بازگشت

فاطمة في مرحلة الطفولة




حين نطالع الفترة التي ولدت فيها الزهراء (عليهاالسلام) نجد أنّ مجتمع الجزيرة- آنذاک- عاش أحداثاً خطيرة و صراعات و أوضاعاً متأزّمة، فالدعوة الجديدة التي جاء به النبي الأکرم جعلت المجتمع علي مفترق طرق.

و من الناحية الاقتصادية کان فقيراً بحکم طبيعته، إلّا من حرکة اقتصادية ضعيفة کانت تقتصر علي التجارة المحدودة مع بلاد اليمن و الشام.

ومن الناحية الاجتماعية فقد کانت تسوده الديانة الکافرة و التقاليد البالية و العنصرية القبلية، و تطغي عليه الحروب والغارات التي تشنها قبيلة علي اُخري لأسباب قد لا تکون معقولة أبداً، و کانت ظاهرة و أد البنات من أقسي ظواهره المتخلفة.

في هذه الفترة بعث النبي (صلي اللَّه عليه و آله)- و عمره أربعون عاماً- فانطلق لوحده ليقف بوجه الکفر العالمي و عبادة الأصنام و الشرک، و يغالب المشاکل و المصاعب الخطيرة، فبلغ بالدعوة سرّاً في أول الأمر حفاظاً عليها


من الأعداء، حتي جاء أمر اللَّه بإعلان الدعوة و اقتحام صفوف الباطل، فأعلن الرسول دعوته، و دعا الناس إلي الإسلام، و أخذ عدد المسلمين يزداد يوماً بعد يوم، و أحس أعداء الإسلام بالخطر من هذا التيار الجديد فوثبت کل قبيلة علي من فيها من مستضعفي المسلمين، فجعلوا يحبسونهم و يعذبونهم بألوان العذاب من الضرب و التجويع و الترک علي حر الرمال وکيهم بالنار في محاولة منهم لافتتان المسلمين وردعهم عن دينهم، فلما رأي رسول اللَّه (صلي اللَّه عليه و آله) ما يصيب أصحابه من البلاء قال لهم: «لو خرجتم إلي أرض الحبشة حتي يجعل اللَّه لکم فرجاً و مخرجاً مما أنتم فيه» فاستجاب المسلمون لأمر الرسول (صلي اللَّه عليه و آله) فخرجوا و ترکوا أرضهم و أموالهم، مخافة الفتنة و فراراً إلي اللَّه بدينهم. [1] .


پاورقي

[1] السيرة النبوية لابن هشام القسم الأول: 321 طبع دار المعرفة- بيروت، و الکامل في التاريخ: 2/ 76.