بازگشت

ما وقع عليها من الظلم و بكائها و حزنها و شكايتها...


(في مرضها إلي شهادتها و غسلها و دفنها، و بيان) (العلة في اخفاء دفنها صلوات الله عليها) (و لعنة الله علي من ظلمها) 1 - ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن محمد بن سهيل البحراني يرفعه إلي أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: البکاؤن خمسة: آدم، و يعقوب، و يوسف و فاطمة بنت محمد، و علي بن الحسين عليهم السلام، فأما آدم فبکي علي الجنة حتي صار في خدية أمثال الاودية، و أما يعقوب فبکي علي يوسف حتي ذهب بصره و حتي قيل له: " تالله تفتؤ تذکر يوسف حتي تکون حرضا أو تکون من الهالکين " [1] و أما يوسف فبکي علي يعقوب حتي تأذي به أهل السجن فقالوا له: إما أن تبکي بالليل و تسکت بالنهار و إما أن تبکي بالنهار و تسکت بالليل، فصالحهم علي واحدة منهما، و أما فاطمة فبکت علي رسول الله صلي الله عليه و اله حتي تأذي به أهل المدينة فقالوا لها: قد آذيتينا بکثرة بکائک، فکانت تخرج إلي المقابر مقابر الشهداء فتبکي حتي تقضي حاجتها ثم تنصرف، و أما علي بن الحسين فبکي علي الحسين عليه السلام عشرين سنة أو أربعين سنة، ما وضع بين يديه طعام إلا بکي، حتي قال له مولي له: جعلت فداک يا ابن رسول الله إني أخاف عليک أن تکون من الهالکين قال: إنما أشکو بثي و حزني إلي الله و أعلم من الله ما لا تعلمون، إني لم أذکر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلک عبرة.

لي - الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن ابن عيسي، عن ابن معروف مثله.


2 - ما: المفيد، عن الصدوق، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عکرمة، عن عبد الله بن العباس قال: لما حضرت رسول الله صلي الله عليه و اله الوفاة بکي حتي بلت دموعه لحيته، فقيل له: يا رسول الله ما يبکيک؟ فقال: أبکي لذريتي و ما تصنع بهم شرار أمتي من بعدي، کاني بفاطمة بنتي و قد ظلمت بعدي و هي تنادي يا أبتاه، فلا يعينها أحد من أمتي، فسمعت ذلک فاطمة عليها السلام فبکت، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: لا تبکين يا بنية، فقالت: لست أبکي لما يصنع بي من بعدک، و لکني أبکي لفراقک يا رسول الله، فقال لها: ابشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي فانک أول من يلحق بي من أهل بيتي.

3 - ص: الصدوق، عن السناني، عن الاسدي، عن البرمکي، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن يحيي، عن الاعمش، عن عباية، عن ابن عباس قال: دخلت فاطمة علي رسول الله صلي الله عليه و اله في مرضه الذي توفي فيه، قال: نعيت إلي نفسي، فبتکت فاطمة، فقال لها: لا تبکين فانک لا تمکثين من بعدي إلا اثنين و سبعين يوما و نصف يوم حتي تلحقي بي، و لا تحلقي بي، حتي تتحفي بثمار الجنة فضحکت فاطمة عليها السلام.

4 - يج/: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن فاطمة مکثت بعد رسول الله صلي الله عليه و اله خمسة و سبعين يوما، و کان دخلها حزن شديد علي أبيها، و کان جبرئيل يأتيها و يطيب نفسها و يخبرها عن أبيها و مکانه في الجنة و يخبرها ما يکون بعدها في ذريتها، و کان علي يکتب ذلک.

5 - قب [2] : دخلت ام سلمة علي فاطمة عليها السلام فقالت لها: کيف أصبحت عن ليلتک يا بنت رسول الله صلي الله عليه و اله؟ قالت: أصبحت بين کمد و کرب، فقد النبي و ظلم الوصي، هتک و الله حجابه، من أصبحت إمامته مقبضة [مقتضبة] علي


ما شرع الله في التنزيل، وسنها النبي صلي الله عليه و آله في التأويل و لکنها أحقاد بدرية، وترات احدية، کانت عليها قلوب النفاق مکتمنة لامکان الوشاة، فلما استهدف الامر أرسلت عليها شابيب الاثار من مخيلة الشقاق فيقطع وتر الايمان من قسي صدورها، و لبئس - علي ما وعد الله من حفظ الرسالة و کفالة المؤمنين - أحرزوا عائدتهم غرور الدنيا بعد استنصار [انتصار]، ممن فتک بآبائهم في مواطن الکرب، و منازل الشهادات.

أقول: کان الخبر في المأخوذ منه مصحفا محرفا، و لم أجده في موضع آخرا صححه به فأوردته علي ما وجدته.

6 - من بعض کتب المناقب: عن سعد بن عبد الله الهمداني، عن سليمان ابن إبراهيم، عن أحمد بن موسي بن مردويه، عن جعفر بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن سعيد بن محمد الجرمي، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن حبة، عن علي عليه السلام قال: غسلت النبي صلي الله عليه و اله في قميصه، فکانت فاطمة تقول: أرني القميص فإذا شمته غعشي عليها، فلما رأيت ذلک غيبته.

7 - يه [3] : روي [أنه] لما قبض النبي صلي الله عليه و اله امتنع بلال من الاذان، قال لا أوذن لاحد بعد رسول الله صلي الله عليه و اله، و إن فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم، إني أشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي صلي الله عليه و اله بالاذن، فبلغ ذلک بلالا، فأخذ في الاذان، فلما قال: الله أکبر الله أکبر، ذکرت أباها و أيامه، فلم تتمالک من البکاء، فلما بلغ إلي قوله: أشهد أن محمدا رسول لله شهقت فاطمة عليها السلام و سقطت لوجهها و غشي عليها، فقال الناس لبلال: أمسک يا بلال فقد فارقت ابنة رسول صلي الله عليه و اله الدنيا، و ظنوا أنها قد ماتت، فقطع أذانه و لم يتمه فأفاقت فاطمة عليها السلام و سألته أن يتم الاذان، فلم يفعل، و قال لها: يا سيدة النسوان إني أخشي عليک مما تنزلينه بنفسک إذا سمعت صوتي بالاذان، فأعفته عن ذلک.


8 - مع: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن ابن محمد الحسيني، قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن حميد اللخمي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زکريا، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن المهلبي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الله بن الحسن، عن امه فاطمة بنت الحسين عليه السلام قالت: لما اشتدت علة فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله و غلبها، اجتمع عندها نساء المهاجرين و الانصار، فقلن لها: يا بنت رسول الله: کيف أصبحت عن علتک؟ فقالت عليها السلام: أصبحت و الله عائفة لدنيا کم، قالبة لرجالکم، لفظتهم قبل أن عجمتهم و شنئتهم بعد أن سبرتهم، فقبحا لفلول الحد، و خور القناة، و خطل الرأي، و بئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم و في العذاب هم خالدون، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها، و شننت عليهم غارها فجدعا، و عقرا، و سحقا للقوم الظالمين.

ويحهم أني زحزحوها عن رواسي الرسالة، و قواعد النبوة، و مهبط الوحي الامين، و الطبين بأمر الدنيا و الدين، ألا ذلک هو الخسران المبين، و ما نقموا من أبي الحسن، نقموا و الله منه نکير سيفه، و شدة وطئه، و نکال وقعته، و تنمره في ذات الله عز و جل.

و الله لو تکافوا عن زمام نبذه رسول الله صلي الله عليه و اله إليه لا عتلقه، و لساربهم سيرا سجحا، لا يکلم خشاشه، و لا يتعتع راکبه، و لا ورد هم منهلا نميرا فضفاضا تطفح ضفتاه و لاصدرهم بطانا، قد تحيربهم الري متحل منه بطائل إلا بغمر الماء و ردعة شررة الساغب، و لفتحت عليهم برکات من السماء و الارض، و سيأخذهم الله بما کانوا يکسبون.

ألا هلم فاسمع و ما عشت أراک الدهر العجب، و إن تعجب فقد أعجبک الحادث إلي أي سناد استندوا، و بأي عروة تمسکوا، استبدلوا الذنابي و الله بالقوادم و العجز بالکاهل.

فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون و لکن لا يشعرون، أ فمن يهدي إلي الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدي فما لکم کيف تحکمون.


أما لعمر إلهک لقد لقحت فنظره ريث ما تنتج ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا، و ذعافا ممقرا، هنالک يخسر المبطلون، و يعرف التالون، غب ما سن الاولون، ثم طيبوا عن أنفسکم أنفسا، و طأمنوا للفتنة جأشا، و أبشروا بسيف صارم، و هرج شامل، و استبداد من الظالمين يدع فيئکم زهيدا، و زرعکم حصيدا فياحسرتي لکم، وأني بکم، و قد عميت [قلوبکم] عليکم أ نلزمکموها و أنتم لها کارهون.

ثم قال: و حدثنا بهذا الحديث [أبو الحسن] علي بن محمد بن الحسن المعروف بإبن مقبرة القزويني قال: أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن حسن بن جعفر بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: حدثنا محمد بن علي الهاشمي، قال: حدثنا عيسي بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: لما حضرت فاطمة عليها السلام الوفاة دعتني فقالت: أمنفذ أنت وصيتي و عهدي؟ قال: قلت: بلي أنفذها فأوصت إليه و قالت: إذا أنا مت فادفني ليلا و لا توذنن رجلين ذکرتهما، قال: فلما اشتدت علتها اجتمع إليها نساء المهاجرين و الانصار فقلن: کيف أصبحت يا بنت رسول الله من علتک؟ فقالت: أصبحت و الله عائفة لدنياکم، و ذکر الحديث نحوه.

قال الصدوق - رحمه الله -: سألت أبا أحمد الحسين بن عبد الله بن سعيد العسکري عن معني هذا الحديث فقال: أما قولها صلوات الله عليها: عائفة إلي آخر ما ذکره [4] و سنوردها في تضاعيف ما سنذکره في شرح الخطبة علي اختلاف رواياتها.

9 - ج: قال سويد بن غفلة: لما مرضت فاطمة عليها السلام المرضة التي توفيت فيها اجتمع إليها نساء المهاجرين و الانصار يعدنها، فقلن لها: کيف أصبحت من علتک يا ابنة رسول الله؟ فحمدت الله وصلت علي أبيها صلي الله عليه و اله ثم قالت.

أصبحت و الله عائفة لدنيا کن، قالية لرجالکن، لفظتهم بعد أن عجمتهم


و شنأتهم بعد أن سبرتهم، فقبحا لفلول الحد و اللعب بعد الجد، و قرع الصفاة و صدع القناة، و خطل الاراء، و زلل الاهواء، و بئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم و في العذاب هم خالدون، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها، و حملتهم أوقتها، و شننت عليهم غارها، فجدعا، و عقرا، و بعدا للقوم الظالمين.

ويحهم أني زغرعوها عن رواسي الرسالة، و قواعد النبوة و الدلالة، و مهبط الروح الامين، و الطبين بأمور الدنيا و الدين، ألا ذلک هو الخسران المبين.

و ما الذي نقموا من أبي الحسن، نقموا منه و الله نکير سيفه، و قلة مبالاته بحتفه، و شدة وطأته، و نکال وقعته، و تنمره في ذات الله.

و تالله لو مالوا عن المحجة اللائحة، و زالوا عن قبول الحجة الواضحة لردهم إليها، و حملهم عليها، و لساربهم سيرا سجحا لا يکلم خشاشه، و لا يکل سائره، و لا يمل راکبه، و لاوردهم منهلا نميرا صافيا رويا تطفح ضغتاه، و لا يترنق جانباه و لا صدرهم بطانا، و نصح لهم سرا و إعلانا، و لم يکن يحلي من الغني بطائل، و لا يحظي من الدنيا بنائل، غير ذي الناهل، و شبعة الکافل، و لبان لهم الزاهد من الراغب، و الصادق من الکاذب، و لو أن أهل القري آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم برکات من السماء و الارض و لکن کذبوا فأخذناهم بما کانوا يکسبون، و الذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما کسبوا و ما هم بمعجزين، ألا هلم فاستمع و ما عشت أراک الدهر عجبا و إن تعجب فعجب قولهم، ليت شعري إلي أي سناد استندوا و علي أي عماد اعتمدوا، و بأية عروة تمسکوا.

و علي أيه ذرية أقدموا و احتنکوا لبئس المولي و لبئس العشير، و بئس للظالمين بدلا، استبدلوا و الله الذنابي بالقوادم، و العجز بالکاهل، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون و لکن لا يشعرون، ويحهم أ فمن يهدي إلي الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدي فما لکم کيف تحکمون.

أما لعمري لقد لقحت فنظره ريثما تنتج، ثم احتلبوا ملء القعب دما عبيطا و ذعافا مبيدا، هنالک يخسر المبطلون، و يعرف التالون، غب ما أسس الاولون


ثم طيبوا عن دنياکم أنفسا، و اطمئنوا للفتنة جأشا، و أبشروا بسيف صارم وسطوه معتد غاشم، و بهرج شامل، و استبداد من الظالمين، يدع فيئکم زهيدا و جمعکم حصيدا، فياحسرة لکم، وأني بکم، و قد عميت عليکم أ نلزمکموها و أنتم لها کارکون.

قال سويد بن غفلة: فأعادت النساء قولها عليها السلام علي رجالهن فجاء إليها قوم من وجوه المهاجرين و الانصار معتذرين، و قالوا: يا سيدة النساء لو کان أبو الحسن ذکر لنا هذا الامر من قبل أن نبرم العهد، و نحکم العقد، لما عدلنا إلي غيره فقالت عليها السلام: إليکم عني فلا عذر بعد تعذير کم، و لا أمر بعد تقصيرکم.

10 - ما: الحفار، عن إسماعيل بن علي الدعبلي، عن أحمد بن علي الخزاز، عن أبي سهل الدقاق، عن عبد الرزاق، و قال الدعلبي: و حدثنا إسحاق بن إبراهيم الديري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس قال: دخلن نسوة من المهاجرين و الانصار علي فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله يعدنها في علتها، فقلن: السلام عليک يا بنت رسول الله - صلي الله عليه و آله - کيف أصبحت؟ فقالت: أصبحت و الله عائفة لدنيا کن، قاليد لرجا لکن، لفظتهم بعد إذ عجمتهم و سئمتهم بعد أن سبرتهم، فقبحا لافون الرأي، و خطل القول، و خور القناة، و لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم و في العذاب هم خالدون، لا جرم و الله لقد قلدتهم ربقتها، و شننت عليهم غارها، فجدعا و رغما للقوم الظالمين.

ويحهم أني زحزحوها عن أبي الحسن، ما نقموا و الله منه إلا نکير سيفه و نکال وقعة، و تنمره في ذات الله، و تالله لو تکافوا عليه عن زمام نبذه إليه رسول الله صلي الله عليه و آله لا عتلقه، ثم لساربهم سيرة سجحا، فانه قواعد الرسالة، و رواسي النبوة، و مهبط الروح الامين، و الطبين بأمر الدين و الدنيا و الآخرة ألا ذلک هو الخسران المبين.

و الله لا يتکلم خشاشه، و لا يتعتع راکبه، و لاوردهم منهلا رويا فضفاضا


تطفح ضفته، و لاصدرهم بطانا قد خثربهم الري متحل بطائل إلا تغمر الناهل و درع سورة سغب، و لفتحت عليهم برکات من السماء و الارض، و سيأخذهم الله بما کانوا يکسبون.

فهلم فاسمع فما عشت أراک الدهر عجبا، و إن تعجب بعد الحادث فما بالهم؟ بأي سند استندوا، أم بآية عرؤة تمسکوا، لبئس المولي و لبئس العشير، و بئس للظالمين بدلا.

استبدلوا الذنابي بالقوادم، و الحرون بالقاحم، و العجز بالکاهل، فتعسا لقوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون و لکن لا يشعرون، أ فمن يهدي إلي الحق أحق أن يتبع أن لا يهدي إلا أن يهدي فما لکم کيف تحکمون.

لقحت فنظرة ريث ما تنتج، ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا، و ذعافا ممضا هنالک يخسر المبطلون، و يعرف التالون غب ما أسکن الاولون، ثم طيبوا بعد ذلک عن أنفسکم لفتنها، ثم اطمئنوا للفتنة جأشا، و أبشروا بسيف صارم، و هرج دائم شامل، و استبداد من الظالمين، فزرع فيئکم زهيدا، و جمعکم حصيدا، فياحسرة لهم، و قد عيمت عليهم الانباء أ نلزمکموها و أنتم لها کارهون.

بيان: أقول: روي صاحب کشف الغمة الروايتين التين أوردهما الصدوق عن کتاب السقيفة بحذف الاسناد، و رواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن أحمد بن عبد العزيز الجوهري، عن محمد بن زکريا، عن محمد بن عبد الرحمن إلي آخر ما أورده الصدوق و إنما أوردتها مکررة للاختلاف الکثير بين رواياتها و شدة الاعتناء بشأنها، و لنشرحها لا حتياج جل فقراتها إلي الشرح و البيان زيادة علي ما أورده الصدوق و الله المستعان.

قولها عليها السلام: " عائفة " أي کارهة، يقال: عاف الرجل الطعام يعافيه عيافا إذا کره، و " القالية ": المبغضة قال تعالي: " ما ودعک ربک و ما قلي " [5] و لفظت الشيء من فمي: أي رميته و طرحته، و " العجم ": العض تقول: عجمت العود أعجمه


بالضم إذا عضضته " و شنأه " کمنعه و سمعه: أبغضه، و سبرتهم أي اختبرتهم، فعلي ما في أکثر الروايات المعني: طرحتهم و أبغضتهم بعد امتحانهم و مشاهدة سيرتهم و أطوارهم و علي رواية الصدوق المعني: أني کنت عالمة بقبح سيرتهم و سوء سريرتهم فطرحتهم، ثم لما اختبرتهم شنئتهم و أبغضتهم أي تأکد إنکاري بعد الاختبار، و يحتمل أن يکون الاول إشارة إلي شناعة أطوارهم الظاهرة، و الثاني إلي خبث سرائرهم الباطنة.

قولها عليها السلام: فقبحا لفلول الحد إلي قولها: خالدون، قبحا بالضم مصدر حذف فعله إما من قولهم: قبحه الله قبحا، أو من قبح بالضم قباحة، فحرف الجر علي الاول داخل علي المفعول، و علي الثاني علي الفاعل " و الفلول " بالضم جمع فل بالفتح، و هو الثلمة و الکسر في حد السيف، و حکي الخليل في العين أنه يکون مصدرا و لعله أنسب بالمقام، وحد الشيء شباته، وحد الرجل بأسه، " و الخور " بالفتح و التحريک: الضعف، و " القناة ": الرمح و " الخطل ": بالتحريک المنطق الفاسد المضطرب، و خطل الرأي فساده و اضطرابه.

