسالة کلها ان لدي تساؤلات تاريخية تحليلية في دراستي الموضوع کنت احاول اثارتها في بحثي حول هذا الموضوع... و عن سؤال حول اسقاط الجنين انه من الممکن ان يکون طبيعيا لاني کنت آنذاک احاول البحث في الروايات حول هذا الموضوع، و قد عثرت اخيرا علي نص في البحار عن دلائل الامامة للطبري...


و خلاصة الامر انه حديث في مجال اثارة التساؤلات التحليلية من اجل الوصول الي الحق و ليس موقفا حاسما، لاننا لا نملک عناصر الرفض قطعا، و لکننا نتحرک بالطريقة العلمية في تجربة الاثبات».

و قال في جوابه الثاني: «و اذ کنت قد تحدثت عن سقوط الجنين بانه قد يکون في حالة طبيعية طارئة فانني لم اکن آنذاک مطلعا علي مصادره و لذلک اثرت المسالة علي سبيل الاحتمال...»!

و قال في جوابه الثالث: «و انا لم ادقق في الروايات التي تذکر ان اهل المدينة کانوا يضجون... حتي ان بعض الکلمات التي قراتها و لا ادري مدي سندها و لکنها موجودة في تاريخ الزهراء انها افتقدت بعض هذه الاوراق فقالت لخادمتها فضة: ابحثي عنها فانها تعدل عندي حسنا و حسينا، فاذا صحت هذه الرواية...».

و قال في جوابه الرابع: «لذلک کنت احاول دراسة الموضوع تاريخيا من جهة السند و من جهة المتن و من خلال بعض التحليلات التاريخية... و لکني عثرت في اجاباتي بعد ذلک علي کثير من النصوص... انني اعتقد ان علينا ان نبحث هذه الامور بطريقة علمية قبل ان يبحثها غيرنا من اعداء اهل البيت بطريقة عدوانية، و لا اتصور ان البحث العلمي في هذه الامور يختلف عن البحث الاصولي و الفقهي و الکلامي و لا اتصور ان النتائج فيه ايا کانت تختلف عن النتائج هناک، فاذا کانت الغوغاء هي الاساس في تقويم الامور فان ذلک يمنع من کثير من الابحاث التي تؤکد الحقائق، و انني ادعو جميع اخواني من العلماء و الباحثين الي دراسة هذه الامور بالدقة و التحقيق لان ذلک هو سبيل الوصول الي الصواب، و هو الطريقة المثلي لتاکيد تراثنا بالطريقة المثلي علي اساس الحق و الواقع...».

و يلاحظ علي کلامه ما يلي:

اولا: من يکون في حالة البحث العلمي؛ فان من المفروض و اللازم عليه ان يقوم بالاطلاع الواسع و الشامل علي مصادر الموضوع و جوانبه قبل ابداء وجهة النظر، و هذا من اصول البحث المتفق عليها، اما التشکيک في حقيقة متعارفة من غير بحث و تحقيق مسبق فلا يمت للمنهج العلمي بصلة، و ما فاعله الا «مفوز علق شنا باليا».

ثانيا: من آداب الجواب الواردة في الروايات ان يقول غير العالم بامر: لا اعلم، اما التشکيک فهو يشکل موقفا، خصوصا عندما يکون الامر من المسائل المتسالم عليها عند الشيعة سواء کانت عقائدية او تاريخية، و يتاکد هذا الموقف مع اعترافه بکون ما شکک فيه من المسائل المتسالم عليها و من ضروريات المذهب، فقد قال في جوابه الثاني: «و قد رايت ان کثيرا من علمائنا رووا هذه الروايات في کتبهم بحيث انه اذا ناقش البعض في سندها فان عمل العلماء مع الشهرة التي تصل بالقضية الي مستوي التسالم و ضروريات المذهب قد يجبر هذا الضعف». فما هو وجه الارتباط بعد هذا بين التشکيک في المسائل المتسالم عليها و بين الدعوة الي تحري الدقة و التحقيق في دراسة هذه المسائل؟!


و علي سبيل المثال فان من يسال عن وفاة الامام الحسن عليه السلام هل هي قتل و شهادة بالسم؟ فيجيب بان ذلک مکن، فهذا الجواب و ان لم يکن رفضا قاطعا للقول بشهادته الا ان التشکيک بحد ذاته يعتبر موقفا مضادا في مثل هذا الامر، فاما ان يعترف المسؤول في هذه الموارد بجهله ان کان جاهلا، او يثبت او يرفض ذلک بادلة علمية قاطعة او يسکت علي اضعف التقادير، و هذا ما لم يفعله فضل الله.