قولها عليها السلام: " اللعب بعد الجد " أي أخذتم دينکم باللعب و الباطل بعد أن کنتم مجدين فيه آخذين بالحجة.

قولها عليها السلام: و قرع الصفاة " الصفاة " الحجر الاملس أي جعلتم أنفسکم مقرعا لخصامکم حتي قرعوا صفاتکم أيضا قال الجزري في حديث معاوية: يضرب صفاتها بمعوله، و هو تمثيل أي اجتهد عليه و بالغ في امتحانه و اختباره، و منه الحديث: لا يقرع لهم صفاة، أي لا ينالهم أحد بسوء، انتهي.

أقول: لا يبعد أن يکون کناية عن عدم تأثير حيلتهم بعد ذلک، و فلول حدهم، کما أن من يضرب السيف علي الصفاة لا يؤثر فيها و يفل السيف.

و صدع القناة: شقها، و السأمة: الملال، و قال الجزري: في حديث علي: إياک و مشاورة النساء فإن رأيهن إلي أفن.

الافن النقص، و رجل أفن و مأفون أي ناقص العقل و قوله تعالي: " أن سخط الله " هو المخصوص بالذم، أو علة الذم، و المخصوص محذوف أي لبئس شيئا ذلک لان کسبهم السخط و الخلود.


قولها عليها السلام: لا جرم لقد قلدتهم ربقتها، لا جرم کلمة تورد لتحقيق الشيء، و الربقة في الاصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسکها، و يقال للحبل الذي تکون فيه الربقة ربق و تجمع علي ربق و رباق و أرباق، و الضمير في ربقتها راجع إلي الخلافة المدلول عليها بالمقام، أو إلي فدک، أو حقوق أهل البيت عليهم السلام أي جعلت إثمها لازمة لرقابهم کالقلائد.

قولها: و شننت عليهم غارها، الشن: رشن الماء رشا متفرقا، و ألسن بالمهملة الصب المتصل و منه قولهم: شبت عليهم الغارة إذا فرقت عليهم من کل وجه.

قولها: و حملتهم أوقتها قال الجوهري: الاوق: الثقل يقال: ألقي عليه أوقه، و قد أوقته تأويقا أي حملته المشقة و المکروه.

قولها عليها السلام: فجدعا و عقرا، " الجدع " قطع الانف أو الاذن أو الشفة، و هو بالانف أخص و يکون بمعني الحبس، و " العقر " بالفتح الجرح و يقال في الدعاء علي الانسان: عقرا له و حلقا، أي عقر الله جسده و أصابه بوجع في حلقه، وأصل العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف، ثم اتسع فيه فاستعمل في القتل و الهلاک، و هذه المصادر يجب حذف الفعل منها و " السحق " بالضم: البعد.

قولها عليها السلام: ويحهم أني زحزحوها عن رواسي الرسالة ويح کلمة تستعمل في الترحم و التوجع و التعجب، و الزحزحة: التنحية: و التبعيد، و الزعزعة: التحريک و الرواسي من الجبال: الثوابت الرواسخ، و قواعد البيت: أساسه.

قولها عليها السلام: و الطبين، هو بالطاء المهملة و الباء الموحدة الفطن الحاذق.

قولها عليها السلام: و ما نقموا من أبي الحسن - إلي قولها - في ذات الله، و في کشف الغمة و ما الذي نقموا من أبي الحسن، يقال: نقمت علي الرجل کضربت، و قال الکسائي: کعلمت لغة أي عتبت عليه و کرهت شيئا منه، و التنکير: الانکار و التنکر: التغير عن حال يسرک إلي حال تکرهها، و الاسم النکير، و ما هنا يحتمل المعنيين و الاول أظهر أي إنکار سيفه فانه عليه السلام کان لا يسل سيفه إلا لتغيير المنکرات، و " الوطأة ": الاخذة الشديدة و الضغطة، وأصل الوطي: الدوس بالقدم


و يطلق علي الغزو و القتل لان من يطأ الشيء برجليه فقد استقصي في هلاکه و إهانته، و " النکال ": العقوبة التي تنکل الناس، و " الوقعة ": صدمة الحرب، و تنمر فلان أي تغير و تنکر و أوعد، لان النمر لا تلقاه أبدا إلا متنکرا غضبان.

قولها: في ذات الله، قال الطيبي: ذات الشيء: نفسه و حقيقته، و المراد ما اضيف إليه، و قال الطبرسي في قوله تعالي: " و أصلحوا ذات بينکم " کناية عن المنازعة و الخصومة، و الذات: هي الخلقة و البنية، يقال: فلان في ذاته صالح أي في خلقته و بنية، يعني أصلحوا نفس کل شيء بينکم، أو أصلحوا حال کل نفس بينکم، و قيل: معناه و أصلحوا حقيقة وصلکم و کذلک معني أللهم أصلح ذات البين أي أصلح الحال التي بها يجتمع المسلمون انتهي.

أقول: فالمراد بقولها: في ذات الله: أي في الله و لله بناء علي أن المرأة بالذات الحقيقة، أو في الامور و الاحوال التي تتعلق بالله من دينه و شرعه و غيره ذلک کقوله تعالي: " إنه عليم بذات الصدور " أي المضمرات التي في الصدور.

قولها عليها السلام: و تالله لو مالوا، أي بعد أن مکنوه في الخلافة قولها عليها السلام و تالله لو تکافوا - إلي قولها - بما کانوا يکسبون، التکاف، تفاعل من الکف و هو الدفع و الصرف، و الزمام ککتاب الخيط الذي يشد في البرة أو الخشاش ثم يشد في طرفه المقود، و قد يسمي المقود زماما، و نبذه أي طرحه، و في الصحاح اعتلقه أي أحبه، و لعله هنا بمعني تعلق به و إن لم أجد فيما عندنا من کتب اللغة.

و السجح، بضمتين: اللين السهل، و الکلم: الجرح، و الخشاش بکسر الخاء المعجمة: ما يجعل في أنف البعير من خشب و يشد به الزمام ليکون أسرع لانقياده و تعتعت الرجل أي أقلقته و أزعجته.

و المنهل: المورد و هو عين ماء ترده الابل في المراعي و تسمي المنازل التي في المفاوز علي طرق السفار: مناهل.

لان فيها ماء قاله الجوهري، و قال: ماء نمير أي ناجع عذبا کان أو غيره، و قال الصدوق نقلا عن الحسين بن عبد الله بن -


سعيد العسکري: النمير الماء النامي في الجسد [6] ، و قال الجوهري: الروي سحابة عظيمة القطر شديدة الوقع و يقال: شربت شربا رويا، و الفضفاض: الواسع يقال: ثوب فضفاض، و عيش فضفاض، و درع فضفاضة، وضعتا النهر بالکسر و قيل: و بالفتح: أيضا: جانباه، و تطفح، أي تمتلئ حتي تفيض.

و رنق الماء کفرح و نصر و ترنق: کدر، و صار الماء رونقة: غلب الطين علي الماء، و الترنوق: الطين الذي في الانهار و المسيل، فالظاهر أن المراد بقولها: و لا يترنق جانباه، أنه لا ينقص الماء حتي يظهر الطين و الحمأ من جانبي النهر و يتکدر الماء بذلک، و بطن کعلم: عظم بطنه من الشبع، و منه الحديث: تغدو خماصا و تروح بطانا، و المراد عظم بطنهم من الشرب.

و تحير الماء، أي اجتمع و دار کالمتحير يرجع أقصاه إلي أدناه، و يقال: تحيرت الارض بالماء، إذا امتلات، و لعل الباء بمعني في أي تحير فيهم الري أو للتعدية أي صاروا حياري لکثرة الري، و الري بالکسر و الفتح ضد العطش.

و في رواية الشيخ: قد خثر، بالخاء المعجمة و الثاء المثلثة أي أثقلهم من قولک: أصبح فلان خاثر النفس، أي ثقيل النفس طيب و لا نشيط، و حلي منه بخير کرضي أي أصاب خيرا، و قال الجوهري: قولهم: لم يحل منها بطائل أي لم يستفد منها کثير فائدة، و التحلي: التزين، و الطائل: الغناء، و المزية، و السعة و الفضل، و التغمر، هو الشرب دون الري، مأخوذ من الغمر بضم الغين المعجمة و فتح الميم و هو القدح الصغير.

و الناهل: العطشان و الريان و المراد هنا الاول، و الردع: الکف و الدفع والردعة: الدفعة منه، و في جميع الروايات سوي معاني الاخبار: سورة الساغب و فيه: شررة الساغب، و لعله من تصحيف النساخ، و الشرر: ما يتطاير من النار، و لا


يبعد أن يکون من الشرة بمعني الحرص.

و سورة الشيء بالفتح: حدته و شدته، و السغب: الجوع.

و قال الفيروز آبادي: الحظوة بالضم و الکسر، و الحظة کعدة: المکانة و الحظ من الرزق، و حظي کل واحد من الزوجين عند صاحبه کرضي، و النائل: العطية، و لعل فيه شبه القلب.

و قال الفيروز آبادي: الکافل: العائل، و الذي لا يأکل أو يصل الصيام و الضامن انتهي.

أقول: يمکن أن يکون هنا بکل من المعنيين الاولين و يحتمل أن يکون بمعني کافل اليتيم، فانه لا يحل له الاکل إلا بقدر البلغة، و حاصل المعني أنه لو منع کل منهم الاخرين عن الزمام الذي نبذه رسول الله صلي الله عليه و اله و هو تولي أمر الامة، لتعلق به أمير المؤمنين عليه السلام أو أخذه محبا له و لسلک بهم طريق الحق من أن يترک شيئا من أوأمر الله أو يتعدي حدا من حدوده، و من أن يشق علي الامة، و يکلفهم فوق طاقتهم و وسعهم، و لفازوا بالعيش الرغيد في الدنيا و الاخرة و لم يکن ينتفع من دنياهم و ما يتولي من أمرهم إلا بقدر البلغة و سد الخلة.

قولها عليها السلام: ألا هلم فاسمع، في رواية ابن أبي الحديد: ألا هلمن فاسمعن و ما عشتن أرا کن الدهر عجبا، إلي أي لجأ لجأوا و استندوا و بأي عروة تمسکوا لبئس المولي و لبئس العشير و لبئس للظالمين بدلا - قال الجوهري: هلم يارجل بفتح الميم بمعني تعال يستوي فيه الواحد و الجمع و التأنيث، في لغة أهل الحجاز و أهل نجد يصرفونها فيقولون للاثنين: هلما، و للجمع: هلموا، و للمرأة: هلمي، و للنساء: هلممن و الاول أفصح، و إذا أدخلت عليه النون الثقيلة قلت: هلمن يارجل، و للمرأة هلمن بکسر الميم و في التثنية هلمان للمؤنث و المذکر جميعا، و هلمن يا رجال بضم الميم، و هلممنان يا نسوة انتهي، و علي الروايات الاخر الخطاب عام.

قولها: و ما عشتن: أي أراکن الدهر شيئا عجبا لا يذهب عجبه و غرابته


مدة حياتکن، أو يتجد لکن کل يوم أمر عجيب متفرع علي هذا الحادث الغريب.

و قال الجوهري: شعرت بالشيء أشعر به شعرا أي فطنت له و منه قولهم: ليت شعري، أي ليتني علمت، و اللجأ محرکة: الملاذ و المعقل کالملجأ، ولجأت إلي فلان إذا استندت إليه و اعتضدت به، و السناد: ما يستند إليه.

و قال الجوهري: احتنک الجراد الارض أکل ما عليها و أتي علي نبتها و قوله تعالي حاکيا عن إبليس " لاحتنکن ذريته " [7] قال الفراء يريد الاستولين عليهم، و المراد بالذرية ذرية الرسول صلي الله عليه و اله.

و المولي: الناصر و المحب، و العشير: الصاحب المخالط المعاشر، و لبئس للظالمين بدلا، أي بئس البدل من اختاروه علي إمام العدل و هو أمير المؤمنين عليه السلام.

قولها عليها السلام: استبدلوا - إلي قولها -: کيف تحکمون، الذنابي بالضم ذنب الطائر و منبت الذنب و الذنابي في الطائر أکثر استعمالا من الذنب و في الفرس و البعير و نحوهما الذنب أکثر، و في جناح الطائر أربع ذنابي بعد الخوافي و هي ما دون الريشات العشر من مقدم الجناح التي تسمي قوادم، و الذنابي من الناس: السفلة و الاتباع.

و الحرون: فرس لا ينقاد، و إذا اشتدت به الجري وقف، و قحم في الامر قحوما: رمي بنفسه فيه من روية، استعير الاول للجبان و الجاهل، و الثاني للشجاع و العالم بالامور الذي يأتي بها من احتياج إلي ترو و تفکر، و العجز کالعضد مؤخر الشيء يؤنث و يذکر، و هو للرجل و المرأة جميعا، و الکاهل: الحارک.

و هو ما بين الکتفين، و کاهل القوم عمدتهم في المهمات وعدتهم للشدائد و الملمات و رغما مثلثة مصدر رغم أنفه أي لصق بالرغام بالفتح و هو التراب، و رغم الانف يستعمل في الذل و العجز عن الانتصار و الانقياد علي کره، و المعاطس جمع معطس بالکسر و الفتح و هو الانف و قرئ في الاية " يهدي " بفتح الهاء و کسرها و تشديد


الدال فأصله يهتدي، و بتخفيف الدال و سکون الهاء.

قولها عليها السلام: أما لعمر إلهک، إلي آخر الخبر، و في بعض نسخ ابن أبي الحديد: أما لعمر الله، و في بعضها: أما لعمر إلهکن، و العمر بالفتح و الضم بمعني العيش الطويل، و لا يستعمل في القسم إلا العمر بالفتح، و رفعه بالابتداء أي عمر الله قسمي و معني عمر الله بقاؤه و دوامه.

و لقحت کعلمت أي حملت، و الفاعل فعلتهم، أو فعالهم، أو الفتنة، أو الازمنة و النظرة بفتح النون و کسر الظاء التأخير، و اسم يقوم مقام الانظار، و نظرة إما مرفوع بالخبرية و المبتدأ محذوف کما في قوله تعالي " فنظرة إلي ميسرة " [8] أي فالواجب نظرة و نحو ذلک، و إما منصوب بالمصدرية، أي انتظروا أو أنظروا نظرة قليلة، و الاخير أظهر کما اختاره الصدوق.

و ريثما تنتج: أي قدر ما تنتج، يقال: نتجت الناقة علي ما لم يسم فاعله تنتج نتاجا و قد نتجها أهلها نتجا و أنتجت الفرس إذا حان نتاجها.

و القعب: قدح من خشب يروي الرجل، أو قدح ضخم، و احتلاب طلاع القعب هو أن يمتلئ من اللبن حتي يطلع عنه و يسيل، و العبيط: الطري، و الذعاف کغراب: السم، و المقر بکسر القاف: الصبر، و ربما يسکن، و أمقر أي صار مرا و المبيد: المهلک، و أمضه الجرج: أوجعه، و غب کل شيء: عاقبته، و طاب نفس فلان بکذا: إي رضي به من دون أن يکرهه عليه أحد، و طاب نفسه عن کذا أي رضي ببذله.

و " نفسا " منصوب علي التميز، و في کتاب ناظر عين الغريبين [9] طأمنته: سکنته فاطمأن، و الجأش مهموزا: النفس و القلب أي اجعلوا قلوبکم مطمئنة لنزول الفتنة، و السيف الصارم: القاطع، و الغشم: الظلم، و الهرج: الفتنة و الاختلاط و في رواية ابن أبي الحديد: و قرح شامل، فالمراد بشمول القرح، إما للافراد


أو للاعضاء.

و الاستبداد بالشيء: التفردبه.

و الضمير المرفوع في " يدع " راجع إلي الاستبداد و الفئ: الغنيمة و الخراج و ما حصل للمسلمين من أموال الکفار من حرب و الزهيد: القليل، و الحصيد: المحصود، و علي رواية: زرعکم کناية عن أخذ أموالهم بغير حق، و علي رواية: جمعکم يحتمل ذلک، و أن يکون کناية عن قتلهم و استئصالهم.

وأني بکم، أي وأني تلحق الهداية بکم، و عميت عليکم بالتخفيف أي خفيت و التبست، و بالتشديد علي صيغة المجهول أي لبست، و قرئ في الاية بهما.

و الضمائر فيها، قيل: هي راجعة إلي الرحمة المعبر عن النبوة بها، و قيل إلي البينة و هي المعجزة، أو اليقين و البصيرة في أمر الله، و في المقام يحتمل رجوعها إلي رحمة الله الشاملة للامامة و الاهتداء إلي الصراط المستقيم، بطاعة إمام العدل أو إلي الامامة الحقة و طاعة من اختاره الله و فرض طاعته، أو إلي البصيرة في الدين و نحوها، و إليکم عني: أي کفوا و أمسکوا، و قولها: بعد تعذير کم أي تقصيرکم و المعذر: المظهر للعذر اعتلالا من حقيقة.

11 - کتاب دلائل الامامة للطبري: عن محمد بن هارون بن موسي التلعکبري عن أبيه، عن محمد بن همام، عن أحمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن ابن سنان، عن ابن مسکان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قبضت فاطمة عليها السلام في جمادي الاخرة يوم الثلثاء لثلاث خلون منه سنة إحدي عشر من الهجرة: و کان سبب وفاتها أن قنفذا مولي عمر لکزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسنا، و مرضت من ذلک مرضا شديدا، و لم تدع إحدا ممن آذاها يدخل عليها.

و کان الرجلان من أصحاب النبي صلي الله عليه و اله سألا أمير المؤمنين صلوات الله عليه أن يشفع لهما إليها، فسألها أمير المؤمنين عليه السلام، فلما دخلا عليها قالا لها: کيف أنت يا بنت رسول الله؟ قالت: بخير بحمد الله، ثم قالت لهما: ما سمعتما النبي


يقول: فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني، و من آذاني فقد آذي الله؟ قالا: بلي، قالت: فو الله لقد آذيتماني، قال: فخرجا من عندها عليها السلام و هي ساخطة عليهما.

قال محمد بن همام: و روي أنها قبضت لعشر بقين من جمادي الاخرة، و قد کمل عمرها يوم قبضت ثمانية عشر سنة و خمسا و ثمانين يوما بعد وفاة أبيها، فغسلها أمير المؤمنين عليه السلام، و لم يحضرها غيره و الحسن و الحسين و زينب وام کلثوم و فضة جاريتها و أسماء بنت عميس، و أخرجها إلي البقيع في الليل، و معه الحسن و الحسين وصلي عليها، و لم يعلم بها، و لا حضر وفاتها، و لا صلي عليها أحد من سائر الناس غيرهم، و دفنها بالروضة و عمي موضع قبرها.

و أصبح البقيع ليلة دفنت و فيه أربعون قبرا جددا، و إن المسلمين لما علموا وفاتها جاؤوا إلي البقيع، فوجدوا فيه أربعين قبرا، فأشکل عليهم قبرها من سائر القبور، فضج الناس و لام بعضهم بعضا و قالوا: لم يخلف نبيکم فيکم إلا بنتا واحدة تموت و تدفن و لم تحضروا وفاتها و الصلاة عليها، و لا تعرفوا قبرها.

ثم قال ولاة الامر منهم: هاتم من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتي نجدها فنصلي عليها و نزور قبرها، فبلغ ذلک أمير المؤمنين صلوات الله عليه فخرج مغضبا قد أحمرت عيناه، و درت أوداجه و عليه قباه الاصفر الذي کان يلبسه في کل کريهة، و هو متوکا علي سيفه ذي الفقار، حتي ورد البقيع، فسار إلي الناس النذير و قالوا: هذا علي بن أبي طالب قد أقبل کما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف علي غابر الاخر.

فتلقاه عمرو من معه من أصحابه و قال له: مالک يا أبا الحسن و الله لننبشن قبرها و لنصلين عليها، فضرب علي عليه السلام بيده إلي جوامع ثوبه فهزه، ثم ضرب به الارض، و قال له: يا ابن السوداء أما حقي فقد ترکته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم، و أما قبر فاطمة فو الذي نفس علي بيده، لئن رمت و أصحابک شيئا من ذلک لاسقين الارض من دمائکم، فان شئت فأعرض يا عمر.


فتلقاه أبو بکر فقال: يا أبا الحسن بحق رسول الله و بحق من فوق العرش إلا خليت عنه فإنا فاعلين شيئا تکرهه، قال: فخلي عنه و تفرق الناس، و لم يعودوا إلي ذلک.

12 - ما: ابن حمويه، عن أبي الحسين، عن أبي خليفة، عن العباس بن الفضل عن محمد بن أبي رجاء، عن إبراهيم، عن سعد، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن علي ابن أبي رافع، عن أبيه، عن سلمي إمرأة أبي رافع قالت: مرضت فاطمة، فلما کان اليوم الذي ماتت فيه قالت: هيئي لي ماء، فصببت لها، فاغتسلت کاحسن ما کانت تغتسل، ثم قالت: ائتيني بثياب جدد، فلبستها، ثم أتت البيت الذي کانت فيه فقالت: افرشي لي في وسطه، ثم اضطجعت و استقبلت القبلة، و وضعت يدها تحت خدها و قالت: إني مقبوضة ألان فلا اکشفن فاني قد اغتسلت، قالت: و ماتت فلما جاء علي أخبرته فقال: لا تکشف، فحلمها يغسلها عليها السلام.

بيان: لعلها عليها السلام إنما نهت عن کشف العورة و الجسد للتنظيف، و لم تنه عن الغسل 13 - لي: الدقاق، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي،: عن ابن البطائني، عن أبيه، عن ابن جبير، عن ابن عباس في خبر طويل قد أثبتناه في باب ما أخبر النبي صلي الله عليه و اله بظلم أهل البيت قال صلي الله عليه و اله: و أما ابتني فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين، من الاولين و الاخرين و هي بضعة مني، و هي نور عيني، و هي ثمرة فؤداي و هي روحي التي بين جنبي و هي الحوراء الانسية، متي قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائکة السماء کما يزهر نور الکواکب لاهل الارض، و يقول الله عز و جل لملائکة، يا ملائکتي أنظروا إلي أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي، ترتعد فرائصها من خيفتي، و قد أقبلت بقلبها علي عبادتي، اشهدکم أني قد أمنت شيعتها من النار.

و إني لما رأيتها ذکرت ما يصنع بها بعدي، کاني بها و قد دخل الذل


بيتها، و انتهکت حرمتها، و غصبت حقها، و منعت إرثها، و کسر جنبها، و أسقطت جنينها، و هي تنادي: يا محمداه، فلا تجاب، و تستغيث، فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة، مکروبة، باکية، تتذکر انقطاع الوحي عن بيتها مرة، و تتذکر فراقي اخري، و تستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي کانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن، ثم تري نفسها ذليلة بعد أن کانت في أيام أبيها عزيزة.

فعند ذلک يؤنسها الله تعالي ذکره بالملائکة فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران فتقول: يا فاطمة " إن الله اصطفيک و طهرک و اصطفيک علي نساء العالمين " يا فاطمة " اقنتي لربک و اسجدي و ارکعي مع الراکعين " [10] ثم يبتدي بها الوجع فتمرض فيبعث الله عز و جل إليها مريم بنت عمران تمرضها و تؤنسها في علتها، فتقول عند ذلک: يا رب إني قد سئمت الحياة و تبر مت بأهل الدنيا، فألحقني بأبي، فيلحقها الله عز و جل بي، فتکون أول من يحلقني من أهل بيتي، فتقدم علي محزونة، مکروبة، مغمومة، مغصوبة، متقولة، فأقول عند ذلک: أللهم العن من ظلمها، و عاقب من غصبها، و ذلل من أذلها، و خلد في نارک من ضرب جنبيها حتي ألقت ولدها، فتقول الملائکة عند ذلک: آمين.

14 - لي: ابن المتوکل، عن محمد العطار، عن ابن أبي الخطاب، عن حماد ابن عيسي، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: قال جابر بن عبد الله: سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام قبل موته بثلاث: سلام عليک يا أبا الريحانتين، أوصيک بريحانتي من الدنيا، فعن قليل ينهدر کناک، و الله خليفتي عليک.

فلما قبض رسول الله صلي الله عليه و اله قال علي عليه السلام: هذا أحد رکني الذي قال لي رسول الله صلي الله عليه و اله، فلما ماتت فاطمة عليها السلام قال علي عليه السلام: هذا الرکن الثاني الذي قال رسول الله صلي الله عليه و اله.

مع: أبي، عن سعد، عن ابن عيسي، عن محمد بن يونس، عن حماد مثله.


15 - أقول: وجدت في بعض الکتب خبرا في وفاتها عليها السلام فأحببت إيراده و إن لم آخذه من أصل يعول عليه.

روي ورقة بن عبد الله الازدي قال: خرجت حاجا إلي بيت الله الحرام راجيا لثواب الله رب العالمين، فبينما أنا أطوف و إذا أنا بجارية سمراء، و مليحة الوجه عذبد الکلام، و هي تنادي بفصاحة منطقها، و هي تقول: أللهم رب الکعبة الحرام، و الحفظة الکرام، و زمزم و المقام، و المشاعر العظام و رب محمد خير الانام، صلي الله عليه و آله البررة الکرام [أسألک] أن تحشرني مع ساداتي الطاهرين، و أبنائهم الغر المحجلين الميامين.

ألا فاشهدوا يا جماعة الحجاج و المعتمرين أن موالي خيرة الاخيار، وصفوة الابرار، و الذين علا قدرهم علي الاقدار، و ارتفع ذکرهم في سائير الامصار المرتدين بالفخار [11] .

قال ورقة بن عبد الله: فقلت: يا جارية إني لاظنک من موالي أهل البيت عليهم السلام فقالت: أجل، قلت لها: و من أنت من مواليهم؟ قالت: أنا فضة أمة فاطمة الزهراء ابنة محمد المصطفي صلي الله عليها و علي أبيها و بعلها و بنيها.

فقلت لها: مرحبا بک و أهلا و سهلا، فلقد کنت مشتاقا إلي کلامک و منطقک فاريد منک الساعة أن تجيبني من مسألة أسألک، فإذا أنت فرغت من الطواف قفي لي عند سوق الطعام حتي آتيک و أنت مثابه مأجورة، فافترقنا.

فلما فرغت من الطواف و أردت الرجوع إلي منزلي جعلت طريقي علي سوق الطعام و إذا أنا بها جالسة في معزل عن الناس، فأقبلت عليها و اعتزلت بها و أهديت إليها هدية و لم اعتقد أنها صدقة، ثم قلت لها: يا فضة أخبريني عن مولاتک فاطمة الزهراء عليها السلام و ما الذي رأيت منها عند وفاتها بعد موت أبيها محمد صلي الله عليه و اله قال ورقة: فلما سمعت کلامي تغرغرت عيناها بالدموع ثم انتحبت نادبة و قالت: يا ورقة بن عبد الله هيجت علي حزنا ساکنا، و أشجانا في فؤادي کانت


کامنة، فاسمع ألان ما شاهدت منها عليها السلام.

أعلم أنه لما قبض رسول الله صلي الله عليه و اله افتجع له الصغير و الکبير، و کثر عليه البکاء، و قل العزاء، و عظم رزؤه علي الاقرباء و الاصحاب و الاولياء و الاحباب و الغرباء و الانساب، و لم تلق إلا کل باک و باکية، و نادب و نادبة، و لم يکن في أهل الارض و الاصحاب، و الاقرباء و الاحباب، أشد حزنا و أعظم بکاء و انتحابا من مولاتي فاطمة الزهراء عليها السلام، و کان حزنها يتجدد و يزيد، و بکاؤها يشتد.

فجلست سبعة أيام لا يهدأ لها أنين، و لا يسکن منها الحنين، کل يوم جاء کان بکاؤها أکثر من اليوم الاول، فلما کان في اليوم الثامن أبدت ما کتمت من الحزن، فلم تطق صبرا إذ خرجت و صرخت، فکأنها من فم رسول الله صلي الله عليه و اله تنطق، فتبادرت النسوان، و خرجت الولائد و الولدان، و ضج الناس بالبکاء و النحيب و جاء الناس من کل مکان، و اطفئت المصابيح لکيلا تتبين صفحات النساء و خيل إلي النسوان أن رسول الله صلي الله عليه و اله قد قام من قبره، و صارت الناس في دهشة و حيرة لما قد رهقهم، و هي عليها السلام تنادي و تندب أباه: وا أبتاه، و اصفياه، وا محمداه! وا أبا القاسماه، وا ربيع الارامل و اليتامي، من للقبلة و المصلي، و من لابنتک الوالهة الثکلي.

ثم أقبلت تعثر في أذيالها، و هي لا تبصر شيئا من عبرتها، و من تواتر دمعتها حتي دنت من قبر أبيها محمد صلي الله عليه و اله فلما نظرت إلي الحجرة وقع طرفها علي المأذنة فقصرت خطاها، و دام نحيبها و بکاها، إلي أن اغمي عليها، فتبادرت النسوان إليها فنضحن الماء عليها و علي صدرها و جبينها حتي أفاقت، فلما أفاقت من غشيتها قامت و هي تقول.

رفعت قوتي، و خانني جلدي، و شمت بي عدوي، و الکمد قاتلي، يا أبتاه بقيت والهة وحيدة، و حيرانة فريدة، فقد انخمد صوتي، و انقطع ظهري، و تنغص عيشي، و تکدر دهري، فما أجد يا أبتاه بعدک أنيسا لوحشتي، و لا رادا لدمعتي و لا معينا لضعفي، فقد فني بعدک محکم التنزيل، و مهبط جبرئيل، و محل ميکائيل


انقلبت بعدک يا أبتاه الاسباب، و تغلقت دوني الابواب، فأنا للدنيا بعدک قالية و عليک ما ترددت أنفاسي باکيه، لا ينفذ شوقي إليک، و لا حزني عليک.

ثم نادت: يا أبتاه و الباه، ثم قالت: إن حزني عليک حزن جديد و فؤادي و الله صب عنيد کل يوم يزيد فيه شجوني و اکتيابي عليک ليس يبيد جل خطبي فبان عني عزائي فبکائي کل وقت جديد إن قلبا عليک يألف صبرا أو عزاء فإنه لجليد ثم نادت: يا أبتاه انقطعت بک الدنيا بأنوارها، و زوت زهرتها و کانت ببهجتک زاهرة، فقد اسود نهارها، فصار يحکي حنادسها رطبها و يابسها، يا أبتاه لا زلت آسفة عليک إلي التلاق، يا أبتاه زال غمضي منذ حق الفراق، يا أبتاه من للارامل و المساکين، و من للامة إلي يوم الدين، يا أبتاه أمسينا بعدک من المستضعفين يا أبتاه أصبحت الناس عنا معرضين، و لقد کنا بک معظمين في الناس مستضعفين فأي دمعة لفراقک لا تنهمل، وأي حزن بعدک عليک لا يتصل، وأي جفن بعدک بالنوم يکتحل، و أنت ربيع الدين، و نور النبيين، فکيف للجبال لا تمور، و للبحار بعدک لا تغور، و الارض کيف لم تتزلزل.

رميت يا أبتاه بالخطب الجليل، و لم تکن الرزية بالقليل، و طرقت يا أبتاه بالمصاب العظيم، و بالفادح المهول.

بکتک يا أبتاه الاملاک، و وقفت الافلاک، فمنبرک بعدک مستوحش، و محرابک خال من مناجاتک، و قبرک فرح بمواراتک، و الجنة مشتاقة إليک و إلي دعائک و صلاتک.

و يا أبتاه ما أعظم ظلمة مجالستک، فوا أسفاه عليک إلي أن أقدم عاجلا عليک و اثکل أبو الحسن المؤتمن أبو ولديک، الحسن و الحسين، و أخوک و وليک و حبيبک و من ربيته صغيرا، واخيته کبيرا، و أحلي أحبابک و أصحابک إليک من کان منهم سابقا و مهاجرا و ناصرا، و الثکل شاملنا، و البکاء قاتلنا، و الاسي لا زمنا ثم زفرت زفرة و أنت أنه کادت روحها أن تخرج ثم قالت:


قل صبري و بان عني عزائي بعد فقدي لخاتم الانبياء عين يا عين اسکبي الدمع سحا ويک لا تبخلي بفيض الدماء يا رسول الاله يا خيرة الله و کهف الايتام و الضعفاء قد بکتک الجبال و الوحش جمعا و الطير و الارض بعد بکي السماء و بکاک الحجون و الرکن و المشغر يا سيدي مع البطحاء و بکاک المحراب و الدرس للقرآن في الصبح معلنا و المساء و بکاک الاسلام إذ صار في النا س غريبا من سائر الغرباء لو تري المنبر الذي کنت تعلو ه علاه الظلام بعد الضياء يا إلهي عجل وفاتي سريعا فلقد تنغصت الحياة يامولائي قالت: ثم رجعت إلي منزلها و أخذت بالبکاء و العويل ليلها و نهارها، و هي لا ترقأ دمعتها.

و لا تهدأ زفرتها.

و اجتمع شيوخ أهل المدينة و أقبلوا إلي أمير المؤمنين علي عليه السلام فقالوا له: يا أبا الحسن إن فاطمة عليها السلام تبکي الليل و النهار فلا أحد منا يتهنا بالنوم في الليل علي فرشنا، و لا بالنهار لنا قرار علي أشغالنا و طلب معايشنا، و إنا نخبرک أن تسألها إما أن تبکي ليلا أو نهارا، فقال عليه السلام: حبا و کرامة.

فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام حتي دخل علي فاطمة عليها السلام و هي لا تفيق من البکاء و لا ينفع فيها العزاء فلما رأته سکنت هنيئة له، فقال لها: يا بنت رسول الله - صلي الله عليه و آله - إن شيوخ المدينة يسألوني أن أسألک إما أن تبکين أباک ليلا و إما نهارا.

فقالت: يا أبا الحسن ما أقل مکثي بينهم و ما أقرب مغيبي من بين أظهر هم فو الله لا أسکت ليلا و لا نهارا أو ألحق بأبي رسول الله صلي الله عليه و اله، فقال لها علي عليه السلام: افعلي يا بنت رسول الله ما بدا لک.

ثم إنه بني لها بيتا في البقيع نازحا عن المدينة يسمي بيت الاحزان، و کانت إذا أصبحت قدمت الحسن و الحسين عليهما السلام أمامها، و خرجت إلي البقيع باکية


فلا تزال بين القبور باکية، فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين عليه السلام إليها و ساقها بين يديه إلي منزلها.

و لم تزل علي ذلک إلي أن مضي لها بعد موت أبيها سبعة و عشرون يوما، و اعتلت العلة التي توفيت فيها، فبقيت إلي يوم الاربعين، و قد صلي أمير المؤمنين عليه السلام صلاة الظهر و أقبل يرد المنزل إذا استقبلته الجواري باکيات حزينات فقال لهن: ما الخبر و مالي أراکن متغيرات الوجوه و الصور؟ فقلن: يا أمير المؤمنين أدرک ابنة عمک الزهراء عليها السلام و ما نظنک تدرکها.

فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام مسرعا حتي دخل عليها، و إذا بها ملقاه علي فراشها و هو من قباطي مصروهي تقبض يمينا و تمد شمالا، فألقي الرداء عن عاتقه و العمامة عن رأسه، وحل أزراره، و أقبل حتي أخذ رأسها و ترکه في حجره، و ناداها: يا زهراء! فلم تکلمه، فناداها: يا بنت محمد المطفي! فلم تکلمه، فناداها: يا بنت من حمل الزکاة في طرف ردائه و بذلها علي الفقراء! فلک تکلمه، فناداها: يا ابنة من صلي بالملائکة في السماء مثني مثني! فلم تکلمه، فناداها: يا فاطمة کلميني فأنا بان عمک علي بن أبي طالب.

قال: ففتحت عينيها في وجهه و نظرت إليه و بکت و بکي و قال: ما الذي تجدينه فأنا ابن عمک علي بن أبي طالب.

فقالت: يا ابن العم إني أجد الموت الذي لابد منه و لا محيص عنه، و أنا أعلم أنک بعدي لا تصبر علي قلة التزويج فان أنت تزوجت إمرأة اجعل لها يوما و ليلة و اجعل لاولادي يوما و ليلة يا أبا الحسن و لا تصح في وجوههما فيصبحان يتيمين غريبين منکسرين فانهما بالامس فقدا جدهما و اليوم يفقد ان، أمهما، فالويل لامة تقتلهما و تبغضهما ثم أنشأت تقول: ابکني إن بکيت يا خير هادي و اسبل الدمع فهو يوم الفراق يا قرين البتول أوصيک بالنسل فقد أصبحا حليف اشتياق ابکني و ابک لليتامي و لا تنس قتيل العدي بطف العراق


فارقوا فاصبحوا يتامي حياري يحلف الله فهو يوم الفراق قالت: فقال لها علي عليه السلام: من أين لک يا بنت رسول الله هذا الخبر، و الوحي قد انقطع عنا؟ فقالت: يا أبا الحسن رقدت الساعة فرأيت حبيبي رسول الله صلي الله عليه و اله في قصر من الدر الابيض فلما رآني قال: هلمي إلي يا بنية فاني إليک مشتاق فقلت: و الله إني لاشد شوقا منک إلي لقائک، فقال: أنت الليلة عندي و هو الصادق لما وعد و الموفي لما عاهد.