ثالثا: ليس من الصحيح ان يطالب فضل الله عوام الناس بالبحث و التحقيق في المسائل التاريخية و غيرها، في حين نراه يجهل وجود روايات تتحدث عن مسائل اساسية و حساسة؟ فاذا کان مع کل دراساته و مطالعاته- حسب ادعائه- لم يطلع علي روايات ظلم الزهراء عليهاالسلام و اسقاط جنينها، فهل يحق له ان يطالب مجموعة (صغيرة او کبيرة) من النساء بالبحث و التحليل، او يطالب العلماء بذلک؟! و هل يعذر بعد هذا العمر الطويل في عدم العثور (الي ما قبل اربعة اعوام) علي رواية واحدة تتحدث عن السقط الشهيد محسن عليه السلام!

رابعا: علل فضل الله تحفظه علي رواية کسر الضلع بضعف السند، و هذا يوحي للمستمع ان آراءه مبنية دوما علي ملاحظة صحة السند، فهل- مثلا- ثبت لديه وفق السند الصحيح ان الزهراء عليهاالسلام هي التي کتبت مصحف فاطمة؟ و هل ثبت لديه بالسند الصحيح خطبة الزهراء في نساء المهاجرين؟ و هل ثبت لديه بالسند الصحيح ان الزهراء کانت تقوم بالليل حتي تتورم قدماها؟، [1] و هل وجد نصوصا صحيحة السند تثبت ان ضرب المراة کان امرا مشينا و معيبا في الجاهلية و موجبا للتشنيع و التعيير للاعقاب؟ و هذه المسالة و غيرها کثير ينطبق علي معظم ما قاله و تبناه، و هذا يفتح بابا واسعا من الاسئلة التي تدور حول تبنيه للروايات و الاحداث التاريخية و عموم تصوراته و افکاره هل هي قائمة وفقا لصحة السند ام علي الذوق و الاستحسان. و هل يمکن لفضل الله ان يدعي ان کل ما ذکره في کتبه و خطاباته من ااحاديث قد ثبتت صحتها السندية.

و ان ما دعانا لفتح هذا الباب هو ما شاهدناه و في اکثر من موقع انه يقبل بعض الاراء المبتنية علي السند الضعيف و يرفض الراي القائم علي السند الصحيح، و من ذلک ما سياتي ذکره عند الحديث عن مصحف فاطمة، حيث انه استقرب کون مصدر مصحف فاطمة هو الرسول صلي الله عليه و آله و کاتبه هو الزهراء عليهاالسلام و استبعد کون مصدر مصحف فاطمة هو جبرائيل عليه السلام و کاتبه هو الامام علي عليه السلام! بالرغم من ان ما استقربه اما ضعيف سندا او لم ترد فيه رواية او محمول علي الراي الاخر، و ما استبعده قد وردت فيه الروايات الصحيحة! بل اننا نلاحظ کثيرا انه يستشهد بما رواه السنة و مع ذلک فلم يطعن فيما نقله عنهم بضعف السند، و کشاهد علي ذلک الروايات المتعددة التي نقلها عن ابن سعد في اواخر کتابه «خطوات علي طريق الاسلام» حيث استند عليها في استنتاج ما تبناه من الراي.


خامسا: بعد مضي فترة ليست بقليلة من الاخذ و الرد حول کلامه السابق نراه قد «رجع علي حافرته» و وقع مرة اخري في نفس الاخطاء السابقة؛ فهو يجيب من غير تدقيق في الروايات التي تقول ان اهل المدينة کانوا يضجون من بکائها، و يتحدث في مسائل من غير معرفة بالسند، و يتبني تصورات معينة علي فرض صحة الرواية کما جاء في الجواب الثالث عند حديثه عن مصحف فاطمة، فاين هذا من الدعوة الي التدقيق و البحث العلمي؟


پاورقي

[1] نقلا عن خطبة له يوم الجمعة بتاريخ 4/ 11/ 1996 م، و ليس غرضنا انکار ما تلوناه، بل لبيان ان فضل الله لم يلتزم نفسه بملاحظة صحة السند في کل ما يقول، و سياتي مزيد من الکلام حول هذا في مبحث کسر الضلع.