فإذا أنت قرأت يس فاعلم أني قد قضيت نحبي فغسلني و لا تکشف عني فاني طاهرة مطهرة و ليصل علي معک من أهلي الادني فالأَدني و من رزق أجري و ادفني ليلا في قبري، بهذا أخبرني حبيبي رسول الله صلي الله عليه و اله.

فقال علي: و الله لقد أخذت في أمرها و غسلتها في قميصها و لم أکشفه عنها فو الله لقد کانت ميمونة طاهرة مطهرة ثم حنطتها من فضلة حنوط رسول الله صلي الله عليه و اله و کفنتها و أدرجتها في أکفانها فلما هممت أن أعقد الرداء ناديت يا ام کلثوم! يا زينب! يا سکينة! يا فضة! يا حسن! يا حسين! هلموا تزو دوا من أمکم فهذا الفراق و اللقاء في الجنة.

فأقبل الحسن و الحسين عليهما السلام و هما يناديان و احسرتا لا تنطفئ أبدا من فقد جدنا محمد المصطفي و امنا فاطمة الزهراء يا ام الحسن يا ام الحسين إذا لقيت جدنا محمد امصطفي فاقرئيه منا السلام و قولي له: إنا قد بقينا بعد يتيمين في دار الدنيا.

فقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: إني اشهد الله أنها قد حنت و أنت و مدت يديها و ضمتها إلي صدرها مليا و إذا بهاتف من السماء ينادي يا أبا الحسن ارفعها عنها فلقد أبکيا و الله ملائکة السماوات فقد اشتاق الحبيب إلي المحبوب، قال: فرفعتهما عن صدرها و جعلت أعقد الرداء و أنا أنشد بهذه الابيات: فراقک أعظم الاشياء عندي و فقدک فاطم أدهي الثکول سأبکي حسرة و أنوح شجوا علي خل مضي أسني سبيل


ألا يا عين جودي و اسعديني فحزني دائم أبکي خليلي ثم حملها علي يده و أقبل بها إلي قبر أبيها و نادي: السلام عليک يا رسول الله السلام عليک يا حبيب الله، السلام عليک يا نور الله، السلام عليک يا صفوة الله مني السلام عليک و التحية واصلة مني إليک ولديک، و من ابنتک النازلة عليک بفنائک و إن الوديعة قد استردت، و الرهينة قد أخذت، فواحزناه علي الرسول، ثم من بعده علي البتول، و لقد اسودت علي الغبراء، و بعدت عني الخضراء، فواحزناه ثم وا أسفاه.

ثم عدل بها علي الروضة فصلي عليه في أهله و أصحابه و مواليه و أحبائه و طائفة من المهاجرين و الانصار، فلما و أراها و ألحد ها في لحدها أنشأ بهذه الابيات يقول: أري علل الدنيا علي کثيرة و صاحبها حتي الممات عليل لکل اجتماع من خليلين فرقة و إن بقائي عندکم لقليل و إن افتقادي فاطما بعد أحمد دليل علي أن لا يدوم خليل 16 - قب: قبض النبي صلي الله عليه و اله و لها يومئذ ثماني عشرة سنة و سبعة أشهر و عاشت بعده اثنين و سبعين يوما و يقال: خمسة و سبعين يوما و قيل: أربعة أشهر، و قال القرباني: قد قيل أربعين يوما و هو أصح و توفيت عليها السلام ليلة الاحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاخر سنة إحدي عشرة من الهجرة و مشهدها بالبقيع و قالوا: إنها دفنت في بيتها و قالوا: قبرها بين قبر رسول الله صلي الله عليه و اله و منبره.

السمعاني في الرسالة، و أبو نعيم في الحلية، و أحمد في فضائل الصحابة، و النطنزي في الخصائص و ابن مردويه في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام و الزمخشري في الفائق، عن جابر قال رسول الله صلي الله عليه و اله لعلي قبل موته: السلام عليک أبا الريحانتين أوصيک بريحانتي من الدنيا، فعن قليل ينهد رکناک عليک، قال: فلما قبض رسول الله صلي الله عليه و اله قال علي: هذا أحد الرکنين، فلما ماتت فاطمة قال علي: هذا هو الرکن الثاني.

البخاري و مسلم و الحلية و مسند أحمد بن حنبل روت عائشة أن النبي صلي الله عليه و اله دعا


فاطمة في شکواه الذي قبض فيه فسارها بشيء فبکت، ثم دعاها [فسارها] فضحکت فسألت عن ذلک فقالت: أخبرني النيي صلي الله عليه و اله أنه مقبوض فبکيت ثم أخبرني أني أول أهله لحوقا به فضحکت.

کتاب ابن شاهين قالت ام سلمة و عائشة: إنها لما سئلت عن بکائها و ضحکها قالت: أخبرني النبي صلي الله عليه و اله أنه مقبوض ثم أخبر أن بني سيصيبهم بعدي شدة فبکيت، ثم أخبرني أني أول أهله لحوقا به فضحکت.

و في رواية أبي بکر الجعابي و أبي نعيم الفضل بن دکين و الشعبي عن مسروق و في السنن عن القزويني، و الابانة عن العکبري، و المسند عن الموصلي، و الفضائل، عن أحمد بأسانيدهم، عن عروة، عن مسروق قالت عائشة: أقبلت فاطمة تمشي کأن مشيتها مشية رسول الله صلي الله عليه و اله فقال رسول الله: مرحبابابنتي فأجلسها عن يمينه و أسر إليها حديثا فبکت، ثم أسر إليها حديثا فضحکت فسألتها عن ذلک فقالت: ما افشي سر رسول الله صلي الله عليه و اله.

حتي إذا قبض سألتها فقالت: إنه أسر إلي فقال: إن جبرئيل کان يعارضني بالقرآن کل سنة مرة و إنه عارضني به العام مرتين و لا أراني إلا و قد حضرأجلي وإنک لاول أهل بيتي لحوقا بي، و نعم السلف أنا لک.

بکيت لذلک ثم قال: ألا ترضين أن تکوني سيدة نساء المؤمنين فضحکت لذلک.

و روي أنها ما زالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدة الرکن باکية العين، محترقة القلب، يغشي عليها ساعة بعد ساعة، و تقول لو لديها: أين أبوکما الذي کان يکرمکما و يحملکما مرة بعد مرة؟ أين أبوکما الذي کان أشد الناس شفقة عليکما فلا يدعکما تمشيان علي الارض؟ و لا أراه يفتح هذا الباب أبدا و لا يحملکما علي عاتقة کما لم يزل يفعل بکما.

ثم مرضت و مکثت أربعين ليلة ثم دعت ام أيمن و أسماء بنت عميس [12] و


عليا عليه السلام و أوصت إلي علي بثلات: أن يتزوج بابنة [اختها] [13] أمامه لحبها أولادها، و أن يتخذ نعشا لانها کانت رأت الملائکة تصور وا صورته و وصفته له، و أن لا يشهد أحد جنازتها ممن ظلمها و أن لا يترک أن يصلي عليها أحد منهم.

و ذکر مسلم عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، و في حديث الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة في خبر طويل يذکر فيه أن فاطمة أرسلت إلي أبي بکر تسأل ميراثها من رسول الله - القصة - قال: فهجرته و لم تکلمه حتي توفيت و لم يؤذن بها أبو بکر يصلي عليها.

الواقدي: إن فاطمة لما حضرتها الوفاة أوصت عليا أن لا يصلي عليها أبو بکر و عمر فعمل بوصيتها.

عيسي بن مهران، عن مخول بن إبراهيم، عن عمربن ثابت، عن أبي إسحاق عن ابن جبير، عن ابن عباس قال: أوصت فاطمة أن لا يعلم إذا ماتت أبو بکر و لا


عمر، و لا يصليا عليها، قال: فدفنها علي عليه السلام ليلا و لم يعلمهما بذلک.

تأريخ أبي بکر بن کامل قالت عائشة: عاشت فاطمة بعد رسول الله صلي الله عليه و اله ستة أشهر فلما توفيت دفنها علي ليلا وصلي عليها علي.

و روي فيه عن سفيان بن عيينة و عن الحسن بن محمد و عبد الله بن أبي شيبة، عن يحيي بن سعيد القطان، عن معمر، عن الزهري أن فاطمة عليها السلام دفنت ليلا.

و عنه في هذا الکتاب أن أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام دفنوها ليلا و غيبوا قبرها.

تأريخ الطبري: إن فاطمة دفنت ليلا و لم يحضرها إلا العباس و علي و المقداد و الزبير و في رواياتنا أنه صلي عليها أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و عقيل و سلمان و أبو ذر و المقداد و عمار و بريدة، و في رواية و العباس و ابنه الفضل، و في رواية و حذيفة و ابن مسعود.

الاصبغ بن نباته أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن دفنها ليلا فقال: إنها کانت ساخطه علي قوم کرهت حضورهم جنازتها و حرام علي من يتولاهم أن يصلي علي أحد من ولدها.

و روي أنه سوي قبرها مع الارض مستويا و قالوا: سوي حواليها قبورا مزورة مقدار سبعة حتي لا يعرف قبرها، و روي أنه رش أربعين قبرا حتي لا يبين قبرها من غيره من القبور، فيصلوا عليها.

أبو عبد الله حمويه بن علي البصري و أحمد بن حنبل و أبو عبد الله بن بطة بأسانيدهم قالت ام سلمي إمرأة أبي رافع [14] : اشتکت فاطمة شکواها التي قبضت فيها و کنت أمرضها فأصبحت يوما أسکن ما کانت، فخرج علي إلي بعض حوائجه فقالت: اسکبي لي غسلا فسکبت، فقامت و اغتسلت أحسن ما يکون من الغسل


ثم لبست أثوابها الجدد ثم قالت: افرشي وسط البيت ثم استقبلت القبلة و نامت، و قالت: أنا مقبوضة، و قد اغتسلت فلا يکشفني أحد ثم وضعت خدها علي يدها و ماتت.

و قالت أسماء بنت عميس: أوصت إلي فاطمة أن لا يغسلها إذا ماتت إلا أنا و علي فأعنت عليا علي غسلها.

کتاب البلاذري إن أمير المؤمنين عليه السلام غسلها من معقد الازار و إن أسماء بنت عميس غسلتها من أسفل ذلک.

أبو الحسن الخزاز القمي في الاحکام الشرعية سئل أبو عبد الله عليه السلام عن فاطمة من غسلها؟ فقال: غسلها أمير المؤمنين لانها کانت صديقة [و] لم يکن ليغسلها إلا صديق.

و روي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال عند دفنها: السلام عليک إلي آخر ما سيأتي نقلا من الکافي.

و روي أنه لما صار بها إلي القبر المبارک خرجت يد فتناولتها، و انصرف.

عبد الرحمن الهمداني و حميد الطويل أنه عليه السلام أنشأ علي شفير قبرها: ذکرت أبا ودي فبت کأنني برد الهموم الماضيات وکيل لکل اجتماع من خليلين فرقة و کل الذي دون الفراق قليل و إن افتقادي فاطما بعد أحمد دليل علي أن لا يدوم خليل فأجاب هاتف: يريد الفتي أن لا يموت خليليه و ليس له إلا الممات سبيل فلا بد من موت و لا بد من بلي و إن بقائي بعدکم لقليل إذا انقطعت يوما من العيش مدتي فإن بکاء الباکيات قليل ستعرض عن ذکري و تنسي مودتي و يحدث بعدي للخليل بديل بيان: " أبا ودي " أي من کان يلازم ودي و حبي، و الحاصل أني ذکرت محبوبي فبت کأنني لشدة همومي ضامن لرد کل هم و حزن کان لي قبل ذلک


و قوله: " فلا بد من موت " لعله من تتمة أبياته عليه السلام لا کلام الهائف، و لو کان من کلام الهاتف فلعله ألقاه علي وجه التلقين.

17 - قب: قال أبو جعفر الطوسي: الاصوب أنها مدفونة في دارها أو في الروضة.

يؤيد قوله قول النبي صلي الله عليه و اله إن بين قبري و منبري روضة من رياض الجنة و في البخاري " بين بيتي و منبري " و في الموطأ و الحلية و الترمذي و مسند أحمد ابن حنبل " ما بين بيتي و منبري ".

و قال صلي الله عليه و اله: منبري علي ترعة من ترع الجنة و قالوا: حد الروضة ما بين القبر إلي المنبر إلي الاساطين التي تلي صحن المسجد.

أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قبر فاطمة فقال: دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد.

يزيد بن عبد الملک، عن أبيه، عن جده قال: دخلت علي فاطمة عليها السلام فبدأتني بالسلام ثم قالت: ما غدا بک؟ قلت: طلب البرکة قالت: أخبرني أبي و هو ذا: من سلم عليه أو علي ثلاثة أيام أو جب الله له الجنة، قلت لها: في حياته و حياتک؟ قالت: نعم و بعد موتنا.

18 کشف: روي أن أبا جعفر عليه السلام أخرج سفطا أو حقا و أخرج منه کتابا فقرأه و فيه وصية فاطمة عليها السلام " بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و اله أوصت بحوائطها السبعة إلي علي بن أبي طالب، فان مضي فالي الحسن فان مضي فالي الحسين، فان مضي فالي الاکابر من ولدي " شهد المقداد بن الاسود و الزبير بن العوام و کتب علي بن أبي طالب.

و عن أسماء بنت عميس قالت: أوصتني فاطمة عليها السلام أن لا يغسلها إذا ماتت إلا أنا و علي فغسلتها أنا و علي عليه السلام.

و قيل: قالت فاطمة عليها السلام لاسماء بنت عميس حين توضأت وضوءها للصلاة: هاتي طيبي الذي أ تطيب به، و هاتي ثيابي التي أصلي فيها، فتوضأت ثم وضعت


رأسها فقالت لها: اجلسي عند رأسي فإذا جاء وقت الصلاة فأقيميني فإن قمت و إلا فأرسلي إلي علي.

فلما جاء وقت الصلاة قالت: الصلاة يا بنت رسول الله، فإذا هي قد قبضت فجاء علي فقالت له: قد قبضت ابنة رسول الله قال علي: متي؟ قالت حين أرسلت إليک قال: فأمر أسماء فغسلتها و أمر الحسن و الحسين عليهما السلام يدخلان الماء و دفنها ليلا و سوي قبرها فعوتب [علي ذلک] فقال: بذلک أمرتني.

و روي أنها بقيت بعد أبيها أربعين صباحا و لما حضرتها الوفاة قالت لاسماء: إن جبرئيل أتي النبي صلي الله عليه و اله لما حضرته الوفاة بکافور من الجنة فقسمه أثلاثا ثلثا لنفسه، و ثلثا لعلي و ثلثا لي، و کان أربعين درهما فقالت: يا أسماء ائتيني ببقية حنوط والدي من موضع کذا و کذا فضعيه عند رأسي فوضعته، ثم تسجت بثوبها و قالت: انتظريني هنيهة و ادعيني فان أجبتک و إلا فاعلمي أني قد قدمت علي أبي صلي الله عليه و اله.

فانتظرتها هنيهة ثم نادتها فلم تجبها فنادت: يا بنت محمد المصطفي! يا بنت أکرم من حملته النسا! يا بنت خير من وطي الحصا! يا بنت من کان من ربه قاب قوسين أو أدني! قال: فلم تجبها، فکشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الدنيا فوقعت عليها تقبلها و هي تقول: فاطمة! إذا قدمت علي أبيک رسول الله فاقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام.

فبينا هي کذلک إذ دخل الحسن و الحسين فقالا: يا أسماء ما ينيم امنا في هذه الساعة؟ قالت: يا ابني رسول الله ليست أمکما نائمة، قد فارقت الدنيا فوقع عليها الحسن يقبلها مرة و يقول: يا أماه کلميني قبل أن تفارق روحي بدني قالت: و أقبل الحسين يقبل رجلها و يقول: يا أماه أنا ابنک الحسين کلميني قبل أن يتصدع قلبي فأموت.

قالت لها أسماء: يا ابني رسول الله انطلقا إلي أبيکما علي فأخبراه بموت أمکما، فخرجا حتي إذا کانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبکاء، فابتدرهما جميع الصحابة فقالوا ما يبکيکما يا ابني رسول الله لا أبکي الله أعينکما لعلکما نظرتما


إلي موقف جدکما فبکيتما شوقا إليه.

فقالا: [لا] أو ليس قد ماتت امنا فاطمة صلوات الله عليها قال: فوقع علي عليه السلام علي وجهه يقول: بمن العزاء يا بنت محمد؟ کنت بک أتعزي ففيم العزاء من بعدک ثم قال: لکل اجتماع من خليلين فرقة و کل الذي دون الفراق قليل و إن افتقادي فاطما بعد أحمد دليل علي أن لا يدوم خليل [15] ثم قال عليه السلام: يا أسماء غسليها و حنطيها کفنيها قال: فغسلوها و کفنوها و حنطوها وصلوا عليها ليلا و دفنوها بالبقيع و ماتت بعد العصر.

و قال ابن بابويه رحمه الله: جاء هذا الخبر کذا و الصحيح عندي أنها دفنت في بيتها فلما زاد بنو أمية في المسجد صارت في المسجد.

قلت: الظاهر و المشهور مما نقله الناس و أرباب التواريخ و السير أنها عليها السلام دفنت بالبقيع کما تقدم.

و روي مرفوعا إلي سلمي ام بني رافع قالت: کنت عند فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و اله في شکواها التي ماتت فيها قالت: فلما کان في بعض الايام و هي أخف ما نراها فغدا علي بن أبي طالب في حاجته و هو يري يومئذ أنها أمثل ما کانت فقالت: يا امه [16] اسکبي لي غسلا ففعلت فاغتسلت کأشد ما رأيتها ثم قالت لي: أعطيني ثيابي الجدد فأعطيتها فلبست ثم قالت: ضعي فراشي و استقبليني ثم قالت: إني قد فرغت من نفسي فلا اکشفن إني مقبوضة ألان ثم توسدت يدها اليمني و استقبلت القبلة فقبضت.

فجاء علي عليه السلام و نحن نصيح فسأل عنها فأخبرته فقال: إذا و الله لا تکشف فاحتملت في ثيابها فغيبت.


أقول: إن هذا الحديث قد رواه ابن بابويه رحمه الله کما تري و قد روي أحمد بن حنبل في مسنده عن ام سلمي [17] قالت: اشتکت فاطمة عليها السلام شکواها التي قبضت فيه فکنت أمرضها فأصبحت يوما کأمثل ما رأيتها في شکواها ذلک.

قالت: و خرج علي عليه السلام لبعض حاجته فقالت: يا أماه اسکبي لي غسلا فسکبت لها غسلا فاغتسلت کاحسن ما رأيتها تغتسل ثم قالت: يا أماه أعطيني ثيابي الجدد، فأعطيتها فلبستها ثم قالت: يا أماه قدمي لي فراشي وسط البيت ففعلت، فاضطجعت و استقبلت القبلة، و جعلت يدها تحت خدها ثم قالت: يا أماه إني مقبوضة ألان و قد تطهرت فلا يکشفني أحد فقبضت مکانها قالت: فجاء علي عليه السلام فأخبرته.

و اتفاقهما من طرق الشيعة و السنة علي نقله مع کون الحکم علي خلافه عجيب فان الفقهاء من الطريقين لا يجيزون الدفن إلا بعد الغسل إلا في مواضع ليس هذا منه، فکيف رويا هذا الحديث و لم يعللاده و لا ذکرا فقهه، و لا نبها علي الجواز و لا المنع، و لعل هذا أمر يخصها عليها السلام و إنما استدل الفقهاء علي أنه يجوز للرجل أن يغسل زوجته بأن عليا غسل فاطمة عليهما السلام و هو المشهور.

و روي ابن بابويه مرفوعا إلي الحسن بن علي عليهما السلام أن عليا غسل فاطمة عليهما السلام و عن علي أنه صلي الله علي فاطمة، و کبر عليها خمسا و دفنها ليلا و عن محمد بن علي عليهما السلام أن فاطمة عليها السلام دفنت ليلا.

بيان: قد بينا في کتاب المزار أن الاصح أنها مدفونة في بيتها و أما ما ذکره من ترک غسلها فالأَولي أن يأول بما ذکرنا سابقا من عدم کشف بدنها للتنظيف [فلا تنافي] للاخبار الکثيرة الدالة علي أن عليا عليه السلام غسلها و يؤيد ما ذکرنا من التأويل ما مر في رواية ورقة فلا تغفل.

19 کشف: و نقلت من کتاب الذرية الطاهرة للدولابي في وفاتها عليها السلام ما نقله عن رجاله قال: لبثت فاطمة بعد النبي صلي الله عليه و اله ثلاثة أشهر، و قال


ابن شهاب: ستة أشهر و قال الزهري: ستة أشهر و مثله عن عائشة و مثله عن عروة بن الزبير أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام خسما و تسعين ليلة - في سنة إحدي عشرة - و قال ابن قتيبة في معارفة: مائة يوم.

و قيل: ماتت في سنة إحدي عشرة ليلة الثلثاء لثلاث ليال من شهر رمضان و هي بنت تسع و عشرين سنة أو نحوها.

و قيل: دخل العباس علي علي بن أبي طالب و فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله وأحدهما يقول لصاحبة: أينا أکبر فقال العباس: ولدت يا علي قبل بناء قريش البيت بسنوات و ولدت [إبنتي] و قريش تبني البيت و رسول الله صلي الله عليه و اله ابن خمس و ثلاثين سنة قبل النبوة بخمس سنين.

و روي أنها أوصيت عليا عليه السلام و أسماء بنت عميس أن يغسلاها.

و عن ابن عباس قال: مرضت فاطمة مرضا شديدا فقالت لاسماء بنت عميس: ألا ترين إلي ما بلغت فلا تحمليني علي سرير ظاهر فقالت: لا لعمري و لکن أصنع نعشا کما رأيت يصنع بالحبشة.

قالت: فأرينيه فأرسلت إلي جرائد رطبة فقطعت من الاسواق ثم جعلت علي السرير نعشا و هو أول ما کان النعش فتبسمت و ما رؤيت متبسمة إلا يومئذ ثم حملناها فدفناها ليلا وصلي عليها العباس بن عبد المطلب و نزل في حفرتها هو و علي و الفضل بن عباس.

و عن أسماء بنت عميس أن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله قالت لاسماء: إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح علي المرأة الثوب فيصفها لمن رأي فقالت أسماء: يا بنت رسول الله أنا اريک شيئا رأيته بأرض الحبشة، قال: فدعت بجريدة رطبة فحسنتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة عليها السلام: ما أحسن هذا و أجمله لا تعرف به المرأة من الرجل.

قال: قالت فاطمة: فإذا مت فاغسليني أنت و لا يدخلن علي أحد فلما توفيت فاطمة عليها السلام جاءت عائشة تدخل عليها فقالت أسماء: لا تدخلي فکلمت عائشة


أبا بکر فقالت: إن هذه الخثعمية تحول بيننا و بين ابنة رسول الله صلي الله عليه و اله و قد جعلت لها مثل هودج العروس فقالت أسماء لابي بکر: أمرتني أن لا يدخل عليها أحد وأريتها هذا الذي صنعت و هي حية فأمرتني أن أصنع لها ذلک فقال أبو بکر: اصنعي ما أمرتک فانصرف، و غسلها علي عليه السلام و أسماء.

و روي الدولابي حديث الغسل الذي اغتسلته قبل وفاتها و کونها دفنت به و لم تکشف و قد تقدم ذکره و روي من هذا أن أبا بکر و عمر عاتبا عليا عليه السلام کونه لم يؤذنهما بالصلاة عليها فاعتذر أنها أوصته بذلک و حلف لهما فصدقاه و عذراه.

و قال علي عليه السلام عند دفن فاطمة عليهما السلام کالمناجي بذلک رسول الله صلي الله عليه و اله عند قبره: السلام عليک يا رسول الله عني و عن ابنتک النازلة في جوارک، إلي آخر ما سيأتي.

ثم قال علي بن عيسي: الحديث ذو شجون أنشدني بعض الاصحاب للقاضي أبي بکر بن [أبي] قريعة: يا من يسائل دائبا عن کل معضلة سخيفة لا تکشفن مغطي فلربما کشفت جيفة و لرب مستور بدا کالطبل من تحت القطيفة إن الجواب لحاضر لکنني اخفيه خيفة لو لا اعتداء رعية ألقي سياستها الخليفة و سيوف أعداء بها هاماتنا أبدا نقيفة لنشرت من أسرار آل محمد جملا طريفة تغنيکم عما رواه مالک و أبو حنفيفة و أريتکم أن الحسين اصيب في يوم السقيفة ولاي حال لحدت بالليل فاطمة الشريفة و لما حمت شيخيکم عن وطي حجرتها المنيفة أوه لبنت محمد ماتت بغصتها أسيفة


و قد ورد من کلامها عليها السلام في مرض موتها ما يدل علي شدة تألمها و عظم موجدتها و فرط شکايتها ممن ظلمها و منعها حقها أعرضت عن ذکره، و ألغيت القول فيه، و نکبت عن إيراده لان غرضي من هذا الکتاب نعت مناقبهم و مزاياهم و تنبيه الغافل عن موالاتهم، فربما تنبه و والاهم، و وصف ما خصهم الله به من الفضائل التي ليست لاحد سواهم، فأما ذکر الغير و البحث عن الشر و الخير فليس من غرض هذا الکتاب و هو موکول إلي يوم الحساب و إلي الله تصير الامور.

بيان: النقف: کسر الهامة عن الدماغ أو ضربها أشد ضرب أو برمح أو عصا.

20 - ضه: مرضت فاطمة عليها السلام مرضا شديدا و مکثت أربعين ليلة في مرضها إلي أن توفيت صلوات الله عليها فلما نعيت إليها نفسها دعت ام أيمن و أسماء بنت عميس و وجهت خلف علي و أحضرته، فقالت: يا ابن عم إنه قد نعيت إلي نفسي و إنني لا أري مابي إلا أنني لا حق بأبي ساعة بعد ساعة [18] و أنا أوصيک بأشياء في قلبي.

قال لها علي عليه السلام: أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله! فجلس عند رأسها و أخرج من کان في البيت ثم قالت: يا ابن عم ما عهدتني کاذبة و لا خائنة و لا خالفتک منذ عاشرتني فقال عليه السلام: معاذ الله أعلم بالله و أبر و أتقي و أکرم و أشد خوفا من الله [من] أن اوبخک بمخالفتي [19] قد عز علي مفارقتک و تفقدک، إلا أنه أمر لابد منه، و الله جددت علي مصيبة رسول الله صلي الله عليه و اله و قد عظمت وفاتک و فقدک، فانا لله و إنا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها و آلمها و أمضها و أحزنها هذه و الله مصيبة لا عزاء لها، و رزية لا خلف لها.


ثم بکيا جميعا ساعة و أخذ علي رأسها و ضمها إلي صدره ثم قال: أوصيني بما شئت فانک تجدني فيها أمضي کما أمرتني به و أختار أمرک علي أمري.

ثم قالت: جزاک الله عني خير الجزاء يا ابن عم رسول الله أوصيک أولا أن تتزوج بعدي بابنة [اختي] [20] أمامة فانها تکون لولدي مثلي فان الرجال لا بدلهم من النساء.

قال: فمن أجل ذلک قال أمير المؤمنين عليه السلام: أربع ليس لي إلي فراقه سبيل، بنت [أبي العاس] [21] أمامة أوصتني بها فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و اله.

ثم قالت: أوصيک يا ابن عم أن تتخذلي نعشا فقد رأيت الملائکة صوروا صورته فقال ها: صفيه لي فوصفته فاتخذه لها فأول نعش عمل علي وجه الارض ذاک و ما رأي أحد قبله و لا عمل أحد.

ثم قالت: أوصيک أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني و أخذوا حقي فانهم عدوي و عدو رسول الله صلي الله عليه و اله و لا تترک أن يصلي علي أحد منهم، و لا من أتباعهم، و ادفني في الليل إذا هدأت العيون و نامت الابصار ثم توفيت صلوات الله عليها و علي أبنيها و بعلها و بنيها.

فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة و اجتمعت نساء بني هاشم في دارها، فصرخوا صرخة واحدة کادت المدينة أن تتزعزع من صراخهن وهن يقلن: ياسيدتاه! يا بنت رسول الله! و أقبل الناس مثل عرف الفرس إلي علي عليه السلام: و هو جالس و الحسن و الحسين عليهما السلام بين يديه يبکيان، فبکي الناس لبکائهما.

و خرجت ام کلثوم و عليها برقعة و تجر ذيلها متجللة برداء عليها تسبجها و هي تقول: يا أبتاه يا رسول الله ألان حقا فقدناک، فقدا لا لقاء بعده أبدا.

و اجتمع الناس فجلسوا و هم يضجون و ينتظرون أن تخرج الجنازة فيصلون عليها، و خرج أبو ذر و قال: انصرفوا فان ابنة رسول الله صلي الله عليه و اله قد اخر إخراجها في هذه العشية فقام الناس و انصرفوا.


فلما أن هدأت العيون و مضي شطر من الليل أخرجها علي و الحسن و الحسين عليهم السلام و عمار و المقداد و عقيل و الزبير و أبو ذر و سلمان و بريدة و نفر من بني هاشم و خواصه صلوا عليها و دفنوها في جوف الليل و سوي علي عليه السلام حواليها قبورا مزورة مقدار سبعة حتي لا يعرف قبرها و قال بعضهم من الخواص: قبرها سوي مع الارض مستويا فمسح مسحا سواء مع الارض حتي لا يعرف موضعه.

21 - کا: أحمد بن مهران - رحمه الله - رفعه و أحمد بن إدريس عن محمد ابن عبد الجبار الشيباني قال: حدثني القاسم بن محمد الرازي قال: حدثني علي ابن محمد الهرمزاني، عن أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام قال: لما قبضت فاطمة عليها السلام دفنها أمير المؤمنين عليه السلام سرا و عفا علي موضع قبرها ثم قام فحول وجهه إلي قبر رسول الله صلي الله عليه و اله ثم قال: السلام عليک يا رسول الله عني! و السلام عليک عن ابنتک، و زائرتک و البائتة في الثري ببقعتک، و المختار الله لها سرعة اللحاق بک، قل يا رسول الله عن صفيتک صبري، و عفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي، إلا أن في التأسي لي بسنتک في فرقتک، موضع تعز، فلقد وسدتک في ملحودة قبرک، و فاضت نفسک بين نحري و صدري.

بلي! و في کتاب الله لي أنعم القبول، إنا لله و إنا إليه راجعون قد استرجعت الوديعة، و أخذت الرهينة، و اخلست الزهراء، فما أقبح الخضراء و الغبراء يا رسول الله! أما حزني فسرمد، و أما ليلي فمسهد، و هم لا يبرح من قلبي أو يختار الله لي دارک التي أنت فيها مقيم، کمد مقيح، و هم مهيج، سرعان ما فرق بيننا و إلي الله أشکو.

و ستنبئک ابنتک بتظافر امتک علي هضمها، فأحفها السوأل، و استخبرها الحال، فکم من غليل معتلج بصدرها، لم تجد إلي بثه سبيلا، و ستقول و يحکم الله و هو خير الحاکمين.


و السلام عليکما سلام مودع، لا قال و لا سئم، فان أنصرف فلا عن ملالة و إن اقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين.

واها واها و الصبر أيمن و أجمل، و لو لا غلبة المستولين، لجعلت المقام و اللبث لزاما معکوفا، و لاعولت إعوال الثلکي علي جليل الرزية.

فبعين الله تدفن ابنتک سرا، و تهضم حقها، و يمنع إرثها!؟ و لم يتباعد العهد، و لم يخلق منک الذکر، و إلي الله يا رسول الله المشتکي، و فيک يا رسول الله أحسن العزاء، صلي الله عليک، و عليها السلام و الرضوان.

بيان: " العفو " المحو و الانمحاء " و التجلد " القوة قوله عليه السلام " إلا أن في التأسي لي بسنتک " أي بسنة فرقتک، و المعني أن المصيبة بفراقک کانت أعظم فکما صبرت علي تلک مع کونها أشد فلان أصبر علي هذه أولي، و التأسي الاقتداء بالصبر في هذه المصيبة، کالصبر في تلک.

" و فاضت نفسه " خرجت روحه.

قوله عليه السلام: " في کتاب الله أنعم القبول " أي فيه ما يصير سببا لقبول المصائب أنعم القبول، و استعار عليه السلام لفظ الوديعة و الرهينة لتلک النفس الکريمة لان الارواح کالوديعة و الرهن في الابدان أو لان النساء کالودائع و الرهائن عند الازواج، و يمکن أن يقرء " استرجعت " و قرائنه علي بناء المعلوم و المجهول.

و التخالس: التسالب، و السهود قلة النوم " أو يختار " أي إلي أن يختار، و " الکمد " بالفتح و بالتحريک الحزن الشديد، و مرض القلب منه و هو إما خبر لقوله هم، أو کل منهما خبر مبتدأ محذوف و " الهضم " الظلم و " الاحفاء " المبالغة في السوأل و " الغليل " حرارة الجوف و اعتجلت الامواج: التطمت و في نهج البلاغة و کشف الغمة: و السلام عليکما سلام مودع.

و عکفه يعکفه: حبسه، والاعوال: رفع الصوت بالبکاء و الصياح قوله: " فبعين الله " أي تدفن ابنتک سرا متلبسا بعلم من الله و حضوره و شهوده قوله عليه السلام: و " فيک " أي في إطاعة أمرک.

22 - کا: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب


عن أبي عبيدة قال: سأل أبا عبد الله عليه السلام بعض أصحابنا عن الجعفر فقال: هو جلد ثور مملوء علما قال له: فالجامعة؟ قال: تلک صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الاديم مثل فخذا لفالج فيها کل ما يحتاج الناس إليه، و ليس من قضية إلا و هي فيها حتي أرش الخدش.

قال: فمصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: فسکت طويلا ثم قال: إنکم لتبحثون عما تريدون و عما لا تريدون إن فاطمة مکثت بعد رسول الله صلي الله عليه و اله خمسة و سبعين يوما و کان دخلها حزن شديد علي أبيها و کان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها علي أبيها و يطيب نفسها و يخبرها عن أبيها و مکانه، و يخبرها بما يکون بعده في ذريتها و کان علي عليه السلام يکتب ذلک فهذا مصحف فاطمة عليها السلام.

23 - کا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن القاسم، عن جده، عن أبي بصير عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أن أسقاطکم إذا لقوکم يوم القيامة و لم تسموهم يقول السقط لابيه: ألا سميتني و قد سمي رسول الله صلي الله عليه و آله محسنا قبل أن يولد.

بيان: يحتمل أن يکون " و قد سمي " کلام السقط.

24 - کا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: عاشت فاطمة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله خمسة و سبعين يوما لم ترکاشرة و لا ضاحکة تأتي قبور الشهداء في کل جمعة مرتين: الاثنين و الخميس، فتقول عليها السلام: ههنا کان رسول الله و ههنا کان المشرکون.

و في رواية أبان، عمن أخبره، عن أبي عبد الله عليه السلام أنها کانت تصلي هناک و تدعو حتي ماتت عليها السلام.

کا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام مثله.

25 - کا: حميد، عن ا بن سماعة، عن أحمد بن الحسن، عن أبان، عن محمد ابن المفضل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: جاءت فاطمة عليها السلام إلي سارية في المسجد و هي تقول و تخاطب النبي صلي الله عليه و اله:


قد کان بعد أنباء و هنبثة لو کنت شاهدها لم يکثر الخطب إنا فقدناک فقد الارض وابلها و اختل قومک فاشهدهم و لا تغب بيان: قال الجزري " الهنيثة " واحدة النهابث و هي الامور الشداد المختلفة و الهنبثة: الاختلاط في القول " و الشهود " الحضور و " الخطب " بالفتح الامر الذي تقع فيه المخاطبة، و الشأن، و الحال، و " الوابل " المطر الشديد.

26 - قل: روينا عن جماعة من أصحابنا ذکر ناهم في کتاب التعريف للمولد الشريف إن وفاة فاطمة عليها السلام صارت يوم ثالث جمادي الاخرة.

27 - قب: أنشدت الزهراء عليها السلام بعد وفات أبيها صلي الله عليه و اله: و قد رزئنا به محضا خليقته صافي الضرائب و الاعراق و النسب و کنت بدرا و نورا يستضاء به عليک تنزل من ذي العزة الکتب و کان جبريل روح القدس زائرنا فغاب عنا و کل الخير محتجب فليت قبلک کان الموت صادفنا لما مضيت و حالت دونک الحجب إنا رزئنا بما لم يرز ذو شجن من البرية لا عجم و لا عرب ضاقت علي بلاد بعد ما رحبت وسيم سبطاک خسفا فيه لي نصب فأنت و الله خير الخلق کلهم و أصدق الناس حيث الصدق و الکذب فسوف نبکيک ما عشنا و ما بقيت منا العيون بتهمال لها سکب عمرو بن دينار، عن الباقر عليه السلام قال: ما رؤيت فاطمة عليها السلام ضاحکة قط منذ قبض رسول الله صلي الله عليه و اله حتي قبضت.

بيان: " الرزء " بالضم و الهمزة: المصيبة بفقد الاعزة و رزئنا علي صيغة المجهول أي اصبنا و أسقطت الهمزة للتخيف [22] و قوله: " محضا خليقته " مفعول ثان لرزئنا علي التجريد کقولهم: لقيت بزيد أسدا أي رزئت به بشخص محض الخليقة لا يشوبها کدروسوء و " الضريبة " الطبيعة و السجية، و " الاعراق " جمع عرق بالکسر و هو الاصل من کل شيء و " الشجن " " بالتحريک الهم و الحزن و " العجم " بالضم و


بالتحريک خلاف العرب، و قال الجزري: الخسف: النقصان و الهوان و " سيم " کلف و الزم و هملت عينه: فاضت.

28 - ج: فيما احتج به الحسن عليه السلام علي معاوية و أصحابه أنه قال لمغيرة ابن شعبة: أنت ضربت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله حتي أدميتها و ألقت ما في بطنها استذلالا منک لرسول الله صلي الله عليه و اله و مخالفة منک لامره و انتها کالحرمته، و قد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: أنت سيدة نساء أهل الجنة و الله مصيرک إلي النار.

29 - أقول: وجدت في کتاب سليم بن قيس الهلالي برواية أبان بن أبي عياش عنه، عن سلمان و عبد الله بن العباس قالا: توفي رسول الله صلي الله عليه و اله يوم توفي فلم يوضع في حفرته، حتي نکث الناس و ارتدوا و أجمعوا علي الخلاف، و اشتغل علي عليه السلام برسول الله صلي الله عليه و اله حتي فرغ من غسله و تکفينه و تحنيطه و وضعه في حفرته، ثم أقبل علي تأليف القرآن و شغل عنهم بوصية رسول الله صلي الله عليه و اله.

فقال عمر لابي بکر: يا هذا إن الناس أجمعين قد بايعوک ما خلا هذا الرجل و أهل بيته فابعث إليه فبعث إليه ابن عم لعمر يقال له: قنفذ، فقال له: يا قنفذ انطلق إلي علي فقل له: أجب خليفة رسول الله، فبعثا مرارا و أبي علي عليه السلام أن يأتيهم، فوثب عمر غضبان و نادي خالد بن الوليد و قنفذا فأمرها أن يحملا حطبا و نارا ثم أقبل حتي انتهي إلي باب علي و فاطمة صلوات الله عليهما و فاطمة قاعدة خلف الباب، قد عصبت رأسها، و نحل جسمها في وفاة رسول الله صلي الله عليه و اله.

فأقبل عمر حتي ضرب الباب ثم نادي: يا ابن أبي طالب افتح الباب! فقالت: فاطمة: يا عمر مالنا و لک لا تدعنا و ما نحن فيه، قال: افتحي الباب و إلا أحرقنا عليکم، فقالت: يا عمر أما تتقي الله عز و جل تدخل علي بيتي و تهجم علي داري فأبي أن ينصرف، ثم دعا عمر بالنار فأضرمها في الباب فأحرق الباب ثم دفعه عمر فاستقبلته فاطمة عليها السلام و صاحت يا أبتاه يا رسول الله فرفع اليسف و هو في غمدة فوجا به جنبها فصرخت فرفع السوط فضرب به ذراعها فصاحت يا أبتاه.


فوثب علي بن أبي طالب عليه السلام فأخذ بتلابيب عمر ثم هزه فصرعه و وجأ أنفه و رقبته، و هم بقتله، فذکر قول رسول الله صلي الله عليه و اله و ما أوصاه به من الصبر و الطاعة فقال: و الذي کرم محمدا بالنبوة يا ابن صهاک لو لا کتاب من الله سبق لعلمت أنک لا تدخل بيتي، فأرسل عمر يستغيث.

فأقبل الناس حتي دخلوا الدار فکاثروه و ألقوا في عنقه حبلا فحالت بينهم و بينه فاطمة عند باب البيت، فضربها قنفذ الملعون بالسوط فماتت حين ماتت و إن في عضدها کمثل الدملج من ضربته لعنه الله فألجأها إلي عضادة بيتها و دفعها فکسر ضعلها من جنبها فألقت جنينا من بطنها فلم تزل صاحبة فراش حتي ماتت - صلي الله عليها - من ذلک شهيدة.

و ساق الحديث الطويل في الداهية العظمي و المصيبة الکبري إلي أن قال ابن عباس: ثم إن فاطمة عليها السلام بلغها أن أبا بکر قبض فدکا فخرجت في نساء بني هاشم حتي دخلت علي أبي بکر فقالت: يا أبا بکر تريد أن تأخذ مني أرضا جعلها لي رسول الله صلي الله عليه و اله فدعا أبو بکر بدواة ليتکت به لها، فدخل عمر فقال: يا خليفة رسول الله لا تکتب لها حتي تقيم البينة بما تدعي فقالت فاطمة عليها السلام: علي وام أيمن يشهدان بذلک، فقال عمر، لا تقبل شهادة إمرأة أعجمية لا تفصح، و أما علي فيجر النار إلي قرصته.

فرجعت فاطمة مغتاظة فمرضت، و کان علي يصلي في المسجد الصلوات الخمس فلما صلي قال له أبو بکر و عمر: کيف بنت رسول الله إلي أن ثقلت فسألا عنها و قالا قد کان بيننا و بينها ما قد علمت فان رأيت أن تأذن لنا لنعتذر إليها من ذنبنا، قال: ذاک إليکما.

فقاما فجلسا بالباب و دخل علي عليه السلام علي فاطمة عليها السلام فقال لها: أيتها الحرة فلان و فلان بالباب يريدان أن يسلما عليک فما تريدين؟ قالت: البيت بيتک، و الحرة زوجتک، افعل ما تشاء! فقال: سدي قناعک فسدت قناعها و حولت وجهها


إلي الحائط، فدخلا و سلما و قالا: ارضي عنا رضي الله عنک فقالت: ما دع إلي هذا؟ فقالا: اعترفنا بالاساءة و رجونا أن تعفي عنا فقالت: إن کنتما صادقين فأخبر اني عما أسألکما عنه، فاني لا أسألکما عن أمر إلا و أنا عارفة بأنکما تعلمانه، فان صدقتما علمت أنکما صادقان في مجيئکما قالا: سلي عما بدا لک.

قالت: نشدتکما بالله هل سمعتما رسول الله صلي الله عليه و اله يقول: " فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني "؟ قالا: نعم فرفعت يدها إلي السماء فقالت: أللهم إنهما قد آذياني فأنا أشکوهما إليک و إلي رسولک، لا و الله لا أرضي عنکما أبدا حتي ألقي أبي رسول الله صلي الله عليه و اله و اخبره بما صنعتما فيکون هو الحاکم فيکما قال: فعند ذلک دعا أبو بکر بالويل و الثبور، و جزع جزعا شديدا فقال عمر: تجزع يا خليفة رسول الله من قول إمرأة؟.

قال: فبقيت فاطمة عليها السلام بعد وفاة أبيها صلي الله عليه و اله و سلم أربعين ليلة فلما اشتد بها الامر دعت عليا عليهما السلام و قالت: يا ابن عم ما أراني إلا لما بي و أنا أوصيک أن تتزوج بأمامة بنت اختي زينب تکون لولدي مثلي، و اتخذ لي نعشا فاني رأيت الملائکة يصفونه لي، و أن لا يشهد أحد من أعداء الله جنازتي و لا دفني و لا الصلاة علي.

قال ابن عباس: فقبضت فاطمة عليها السلام من يومها فارتجت المدينة بالبکاء من الرجال و النساء و دهش الناس کيوم قبض فيه رسول الله صلي الله عليه و اله فأقبل أبو بکر و عمر يعزيان عليا عليه السلام و يقولان له: يا أبا الحسن لا تسبقنا بالصلاة علي ابنة رسول الله، فلما کان الليل دعا علي عليه السلام العباس و الفضل و المقداد و سلمان و أبا ذر و عمارا فقدم العباس فصلي عليها و دفنوها.

فلما أصبح الناس أقبل أبو بکر و عمر و الناس يريدون الصلاة علي فاطمة عليها السلام فقال المقداد: قد دفنا فاطمة البارحة، فالتفت عمر إلي أبي بکر فقال: لم أقل لک إنهم سيفعلون قال العباس: إنها أوصت أن لا تصليا عليها فقال عمر: لا تترکون يا بني هاشم حسدکم القديم لنا أبدا إن هذه الغضائن التي في صدورکم لن تذهب، و الله لقد هممت آن أنبشها فاصلي عليها، فقال علي عليه السلام: و الله لو رمت ذاک يا ابن صهاک لا رجعت


إليک يمينک، لئن سللت سيفي لا غمدته دون إزهاق نفسک: فانکسر عمر و سکت و علم أن عليا عليها السلام إذا حلف صدق.

ثم قال علي عليه السلام: يا عمر ألست الذي هم بک رسول الله صلي الله عليه و اله و أرسل إلي فجئت متقلدا سيفي ثم أقبلت نحوک لاقتلک فأنزل الله عز وجل " فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا " [23] .

أقول: تمام الخبر مع الاخبار الاخر المشتملة علي ما وقع عليها من الظلم أوردتها في کتاب الفتن.

30 - مصباح الانوار: عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: ماتت فاطمة عليها السلام ما بين المغرب و العشاء و عن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن جده عليه السلام أن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله لما احتضرت نظرت نظرا حادا ثم قالت: السلام علي جبرئيل، السلام علي رسول الله، أللهم مع رسولک، أللهم في رضوانک و جوارک و دارک دار السلام، ثم قالت: أ ترون ما أري؟ فقيل لها ما تري؟ قالت: هذه مواکب أهل السموات، و هذا جبرئيل، و هذا رسول الله، و يقول: يا بنية أقدمي فما أمامک خير لک.

و عن زيد بن علي عليه السلام أن فاطمة عليها السلام لما احتضرت سلمت علي جبرئيل و علي النبي صلي الله عليه و اله و سلمت علي ملک الموت، و سمعوا حس الملائکة، و وجدوا رائحة طيبة کأطيب ما يکون من الطيب.

و عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن فاطمة عاشت بعد رسول الله صلي الله عليه و اله ستة أشهر.

و عن أبي جعفر عليه السلام قال: مکثت فاطمة عليها السلام في مرضها خمسة عشر يوما و توفيت.

و عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: شهد دفنها سلمان الفارسي و المقداد بن الاسود و أبو ذر الغفاري و ابن مسعود و العباس بن عبد المطلب و الزبير بن العوام.

و عن أبي جعفر، عن آبائه عليهم السلام أن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله عاشت بعد


النبي صلي الله عليه و اله ستة أشهر ما رؤيت ضاحکة، و عنه عليه السلام أن فاطمة کفنت في سبعة أثواب.

و عن حسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بدو مرض فاطمة بعد خمسين ليلة من وفاة رسول الله صلي الله عليه و اله فعلمت أنها الوفاة فاجتمعت لذلک تأمر عليا بأمرها و توصيه بوصيتها و تعهد إليه عهودها، و أمير المؤمنين عليه السلام يجزع لذلک، و يطيعها في جميع ما تأمره.

فقالت: يا أبا الحسن إن رسول الله صلي الله عليه و اله عهد إلي و حدثني أني أول أهله لحوقا به و لا بد مما لا بدمنه، فاصبر لامر الله تعالي و ارض بقضائه، قال: و أوصته بغلسها و جهازها و دفنها ليلا ففعل، قال: و أوصته بصدقتها و ترکتها قال: فلما فرغ أمير المؤمنين من دفنها لقيه الرجلان فقالا له: ما حملک علي ما صنعت؟ قال: وصيتها و عهدها.

31 - ع: حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيي عن عمرو بن أبي المقدام و زياد بن عبد الله قالا: أتي رجل أبا عبد الله عليه السلام فقال له: يرحکمک الله هل تشيع الجنازة بنار و يمشي معها بمجمرة و قنديل أو ذلک مما يضاء به؟ قال: فتغير لون أبي عبد الله عليه السلام من ذلک و استوي جالسا ثم قال: إنه جاء شقي من الاشقياء إلي فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و اله فقال لها: أما علمت أن عليا قد خطب بنت أبي جهل فقالت: حقا ما تقول: فقال: حقا ما أقول - ثلاث مرات - فدخلها من الغيرة ما لا تملک نفسها و ذلک أن الله تبارک و تعالي کتب علي النساء غيرة و کتب علي الرجال جهادا.

و جعل للمحتسبة الصابرة منهن من الاجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله.

قال: فاشتد غم فاطمة عليها السلام من ذلک، و بقيت متفکرة هي حتي أمست و جاء الليل حملت الحسن علي عاتقها الايمن و الحسين علي عاتقها الايسر و أخذت بيد ام الکثوم اليسري بيدها اليمني ثم تحولت إلي حجرة أبيها فجاء علي عليه السلام فدخل في حجرته فلم ير فاطمة عليها السلام فاشتد لذلک غمه و عظم عليه، و لم يعلم القصة


ما هي فاستحيي أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلي المسجد فصلي فيه ما شاء الله ثم جمع شيئا من کثيب المسجد و اتکا عليه.

فلما رأي النبي صلي الله عليه و اله ما بفاطمة من الحزن أفاض عليه الماء ثم لبس ثوبه و دخل المسجد، فلم يزل يصلي بين راکع و ساجد و کلما صلي رکعتين دعا الله أن يذهب ما بفاطمة من الحزن و الغم و ذلک أنه خرج من عندها و هي تتقلب و تتنفس الصعداء فلما رآها النبي صلي الله عليه و آله أنها لا يهنئها النوم، و ليس لها قرار قال لها: قومي يا بنية فقامت فحمل النبي صلي الله عليه و اله الحسن و حملت فاطمة الحسين و أخذت بيد ام الکثوم فانتهي إلي علي عليه السلام و هو نائم فوضع النبي رجله علي رجل علي فغمزه و قال: قم يا أبا تراب، فکم ساکن أزعجة، ادع لي أبا کبر من داره و عمر من مجلسه و طلحة.

فخرج علي عليه السلام فاستخر جهما من منزلهما، و اجتموا عند رسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: يا علي أما علمت أن فاطمة بضعة مني و أنا منها، فمن آذاها فقد آذاني [و من آذاني فقد آذي الله] [24] و من آذاها بعد موتي کان کمن آذاها في حياتي، و من آذاها في حياتي کان کمن آذاها بعد موتي؟ قال: فقال علي: بلي يا رسول الله قال: فقال: فما دعاک إلي ما صنعت؟ فقال علي: و الذي بعثک بالحق نبيا ما کان مني مما بلغها شيء و لا حدثت بها نفسي فقال النبي صلي الله عليه و اله: صدقت و صدقت.

ففرحت فاطمة عليها السلام بذلک و تبسمت حتيي رئي ثغرها فقال أحدهما لصاحبه: إنه لعجب لحينه ما دعاه إلي ما دعانا هذه الساعة قال: ثم أخذ النبي صلي الله عليه و اله بيد علي عليه السلام فشبک أصابعه بأصابعه فحمل النبي صلي الله عليه و اله الحسن و حمل الحسين علي عليه السلام و حملت فاطمة عليها السلام ام الکلثوم و أدخلهم النبي صلي الله عليه و اله بيتهم و وضع عليهم قطيفة، و استودعهم الله ثم خرج وصلي بقية الليل.

فلما مرضت فاطمة عليها السلام مرضها الذي ماتت فيه أتياها عائدين و استأذنا عليها فأبت أن تأذن لهما فلما رأي ذلک أبو بکر أعطي الله عهدا لا يظله سقف


بيت حتي يدخل علي فاطمة عليها السلام و يتراضاها.

فبات ليلة في الصقيع ما أظلة شيء ثم إن عمر أتي عليا عليه السلام فقال له: إن أبا بکر شيخ رقيق القلب، و قد کان مع رسول الله صلي الله عليه و اله في الغار فله صحبة و قد أتيناها هذه المرة مرارا نريد الاذن عليها و هي تأبي أن تأذن لنا حتي ندخل عليها فنتراضي فان رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل، قال: نعم، فدخل علي علي فاطمة عليهما السلام فقال: يا بنت رسول الله قد کان من هذين الرجلين ما قد رأيت و قد ترددا مرارا کثيرة و رددتهما و لم تأذني لهما و قد سألاني أن أستأذن لهما عليک فقالت: و الله لا أذن لهما و لا اکلمهما کلمة من رأسي حتي ألقي أبي فأشکوهما إليه بما صنعاه و ارتکباه مني.

قال علي عليه السلام: فاني ضمنت لهما ذلک، قالت: إن کنت قد ضمنت لهما شيئا فالبيت بيتک و النساء تتبع الرجال لا أخالف عليک بشيء فائذن لمن أحببت، فخرج علي عليه السلام فأذن لهما فلما وقع بصرهما علي فاطمة عليها السلام سلما عليها فلم ترد عليهما و حولت وجهها عنهما فتحولا و استقبلا وجهها حتي فعلت مرارا، و قالت: يا علي جاف الثوب، و قالت لنسوة حولها: حولن وجهي، فلما حولن وجهها حولا إليها فقال أبو بکر: يا بنت رسول الله إنما أتيناک ابتغاء مرضاتک، و اجتناب سخطک نسألک أن تغفري لنا و تصفحي عما کان منا إليک، قالت: لا أکلمکما من رأسي کلمة واحدة حتي ألقي أبي و أشکو کما إليه، و أشکو صنعکما و فعالکما و ما ارتکبتما مني.

قالا: إنا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتک فاغفري و اصفحي عنا و لا تؤاخذينا بما کان منا، فالتفتت إلي علي عليه السلام و قالت: إني لا اکلمهما من رأسي کلمة حتي أسألهما عن شيء سمعاه من رسول الله صلي الله عليه و اله فان صدقاني رأيت رأيي قالا: أللهم ذلک لها و إنا لا نقول إلا حقها و لا نشهد إلا صدقا.

فقالت: أنشدکما بالله أتذکر ان أن رسول الله صلي الله عليه و اله أستخرجکما في جوف الليل بشيء کان حدث من أمر علي؟ فقالا: أللهم نعم، فقالت: أنشدکما بالله


هل سمعتما النبي صلي الله عليه و اله يقول: فاطمة بضعة مني و أنا منها من آذاها فقد آذاني و من آذاني فقد آذي الله و من آذاها بعد موتي فکان کمن آذاها في حياتي و من آذاها في حياتي کان کمن آذاها بعد موتي؟ قالا: أللهم نعم قالت: الحمد لله.

ثم قالت: أللهم إني اشهدک فاشهدوا يا من حضرني أنهما قد آذياني في حياتي و عند موتي، و الله لا أکلمکما من رأسي کلمة حتي ألقي ربي فأشکو کما إليه بما صنعتما [به و] بي و ارتکبتما مني، فدعا أبو بکر بالويل و الثبور و قال: ليت أمي لم تلدني، فقال عمر: عجبا للناس کيف ولوک أمورهم و أنت شيخ قد خرفت تجزع لغضب إمرأة و تفرح برضاها و ما لمن أ غضب إمرأة، و قاما و خرجا.

قال: فلما نعي إلي فاطمة عليها السلام نفسها أرسلت إلي ام أيمن و کانت أوثق نسائها عندها و في نفسها فقالت: يا ام أيمن إن نفسي نعيت إلي فادعي لي عليا فدعته لها فلما دخل عليها قالت له: يا ابن العم أريد أن أوصيک بأشياء فاحفظها علي فقال لها: قولي ما أحببت، قالت له: تزوج فلانة تکون مربية لولدي من بعدي مثلي، و اعمل نعشا رأيت الملائکة قد صورته لي فقال لها علي: أريني کيف صورته، فأرته ذلک کما وصفت له و کما أمرت به، ثم قالت: فإذا أنا قضيت نحبي فأخرجني من ساعتک أي ساعة کانت من ليل أو نهار، و لا يحضرن من أعداء الله و أعداء رسوله للصلاة علي، قال علي عليه السلام: أفعل.

فلما قضت نحبها صلي الله عليها و هم في ذلک في جوف الليل أخذ علي عليه السلام في جهازها من ساعته کما أوصته، فلما فرغ من جهازها، أخرج علي الجنازة و أشعل النار في جريد النخل، و مشي مع الجنازة بالنار، حتي صلي عليها و دفنها ليلا.

فلما أصبح أبو بکر و عمر عاودا عائدين لفاطمة، فلقيا رجلا من فريش فقالا له: من أين أقبلت؟ قال: عزيت عليا بفاطمة، قالا: و قد ماتت؟ قال: نعم، و دفنت في جوف الليل، فجزعا شديدا ثم أقبلا إلي علي عليه السلام فلقياه فقالا له: و الله


ما ترکت شيئا من غوائلنا و مسائتنا و ما هذا إلا من شيء في صدرک علينا، هل هذا إلا کما غسلت رسول الله صلي الله عليه و اله دوننا و لم تدخلنا معک، و کما علمت ابنک أن يصبح بأبي بکر أن: أنزل عن منبر أبي.

فقال لهما علي عليه السلام: أ تصدقاني إن حلفت لکما؟ قالا: نعم، فحلف فأدخلهما علي المسجد قال: إن رسول الله صلي الله عليه و اله لقد أوصاني و قد تقدم إلي أنه لا يطلع علي عورته أحد إلا ابن عمه، فکنت اغسله و الملائکة تقلبه و الفضل بن العباس يناولني الماء و هو مربوط العينين بالخرقة، و لقد أردت أن أنزع القميص فصاح بي صائح من البيت سمعت الصوت و لم أر الصورة: لا تنزع قميص رسول الله صلي الله عليه و اله و لقد سمعت الصوت يکرره علي فأدخلت يدي من بين القميص فغسلته، ثم قدم إلي الکفن فکفنته، ثم نزعت القميص بعد ما کنفته.

و أما الحسن ابني فقد تعلمان و يعلم أهل المدينة أنه کان يتخطي الصفوف حتي يأتي النبي صلي الله عليه و اله و هو ساجد فيرکب ظهره فيقوم النبي صلي الله عليه و اله و يده علي ظهر الحسن و الاخري علي رکبته حتي يتم الصلاة قالا: نعم قد علمنا ذلک.

ثم قال: تعلمان و يعلم أهل المدينة أن الحسن کان يسعي إلي النبي صلي الله عليه و اله و يرکب علي رقبته و يدلي الحسن رجليه علي صدر النبي صلي الله عليه و اله حتي يري بريق خلخاليه من أقصي المسجد و النبي صلي الله عليه و اله يخطب و لا يزال علي رقبته حتي يفرغ النبي صلي الله عليه و اله من خطبته و الحسن علي رقبته فلما رأي الصبي علي منبر أبيه غيره شق عليه ذلک، و الله ما أمرته بذلک و لا فعله عن أمري.

و أما فاطمة فهي المرأة التي استأذنت لکما عليها، فقد رأيتما ما کان من کلامها لکما، و الله لقد أوصتني أن لا تحضرا جنازتها و لا الصلاة عليها، و ما کنت الذي أخالف أمرها و وصيتها إلي فيکما فقال عمر: دع عنک هذه الهمهمة، أنا أمضي إلي المقابر فأنبشها حتي أصلي عليا، فقال له علي عليه السلام: و الله لو ذهبت تروم من ذلک شيئا و علمت أنک لا تصل إلي ذلک حتي يندر عنک الذي فيه عيناک فاني کنت لا اعاملک إلا بالسيف قبل أن تصل إلي شيء من ذلک.


فوقع بين علي عليه السلام و عمر کلام حتي تلاحيا و استبسل، و اجتمع المهاجرون و الانصار فقالوا: و الله ما نرضي بهذا أن يقال في ابن عم رسول الله و أخيه و وصيه و کادت أن تقع فتنة، فتفرقا.

[25] بيان: الصعداء بالمد تنفس ممدود، قوله صلي الله عليه و اله: و صدقت إما تأکيد للاول أو علي بناء المجهول من المخاطب، أو علي الغيبة أي صدقت فاطمة عليها السلام لانها لم تذکر إلا ما سمعت، و الصقيع الذي يسقط من السماء بالليل شبيه بالثلج، و يقال أجفيت السرج من ظهر الفرس إذا رفعته عنه، و جافاه عنه أي أبعده و لعل المعني: خذ الثوب و ارفعه قليلا حتي أتحول من جانب إلي جانب " و الهمهمة " تنويم المرأة الطفل بصوتها، و ندر الشيء يندر ندرا سقط و شذ، و الملاحاة المنازعة، و المباسلة المصاولة في الحرب و المستبسل الذي يوطن نفسه علي الموت، و استبسل أي طرح نفسه في الحرب، و هو يريد أن يقتل لا محالة.

32 - ع: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن ابن عيسي، عن البزنطي، عن عبد الرحمن بن سالم، عن المفضل قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداک من غسل فاطمة؟ قال: ذاک أمير المؤمنين عليه السلام قال: فکأني استعظمت ذلک من قوله فقال: کأنک ضقت مما أخبرتک به؟ قلت: قد کان ذلک جعلت فداک، قال: لا تضيقن فانها صديقة لا يغسلها إلا صديق، أما علمت أن مريم لم يغسلها إلا عيسي عليه السلام.

کا: محمد بن يحيي، عن ابن عيسي، عن عبد الرحمن بن سالم مثله.

33 - ب: ابن طريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام غسل إمرأته فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلي الله عليه و اله.

34 - ع: علي بن أحمد بن محمد، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي عن ابن البطائني، عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام لاي علة دفنت فاطمة


عليها السلام بالليل و لم تدفن بالنهار؟ قال: لانها أوصت أن لا يصلي عليها الرجلان الاعرابيان.

[26] بيان: الاعرابيان: الکافران لقوله تعالي " الاعراب أشد کفرا و نفاقا " [27] 35 - ع، لي: ابن موسي، عن ابن زکريا القطان، عن ابن حبيب، عن محمد ابن عبيد الله و عبد الله بن الصلت الجحدري قالا: حدثنا ابن عائشة، عن عبد الله ابن عبد الرحمن الهمداني، عن أبيه قال: لما دفن علي بن أبي طالب عليه السلام فاطمة عليها السلام قام علي شفير القبر و ذلک في جوف الليل لانه کان دفنها ليلا ثم أنشأ يقول: لکل اجتماع من حليلين فرقة و کل الذي دون الممات قليل و إن افتقادي واحدا بعد واحد دليل علي أن لا يدوم خليل ستعرض عن ذکري و تنسي مودتي و يحدث بعدي للخليل خليل 36 - کتاب الدلائل للطبري: عن أحمد بن محمد الخشاب، عن زکريا بن يحيي، عن ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن محمد بن الحسن، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما قبض رسول الله صلي الله عليه و اله ما ترک إلا الثقلين: کتاب الله و عترته: أهل بيته، و کان قد أسر إلي فاطمة صلوات الله عليها أنها لا حقة به أول أهل بيته لحوقا.

قالت: بينا أني بين القائمة و اليقظانة بعد وفاة أبي بأيام إذ رأيت کأن أبي قد أشرف علي فلما رأيته لم أملک نفسي أن ناديت يا أبتاه انقطع عنا خبر السماء فبينا أنا کذلک إذ أتتني الملائکة صفوفا يقدمها ملکان حتي أخذاني فصعد ابي إلي السماء فرفعت رأسي فإذا أنا بقصور مشيدة و بساتين و أنهار تطرد، و قصر بعد قصر، و بستان بعد بستان، و إذا قد إطلع علي من تلک القصور جواري کأنهن اللعب فهن يتباشرن و يضحکن إلي و يقلن: مرحبا بمن خلقت الجنة و خلقنا من -


أجل أبيها.

فلم تزل الملائکة تصعد بي حتي أدخلوني إلي دار فيها قصور في کل قصر من البيوت ما لا عين رأت و فيها من السندس و الاستبرق علي أسرة [28] و عليها ألحاف من ألوان الحرير و الديباج، و آنية الذهب و الفضة، و فيها موائد عليها من ألوان الطعام، و في تلک الجنان نهر مطرد أشد بياضا من اللبن و أطيب رائحة من المسک الاذفر، فقلت: لمن هذه الدار؟ و ما هذا النهر؟ فقالوا: هذه الدار الفردوس الاعلي الذي ليس بعده جنة و هي دار أبيک و من معه من النبيين و من أحب الله، قلت: فما هذا النهر؟ قالوا: هذا الکوثر الذي وعده أن يعطيه إياه فقلت: فأين أبي قالوا: الساعة يدخل عليک.

فبينا أنا کذلک إذ برزت لي قصور هي أشد بياضا و أنور من تلک و فرش هي أحسن من تلک الفرش و إذا بفرش مرتفعة علي أسرة و إذا أبي صلي الله عليه و اله جالس علي تلک الفرس، و معه جماعة، فلما رآني أخذني فضمني و قبل ما بين عيني و قال: مرحبا بابنتي! و أخذني و أقعدني في حجره ثم قال لي: يا حبيبتي أما ترين ما أعد الله لک و ما تقدمين عليه؟ فأراني قصورا مشرقات فيها ألوان الطرائف و الحلي و الحلل، و قال: هذه مسکنک و مسکن زوجک و ولديک و من أحبک و أحبهما فطيبي نفسا فانک قادمة علي إلي أيام، قالت: فطار قلبي و اشتد شوقي و انتبهت من رقدتي مرعوبة.

قال أبو عبد الله: قال أمير المؤمنين عليه السلام: فلما انتبهت من مرقدها صاحت بي فأتيتها فقلت لها: ما تشتکين؟ فخبرتني بخبر الرؤيا ثم أخذت علي عهد الله و رسوله أنها إذا توفت لا أعلم أحدا إلا ام سلمة زوج رسول الله صلي الله عليه و اله وأم أيمن و فضة و من الرجال ابنيها و عبد الله بن عباس و سلمان الفارسي و عمار بن ياسر و المقداد و أبو ذر و حذيفة، و قالت: إني أحللتک من أن تراني بعد موتي فکن مع النسوة فيمن


يغسلني و لا تدفني إلا ليلا و لا تعلم أحدا قبري.

فلما کانت الليلة التي أراد الله أن يکرمها و يقبضها إليه أقبلت تقول: و عليکم السلام و هي تقول لي: يا ابن عم قد أتاني جبرئيل مسلما و قال لي: السلام يقرأ عليک السلام يا حبيبة حبيب الله، و ثمرة فؤاده، اليوم تلحقين بالرفيع الاعلي وجنة المأوي ثم انصرف عني.

ثم سمعناها ثانية تقول: و عليکم السلام فقالت: يا ابن عم هذا و الله ميکائيل و قال لي کقول صاحبه.

ثم تقول: و عليکم السلام و رأيناها قد فتحت عينيها فتحا شديدا ثم قالت: يا ابن عم هذا و الله الحق و هذا عزرائيل قد نشر جناحه بالمشرق و المغرب و قد وصفه لي أبي و هذه صفته، فسمعناها تقول: و عليک السلام يا قابض الارواح عجل بي و لا تعذبني ثم سمعناها تقول: إليک ربي لا إلي النار ثم غمضت عينيها و مدت يديها و رجليها کأنها لم تکن حية قط.

37 - لي: المکتب، عن العلوي، عن الفزاري، عن محمد بن الحسين الزيات عن سليمان بن حفص المروزي، عن ابن طريف، عن ابن نباته قال: سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن علة دفنه لفاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله ليلا فقال: إنها کانت ساخطة علي قوم کرهت حضورهم جنازتها و حرام علي من يتولاهم أن يصلي علي أحد من ولدها.

38 - ما: المفيد، عن محمد بن أحمد المنصوري، عن سلمان بن سهل، عن عيسي بن إسحاق القرشي، عن حمدان بن علي الخفاف، عن ابن حميد، عن الثمالي، عن أبي جعفر الباقر، عن أبيه عليهما السلام، عن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه قال: لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله - مرضتها التي توفيت فيها - و ثقلت [29] جاءها العباس بن عبد المطلب عائدا فقيل له إنها ثقيلة و ليس يدخل عليها أحد فانصرف إلي داره و أرسل إلي علي عليه السلام فقال لرسوله: قل له: يا ابن أخ عمک يقرؤک السلام و يقول لک: لله قد فجأني من الغم بشکاة حبيبة رسول الله صلي الله عليه و اله


وقرة عينيه و عيني فاطمة ماهدني و إني لاظنها أولنا لحوقا برسول الله صلي الله عليه و اله يختار لها و يحبوها و يزلفها لربه، فان کان من أمرها ما لابد منه، فأجمع - أنالک الفداء - المهاجرين و الانصار حتي يصيبوا الاجر في حضورها و الصلاة عليها، و في ذلک جمال للدين.

فقال علي عليه السلام لرسوله و أنا حاضر عنده: أبلغ عمي السلام و قل لا عدمت إشفاقک و تحيتک، و قد عرفت مشورتک، و لرأيک فضله، إن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله لم تزل مظلومة، من حقها ممنوعة، و عن ميراثها مدفوعة، لم تحفظ فيها وصية رسول الله صلي الله عليه و اله و لا رعي فيها حقه، و لا حق الله عز و جل، و کفي بالله حاکما و من الظالمين منتقما، و أنا أسألک يا عم أن تسمح لي بترک ما أشرت به فانها وصتني بستر أمرها.

قال: فلما أتي العباس رسوله بما قال علي عليه السلام قال: يغفر الله لا بن أخي فانه لمغفور له إن رأي ابن أخي لا يطعن فيه، إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم برکة من علي إلا النبي صلي الله عليه و اله إن عليا لم يزل أسبقهم إلي کل مکرمة و أعلمهم بکل فضيلة، و أشجعهم في الکريهة، و أشدهم جهادا للاعداء في نصرة الحنيفية، و أول من آمن بالله و رسوله صلي الله عليه و اله.

39 - ل: محمد بن عمير البغدادي، عن أحمد بن الحسن بن عبد الکريم، عن عباد بن صهيب، عن عيسي بن عبد الله العمري، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: خلقت الارض لسبعة بهم يرزقون، و بهم يمطرون، و بهم ينصرون: أبو ذر و سلمان و المقداد و عمار، و حذيفة، و عبد الله بن مسعود قال علي عليه السلام: و أنا إمامهم و هم الذين شهدوا الصلاة علي فاطمة.

کش: جبرئيل بن أحمد، عن الحسين بن خرزاد، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن زرارة، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام مثله.

40 - جا، ما: المفيد، عن الصدوق، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن


محمد بن عبد الجبار، عن القاسم بن محمد الرازي، عن علي بن محمد الهرمرازي [30] عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين عليهما السلام قال: لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله وصت إلي علي بن أبي طالب عليه السلام أن يکتم أمرها و يخفي خبرها و لا يؤذن أحدا بمرضها، ففعل ذلک، و کان يمرضها بنفسه و تعينه علي ذلک أسماء بنت عميس رحمها الله، علي استسرار بذلک ما وصت به، فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين عليه السلام أن يتولي أمرها، و يدفنها ليلا و يعفي قبرها، فتولي ذلک أمير المؤمنين عليه السلام و دفنها، و عفي موضع قبرها.

فلما، نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن، فأرسل دموعه علي خديه و حول وجهه إلي قبر رسول الله صلي الله عليه و اله فقال: السلام عليک يا رسول الله، السلام عليک من ابنتک و حبيبتک، وقرة عينک و زائرتک، و البائتة في الثري ببقيعک، المختار الله لها سرعة اللحاق بک، قل يا رسول الله عن صفيتک صبري، و ضعف عن سيدة النساء تجلدي، إلا أن في التأنسي لي بسنتک، و الحزن الذي حل بي لفراقک، موضع التعزي، و لقد وسدتک في ملحود قبرک، بعد أن فاضت نفسک علي صدري، و غمضتک بيدي، و توليت أمرک بنفسي.

نعم و في کتاب الله أنعم القبول، إنا لله و إنا إليه راجعون، قد استرجعت الوديعة، و أخذت الرهينة، و اختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء و الغبراء يا رسول الله.

أما حزني فسرمد، و أما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارک التي فيها أنت مقيم، کمد مقيح، و هم مهيج، سرعان ما فرق [الله] بيننا، و إلي الله أشکو، و ستنبئک ابنتک بتظاهر امتک علي، و علي هضمها حقها فاستخبرها الحال، فکم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلي بثه سبيلا، و ستقول و


يحکم الله و هو خير الحاکمين.

سلام عليک يا رسول الله سلام مودع لا سئم [31] و لا قال، فان أنصرف فلا عن ملالة، و إن اقم فلا عن سوء ظني بما وعد الله الصابرين، الصبر أيمن و أجمل و لو لا غلبة المستولين علينا، لجعلت المقام عند قبرک لزاما، و التلبث عنده معکوفا، و لاعولت إعوال الثکلي علي جليل الرزية.

فبعين الله تدفن بنتک سرا، و يهتضم حقها قهرا و يمنع إرثها جهرا، و لم يطل العهد، و لم يخلق منک الذکر، فالي الله يا رسول الله المشتکي، و فيک أجمل العزاء، فصلوات الله عليها و عليک و رحمة الله و برکاته.

41 - عيون المعجزات للسيد المرتضي رحمه الله: روي أن فاطمة عليها السلام توفيت و لها ثمان عشرة سنة و شهران، و أقامت بعد النبي صلي الله عليه و اله خمسة و سبعين يوما و روي أربعين يوما، و تولي غلسلها و تکفينها أمير المؤمنين عليه السلام و أخرجها و معه الحسن و الحسين في الليل، وصلوا عليها و لم يعلم بها أحد، و دفنها في البقيع و جدد أربعين قبرا فاستشکل علي الناس قبرها فأصبح الناس و لام بعضهم بعضا و قالوا: إن نبينا صلي الله عليه و اله خلف بنتا و لم نحضر وفاتها و الصلاة عليها و دفنها، و لا نعرف قبرها فنزورها.

فقال من تولي الامر: هاتوا من نساء المسلمين من تنبش هذه القبور، حتي نجد فاطمة عليها السلام فنصلي عليها و نزور قبرها، فبلغ ذلک أمير المؤمنين عليه السلام فخرج مغضبا قد أحمرت عيناه و قد تقلد سيفه ذا الفقار حتي البقيع و قد اجتمعوا فيه فقال عليه السلام: لو نبشتم قبرا من هذه القبور لو ضعت السيف فيکم، فتولي القوم عن البقيع.

42 - يب: سلمة بن الخطاب، عن موسي بن عمر بن يزيد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسکان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن أول من جعل له النعش، فقال: فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله.

- 43 يب: سلمة بن الخطاب، عن أحمد بن يحيي بن زکريا عن أبيه، عن


حميد بن المثني، عن أبي عبد الرحمن الحذاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أول نعش أحدث في الاسلام نعش فاطمة إنها اشتکت شکوتها التي قبضت فيها و قالت لاسماء: إني نحلت و ذهب لحمي ألا تجعلين لي شيئا يسترني؟ قالت أسماء: إني إذ کنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئا أفلا أصنع لک فان أعجبک أصنع لک؟ قالت: نعم فدعت بسرير فأکبته لوجهه، ثم دعت بجرائد فشددته علي قوائمه ثم جللته ثوبا فقالت: هکذا رأيتهم يصنعون فقالت: اصنعي لهي مثله استريني سترک الله من النار.

44 - من بعض کتب المناقب القديمة: اختلف الروايات في وقت وفاتها ففي رواية أنها بقيت بعد رسول الله صلي الله عليه و اله شهرين.

و في رواية ثلاثة أشهر، و في رواية مائة يوم، و في رواية ثمانية أشهر.

و عن علي بن أحمد العاصمي بإسناده عن موسي بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام عن علي عليه السلام فاطمة لما توفي رسول الله صلي الله عليه و اله کانت تقول: وا أبتاه من ربه ما أدناه، وا أبتاه جنان الخلد مثواه، وا أبتاه يکرمه ربه إذا أتاه، يا أبتاه الرب و الرسل تسلم عليه حين تلقاه.

فلما ماتت فاطمة عليها السلام قال علي بن أبي طالب يرثيها: " لکل اجتماع من خليلين فرقة " الابيات.

و ذکر الحاکم أن فاطمة لما ماتت أنشأ علي عليه السلام: نفسي علي زفراتها محبوسة يا ليتها خرجت مع الزفرات لا خير بعدک في الحياة و إنما أبکي مخافة أن تطول حياتي و عن سيد الحفاظ أبي منصور الديلمي بإسناده أن عبد الله بن الحسن دخل علي هشام بن عبد الملک و عنده الکلبي، فقال هشام لعبد الله بن الحسن: يا أبا محمد! کم بلغت فاطمة بنت رسول الله من السن؟ فقال: بلغت ثلاثين فقال للکلبي: ما تقول؟ قال: بلغت خمسا و ثلاثين، فقال هشام لعبدالله: ألا تسمع ما يقول الکلبي؟ فقال عبد الله: يا أمير المؤمنين سلني عن أمي فأنا أعلم بها وسل الکلبي عن امه فهو أعلم بها.


و عن العاصمي بإسناده، عن محمد بن عمر قال: توفيت فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و اله لثلاث ليال خلون من شهر رمضان و هي بنت تسع و عشرين أو نحوها.

و ذکر أبو عبد الله بن مندة الاصفهاني في کتاب المعرفة أن عليا تزوج فاطمة بالمدينة بعد سنة من الهجرة و بني بها بعد ذلک بنحو من سنة و ولدت لعلي الحسن و الحسين و المحسن وام کلثوم الکبري و زينب الکبري.

و قال محمد بن إسحاق: توفيت و لها ثمان و عشرون سنة، و قيل: سبع و عشرون سنة، و في رواية أنها ولدت علي رأس سنة إحدي و أربعين من مولد النبي صلي الله عليه و آله فيکون سنها علي هذا ثلاثا و عشرين، و الاکثر علي أنها کانت بنت تسع و عشرين أو ثلاثين عليها السلام.

و ذکر وهب بن منبه، عن ابن عباس أنها بقيت أربعين يوما بعده، و في رواية ستة أشهر و ساق ابن عباس الحديث إلي أن قال: لما توفيت عليها السلام شقت أسماء جيبها و خرجت فتلقاها الحسن و الحسين فقالا: أين امنا؟ فسکتت فدخلا البيت فإذا هي ممتدة فحرکها الحسين فإذا هي ميتة، فقال: يا أخاه آجرک الله في الوالدة، و خرجا يناديان: يا محمداه يا أحمداه اليوم جدد لنا موتک إذ ماتت امنا.

ثم أخبرا عليا و هو في المسجد فغشي عليه حتي رش عليه الماء ثم أفاق فحملهما حتي أدخلهما بيت فاطمة و عند رأسها أسماء تبکي و تقول: وايتامي محمد، کنا نتعزي بفاطمة بعد موت جدکما فبمن نتعزي بعدها فکشف علي عن وجهها فإذا برقعة عند رأسها فنظر فيها فإذا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله أوصت و هي تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله و أن الجنة حق و النار حق و أن الساعة آتية لا ريب فيها و أن الله يبعث من القبور يا علي أنا فاطمة بنت محمد زوجني الله منک لاکون لک في الدنيا و الاخرة أنت أولي بي من غيري حنطني و غسلني و کفني بالليل وصل علي و ادفني بالليل و لا تعلم أحدا و أستودعک الله و أقرء علي ولدي السلام إلي يوم القيامة.


فلما جن الليل غسلها علي و وضعها علي السرير، و قال للحسن: ادع لي أبا ذر فدعاه فحملاه إلي المصلي، فصلي عليها ثم صلي رکعتين، و رفع يديه إلي السماء فنادي: هذه بنت نبيک فاطمة أخرجتها من الظلمات إلي النور، فأضاءت الارض ميلا في ميل فلما أرادوا أن يدفنوها نودوا من بقعة من البقيع إلي إلي فقد رفع تربتها مني فنظروا فإذا هي بقبر محفور، فحلموا السرير إليها فدفنوها فجلس علي علي شفير القبر فقال: يار أرض! استودعتک وديعتي، هذه بنت رسول الله فنودي منها: يا علي أنا أرفق بها منک فارجع و لا تهتم فرجع و انسد القبر و استوي بالارض فلم يعلم أين کان إلي يوم القيامة.

45 - أقول: قال أبو الفرج في مقاتل الطالبين: کانت وفاة فاطمة عليها السلام بعد وفاة النبي صلي الله عليه و اله بمدة يختلف في مبلغها فالمکثر يقول: ثمانية أشهر، و المقلل يقول: أربعين يوما إلا أن الثبت في ذلک ما روي عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام أنها توفيت بعده بثلاثة أشهر حدثني بذلک الحسن بن علي، عن الحارث، عن ابن سعد، عن الواقدي، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام.

46 - کف، مصبا: في الثالث من جمادي الاخرة کان وفاة فاطمة عليها السلام سنة إحدي عشرة.

47 - مصبا: في اليوم الحادي و العشرين من رحب کانت وفاة الطاهرة فاطمة عليها السلام في قول ابن عباس.

بيان: أقول لا يمکن التطبيق بين أکثر تواريخ الولادة و الوفاة و مدة عمرها الشريف، و لا بين تواريخ الوفاة و بين ما مر في الخبر الصحيح أنها عليها السلام عاشت بعد أبيها خمسة و سبعين يوما إذ لو کان وفاة الرسول صلي الله عليه و اله في الثامن و العشرين من صفر کان علي هذا وفاتها في أواسط جمادي الاولي، و لو کان في ثاني عشر ربيع الاول کا ترويه العامة کان وفاتها في أواخر جمادي الاولي، و ما رواه أبو الفرج، عن الباقر عليه السلام من کومن مکثها بعده صلي الله عليه و اله ثلاثة أشهر يمکن تطبيقه علي ما هو المشهور من کون وفاتها في ثالث جمادي الاخرة، و يدل عليه أيضا ما مر من خير


أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام برواية الطبري بأن يکون عليه السلام لم يتعرض للايام الزائدة لقلتها و الله يعلم.

48 - أقول: في الديوان المنسوب اليه عليه السلام أنه أنشد بعد وفاة فاطمة عليها السلام: ألا هل إلي طول الحياة سبيل وأني و هذا الموت ليس يحول و إني و إن أصبحت بالموت موقنا فلي أمل من دون ذاک طويل و للدهر ألوان تروح و تغتدي و إن نفوسا بينهن تسيل و منزل حق لا معرج دونه لکل امرئ منها إليه سبيل قطعت بأيام التعزز ذکره و کل عزيز ما هناک ذليل أري علل الدنيا علي کثيرة و صاحبها حتي الممات عليل و إني لمشتاق إلي من احبه فهل لي إلي من قد هويت سبيل و إني و إن شطت بي الدار نازحا و قد مات قبلي بالفراق جميل فقد قال في الامثال في البين قائل أضربه يوم الفراق رحيل لکل اجتماع من خليلين فرقة و کل الذي دون الفراق قليل و إن افتقادي فاطما بعد أحمد دليل علي أن لا يدوم خليل و کيف هناک العيش من بعد فقدهم لعمرک شيء ما إليه سبيل سيعرض عن ذکري و تنسي مودتي و يظهر بعدي للخليل عديل و ليس خليلي بالملول و لا الذي إذا غبت يرضاه سواي بديل و لکن خليلي من يدوم وصاله و يحفظ سري قلبه و دخيل إذا انقطعت يوما من العيش مدتي فان بکاء الباکيات قليل يريد الفتي أن لا يموت حبيبه و ليس إلي ما يبتغيه سبيل و ليس جليلا رزء مال و فقده و لکن رزء الاکرمين جليل لذلک جنبي لا يؤاتيه مضجع و في القلب من حر الفراق غليل بيان: خبر " أني " محذوف و " منزل " عطف علي ألوان و " المعراج " محل


الاقامة و شطت الدار و نزحت: بعدت، و الباء للتعدية، و التضريب مبالغة في الضرب و البين: الفراق أي أضرب المثل الذي قاله القائل في يوم الفراق الذي هو رحيل، و المثل قوله: لکل اجتماع، و فاطم مرخم فاطمة لضرورة الشعر: و البديل: البدل، و دخيل الرجل الذي يداخله في أموره و يختص به " لا يؤاتيه " أي لا يوافقه و الغليل: العطش، و منه: قوله عليه السلام عند رحلتها عليها السلام: حبيب ليس يعدله حبيب و ما لسواه في قلبي نصيب حبيب غاب عن عيني و جسمي و عن قلبي حبيبي لا يغيب بيان: حبيب في الموضعين خبر مبتداء محذوف أو الثاني خبر الاول.

و منه: مخاطبا لها بعد وفاتها: مالي وقفت علي القبور مسلما قبر الحبيب فلم يرد جوابي أحييب مالک لا ترد جوابنا أنسيت بعدي خلة الاحباب و منه: مجيبا لنفسه من قبلها عليها السلام: قال الحبيب: و کيف لي بجوابکم و أنا رهين جنادل و تراب أکل التراب محاسني فنسيتکم و حجبت عن أهلي و عن أترابي فعليکم مني السلام تقطعت عني و عنکم خلة الاحباب بيان: الجنادل: الاحجار، و الترب: الموافق في السن.

و في شرح الديوان: روي أن الابيات الاخيرة سمعت من هاتف.

49 - مصباح الانوار: عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله: مکثت بعد رسول الله صلي الله عليه و اله ستين يوما ثم مرضت فاشتدت عليها فکان من دعائها في شکواها: يا حي يا قيوم برحمتک أستغيث فأغثني أللهم زحزحني عن النار، و أدخلني الجنة، و ألحقني بأبي محمد صلي الله عليه و اله فکان أمير المؤمنين عليه السلام يقول لها: يعافيک الله و يبقيک، فتقول: يا أبا الحسن ما أسر ع اللحاق بالله، و أوصت بصدقتها و متاع البيت، و أوصته أن يتزوج أمامة بنت أبي العاص، و قالت: بنت اختي و تحنن علي


ولدي قال: و دفنها ليلا.

و عن ابن عباس قال: رأت فاطمة في منامها النبي صلي الله عليه و اله قالت: فشکوت إليه ما نالنا من بعده، قالت: فقال لي رسول الله صلي الله عليه و اله: لکم الاخرة التي أعدت للمتقين وإنک قادمة علي عن قريب.

و عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: لما حضرت فاطمة الوفاة بکت فقال لها أمير المؤمنين: يا سيدتي ما يبکيک؟ قالت: أبکي لما تلقي بعدي فقال لها: لا تبکي فو الله إن ذلک لصغير عندي في ذات الله، قال: و أوصته أن لا يؤذن بها الشيخين ففعل.

50 - کتاب الدلائل للطبري: عن أبي إسحاق الباقرجي، عن فلايجة عن أبي عبد الله، عن أبي أحمد، عن محمد بن بغدان، عن محمد بن الصلت، عن عبد الله ابن سعيد، عن أبي جريح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن فاطمة عليها السلام أنها أوصت لازواج النبي صلي الله عليه و اله لکل واحدة منهن باثنتي عشرة أوقية و لنساء بني هاشم مثل ذلک و أوصت لامامة بنت أبي العاص بشيء.

و باسناد آخر عن عبد الله بن حسن، عن زيد بن علي: أن فاطمة عليها السلام تصدقت بمالها علي بني هاشم و بني عبد المطلب و أن عليا عليه السلام تصدق عليهم و أدخل معهم غيرهم.



پاورقي

[1] يوسف: 85.

[2] في المطبوعة شيء و هو سهو لا يناسب تفسير العياشي و انما يوجد في المناقب ج 2 ص 203.

[3] في النسخة المطبوعة ير و هو سهو و الحديث يوجد في الفقية باب الاذان.

فراجع.

[4] راجع معاني الاخبار ص 356 ط مکتبة الصدوق.

[5] الضحي: 3.

[6] و في معاني الاخبار - ط مکتبة الصدوق - ص 357 - و " النمير ": الماء النامي في الحشد. و قال في ذيله بأنه الصواب فان الحشد من العين مالا ينقطع ماؤها.

[7] الاسراء: 64.

[8] البقرة: 390.

[9] کذا في النسخ المطبوعة و لم أتحققه، فراجع و تحرر.

[10] آل عمران: 37 و 38.

[11] اي لابسين رداء الفخر.

[12] قد کثر في هذا الباب ذکر أسماء بنت عميس و أن فاطمة عليها السلام أوصت إليها بکذا و کذا. لکنه ينافي ما هو الثابت في التاريخ من أنها کانت زوجة جعفر بن أبي طالب ثم بعد شهادته تزوجه أبو بکر ابن أبي قحافة و بعد وفاته - في سنة ثلاث و عشرة من الهجرة - بعد رحله النبي صلي الله عليه و آله بأزيد من سنتين - تزوجها علي بن أبي طالب فکانت عنده مع ابنه محمد بن أبي بکر، فاما أن يکون وفاة فاطمة عليها السلام بعد هذه السنة و لم يقل به أحد أو کان " اسماء بنت عميس " مصحفا عن سلمي إمرأة أبي رافع کما مر عن أمالي المفيد ص 172 و يجئ في غيره من المصادر أو سلمي إمرأة حمزة بن عبد المطلب و هي اخت اسماء بنت عميس کما احتمله الاربلي في کشف الغمة و قد مرص 136 و اما أن يکون مصحفا عن أسماء بنت يزيد بن السکن کما مر في ص 132 عن الکنجي الشافعي.

و هو الاشبه.

[13] ما جعلناه بين العلامتين ساقط عن النسخة المطبوعة، موجود في المصدر ج 3 ص 362 و هو الصحيح فان أمامة بنت اختها زينب بنت رسول الله صلي الله عليه و آله زوجة أبي العاص بن الربيع قال أبو عمر في الاستيعاب: تزوجها - يعني أمامة - علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد فاطمة رضي الله عنها، زوجها منه الزبير بن العوام، و کان أبوها أبو العاص قد أوصي بها اليه.

[14] کذا في النسخ المطبوعة و هکذا المصدر ج 3 ص 364 و هو سهو و الصحيح: " قالت سلمي إمرأة أبي رافع " کما مر عن المفيد ص 172 و يجيء عن ابن بابويه ص 188 راجع کتب الرجال أيضا.

[15] في بعض النسخ: و ان افتقادي واحدا بعد واحد و هو الصحيح فانه عليه السلام تمثل بهذه الاشعار و أنشدها، لا أنه أنشأها.

[16] في المصدر: يا أمة الله، راجع ج 2 ص 64.

[17] راجع ص 183 فيما سبق.

[18] الساعة أو بعد ساعة.ظ.

[19] في النسخة المطبوعة: " و أشد خوفا من الله أن اوبخک " و هو ناقص قطعا.

فانه لابد في الکلام من صلة متممة لا فعل التفضيل في قوله عليه السلام: أعلم و أبر و أتقي و أکرم و أشد خوفا من الله.

[20] قد عرفت فيما سبق وجه هذه الزيادة فراجع ص 182.

[21] قد عرفت فيما سبق وجه هذه الزيادة فراجع ص 182.

[22] يريد إسقاطها في قولها: " بما لم يرز ". فان أصلها " لم يرزء ".

[23] مريم: 85.

[24] زيادة جعلها في المصدر ج 2 ص 177 بين العلامتين و لم يذيل بشيء و کيف کان فهي زيادة يستدعيها السياق کما يأتي آنفا من کلامها عليها السلام.

[25] عرضنا الحديث علي المصدر ج 1 ص 177 و صححنا بعض ألفاظه المصحفة.

[26] في المصدر المطبوع ج 1 ص 176: أن لا يصلي عليها رجال.

[27] براءة: 98.

[28] الاسرة: جمع سرير و هو التخت و يغلب علي تخت الملک، لان من جلس عليه من أهل الرفعة يکون مسرورا. و ألحاف جمع لحاف - علي قياس - و المراد هنا غطاء التخت.

[29] عطف علي قوله: " لما مرضت ".

[30] کذا في النسخة و فيه الهروي خ ل و قد مر عن الکافي (ج 1 ص 458) الهرمزاني راجع ص 193 فيما سبق.

[31] و القياس: سؤوم.